لقطات من رحلتي مع نحــــــــلة
معلومات عن رحلتنا ..
زمان الرحلة (لم يكن مخطط له)
مكان الرحلة (إلى عالم النحل العجيب)
سبب الرحلة (حديث نبوي شريف)
فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن مثل المؤمن كمثل النـــحــلـة، إن صــاحبته نفعــك، وإن شـــاورته نفعـــــك، وإن جــــالسته نفعـــــك، وكــــل شـــأنه منافـــــــع "
فدفعني هذا التشبيه إلى هذه الرحلة ..
كان القصد من ورائها الإجابة على سؤال التالي : لماذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن الحق بالنحلة ؟؟
وأثناء رحلة البحث عن الإجابة عن هذا السؤال جاءت اللقطات التالية:
اللقطة الأولى: (يظهر فيها حسن تعـامل النحل مع أوامر ربه)
" وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون* ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا“
امتثالا لهذه الآية لا نجد النحل في غير الأمكنة الثلاثة التي حددها الخالق لمخلوقه ، حيث تسكن
أولا في الجبال ثم الشجر ثم البيـوت
و أن أجـــــود انواع العسل هـو الجبلي ثم بقية الانواع على الترتيب نفسه
حقا إنها صورة تعكس أرقى درجات السمع والطاعة للخالق من مخلوق
وهنا لا يجب أن يفوتنا أن نضع هذه الصورة جنبا إلى جنب مع صورة تعاملنا نحن بني البشر مع أوامر ربنا عز وجل
لنقارن.. ونقارن.. ونمعن في المقارنة. علنا ندرك جانبا من الإجابة على السؤال: لماذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن الحق بالنحلة
ومن طبائع النحل أنه يتخذ البيوت قبل المراعي، فيختار المكان المناسب لعيشه ثم ينطلق للتنقل بين الثمرات، وقد تبعد المراعي مئات الأميال عن البيوت، لكن النحل لا يقصر في أداء واجبه تنفيذا لأمر الله!
فالمؤمن الحق كالنحل لا يفكر إلا في تنفيذ الأوامر الربانية دون الالتفات الى المشقات والمصاعب
فهكذا يفعل الصالحون !!
انظر إلى نبي الله نوح لما أمره الله بأن يصنع الفلك في البيئة الصحراوية
وانظر إلي سيدنا موسى لما أمره الله: "أن اضرب بعصاك البحر "
وانظر كيف تعامل سيدنا إبراهيم مع أمر الله له بذبح إسماعيل
كلها أوامر تفوق قدرات عقول البشر
انظر كيف كانت درجة السمع والطاعة من هؤلاء جميعا وكيف كانت النتائج
ليتأكد لك أن السعادة والفوز يكمنان في حسن تنفيذ العبد لأوامر ربه، حتى ولو كانت هذه الأمور
تفوق قدرات عقولنا القاصرة، و حتى لوعجزنا عن استيعاب مرامي التكاليف ساعة التنفيذ.
اللقطة الثانية: (ويظهر فيها كيف أن النحل يعمل بحركة ونشاط )
فمن أجل أن تقوم النحلة بإطعامنا كيلوجرام واحد من العسل فأنها تقوم ب 600 ألف إلى 800 الف طلعة، وتقف على مليون زهرة، وتقطع ما يزيد عن 10أضعاف محيط الكرة الأرضية رغم الرياح والأنواء.
وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما شبه المؤمن الحق بالنحلة أراده أن يتمثل هذا الخلق وأراده
أن يتحلى بثقافة النحل في السمو وعلو الهمة والتعامل مع الأمور بجدية، سواء أكان :
طالب العلم مع علمه، والعامل في صناعته، والتاجر في تجارته، والمزارع في زراعته، و الداعي إلى الله في دعوته
فلا فلاح لمن ينتجوا إنتاجا ماديا أو معنويا دون أن تسود بينهم ثقافة النحل في النفع والعطاء.
اللقطة الثالثة: (ويظهر فيها كيف أن النحل يجيد توظيف الطاقات)
فالنحل يجيد هذه المهارة، وهذه مهارة لازمة للأمم والأفراد والجماعات ولا يرقى الإنسان إلا بها.
فمن النحل من يعمل العسل، وبعضها يعمل الشمع،وبعضها يسقي الماء، وبعضها يبني البيوت، وبعضها يقوم بأعمال النظافة، وبعضها يقوم بأعمال التكييف والتبريد والتهوية، وبعضها يقوم الاستكشاف والاستطلاع وبعضها يقوم بالتلقيح ،
فلقد علمنا النحل من خلال هذه اللقطة أنه من لا يجيد توظيف الطاقات يغرق في العثرات.
اللقطة الرابعة: (ويظهر فيها أحد طبائع النحل العجيبة )
فالنحل يرفض رفضا باتا أن يوجد في مملكته عاطل عن العمل لان العاطل: يضيق المكان، ويفني العسل، ويعلم النشيط الكسل.
وهذه مهارة إدارية راقية ما أحوجنا أن نتمثلها واقعا!!!
فلو علم كل عامل في مؤسسته أن مصيره الإقصـاء ما لم يؤدي ما هو مطـلوب منه لعـاد ذلك بمردود ايجابي على الأمة.
لقد وصلت المؤسسات الصناعية العظمى إلى ما وصلت إليه من رقي وارتقاء وتقدم بفضل تطبيقها لهذه السياسة الراقية التي يجب أن نتعلمها نحن من النحلة.
اللقطة الخامسة: (يظهر فيها كيف أن النحل يفضل العمل في هدوء وبعيدا عن أعين الناس)
يروى أن آرسطو صنع بيتا من زجاج لينظر إلى ما يصنع النحل فأبت أن تعمل حتى لطخته بالطين من الداخل حتى تنأى بنفسها عن الظهور وكأنها وعت خطورة آفة الرياء والنفاق وحب الظهور وحب الرياسة وكلها آفات مهلكات.
لطخت بيتها بالطين من الداخل بحثا عن الإخلاص وكأنها تدرك قول ابن القيم رحمه الله تعالى:
(الإخلاص: ألا تطلب على عملك شاهداً غير الله ولا مجازياً سواه)
لطخته وكأنها أرادت أن ترسل لنا رسالة مفادها:
أن عليكم بالإخلاص في كل أعمالكم وأقوالكم فالإخلاص وهو قارب النجاة من الغرق في بحر النفاق والشرك والرياء وحب الظهور وبوار الأعمال. نعوذ بالله من ذلك ..
اللقطة السادسة: (ويظهر فيها مجموعة الآفات التي تعوق النحل عن العمل )
هذه الآفات هي :
• الظلام
• الغيوم
• الرياح
• الدخان
• الماء
• النار
كذلك المؤمن له آفات تبعده عن العمل والإنتاج والتميز في حياته منها :
• ظلام الغفلة
• غيوم الشك
• رياح الفتنة
• دخان الحرام
• ماء السمعة
• نار الهوى ( كما قال ابن الأثير)
اللقطة السابعة: (ويظهر فيها مجتمع النحل وهو يعيش و ينتج و يعمل في جماعات )
جماعات يحكمها تنظيم دقيق مبهر تنظيم تتوزع فيه الاختصاصات والمهام فيعيش جماعي رائع وتكافل عجيب، فإذا ما انعزلت إحداها عن جماعتها لسبب من الأسباب فإنها تسارع إلى أن تنضم إلى
جماعة أخرى من طبيعتها إذا قبلتها فنعمت، وإن لم تقبلها فإنها تموت،نعم تموت، تموت ببعدها عن الجماعة!
فكأنها تدرك أن: (الجماعة رحمة و الفرقة عذاب )
وكأنها تعلم: ( أن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار)
وكأنها وعت قول سيدنا على رضي الله عنه: ( كدر الجماعة خير من صفو الفرد)
كأنها تريد أن تذكرنا- ونحن في زمن التشرذم- بما جاء في الصحيحين: (أن مَن فارق الجماعة شبراً فمات، فميتة جاهلية)
اللقطة الثامنة: (ويظهر فيها حسن استخدام النحل إلى الوقت)
فالنحل لديه قدرة فائقة على الاستخدام المزدوج للوقت فهو لا يضيع وقته أبدا فيما لا فائدة منه بل يستغل كل ثانية فيما هو نافع، فمثلا في طريقها الذي قد يصل إلى عشرات الكيلو مترات من مكان رحيق الأزهار إلى خلاياها تجري النحلة عدة عمليات كيميائية بالغة التعقيد لتحويل الرحيق إلى عسل. ويتم هذا في الطريق ولا تنتظر حتى تعود.
وهذا ما يجب أن يتحلى به المؤمن الحق، فالوقت سلاح ارتقى من أتقن حسن استغلاله وتعس من عطله
وتاريخ الأمم خير شاهد:
فالأمة التي لا تنشئ أبنائها على كيفية إتقان إدارة الوقت والاستفادة من كل وحداته أمة مهزومة لا يمكن لها ولا لأبنائها أن يرتقوا أو يتبوؤا منزلة بين العظماء
وفي النهاية ،،،
هذا عرض سريع لعدد من اللقطات السريعة التي سجلها الباحث خلال هذه الرحلة
ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم لما شبه المؤمن الحق بالنحلة كان يدعونا إلى أن نتمثل هذه الصفات واقعا في حياتنا :
• فمن خصائص ملكة النحل أنها لا تلدغ أحدا في مملكتها
• أنها تتصف بالعدل والإنصاف بين أعضاء مملكتها
• ملكة النحل لا تسمح لمتطفل ولا لعدو أن ينتهك حرمة بيتها
• ملكة النحل ترعى صغارها وتهتم بهم اهتماما لا حدود له
• إن اتخاذ القرار في عالم النحل عملية تحكمها أرقى درجات الشورى والتشاور
• النحل دائما ما يتنزه عن النجاسات والأقذار
• النحل لا يأكل إلا طيبا
• النحل لا يأكل من كسب غيره
• النحل لا يأكل إلا قدر شبعه
• إذا قل غذاء النحل ( العسل ) قذفه بالماء ليكثر خوفا على نفسه من نفاذه
• النحل لا يشرب من الماء إلا ما كان صافيا عذبا ويجد في طلبه مهما بعد
• النحل أصغر المخلوقات حجما وأضعفها بنية إلا أنها الأكثر عطاء وتأثيرا
• بيت النحل تنطبق عليه أرقى المواصفات الهندسية في العمران والبنيان
• النحل يسير في سبيل جمع الرحيق بسرعة 60 كم / ساعة وهو ما يعادل عشرة أمثال سرعة الإنسان
• يعرف عن النحل قلة آذاه
• يعرف عن النحل النظافة الكاملة والتامة
• النحل يوفر الجهد والوقت على بعضه البعض، فإذا ما وقعت نحلة على زهرة وامتصت رحيقها فإنها تترك علامة أن هذه الزهرة مُص رحيقها من قبل حتى توفر الجهد والعناء على بني جنسها
إن حشرة بهذه الصفات وهذه القدرات وهذا السمو وهذا الرقي لجديرة بأن يشبه بها المؤمن الحق كما يريده الله ورسوله.
ولما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل الذباب في النار إلا النحل )
جاء هذا الكلام وكأنه يحمل في طياته بشارة للمسلم الذي تعرف على طبائع هذه الحشرة وتعلم منها وسلك مسلكها، أن يحرم جسده على النار فكما استثنى رسول الله النحل من بين الذباب من دخول
النار فلعل الله يستثنى المسلم العامل بهذه الأخلاق السامية وهذه الطبائع وهذه المهارات من بين بقية البشر ويحرم جسده على النار لينعم بصحبة النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
منقوول
</i>
gr'hj lk vpgjd lu kpJJJJJJJJgm g~çê Rdgêd kdüüüüüüüügé