منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   المنتدى العام والهادف (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   ( للخلوة فوائد ......... ؟!!! ) (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=54139)

انصر النبى محمد 24-07-2013 09:59 AM

( للخلوة فوائد ......... ؟!!! )
 
بسم الله الرحمن الرحيم

للخلوة فوائد

الخلوة سلاح ذو حدين

ومن لوازم عبادة السر وجود الخلوة ، فالمطلوب منك كي تضاعف أثر دوائك أن تخفيه ، وذلك في خلوة من الناس ، فإن قضيت خلوتك في معصية الله ؛ فقد حوَّلت الدواء إلى وباء ، وجعلت من العسل علقما ، والله الذي يطلع على الأسرار يفضح من يفعل ذالك من الأبرار والفجار. قال حكيم زمانه وواعظ عصره يحيى بن معاذ الرازي [ ت : 258 ] :

" من خان الله في السر هتك سره في العلانية " .

يا كاتم السر ومخفيه أين من الله تُواريه
بارزت بالعصيان رب العلى وأنت من جارك تُخفيه


والخلوة من أنجع الوسائل في رؤية عيوب النفس ومعرفة آفاتها. قال ابن الجوزي :


" فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم ، فإن العزلة حمية ، والفكر والعلم أدوية ، والدواء مع التخليط لا ينفع ، وقد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق والتخليط في الأفعال ، فليس لك دواء إلا ما وصفت لك ، فأما إذا خالطت الخلق وتعرَّضت للشهوات ، ثم رمت صلاح القلب رُمتَ الممتنع" .

والخلوة تكون بذلك بابا من أبواب التوبة ، وقد لمح هذا المدخل مقتفي الأثر الماهر أبو الفرج ابن الجوزي حيث أدهشنا في كتابه المدهش ( المدهش ) بهذا الفضل فقال :

" خلق قلبك صافيا في الأصل ، وإنما كدرته الخطايا ، وفي الخلوة يركد الكدر " .

ولذا جعلها يحيى بن معاذ من أبرز علامات التوبة الصادقة والمميزة لها عن التوبة الكاذبة ، فقال : " وعلامه التائب : إسبال الدمعة ، وحب الخلوة ، والمحاسبه للنفس عند كل همة " ، وأوصى بها وريث الأنبياء ودرة الأتقياء الحسن البصري آمرا كل تائب : " وابكِ في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك ، فيرحم عبرتك ، فتكون من الفائزين " .

والخلوة وسيلة إلى اقتناص خواطر الخير وصيد الأفكار الجيدة التي لا ترد في الزحام وبين الناس ؛ كما حكى تجربته في ذلك الإمام أبو سليمان الخطابي [ ت : 388 ] فقال :

إذا خلوتُ صفا ذهني وعارضني خواطرٌ كطراز البرق في الظلم
وإن توالى صياح الناعقين على أذني عرتني منه لكنة العجم

والخلوة ميزان دقيق يقيس به العبد إيمانه ويعرف صدقه وإخلاصه. قال ابن القيم : " من فقد أنسه بالله بين الناس ووجده في الوحدة فهو صادق ضعيف ، ومن وجده بين الناس وفقده في الخلوة فهو معلول ، ومن فقده بين الناس وفي الخلوة فهو ميت مطرود ، ومن وجده في الخلوة وفي الناس فهو المحب الصادق القوي في حاله " .

والخلوة طريق موصل إلى محبة الله كما قال ذلك ابن القيِّم في الوسيلة الثامنة من أصل عشرة لنيل هذا الشرف :

" الثامن : الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه ، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة " .


ونصيب كل منا من هذا الحب حسب مقدار خلوته وإخلاص نيته ، وفي ذلك فليتنافس المحبون. قال ابن الجوزي : " الخلوة شرك لصيد المؤانسة ، فأخفى الصيادين شخصا وأقلهم حركة أكثرهم التقاطا للصيد ، ما صاد هرَّا صاح " .

والخلوة عند بعض أطباء القلوب من بعض ثمن الجنة ، فقد قال يحيى بن معاذ وقد سُئل يوما : ما العبادة؟! فقال : " حرفة حانوتها الخلوة وربحها الجنة " .

والخلوة تكون أسهل في اعتكاف رمضان أو في رحلة عمرة أو حج ، لكنها تحتاج إلى مجاهدة أشد واهتمام أكبر في أي وقت غير هذا ؛ لأنك عندها تنتزع نفسك من وسط أعبائك واهتماماتك وأموالك وعيالك لتجمع همك على الله وحده ، وقد يمل الإنسان الخلوة ، وهو ما نقله العلامة الخطابي عن أحد الحكماء وهو يشرح لماذا يمل الإنسان من الجلوس وحده ، فقال :

" قال بعض الحكماء : إنما يستوحش الإنسان بالوحدة لخلاء ذاته ، وعدم الأفضلية من نفسه ؛ فيتكثر حينئذ بملاقاة الناس ، ويطرد الوحشة عن نفسه بالكون معهم ، فإذا كانت ذاته فاضلة طلب الوحدة ليستعين بها على الفكرة ، ويتفرغ الاستخراج الحكمة " .


الساعة الآن 08:28 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام