واعلم أن ربك غفور رحيم... نعم والله... لو أتيته لا تشرك به شيئًا، ومعك من الخطايا والذنوب ما يضيق به الأفق.. تريد عفوه... ومغفرته.. غفر لك على ما كان منك ولا يبالي...
ولو تقربت إليه شبرًا تقرب إليك ذراعًا..، ولو تقربت ذراعًا تقرب إليك باعًا... بل لو أتيته تمشي أتاك هرولة.. جل في علاه، وتقدس في ربوبيته وإلاهيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلى... سبحانه.. يفرح بتوبتك فرحًا شديدًا... يليق بجلاله وعظمته.. يعدك مغفرة منه وفضلا.. يبدل سيئاتك حسنات..
قال: عجبًا... جنيت... وجنيت... ذنوبًا عظيمة.. ثم يبدلها حسنات.. ما هو دليلك بالله عليك...؟!
قلت:
ألم تقرأ قول الحق جل في علاه... }فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا{[الفرقان: 70].
فبكى صاحبي – والله – حتى رحمته...
* * *
«أنين المذنبين»
إنها أنة تتلوها أنة...
وزفرة تتبعها زفرة...
ولوعة تعبقها حرقة...
آه... لهذا الأنين... كم أقض مضاجع الصالحين..
وأزعج نفوس المحبين.. أنين، وأي أنين..
إن لواعج النفس لتكاد تتحطم... في كياني..
وإن الصدر ليضيق... وإن اللسان لا ينطلق... ولا أملك إلا دمعتي... بين يدي سيدي ومولاي... هذا هو حال العبد عند سيده.. عند ربه جل وعز.
إنها دمعة أسى ولوعة.. صاغها القلب المحزون.
وخطَّها الخاطر المعنى بالأنين... ورسمها فنان الجفون على لوحة العيون، فجاءت معبرة... وللأنين والحرقة واللوعة مصورة..
اجعل من أنينك، وتوجعك من ذنبك مفتاحًا للولوج إلى الجنة.. بفضل الله ورحمته ومنه...
وأبشر بغفور رحيم.. يقبل التوبة عن عباده..
أبشر بخير يوم في حياتك.. إن أنت جددتها بالتوبة الصادقة الناصحة...
لا للعودة للذنب.. لا للرضا به..
لا للتساهل فيه.. لا للتمادي عليه..
لا للتفكير فيما مضى..
وإنما فكر في الإصلاح بالتوبة، والإحسان بالعودة..
إن وجوه أهل الإحسان توحي لكل أحد بالرضوان..
لأنهم خلوا بالرحمن فأكسبهم نورًا من نوره..
وفي الحديث... يقول الله جل في علاه: «أنا جليس من ذكرني»..
وإن وجوه أهل العصيان لتوحي لكل أحد بالخسران.. نعوذ بالله..
لأنهم خلوا بالشيطان فأكسبهم ضلالاً من ضلاله...، وضياعًا من ضياعه.. وظلامًا من ظلام منهده، وطريقه، قاتله الله..
يا هذا...
يا هذا...
يا هذا...
يأمرك ربك بما يسعدك.. فتتركه...
ويأمرك الشيطان بما يشقيك... فتجيب...
يأمرك الله بأن تجلو صدأ قلبك بالتوبة فيقول: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا{[التحريم: 8]... فلا تستجيب... إلا من رحم الله -...
ويأمرك الشيطان بأن تزيد من الران على قلبك بالذنوب فيقول: }وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ{[النساء: 119]، الشيطان يدعوكم إلى عذاب أليم، الشيطان يأمركم بالسوء... فتستجيب.. يا عجبًا.