يحزن الإنسان كثيرا عند فواته لما أراده فى الحال , بل و قد يظن السوء بالكبير المتعال فى تدبيره دون أن يشعر وذلك بعدم رضائه عن ربه فى أفعاله معه ظنا منه أنه قد مُنع الخير أو قد فاته الخير.
ولكن الحقيقة أن ما حدث له هو عين الخير إذ ربه هو الذى اختار له ولم يوكله إلى نفسه فربما أضرّ نفسه بسبب اختياره ولكن الله برحمته يعلم ما يُصلح عبده وما الذى يوافق حاله فيعامله به وإن كان فى ظاهره ليس خيرا ..
فلنتأمل معا .. ولنفكر إذاً
ماذا لو كان يُنفذ لنا كل ما أردناه فى الحال ؟ وإن كان فى ظننا هو أفضل ما فى الإمكان ؟
فهل نحن نعلم الغيب لكى نستطيع أن نحكم على تلك الأفعال إن كانت ضارة لنا أم نافعة ؟
فلندع الأمر لعالم الغيب .. ندعه لمن لا يعجزه شىء فى السماوات ولا فى الأرض ولو أراد ما أردنا لكان فى الحال ولكن لحكمة لا يعلمها إلا العليم الحكيم لم يحدث إلا ما أراده هو سبحانه لا ما أردناه نحن ..
ولذلك نرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قد علّمنا الاستخارة إذا ما تُرك لنا الاختيار بين الفعل والترك لأى أمر قد هممنا به فعلّمنا أن نسأل العليم القدير فيما نختار أولا لكى يُسدد خُطانا ويوجهنا للخير لأننا أصحاب جهل بالغيب فكان لابد من اللجوء إلى عالم الغيب لكى يحمينا من كل شر ويوفقنا لما فيه الخير ..
وما يدرينا لعل ما أردناه خيرا ولكن ليس فى نفس الزمان وإنما فى حين آخر لا يصلح إلا فيه .
فما أجمل أن نرضى باختيار ربنا لنا وأفعاله فينا عسى أن يرزقنا بذلك الرضى سعادة فى القلب تُنسينا فوات ما أردناه فى يوم من الأيام .
قال تعالى {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً}الإسراء 11