هذه الصورة التقطت عام 1918م حيث كان وباء الإنفلونزا الإسبانية
بيد أن وباء عام 1918 -المعروف باسم الإنفلونزا الإسبانية- لم يكن اعتيادياً، فقد بلغ المرض من الشدة ما لم يبلغه وباء سابق أو لاحق. كتب أحد شهود الوباء يقول : " لقد كان الدم الناضح من المرضى يخرج من الأغشية المخاطية في الأنف والمعدة والأمعاء، بل إنه حتى الآذان نزفت دماً " ويعزى السبب في الوفيات آنذاك إلى العدوى البكتيرية التي تلحق فيروس الإنفلونزا، مسببة التهاباً رئوياً شديد التأثير. ولم يكن العالم يعرف آنذاك يعرف البنسلين أو غيره من المضادات الحيوية. وكما أن فيروس الإيدز قتل 25 مليوناً في غضون 25 عاماً ، فإن فيروس الإنفلونزا قتل أكثر من 25 مليوناً، في 25 أسبوعاً.
الإنفلونزا، لأول مرة، بعد فصلها من الخنزير. أعقب ذلك بفترة وجيزة فصل نفس الفيروس من الإنسان، في بريطانيا عام 1933. ثم جاء عام 1935 بفتح طبي عندما تم الإعلان عن الطبيعة اللاخلوية للفيروسات، لتفتح أبواباً واسعة أمام الباحثين، للبحث في طبيعة الإنفلونزا وغيره. وقد كانت المحاولة الأولى للتحصين ضد الفيروس عام 1944، عندما لاحظ " توماس فرانسيس" أن الفيروس يفقد خواصه الهجومية إذا احتضنته مزرعة فيروسية قوامها بيض الدجاجة المخصبة. ومنه تم إطلاق أول لقاح، على أيدي باحثين من جامعة متشجن، بالاشتراك مع باحثين في الجيش الأمريكي، الذي كانت خبرته بالمرض عظيمة، إبان الحرب العالمية، إذ قتل الفيروس آلافاً من جنوده أثناءها. ثم عاد الفيروس بوباء " الإنفلونزا الآسيوية " عام 1957، ووباء "إنفلونزا هونج كونج " عام 1968، كانا أقل عنفاً من كارثة 1918، فقد كانت هذه الأوبئة تالية لحقبة اكتشاف " الكسندر فلمنج" للبنسلين، الذي ساهم في علاج الالتهاب الرئوي البكتيري، المتسبب الرئيسي في العدد الهائل للوفيات في كارثة 1918. لكن هذا لم يمنع تسجيل أرقام مليونية، في تعداد الوفيات.
مقال مذهل، منشور على الانترنت منذ 14 أغسطس 2008، أى قبل انفجار هوجة إنفلونزا الخنازير بما يزيد على ثمانية أشهر، كتبه الأمريكى من أصل ألمانى «فريدريك وليام إنجداهل»، وهو صحفى حر، تخرج مهندسا ودرس الاقتصاد السياسى، وله عدة كتب ذات محتوى نقدى شديد لجرائم بوش الصغير وزمرته، ومنهم رامسفيلد الذى سنرى له ذيلا فى موضوعنا الآن. المقال بعنوان :«مشروع البنتاجون المفزع، حرب بيولوجية بمصل إنفلونزا الطيور»
ويقول «توجد دلائل مزعجة تفيد أن جهات فى الولايات المتحدة توشك، إن لم تكن أكملت، تحويل إنفلونزا الطيور إلى سلاح بيولوجى ربما يطلق وباء جديدا فى أرجاء الكوكب، قد يكون أكثر فتكا من الإنفلونزا الإسبانية عام 1918». وهناك مبرر للاعتقاد أن أقساما من احتكار الصناعة الصيدلانية الدولية، تعمل مع جهات أمريكية سرية، على تعديل المادة الوراثية لفيروس h5n1 لتؤدى إلى تصنيع فيروس هجين. ونقلا عن الدكتورة الأمريكية ريما ليبوف الحاصلة على دكتوراه الطب، والتى ترأس مؤسسة «الحلول الطبيعية» غير الحكومية، والمعنية بمراقبة صناعات الدواء، يورد المقال: «تشير مصادر معلوماتنا إلى أن وباء إنفلونزا الطيور نتج عن الهندسة الوراثية فى الولايات المتحدة، باستخدام المادة الوراثية لوباء 1918، بعد استخراج فيروساته من رفات شخص مجمد مات بهذا الوباء فى آلاسكا، ودمجها مع المادة الوراثية لفيروس h5n1 فى وسط للإكثار من خلايا الكلى البشرية، مما سيسمح للفيروس الهجين بالتعرف على الخلايا البشرية، ومن ثم غزوها». وهذا ليس إلا فصلا جديدا فى قصة أمريكية قديمة، فوباء 1918 المسمى بالإنفلونزا الإسبانية لم يكن إسبانيا أبدا، فهو وليد باكورة برامج الأسلحة البيولوجية الأمريكية، خرج من قاعدة عسكرية فى كنساس، وتم حقنه فى الجنود، لإكسابهم مناعة إجبارية أثناء الحرب العالمية الأولى. أى أنهم صنعوا الوباء وصنّعوا له مصلا فى الوقت نفسه، والنتيجة محسوبة: إبادة الآخرين، ونجاتنا بفضل ما نتمتع به من تحصين! هل هذا ممكن؟ ممكن، لو أضفنا جنون الأنانية العرقية إلى وقاحة الفساد ففى عام 1997، جرت تسمية دونالد رامسفيلد رئيسا لمجلس إدارة «جلعاد ساينسز» المنتجة لعقار التاميفلو الذى بدأ كعلاج للإيدز ومن ثم صار عقارا لإنفلونزا الطيور. وبعد تعيين رامسفيلد وزيرا للدفاع عام 2001، أمر بشراء ما قيمته مليار دولار من دواء التاميفلو لتحصين العسكريين الأمريكيين ضد فيروس h5n1، وتُعلق الدكتورة ليبوف قائلة: «وكيف نفسر إنفاق إدارة بوش مليارات الدولارات لتحضير كل الولايات الأمريكية الخمسين لما أسموه» الوباء الحتمى لإنفلونزا الطيور «الذى زعموا أنه قد يقتل نصف الأمريكيين على الأقل»!
وعددا يماثلهم عبر العالم!! دائر ة شيطانية تماما: تصنيع الوباء، وتصنيع المصل المضاد له، وإثارة الذعر بين الناس، وليمت من يموت من البشر، مادمنا سننجو، ونكسب المليارات! منطق إجرامى، اختط مساره منذ إنفلونزا كانساس عام 1918، وامتد إلى إنفلونزا الطيور منذا أعوام قليلة، وهاهو يصل الآن إلى إنفلونزا الخنازير أو h1n1. وأنا أميل إلى تصديق ما سبق، لأننى أؤمن بنظرية المؤامرة فى عالم يموج بالمؤامرات، وأقربها إلينا إسرائيل. ثم إن هناك أسبابا تدعو للتصديق أوردها المقال نفسه… ففى مايو 2008، نقلت الصحافة الكندية من تورنتو أن «تجربة، فى مكان ما، تهدف إلى دمج فيروس إنفلونزا الطيورh5n1 بسلالة من الإنفلونزا البشرية، أدت إلى إنتاج فيروسات هجينة لها فعالية تفوق فيروس إنفلونزا الطيور بخمس مرات مما يعنى أنها حافظت على شراسة أسلافها». فهل يعنى ذلك شيئا آخر غير فيروس الساعة المنسوب للخنازير؟ أما « ماثيو ميسلسون «أستاذ البيولوجيا الجزيئية فى جامعة هارفرد، وهو عالم له باع واسع فى مجال الحرب الكيمياوية والبيولوجية والوقاية منها، فقد أكد: «أن حكومة الولايات المتحدة درست طويلا وطورت فى الماضى أسلحة بيولوجية»، ويحدد ميسلسون مُنشأة أمريكية فى تيرى هاوت بشمال إنديانا، أنتجت شهريا 500 قنبلة من الأنثراكس زنة كل منها 4 أرطال! أى ما يكفى لقتل سكان دولة كاملة؟ إن هذا يتسق تماما مع الجهود الفاجرة التى بذلتها إدارة بوش تشينى ومن لف لفها فى إضعاف اتفاقيات الأسلحة البيولوجية، ومنذ أول لحظة لوصولهما إلى السلطة ففى مطلع العام 2001 توقفت مباحثات البروتوكول الدولى للأسلحة البيولوجية والسامة لأن بوش الصغير عارضها دون أى تفسير! ويبقى أن هناك تنبؤات مبكرة بإطلاق ما بعد إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، ففى عام 2004 نشرت نقابة الأطباء البريطانية تحذيرا من أن العالم ربما يبعُد بضع سنوات فقط عن «أسلحة بيولوجية مخيفة قادرة على قتل أشخاص ينتمون إلى مجموعات إثنية محددة». إننا نعيش فى عالم شديد الخطورة والخبث.
يتطلب التصرف بمنطق علمى وعقلانى، وبلا أجندات سياسية كذابة، سواء من أركان حكم مترهل يتشبث بمواقعه، أو أبواق معارضة معمية بشبق المشاركة فى الحكم. لندقق فى حجم ما يراد لنا من ذعر، ونوع ما يراد لنا أن نشتريه أو نبيعه. لنتفاعل بذكاء مع ذلك الضوء الضئيل الذى يمثله أوباما فى نفق الظلمة الأمريكية. لنستخدم زاوية البصر الواسعة والقدرة على الالتفات التى وهبها لنا الله، ولم يهبها لباقي خلقه .