من لم يعتبر بالتجارب، أوقعه الله في المهالك. كفى بالتجارب تأديباً وبتقلب الأيام عظة.
فإن الرجل العاقل النبيه :من اجتمعت فيه خصال الأدب، ولا يقهره الغضب، لأن العقل أصله التثبت في الأمور، وثمرته السلامة.
وقيل :من عرف ما يطلب، هان عليه ما يبذل. ومن أطلق بصره، طال أسفه، ومن طال أمله ساء عمله. ومن أطلق لسانه، قيد نفسه. ومن أصلح فاسده أرغم حاسده. ومن قاسى الأمور، فهم المستور. ومن أحب المكارم اجتنب المحارم. ومن حسنت به الظنون، رمقته الرجال بالعيون. اعلم أن الأدب ينوب عن الحسب. العفو يفسد اللئيم، بقدر ما يصلح الكريم.
ومن شاور ذوي الألباب، دل على الصواب. ومن أمل إنساناً هابه، ومن قصر عن شيء عابه. من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر عنها ظلم.
ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم. من فرط في الأمانة ضدها عمل.
من عرض نفسه لما قصر عنه فعله، فقد نقص في عين غيره.
من جاد ساد، ومن ساد قاد، ومن قاد بلغ المراد.
ظلم الأيامى واليتامى مفتاح العقر. لا يصلح للصدارة إلا من كان واسع الصدر. ما تاه إلا وضيع، ولا فاخر إلا لقيط، ولا تعصب إلا بخيل، ولا أنصف إلا كريم. الحاجة إلى الأخ المعين، كالحاجة إلى الماء المعين. الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا لوطف.
أقرب الناس إلى الله، أكثرهم عفواً عند القدرة.
وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
من لم يكن له من نفسه واعظ، لم تنفعه المواعظ.
من رضي بالقضاء، صبر على البلاء.
من عمر دنياه ضيع مآله. ومن عمر آخرته بلغ آماله.
القناعة عز المعسر، والصدقة كنز الموسر.
من سره فساده ساء معاده.
الشقي من جمع لغيره، وبخل على نفسه.
الخير أجل بضاعة، والإحسان أفضل صناعة.
من استغنى عن الناس، أمن من عوارض الإفلاس.
من رفع حاجة إلى الله، استظهر في أمره. ومن رفعها إلى الناس وضع من قدره. من أبدى سر أخيه أبى الله أسرار مساويه.
أعص الجاهل تسلم، وأطع العاقل تغنم. ازدياد الأدب عند الأحمق، كازدياد الماء العذب في أصول الحنظلة، لا يزيدها إلا مرارة. مكتوب في الإنجيل: كما تدين تدان، بالكيل الذي تكيل تكال[1].
فضل الملوك في الإعطاء، وشرفهم في العفو، وعزهم في العدل. والعدل هو نظام العالم.
وقال صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل " . فبدأ بالعدل...