سعادة الإنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج ، أو المقبض، كما يتلون السائل بلون الإناء الذي يحتويه : (( فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ))
عاد النبي صلى الله عليه وسلم أعرابياً يتلوى من شدة الحمى فقال له مواسياً ومشجعاً (طهور) فقال الأعرابي بل هي حمى تفور على شيخ كبير لتورده القبور قال: (فنعم إذاً) .
يعني أن الأمر يخضع للاعتبار الشخصي فإن شئت جعلتها تطهيراً ورضيت وإن شئت جعلتها هلاكاً وسخط .
إن العمل الواحد بما يصاحبه من حال نفسي يتغير تقديره تغيراً كبيراً .
وانظر إلى هاتين الآيتين وما تبرزانه من صفات الناس قال تعالى ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوآئر عليهم دآئرة السوء والله سميع عليم ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الأخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألآ إنها قربة لهم ) .
هؤلاء وأولئك يدفعون المال المطلوب .
هؤلاء يتخذونه غرامة مؤذية مكروهة ويتمنون العنت لقابضيه .
وأولئك يتخذونه زكاة محبوبة تطيب النفس بأدائها وتطلب الدعاء الصالح بعد إيتائها .
وشؤون الحياة كلها لا تعدو هذا النطاق
قيمة العمل بل قيمة صاحب العمل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحقيقة الأفكار التي تدور في الذهن والمشاعر التي تعتمل في النفس قال ديل كارنيجي : (إن أفكارنا هي التي تصنعنا واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصايرنا ولذلك يتساءل (إيمسون): نبئني ما يدور في ذهن الرجل أنبئك أي رجل هو نعم فيكف يكون الرجل شيئاً آخر غير ما يدل عليه تفكيره ؟
واعتقادي الجازم أن المشكلة التي تواجهنا هي : كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة ؟ فإذا انحلت هذه المشكلة انحلت بعدها سائر مشكلاتنا واحده إثر أخرى قال الإمبراطور الروماني (ماركوس أورليوس) إن حياتنا من صنع أفكارنا .
فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء .