كيف نتحرك بالدعوة في بلاد الغرب وكيف نوصل الإسلام نقيا طاهرا بعيدا عن أفكار التطرف وبعيدا عن أفكار الإعلام.
وهذا ما يركز عليه الإعلام كما نعيشه كل يوم ولهذا ما من مسلم يدخل الإسلام من جديد إلا وهو يفاجئ بما يقرأ.
ويفاجأ بالأخلاقيات الموجودة في ديننا الإسلامي العظيم.
إذن كيف ننشر الدعوة كيف ننشر الحق....؟
أحد المسلمين الجدد كان بقربه جار مسلم يقول مضى عليه عشرة سنوات وهو جاري وأنا لم أعرف الإسلام من خلاله وإنما تعرفت على الإسلام من خلال بحثي في الإنترنت.
جاره مسلم وهو في بلد أجنبي وهذا يعني أنه يجب علينا أن نتحمل نحن هذه المسؤولية لكن كيف ننشر هذا الخير وكيف نبين سماحة وعدل الإسلام والحق الذي يبحث عنه الناس....؟
وكم من شخص من يؤمن بالله في هذه الأرض لكن لا يوجد من يقول له أنت مسلم ولا يوجد من يعرفه بالإسلام.
لذلك فإننا نركز على هذه القضية وقد تعرفنا على مجموعة عائلات هنا في إستراليا وفي غيرها انطلقوا بالدعوة إلى الله.
لكن بطريقة ذكية وبوسائل مبدعة وبعيدة عن التوجيه المباشر وإنما يوصلون رسالتهم بطريقة ذكية لا مباشرة فيها.
بالإضافة إلى نوع من الإبداع والذكاء وهم يوصلون مثل هذه الأفكار.
نحن سنتعرف على هذا كله .
هذه الشجرة التي أقف عندها يسمونها في إستراليا( جك ثري) أي بالترجمة العربية شجرة العلك وهي ليست بعلك لكن المادة التي تخرج منها مادة لزجة جدا وبالتالي سميه بهذه التسمية.
هذه هي الشجرة الوحيدة في العالم التي تنبت في هذه القارة في أستراليا.
لذلك فإن كل أهل استراليا يعتزون بهذه الشجرة لأنها فريدة من نوعها ومميزة لا توجد في أي بقعة من بقاع الأرض إلا هنا.
والإسلام كذلك نفس الشيء ولهذا قال النبي عليه السلام أنتم في الدنيا أي مثلكم ومثل الآخرين كمثل الشعرة البيضاء في جسد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جسد الثور الأبيض.
وهذا يعني أننا أهل تميز بهذا الدين العظيم وبهذه الأخلاق العظيمة وبهذه المبادئ العظيمة ونحن كالشامة التي هي علامة والعلامة تعني التميز.
ولذلك فإن فيها لفتا لنظر والمسلم في أنحاء العالم يلفت النظر فكيف بأفكاره لو استطاع أن ينشرها بطريقة فيها رفق وفيها سماحة وحكمة ورحمة.
ولهذا فإن الأصل في الدعوة إلى الله تعالى أن تكون وسائلها مبتكرة والأصل في الدعوة إلى الله تعالى أن تكون بوسائل ذكية حتى ندخل إلى قلوب الناس فتتلقى هذه الرحمة وهذه السماحة بطريقة مميزة.
وكما يفتخر أهل أستراليا بهذه الشجرة لأنها وحيدة ومتميزة في بلادهم ونحن نفتخر بإسلامنا.
لكن كيف ننشر هذا الإسلام وكيف نعرف الناس به مستخدمين الأفكار الذكية في الدعوة في البلاد الغربية.....؟
الدعوة في الغرب لها طريقة خاصة ولها نظام خاص ولذلك من ينجح في الدعوة في الغرب إنه من يعرف قوانين البلد.
فالدخول إلى كل مؤسسة لا بد من معرفة المفتاح ومفتاح دخول أي دولة معرفة القانون لذلك فإنه هنا في أستراليا يهتمون كثيرا بالأطفال.
وهنا عقوبات صارمة لمن يسيء إلى الطفل أو من يهين الطفل حتى إن بعض المؤسسات أو بعض الحضانات لو تأخروا في إطعام الطفل فإن الدولة سوف تعاقبهم في ذلك.
إذن شدة القانون ومعرفة القانون هذا بذاته نجاح لمن يشتغل في الدعوة إلى الله عز وجل.
ونحن سوف نتعرف على عائلة وهي مميزة فالزوج من جمهورية مصر العربية واسمه حمدي والزوجة أصلها من نيوزلندا وهي مولودة في إستراليا واسمها فيكتوريا لكنها بعد الإسلام سمت نفسها فائزة.
هذه العائلة متزوجة من ثلاث سنوات ونصف ورزقوا بطفلة سموها رحمة.
وهذه العائلة عندهم فكرة ذكية جدا وأرادوا أن يستفيدوا من قانون البلد الذي يسمح لبعض العائلات أن تكفل بعض الأطفال الذين يساء لهم من قبل عائلاتهم.
وهنا تأخذ الحكومة الطفل من أهله الظالمين المهملين وتضعه عند عائلة محافظة أخرى وهذه العائلة المسلمة فكرت بفكر ذكية دعونا نتعرف عليهم وعلى طبيعة فكرتهم.
هذه الفكرة الذكية وهي أن تكون أسرتكم هي الأسرة الحاضنة للأطفال سواء كان هؤلاء الأطفال أبناء المسلمين أم غير مسلمين لكن كيف جاءتكم هذه الفكرة.......؟
حكدي: الفكرة جاءتنا نتيجة حدث حصل وكلنا عشنا هذا الحدث وهو حدث حصل في نيوزلندا وكنا نعرف أخا مسلما كان لديه أربعة أولاد وظروفه المادية لم تكن جيدة والحكومة هنا كما ذكرت تهتم برعاية الأطفال والذي حصل أن الحكومة ذهبت إلى منزله ورأوا حالته التي لم تكن تسمح له برعاية أطفاله بالشكل المطلوب.
فقررت الحكومة بحكم المحكمة أن يأخذوا الأولاد منهم وهذا الحكم قد يحكم بإبعاد الأولاد لمدة سنين.
والرجل كان متأزما جدا ولم نكن مسرورين بهذا الأمر والمشكلة أنهم ليس فقط سيأخذون الأولاد إنما المشكلة كانت هي إلى أين سيأخذون الأولاد وأين سيضعونهم....؟
ولم تكن هنالك أسرة مسلمة تستطيع الحكومة التعاقد معهم من أجل الأولاد ولهذا كانت مشكلة الرجل صعبة بسبب هذا الموضوع وبطبيعة الحال فإنهم سيذهبون إلى أسرة غير مسلمة والأولاد سيبتعدون عن دينهم وعن مبدئهم.
ومن هنا ظهرت عندنا الفكرة وهي عندما سألنا أنفسنا وقلنا لماذا لا نوجد أسرا ترعى هؤلاء الأولاد.
وهذه هي سبب الفكرة التي ظهرت عندنا.
جاسم: لا شك أن لكل مشروع من هدف فما هو هدفكم من احتضان الأبناء وتربيتهم حتى لو كانوا غير أولادكم....؟
حمدي: الموضوع له شقين فأولا لو حصلت الفرصة بأن نأخذ أولادا مسلمين فلا بد من أن ينشؤوا نشأة إسلامية وبالتالي فإنهم سيعرفون صلاتهم وتعاليم دينهم.
والشق الثاني لو كان الأطفال غير مسلمين فهذه فرصة ممتازة أن يتربوا عندنا ونحن لا نضغط على أحد ولكن دعوتنا هي أخلاقنا وسلوكنا وسلوكنا هو دعوة وهم سيطلعون على نمط حياتنا وكيف نأكل وكيف نتعامل مع الجيران وكيف معامل من حولنا وهذه بحد ذاته دعوة وإن كانت دعوة غير مباشرة.
والطفل سيكبر وسيفكر أن هذا من عند ربنا تعالى.
جاسم: لا شك أن هذه فكرة ذكية جدا لكن السؤال أين وجه الدعوة في هذا المشروع...؟
حمدي: نحن كلنا نواجه حرب إعلامية مكثفة على المسلمين والإسلام والإسلام بحمد الله تعالى قوي بذاته وعظيم بتعليماته وربنا تكفل بحفظ هذا الدين وحفظ دستوره كما قال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
ونحن لا بد أن ندعو إلى الله تعالى سواء كنا في بلد مسلم أو لا ولأننا نعيش في أستراليا وقد أنعم الله تعالى علينا بالإسلام فلا بد أن نخرج هذه الدعوة وندعو الناس بقدر استطاعتنا حتى لو كانت النتيجة بسيطة وبفضل الله تعالى فإن هنالك أفراد كثيرة تدخل الدين وهي أسر كاملة وكما قال تعالى ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
جاسم: نسأل الأخت فائزة سؤالا وهو ما هي شروط الحكومة الأسترالية التي تلزم من خلالها العائلات حتى تكون عائلة مؤهلة لاحتضان الأطفال.
فائزة: يتطلب الكثير من الجهد حتى نكون مؤهلين لتبني الأطفال وقد يستغرق ذلك سنة.
فأولا لا بد أن تلجأ إلى لجنة حماية الأطفال ثم تذهب لحضور المحاضرات عن تربية الأبناء وهناك يوجد كثير من الناس.
ثم يمكنك بعدها الاختيار إذا أردت الإكمال وتسجل اسمك وتأتي اللجنة لتراك من خلال عضو يعينونه للمتابعة ولا بد من ملء كثير من النماذج المطلوبة ثم يتحرون عنك ثم لا بد لك من أن تحضر ندوة لمدة أربعة أيام وهناك العديد من الأعمال التي يجب عليك فعلها من أجل الاهتمام بالأطفال.
ثم في الأخير يأتي أحد الأعضاء ليتفقد منزلك وليسألك عن سبب اهتمامك بتبني الأطفال ثم ينتخبونك لتقوم بتبني هؤلاء الأطفال.
جاسم: كما سمعنا من الأخت فائزة أنه لا بد من دورات وندوات يجب حضورها ولا شك أنك دخلت هذه الدورات فماذا تعلمت وكم من الأيام استغرق معك الحضور وكيف كانت طريقتهم في التدريب....؟
حمدي: طبعا إنهم يعلموننا كل شيء خاص بالطفل وهنا الدولة تهتم كثير بتربية الأطفال وذلك من حيث كيف تهتم بالطفل وكيف تتعامل معه وكيف تحترم رأيه وتحل له مشكلته إذا كانت لديه مشكلة وكيف ستحل له مشكلته مع أصدقاؤه حتى المدرسات في المدرسة تعرف إذا كانت هنالك ضغوطات صحية في البيت ولقد استفدنا في هذه الأربعة أيام استفادة جيدة وكل شيء كان لصالح الطفل أولا وأخيرا.
جاسم: نشكر هذه العائلة الكريمة على هذه المقابلة وهم أهل غربة ولذلك فإن الزوج قد مضى عليه أربعة عشر سنة وهو غريب عن وطنه لكنهما اجتمعا على خير وأرادوا أن يخدموا الإسلام من خلال هذه الفكرة وأي مسلم إذا أهان ابنه فإنهم سيأخذون هذا الطفل حتى لو كانت الأسرة غير مسلمة فإن الحكومة ستأخذ الطفل وسيتولون تربيته ورعايته.
وهذه من الأفكار الذكية في الدعوة الغربية ويذكرني هذا الموقف بشخص تعرفت عليه في هولندا.
والقانون في هولندا يقول إن أية مشكلة تحدث بين زوجين فإن المحكمة تحكم بمدرب وأخصائي نفسي يرافق هذين الزوجين مدة سنة كاملة يزورهم في البيت في الأسبوع مرتين ويعيش معهم يصادق الزوج والزوجة ويحضر معهم الخلافات والمشاكل والشجار ومرة يوجه الزوج ومرة يوجه الزوجة إلى أن تستقر هذه الأسرة وبعد سنة يرفع هذا الأخصائي تقريرا للمحكمة والمحكمة تحكم باستمرار العلاقة الزوجية أو بقطعها اعتمادا على الحكم.
والذي حصل أن أحد الأصدقاء حاول أن يستثمر هذا القانون في هولندا وحصل على الإجازة على أن يكون مرشدا وبالفعل بدأ تعيين عائلات عندها مشاكل زوجية وأصبح المرشد الخاص الذي يعيش معهم ومن خلال الإرشاد والتعرف عليهم بدأ يعرفهم بأحكام الإسلام.
وهكذا فإن هنالك أفكار كثيرة ذكية جدا يمكن للإنسان أن ينشر من خلالها الخير والدعوة الإسلامية.
ميزة هذه التجربة التي عشناها مع تلك العائلة أن الدعوة فيها غير مباشرة وهذه الطريقة في الدعوة تختلف عن طرق الدعوة التي نمارسها نحن في بلادنا العربية.
نحن في بلدان مسلمة عربية ولذلك فإننا نمارس الدعوة المباشرة فأحيانا بالوعظ والإرشاد وبطباعة الكتاب وبالنصيحة المباشرة.
أما هنا في بلاد الغرب فإن الدعوة تحتاج إلى فن ومهارة وحكمة ولا بد أن نستثمر قوانين هذه البلاد في نشر الخير والعدالة.
والله إنهم بحاجة إلى هذه الوقفات واللحظات ولهذا فإنهم يعيشون في فوضى وفي خواء وفراغ روحي فيتلمسون مثل هذه اللحظات التي فيها دعوى.
أنا أعرف شابا مراهقا دخل الإسلام وعمره أربعة عشر سنة أو يزيد وهو موجود في أمريكا هل تعلمون ماذا فعل وما هي الوسيلة الدعوية التي استخدمها لقد كانت فكرة ذكية وهي:
لبس الفانيلا ومكتوب على ظهره اسألني عن الإسلام وبدأ يمشي في السوق والطريق والمحلات وفي كل مكان.
وكلما يسير في مكان يسأله أحدهم على سؤال عن الإسلام فإذا كان يعرف الجواب أجابه وإذا لم يعرف الجواب يأخذ إيميل السائل ويبحث في الإنترنت عن الجواب الصحيح ثم يرسل الجواب الصحيح بالإيميل لهذا السائل.
إنها فكرة ذكية ومبدعة وبسيطة فهنالك أفكار كثيرة وبسيطة لكنها مؤثرة جدا في خدمة الدعوة بطريقة ذكية في النظام الغربي.
وهنالك فكرة أخرى ذكية وهي إنني أعرف شخصا في الصين والحكومة الصينية تمنع تأسيس مدرسة إسلامية في بعض المناطق وفي بعض القرى والأحياء.
فماذا فعل هذا الداعية حتى ينشر الإسلام وينشر الخير الذي عنده لقد أخذ ترخيصا بتأسيس مركز لتعليم اللغة العربية وهذا المركز مسموح به عند الحكومة الصينية.
وهكذا نستطيع أن نتفنن في استخدام قوانين البلدان ونتحرك بطريقة شرعية وفق قوانين البلد ونحترم هذه القوانين.
فالذ يدخل ليتعلم اللغة العربية سواء كان مسلما أو غير مسلم فالمهم أن يتعلم اللغة العربية والذي سيتعلم اللغة العربية فإنه من السهولة بمكان أن يتعلم القرآن ولا شك أن هذه فكرة ذكية أخرى.
إذن ما نحتاجه في الدعوة إلى الله عز وجل هو لكل مقام مقال ولهذا قال تعالى ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين.
وكل مجتمع له خطابه الخاص وكل قوم له خطابه الخاص ولهذا فإنه من أراد أن يخاطب القوم فلا بد أن يتحدث بلسانهم وأمثلتهم وبما يعانون منه.
ولهذا فإن الله تعالى لم يرسل رسولا ولا نبيا إلا بلغة قومه وأنا سأعرض عليكم فكرة ذكية لامرأة من أستراليا فكرت بهذه الفكرة وسمتها( ون دي دعوة) أي يوم دعوي لكنها بطريقة إيجابية نشرت إعلانا في الصحيفة وهذا الإعلان بعنوان للنساء فقط وحجزت القاعة وعملت إعلانات لهذه الدعوة وأريد منكم ما الذي حدث في هذا الحفل.
فائزة: عندما قمنا بتنظيم يوم الدعوة قمنا باستئجار قاعة وقمنا بوضع دعوات في الجريدة وفي المقاهي والمدارس المحلية وكان هناك عائد مادي جيد وكنا نمد الزوار بعيدي من الكتب وبعض الكتيبات عن الإسلام.
كذلك كنا نقوم بتوزيع بعض الطعام وكانت لدينا أربعة نساء متكلمات في ذلك اليوم فواحدة منهن تتحدث عن الله تعالى في الإسلام.
وسيدة أخرى كانت تتحدث عن العلم في الإسلام وسيدة أخرى تتحدث عن الأنبياء وأخيرا تتحدث سيدة أخرى عن الأركان الخمسة في الإسلام.
جاسم: الأفكار كثيرو منها أفكار دعوية وأختنا فائزة التي سمعناها قبل قليل أنزلت إعلانا للنساء فقط وحضرن الحفل وتكلمت عن الدعوة وعلى الإسلام ودخ على يدها ما يقارب من سبعة عشر واحدا والمبلغ لم يكلفها الكثير وبعد مرور الأيام تعرفت عليها راهبة وصار بينهم نوع من الحوار واقترحت عليها فائزة اقتراحا فقالت ما رأيك بأن نقيم محاضرة أنت راهبة وأنا داعية مسلمة وكل واحدة منا تتكلم عن تجربتها في التعرف على الله تعالى.
ولما وافقت الراهبة تشككت من فعلها فشجعتها على فكرتها وقلت لها عندما ستجلسين على المنصة وتتكلمين عن إسلامك فإن الناس ستتأثر بك وبقصتك أكثر من الراهبة.
فخلاصة ما نريد أن نصل إليه هو كيف ينبغي علينا أن نتحرك في الدعوة إلى الله في بلاد الغرب لكن بطرق ذكية مع احترام قوانينهم والاستفادة من قوانينهم لكن مع تبيين عدل الإسلام وسماحة الإسلام وعدالة الإسلام في الصغير والكبير.
لهذا فإنه ما من شخص التقيت به في هذه البلاد وقد دخل الإسلام إلا وهو يحمد الله تعالى على هذه النعمة وهو في منتهى السعادة.
[/gdwl]