لم تكن الهجرة أمرًا سهلًا ميسورًا، ولم تكن كذلك ترك بلد ما إلى بلد آخر ظروفه أفضل، وأمواله أكثر، ليست عقد عمل بأجر أعلى، الهجرة كانت تعني ترك الديار، وترك الأموال، وترك الأعمال، وترك الذكريات، الهجرة كانت ذهابًا للمجهول، لحياة جديدة، لا شك أنها ستكون شاقة، وشاقة جدًا، الهجرة كانت تعني الاستعداد لحرب هائلة، حرب شاملة، ضد كل المشركين في جزيرة العرب، بل ضد كل العالمين، الحرب التي صورها الصحابي الجليل العباس بن عبادة الأنصاري على أنها الاستعدادُ لحرب الأحمر والأسود من الناس..
هذه هي الهجرة، ليست هروبًا ولا فرارًا، بل كانت استعدادًا ليوم عظيم، أو لأيام عظيمة؛ لذلك عظّمَ الله من أجر المهاجرين:
"وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(58)لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيم" {الحج:58، 59}
صدر الأمر النبوي لجميع المسلمين القادرين علي الهجرة أن يهاجروا، لكن لم يبدأ هو صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلا بعد أن هاجر الجميع إلي المدينة، لم يكن من همِّه صلي الله عليه وسلم أن ينجو بنفسه، وأن يُؤَمِّنَ حاله، بل كان كل همه صلى الله عليه وسلم أن يطمئن على حال المسلمين المهاجرين، كان صلى الله عليه وسلم يتصرف كالرُّبَّان الذي لا يخرج من سفينته إلا بعد اطمئنانه على أن كل الركاب في أمان..
القيادة ليست نوعًا من الترف أو الرفاهية، القيادة مسئولية، القيادة تضحية، القيادة أمانة..
أصدر الرسول صلي االله عليه وسلم أومره إلى أصحابه بأن يبدأوا هجرتهم مختفين متفرقين قدر الإمكان ..وبدأت طرقات مكة وبيوتها وأزقتها ونواديها تشهد يومًا بعد يوم غيابًا مستمرًا لأصحاب الرسول..، أما هو صلي الله عليه وسلم فكان ينتظر تأمين هجرة أصحابه .. ثم يبدأ هو ومن سيختارهم للبقاء معه، خطواته صوب المدينة ريثما يتلقى إشارة الوحي الأمين بالتحرك..
أصدر الرسول صلي الله عليه وسلم أومره إلى أصحابه بأن يبدأوا هجرتهم مختفين متفرقين قدر الإمكان ..وبدأت طرقات مكة وبيوتها وأزقتها ونواديها تشهد يومًا بعد يوم غيابًا مستمرًا لأصحاب الرسول..، أما هو صلي الله عليه وسلم فكان ينتظر تأمين هجرة أصحابه .. ثم يبدأ هو ومن سيختارهم للبقاء معه، خطواته صوب المدينة ريثما يتلقى إشارة الوحي الأمين بالتحرك..