بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أوروبا في القرن السابع الميلادي، عصر كان فيه الحكام يتقاتلون فيما بينهم للسيطرة على ما تبقى من الإمبراطورية الرومانية البائدة، عام 711 تسلم الملك "رودريك" زمام الحكم في إسبانيا دون أن يعير أهمية إلى القوة الجديدة النامية في الجزيرة العربية، اعتبر فتح المسلمين للأندلس منعطفًا حاسمًا في التاريخ الأوروبي.
تحولت أوروبا إلى ساحة للمعارك الدامية تجولها عصابات مرتزقة والملوك المتحاربين، عرفت تلك الحقبة بعصر الظلام، استقر "الفيسكوتس" في إسبانيا رغم مناخها القاسي والحار، حملوا الخوف والرعب عبر القرون التالية للفلاحين والمزارعين ممن لجؤوا إلى الكنيسة البباوية طلبًا للحماية.
من يمكنه حصر تلك المآسي، من يستطيع أن يعدد هذا الحجم من الدمار، حتى لو تحولت جميع الأطراف سيكون الأمر أبعد من القدرة البشرية على التعبير، ثم بدأت القصة، في العام الرابع من تولي الإمبراطور "جوستنيان" زمام العرش، تسلم الوليد بن عبد الملك مقاليد الحكم خلفًا لوالده في الخلافة الأموية.
كانت القوة الإسلامية تكبر منذ نزول أول آية قرآنية.
وهبَّ نور المشرق ينتشر في بقاع جديدة كل يوم وبدأت رقعة الدولة الإسلامية في الاتساع مع الفتوحات الإسلامية حتى وصلت إلى شمال إفريقيا.
مع بداية القرن الميلادي الثامن وصلوا إلى الحدود مع أوروبا، عين الخليفة الوليد "موسى بن نصير" ليكون عاملاً على شمال إفريقيا، أراد أن ينشر نور الإسلام في قارة أوروبا الواقعة خلف البحر.
مات الملك "ويتيزا" الذي حكم إسبانيا لتسعة أعوام، كانت التقاليد المتبعة تنص على أن يجتمع البارونات حين يبلغ ملك الفيسكوتس الكبر ليختاروا خلفه.
أدى الموت المفاجئ للملك إلى حالة خطيرة من الفراغ في السلطة شعر رجال الكنيسة بالقلق، فلا بد من إيجاد ملك جديد، كتب أحد المؤرخين يقول: إنه في هذه اللحظة بالذات قام بارون "فيسكوتسي" اسمه "رودريك" بالاستيلاء على المملكة بالتآمر مع ضباط القصر وأتباعه.
كان "رودريك" زعيمًا قويًّا انطلق من قاعدة قوته الأساسية في بلدة "ميريدا" جنوبي إسبانيا، كان "رودريك" متأكدًا من دحره لباقي البارونات وحكم البلاد وكانت تلك فرصته، فسرعان ما نظم جيشًا وانطلق إلى العاصمة للمطالبة بالعرش.
ضمن أجواء عدم الاستقرار السائدة كانت جميع القوانين تصدر عن الكنيسة، حتى بعد استيلائه على العرش، كانت موافقة الأساقفة ضرورية لاستمرار "رودريك" في توليه الحكم.
كان اهتمام الكنيسة يتركز على الاستقرار والحماية التي يمكن لملك قوي أن يضمنهما.
بداية العرش الجديد كانت مرحلة ضعف، على الملك أن يواجه فيها التحديات ويثبت جدارته في المعارك، وكان هذا ما ينطبق تمامًا على رودريك، كان رودريك يتلقى الدعم القوي من منطقته في الجنوب كما أن بعض بارونات الشمال عرضوا المساعدة أيضًا.
قررت الكنيسة أن تدعم رودريك كمرشح أوفر حظًّا لتوحيد مملكة "الفيسكوتس".
كانت عملية التتويج بمثابة خطوة في المجهول، فهل سيتمكن رودريك من الحفاظ على تماسك المملكة.
مع وضع التاج على رأس الملك الفيسكوتسي، بدأت تظهر في الأفق تحديات منافس قوي.
نسي رودريك المشاعر المحبطة التي شعر بها حين بدأ العمل على وقف الهجمات القادمة من جبال الباسك على شمال إسبانيا، كان يعلم رودريك أنه إذا ما لم يطمع الباسك ستنفصل مناطق أخرى عنه ما يعني تفكك مملكته.
أخذ ينطلق نحو الشمال البعيد دون أن يشعر بأن الفاتحين المسلمين على أبواب بلاده من ناحية الجنوب.
قبل أن يتجه المسلمون إلى فتح إسبانيا كان عليهم أن يعززوا سلطانهم في شمال إفريقيا.
كان البرابرة شعبًا قويًّا مستقلاً وهم يُعرفون باللاتينية بلقب "برباروس".
لقد عاشوا يومًا في هذه المنطقة ولكن توسع الجيوش العربية دفعهم إلى اللجوء إلى تحصيناتهم في الجبال الآمنة، ومن هنا كانوا يستطيعون القيام بهجماتهم المتكررة على العرب، استمرت الحروب الطاحنة لما يزيد عن الثلاثين عامًا من المعارك الضارية قبل أن يدخل نور الإسلام إلى عقول وقلوب البرابرة.
اعتنق البرابرة الإسلام وقاتلوا تحت لواء الدولة الإسلامية، كان طارق بن زياد الزعيم الأساسي للبرابرة وكان قائدًا فذًّا ومقاتلاً مخيفًا.
كانت عائلته قد اعتنقت الإسلام.
دُعي طارق إلى اجتماع مع القائد والفاتح البطل موسى بن نصير.
كان القائد المجاهد موسى بن نصير يعد المجاهدين الأقوياء لفتح الأندلس ونشر الإسلام فيها، تحدث موسى مع طارق بالأمر وأمره بأن يجمع رجاله ويأتي بهم إلى ميناء طنجة، تقع إسبانيا على بعد عشرين ميلاً خلف البحر كان موسى متأكدًا من أن هذا البلد سيُفتح بإذن الله بسهولة.
وسيقود طارق الحملة الأولى من الهجوم لتحديد مستوى مقاومة "الفيسكوتس"، عام 711 أبحر طارق متوجهًا إلى إسبانيا، رست السفن على صخرة عند أسفل الجبل تُعرف حتى ذلك اليوم باسم جبل طارق.
واجه الفاتحون المسلمون مقاومة محدودة عندما أقاموا قواعد لهم، كان "الفيسكوتس" يتقاتلون فيما بينهم على مسألة تولي "رودريك" العرش.
ما كان طارق يتوقع بأن يكون الأمر بهذه السهولة بعد أن بدأ يدفع بوحداته إلى الأمام ويعزز الفتح الإسلامي على الشواطئ الأسبانية.
واندفع المسلمون في أعماق الأرض عازمين على نشر دعوة الإسلام في ربوع إسبانيا، عندما تنبه "الفيسكوتس" أخيرًا للأمر بعثوا بسفير ينقل الخبر.
حذر الموالون للملك في الشمال بأن هناك هجومًا واسعَ النطاق قد بدأ يتقدم من جنوب إسبانيا.
انطلقت شبكة من المبعوثين تعبر ستمائة ميل كي تصل إلى الملك.
كان "رودريك" على ثقة بأن القوات الملكية سوف تتمكن من دحر الغزاة.
دون أن ينتظر حشد مزيد من القوات، انطلق "رودريك" بمن معه من رجال باتجاه الجنوب.
بعد مسيرة طويلة ومتعبة واصل "رودريك" وقواته إلى وادي النهر الكبير، كان "الفيسكوتس" يعتادون على قتال تقف فيه القوات المتحاربة في مواقع متواجهة لبعضها البعض عبر ساحة القتال، ولكنهم هذه المرة يواجهون عدوًّا من نوع آخر، فهو نشط ومتحرك ويهاجم بسرعة فائقة.
توجه مقاتلو طارق البرابرة مباشرة نحو "رودريك" لأنهم يعلمون بأنه حالما يسقط الملك من الممكن أن يتحقق النصر، تمكن المسلمون بفضل الله من إحراز النصر السريع على "الفيسكوتس" المتعبين.
وكان طارق يراقب وحداته وهي تحقق الفوز الكبير، وقُتل الملك "رودريك".
سرعان ما طارت أنباء الانتصارات التي حققها طارق إلى موسى في شمال إفريقيا، وتمهدت الطريق لنشر نور الإسلام في أوروبا.
أنزل موسى قوات كبيرة في جنوب إسبانيا وهو يصر على متابعة فتوحاته، أدى موت الملك "رودريك" إلى عودة الانقسام بين الفيسكوتس وفتح طارق قرطبة ومدينة طليطلة الملكية بينما فتح موسى مدينة "سيفيل"، فرح المسلمون المجاهدون وسجدوا لله شكرًا.
لجأ ما تبقى من جنود الملك "رودريك" إلى مدينة "ميريدا" ثم حوصرت المدينة من قبل بعض المجاهدين المسلمين.
قاوم "الفيسكوتس" الحصار لمدة أربعة أشهر حتى تضاءلت المؤن والمياه فأجبروا على الاستسلام ودخلها أيضًا نور الإسلام.
بعد أن رأوا ما جرى في "ميريدا" سارعت المدن الإسبانية الأخرى ووقعوا على معاهدة الاستسلام التي عرضها "موسى" يقول فيها:
(أولئك الذين يستسلمون ويخضعون لمشيئة الله لن يتعرضوا للقتل أو الاستعباد أو الانفصال عن بعضهم البعض، ولن يتعرض لهم أحد فيما يتبعونه من ديانة ولن تتعرض كنائسهم للدمار).
وقد شهدت الأندلس في ظل الحكم الإسلامي نهضة شاملة حتى أضحت منارة أضاءت جنبات أوروبا المظلمة، ولم يعرف التاريخ أرحم من الفاتح المسلم الذي حمل الخير والهداية إلى كل مكان نزل فيه.
بعد ثمانية عشر شهرًا استدعي موسى بأمر من الخليفة للعودة إلى بلاده وقدم نفسه للخليفة "الوليد بن عبد الملك".
وسلم موسى كل ما جمعه من ثروات لأنها كانت ملك الأمة، وسجد المجاهد "موسى بن نصير" شكرًا لله تعالى الذي وفقه في إبلاغ دعوة الإسلام ونصرة المسلمين.
أما طارق بن زياد فترك إسبانيا وعاد إلى شمال إفريقيا بعد أن كتب التاريخ اسمه كبطل فاتح.
شكل الفتح الإسلامي للأندلس منعطفًا هامًّا في تاريخ أوروبا، بقي العرب في أسبانيا فأدخلوا تقنيات الري والزراعة الحديثة من الشرق الأوسط إلى أوروبا، كما حملوا الثقافات ومبتكرات الحضارة الإسلامية حيث أثروا في أشكال الرياضيات والعلوم المختلفة في مجالات كثيرة.
كان الفتح الإسلامي للأندلس منارة حضارية في أوروبا كلها فقد أسهمت المعارف الإسلامية وآدابها في بعث روح حضارية جديدة في أوروبا مما كان له بالغ الأثر في نهضتنا المعاصرة وبالاستفادة من علوم المسلمين تمكن كريستوفر كولومبس من اكتشاف أمريكا.
السلام عليكم.بارك الله فيك
ايه لذلك الزمن الذي كان فيه المسلمون في اوج عظمتهم، ولكنهم الرجال بحق فلم تغرهم الدنيا فهاهو ذا موسى بن نصير يرجع الي المشرق مضعنا لامر ولي الامردون ان يقول الارض ارضي انا الذي فتحتها وانا من سيكون اميرا عليها وذلك لانه كان يرى نفسه مجرد جندي من جنود الله الذين من عليهم بفتح ارضه وكذا طارق بن زياد. فارجو منكم معلومات اكثر عن هذين البطلين