لا يخاف عليك أن تلتبس الطرق عليك
وإنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك "
الطرق : هي السبل الموصلة إلى مرضاة الله عز وجل ، وهي في أصلها سبيل واحد ، لا ثاني له ، قال تعالى : " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " (الأنعام 153) ، ولعله لذلك السبب تأتي كلمة الظلام في كتاب الله دائما بلغة الجمع (ظلمات) ، ولا يأتي النور إلا مفردا .
الهوى : هو الشيء الذي يقابل العقل ويقابل الدين وتميل إليه النفس .
لاشك أن الله سبحانه بين لنا طريق الوصول ، عبر آيات الكتاب الحكيم ، وعلى لسان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، فما ترك عليه الصلاة والسلام شيئا يقربنا إلى الله إلا ودلنا عليه ، ولا شيئا يبعدنا عنه إلا حذرنا منه ، فما رحل إلى الله تعالى حتى ترك الناس على الدين القويم والمنهاج المستقيم ، على طريق بيضاء لا يضل عنها إلا من كان أعمى ، قال تعالى :
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " (المائدة 3)
وقال تعالى : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " (البقرة 256)
وفي الأثر : " لقد تركتكم على الحنيفية السمحة " ، وفي رواية : " على الملة البيضاء نهارها كليلها " .
وقال أحدهم : من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له .
فلا يخاف عليك التباس الهدى ، إنما يخاف عليك إتباع الهوى .. فلا يخاف عليك التباس الحق ، وإنما يخاف عليك جهلة الخلق ... قال تعالى :
" وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سييل الله ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن هم إلا يخرصون" (الأنعام 116) ..
فلا يخاف عليك عدم وجود أهل التحقيق ، وإنما يخاف عليك قطاع الطريق …
فإذا التبس الأمر ، فلينظر المسلم إلى الأقرب إلى الهوى فيخالفه ، وعلى الإنسان أن يكون دائم الحذر يحاسب نفسه دائما ، هل هو سائر في طريق ما كأثر من آثار الهوى ، أو كأثر من آثار حظوظ النفس ، وليحاول أن يرجع إلى الحق الصريح الواضح وليستعن بالله .