لقد رغب الله -تعالى- عباده المؤمنين في البذل والإنفاق، ووعدهم على ذلك الأجر العظيم،
وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه]،
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من يوم يصبح العباد فيه
إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا» [متفق عليه].
وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «قال الله -تبارك وتعالى-: يا ابن آدم أنفق؛
أنفق عليك» [رواه مسلم].
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: «ما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا قط، فقال: لا» [رواه مسلم].
فلا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلق أخاك بوجه طليق -مبتسم- فهي صدقة،
والإنفاق في سبيل الله من أفضل الأعمال وأزكاها، فهو يزكي النفس، ويطهرها من رذائل الأنانية المقيتة، والأثرة القبيحة، والشح الذميم.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في شأن الصدقة: "إن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء حتى ولو كانت من فاجر وظالم،
فإن الله -تعالى- يدفع بها عنه أنواعًا من البلاء، قال -تعالى-: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد: 38]،
وقال -تعالى-: { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سـبأ: 39].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا،
وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» [رواه مسلم].
قال -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل دينار ينفقه الرجل: دينار ينفقه على عياله،
ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله» [رواه مسلم].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها، كانت له صدقة» [متفق عليه واللفظ للبخاري]،
ويحتسبها: أي يقصد بها وجه الله والتقرب إليه،
وذلك لما فيه من أداء الواجب وصلة الرحم.
بل حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من تضييع الأهل وعدم النفقة عليهم، فقال: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت» [حسنه الألباني]،
أي: لو لم يكن له من الإثم إلا هذا التفريط في حق عياله كفاه في المؤاخذة عليه لعظمه عند الله،
وهذا يدل على حرمة إهمال شأن العيال، وعدم النفقة عليهم. -