أنه لا خلاف بين العلماء في أن من أتى بالحديث بنفس اللفظ فهو الأفضل.
المقام الثاني:
الخلاف في رواية الحديث بالمعنى قديم وممن كان يمنع منه ابن سيرين رحمه الله، وحكاه بعضهم عن بعض الصحابة -وهو محل نظر-، ولكن الصحيح من أقوال العلماء -وهو قول الأكثرين- هو جواز رواية الحديث بالمعنى بشرط أن يكون ذلك من قبل عالم بدلالات الألفاظ، وبما يحيل المعاني، فإن روى وهو لا يعلم دلالات الألفاظ أو ما يحيل المعاني حرم عليه ذلك بالاتفاق.
المقام الثالث:
ثمة أحاديث ينبغي ويتأكد رواياتها بلفظها، ولا ينبغي التساهل في روايتها بالمعنى،وهي الأحاديث المتعبد بلفظها، أو التي ربطت بأرقام معينة،كأحاديث الأذكار ونحوها.
وأما الدليل على ما طلبته، فيقال:
من تأمل في ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم للقصة الواحدة مع اختلافهم في سياقها، أدرك أن مذهبهم هو الترخيص، ولا يعترض على هذا بأن الاختلاف هذا قد يكون من قبل الرواة الذين رووا عنهم، فيقال: هذا جزم يحتاج إلى دليل، والمسألة ليست مفروضةً في حديث أو حديثين أو عشرة، بل في مئات الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيبعد جداً أن يكون الاختلاف كله من قبل من دون الصحابة، بل إن بعض الأحاديث يجزم الباحث فيها أن الاختلاف في الرواية من قبل الصحابة أنفسهم. وكذلك من نظر في عمل الأئمة المصنفين في السنة رآهم على هذا،وخصوصاً في الصحيحين، فهما طافحان بالأحاديث التي قصتها واحدة ورويت بأكثر من لفظ، كحديث الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقصة بيع جمل جابر رضي الله عنه، ونحوها من القصص.
د. عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم