السلام عليكم بارك الله فيك على الموضوع. و أعتبر خروج جنكيزخان و زحفه على الدولة الخوارزمية من أكبر المآسي على أمّة الإسلام لأنّه فتح الباب أمام جحافل المغول من بعده لزّحف على بلاد المسلمين و الوصول إلى عقر دار الخلافة العباسية و قتل خليفة المسلمين المستعسم بالله العباسي و ما حدث من مجازر رهيبة سنة 656ه/1258م التي لم تدع لا أخضر و لا يابس و حتى الكتب لم تسلم منها في عهد حفيده الذباح هولاكو الذي تركها خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس
و بالتأكيد هذا لا يرجع لكون هؤلاء القوم خارقي القوى أو أنّهم نزلوا من الفضاء بحيث لا يستطيع أحد أن يوقفهم و إنّما يرجع تغلبهم على تشتت المسلمين و تهافتهم على الملك و حطام الدنيا و عدم نصرهم لبعضهم البعض بل و التآمر مع الأعداء و أكبر تآمر كان لوزير المستعصم مؤيد الدين بن العلقمي و خاذل الدين إذ أنّه تحلف مع هولاكو لإسقاط الدولة لكنّه لم يتمتع إلا قليلا حتى توفي عليه من الله ما يستحق .
و لو توكلوا على الله حق توكله لنصرهم عليهم و التاريخ يشهد النصر العظيم الذي جعله الله على يد المماليك و قائدهم سيف الدين قطز رحمه الله في موقعت عين جالوت 658ه/1260م و هو بحق سيف الدين و ناصره بتوفيق من الله تعالى .
ولم أجد وصفا للمغول أفضل مما وصفهم إبن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ
و كان معاصرا لخروج جنكيزخان إذ قال (حادثة التتار من الحوادث العظمى و المصائب الكبرى التي عقمت الدهور عن مثلها و عمت الخلائق و خصت المسلمين فلو قال قائل:إن العالم منذ خلقه الله تعالى إلى الآن لم يبتلوا بثلها لكان صادقا فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها
و من إعظم ما يذكرون فعل بختنصر ببني إسرائيل و ببيت المقدس و ما بيت المقدس بالنسبة لما خرّب هؤلاء الملاعين من مدن الإسلام ؟و ما بنو إسرائيل بالنسبة لمن قتلوا ؟) ويسمر في وصف حالهم و ما فعلوه ببلاد الإسلام ولو طال به العمر و رأى ما فعلوه بعاصمة الخلافة العباسية و خليفتها لا أدري بما كان سيقول عنهم لكنّه توفي سنة 618ه رحمه الله تعالى.
ولقد أبدع و الشهادة لله الدكتور راغب السرجاني في الإخبار عنهم في سلسلته المتميزة قصة التتار التي تابعتها من بدايتها إلى نهايتها .
و أظن أنّ ما يحدث لبلاد الإسلام في عصرنا من الإستعمار المابشر و غير المباشر و ما يحدث لفلسطين الحبيبة و الأقصى المبارك هو امتداد لذلك بسبل و طرائق أخرى.
نسأل الله العظيم أن ينصر أمّتنا بمثل ما نصرها بأبطال الإسلام الكثر و الله على كل شيء قدير و هو القائل سبحانه (إنّ اله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)و قال أيضا (إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم).
بارك الله فيكم و السلام عليكم.