إن الحمد لله نحمده و نستعين به و نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد و من يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده و رسوله.
إن الغرض من الأبحاث التاريخية الإسلامية الاستفادة الجادة من أولئك الذين سبقونا بالإيمان في علمهم و تربيتهم و صبرهم و جهادهم و يقينهم و سعيهم الدؤوب لتحكيم شرع الله . و أخذهم بسنن التمكين، و فقه و مراعاة التدرج و المرحلية كما يقول أستاذنا الكتور/ راغب السرجاني و الارتقاء بأفراد الأمة نحو الكمالات الإسلامية المنشودة.
و لقد عمدت إلى تقديم هذا البحث الذي هو بين أيديكم بعد استماعي لمجموعة (الأندلس ما بين الفتح و السقوط .. للدكتور/ راغب السرجاني)
و أثناء استماعي لمجموعة (فلسطين حتى لا تصبح أندلساً أخرى) وجدت أن هناك فاصلاً زمنياً كبيراً يتمثل في الخلافة الإسلامية العثمانية التي لا يعرف أغلبنا – خاصة الشباب -عنها شيئاً يُذكر (سوى منظر لباشا او بيه في أحد المسلسلات) و هو يتعاون مع الانجليز أو غيرهم ضد بني عقيدته من المسلمين ، أو هو ينعم في عز و رفاهية و يترك الشعب فقيراً معدماً، في إشارة كبيرة إلى الظلم البيِّن الذي يتمثل في عدم تحقيق مبدأ (العدالة الاجتماعيه) التي ينادى بها الاشتراكيين و أعوانهم و هم في غفلة كبيرة عن أن كل العدالة الاجتماعية قد ضمنتها لنا مباديء شريعتنا الإسلامية السمحة، هذا إذا عملنا بها و وضعناها موضع التنفيذ.
و لذا فستجدون في هذا البحث المتواضع جداً ميلاً كبيراً إلى تفصيل ما جرى لمنطقتنا العربية بما فيها فلسطين أكثر من توضيح مجريات الأمور في تلك الحقبة الزمنية الهامة لدى الولايات الاسلامية في أوروبا سواء في المجر، أو بلغاريا أو منطقة الصرب و أوكرانيا و البوسنة و الهرسك و معظم دول آسيا الحالية و اليونان و منطقتي (الأفلاق و البغدان) رومانيا الحالية و التي كانت تنعم كلها بما فيها من مسلمين و نصارى و يهود بحكم إسلامي مجيد، و لكن للأسف لاتساع الدولة كما سنرى من خلال هذا البحث أو بالأحرى من خلال المراجع التى استقتنا منها هذا التاريخ الذي لا يمكن لباحث صادق أن يعمد إلى التأليف فيه.
لماذا يجب أن نعيد كتابة التاريخ الإسلامي
يقول علماء التاريخ الإسلامي الربّانيون:
إذا قلنا أن التاريخ البشري – خارج نطاق الأمه الإسلاميه – ينبغي أن تعاد كتابته من زاوية الرصد الإسلاميه التي تقيس الإنجاز البشري بالمعيار الرباني، أي بمدى تحقيق الإنسان لغاية وجوده التي خلقه الله من أجلها ، وهي عبادته وحده سبحانه بالمعنى الشامل للعباده ، الذي يشمل الإعتقاد بوحدانية الله، وتوجيه الشعائر التعبديه له وحده دون شريك، والتقيد بتعليماته في تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض، وعمارة الأرض بمقتضى المنهج الرباني ..
إذا قلنا هذا بالنسبه للتاريخ البشري، فلأنه يـُقدَّم لنا من زوايا تختلف إختلافاً جذرياً عن زاوية الرصد الإسلاميه .
أما التاريخ الإسلامي – أي تاريخ الأمه الإسلاميه – فعلى أي أساس نقول أنه يجب أن تعاد كتابته ؟
و ما العيب فيما هو مكتوب بالفعل ؟
ما نواحي التقصير التي نريد أن نستكملها، أو نواحي الإنحراف التي نريد أن نتحاشاها حين نعيد كتابة التاريخ ؟
إذا نظرنا إلى المصادر الإسلاميه القديمه التي كتبها كبار المؤرخين المسلمين نجد فيها ذخيره ضخمه من الأخبار و الوقائع و الروايات، ولكنها – بصورتها الراهنه – لا تصلح للقارئ المتعجل الذي يريد أن يجد الخلاصه جاهزه مُمَحصَّه سهلة الإستيعاب سهلة الهضم .
لقد كان أولئك المؤرخون يلتزمون الأمانه العلميه الخالصه ، فيثبتون كل ما وصل إلى علمهم من معلومات، وإن تعددت الروايات و تناقضت، فقد رأوا أن الأمانه تقتضي ألا يهملوا شيئاً مما سمعوا، و لكنهم تركوا ذلك دون تمحيص، ربما بدافع الأمانه و التقوى لكيلا يتدخلوا من عند أنفسهم بتغليب خبر على خبر، أو رواية على روايه .
و لأن كان في هذه الطريقه من مزيه فهي أنها قد حفظت لنا الوقائع كلها، فهي من هذه الناحيه مصادر ثمينه للباحث المدقق الذي يأخذ على عاتقه مهمة التمحيص. و لكن عيبها بالنسبه للقارئ العادي، وطالب العلم غير المتمرس ، أنها تغرقه في خضم من الروايات و الوقائع المتضاربه أو المتناقضه أحياناً، لا يعرف لنفسه طريقاً للخلوص منها بنتيجه محدده، و من ثم لا تحقق له بغيته من قراءة التاريخ و دراسته، فلا هو يملك الصبر و لا المقدره الفنيه التي يستطيع بها أن يمحص الروايات المختلفه و يرجح بعضها على بعض .
و إذا نظرنا من ناحية أخرى إلى معظم المراجع الحديثه المتأثره بالمنهج الإستشراقي، تجدها مكتوبه في صوره جذابه مغريه بالقراءه ! فهي - من ناحية الشكل – مناسبه كل المناسبه للقارئ المعاصر، مبوبه مفهرسه، مثبته فيها مراج
çgîgçé hguelhkdm
توقيع : شيم
[b]
من أقوال د. راغب السرجاني المأثورة
إن كان قيام أمة المسلمين بك فأنت مأجور حتى لو لم ترى نصراً
و إن كان القيام بدونك ضاع عليك الأجر حتى لو كنت معاصراً للتمكين
قد تتغير السياسات، و تمر الأيام و تتخلص بلادنا من الاستعمار (الاحتلالي)، و تجلو الجيوش الأجنبية، لكن مناهج التعليم تبقى في معظمها. فلقد بقي الإستعمار الثقافي مُسيطراً على كثير من العقول. فالمراجع تتبنى نظريات الغرب، و السينما ترسخ ما يقول به الغرب.
إن التحرر الفكري مرتبة لا يصل إليها إلاّ من أنعم الله عليهم بسعة الأفق و رجاحة العقل و صفاء الذهن، و وهبهم المقدرة على تحليل الأمور بعيداً عن العواطف و الرواسب و الأهواء و الخلفيات.
فإذا ما تبيّن لهم الخطأ من الصواب من بين جميع المعطيات، كانت لديهم الشجاعة الكافية للمجاهرة بما يرونه صواباً و الدفاع عنه و لو خالف آراءهم السابقة، فالثبات على المبدأ ليس دائماً فضيلة، و إلاّ لكان أبو جهل أفضل من أبي بكر.
أرجو التمعن في هذا الكلام و التدقيق فيه و في انتظار آرائكم من المتشوقين لمعرفة الحقيقة الكاملة بعيداً عن وسائل الإعلام
إن الحروب الصليبية التي شُنّت علينا منذ ظهور الإسلام لم تنته بعد. و لن تنتهي ما دام الفرق موجوداً بين النور و الظلام. فعلينا أن ندرك ما يراد بنا و أن نكون حذرين، و أن نعُدّ عُدَتنا للدفاع عن أنفسنا مما يراد بنا من مسخ و تضليل، و علينا أن نعلم بأن الخطر لن يأتينا من الخارج فقط بل إن أعداءنا في الداخل هم أشد خطراً علينا من أعدائنا في الخارج لأن هؤلاء نعرفهم بسيماهم و نعرف أنهم أعداؤنا، و أمّا أولئك فإنهم يأتوننا متلبسين بجلودنا مُظهرين حُبَهم لنا يتكلمون بلغتنا و يتحدثون بمصالحنا، و ألسنتهم معنا و قلوبهم مع أعدائنا.
فهل يستيقظ المسلمون و العرب قبل أن يأتي يوم يفقدون فيه كل أمل؟
كان بين سلاطين بني عثمان العادل و الظالم، القوي و الضعيف، المؤمن الملتزم و المسلم المستهتر. كانوا كغيرهم من ملوك الزمان.
لكن الأسئلة التي تدور حول العثمانيين كثيرة، أهمها:
•?هل كان العثمانيون يفضلون العنصر التركي على العربي؟
•?هل كانوا يؤمنون بالقوميّة التركية؟
•?هل كانوا مسلمين أم مستغلين للإسلام؟
•?هل الهجمة الشرسة على العثمانيين و تاريخهم يقصد بها العثمانيون أم هدف آخر هو الإسلام، و وحدة العالم الإسلامي؟
ما الذي نريده من وراء كل هذه التحليلات و المُقَدِمات؟نقول بصراحة لكل مسلم و مسلمة غيورين على تاريخهما بما يحمل من مجد و حضارة و عزة ، أننا بحاجة إلى تاريخ صادق(غير مُشَوَّه) يُعَرِفُنا حَقيقة الخلافة الإسلامية أيَّام العُثمانيين بوجه عام و تاريخ السلطان عبد الحميد الثاني الذي كَثُرت فيه الأقاويل و سُلِق بألسنة حادة.
من واجب كل مسلم بصورة عامة أن يتطَّلِع على هذا التاريخ، و أن يَلُم بِه ليكون على بيَّنة مما فعلته الخلافة الإسلامية أيّام العُثمانيين في سبيل نُصرة الإسلام و تدعيم أركانه، و في سبيل رفع شأن المسلمين من غير تفريق بين قوم و قوم و لُغة و أُخرى و جنس و لون، و ما بَذلته من راحة و روح و مال و عيال لهذا الغرض.
___________________________________
المراجع المستخدمة في هذه الدراسة:
1. تاريخ الدولة العلية العثمانية.. تأليف الأستاذ/ محمد فريد بك المحامي.
تحقيق .. الدكتور/ إحسان حقي.
دار النفائس .. بيروت- لبنان-الطبعة التاسعة.
2. تاريخ الدولة العثمانية و علاقاتها الخارجية.. تأليف دكتور/ علي حسُّون.
المكتب الإسلامي للنشر.. بيروت – دمشق- عمَّان- الطبعة الرابعة.
3. الدولة العثمانية .. عوامل النهوض و أسباب السقوط ..تأليف الدكتور/ علي محمد الصلابي.
مؤسسة إقرأ للنشر و التوزيع و الترجمة.. القاهرة – الطبعة الأولى
توقيع : شيم
[b]
من أقوال د. راغب السرجاني المأثورة
إن كان قيام أمة المسلمين بك فأنت مأجور حتى لو لم ترى نصراً
و إن كان القيام بدونك ضاع عليك الأجر حتى لو كنت معاصراً للتمكين