وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته
المشهور على ألسنة الناس أنه قتل مسموماً و الله أعلم
"...... عاد إلى دمشق في سابع المحرم مؤيداً منصوراً، ونزل بالقلعة، ثم انتقل إلى قصره الأبلق بدمشق؛ فمرض في نصف المحرم من سنة ست وسبعين وستمائة؛ فمات من مرضه يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم من السنة المذكورة، وحمل إلى القلعة ليلاً مع أكابر أمرائه، وغسله، وصبره المهتار شجاع الدين عنبر، والكامل علي بن المنبجي الإسكندراني المؤذن، والأمير عز الدين الأفرم.
ووضع في تابوت، وعلق في بيت بالقلعة، وهو في عشر الستين إلى أن يحصل الاتفاق على موضع دفنه.
وكان قد أوصى أن يدفن على الطريق السالكة، قريباً من داريا، وأن يبنى عليه هناك قبة؛ فرأى ولده الملك السعيد أن يدفنه داخل السور، فابتاع دار العقيقي، وبنيت له قبة. فلما تكمل بناؤها نقل إليها، ووقف عليها وعلى المدرسة الأوقاف الكثيرة، ثم في يوم السبت رابع عشر صفر شرع في عمل أغربة الملك الظاهر بيبرس المذكور بالديار المصرية.
قال الأمير بيبرس الدوادار في تاريخه: وكان القمر قد كسف كسوفاً كاملاً، أظلم له الجو، وتأول ذلك المتأولون بموت رجل جليل القدر؛ فقيل إن السلطان لما بلغه ذلك حذر على نفسه، وخاف، وقصد أن يصرف التأويل إلى غيره؛ لعله يسلم من شره.
وكان بدمشق شخص من أولاد الملوك الأيوبية - وهو الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك ابن السلطان الملك المعظم عيسى ابن السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب - ؛ فأراد الظاهر - على ما قيل - اغتياله بالسم؛ فأحضره في مجلس شرابه؛ فأمر الساقي أن يسقيه قمزاً، كان ممزوجاً فيما يقال بسم؛ فسقاه الساقي ذلك الكأس؛ فأحس به، وخرج من وقته، ثم غلط الساقي، وملأ الكأس المذكور، وفيه أثر السم، ووقع الكاس في يد الملك الظاهر فشربه. انتهى كلام بيبرس الدوادار باختصار.
قلت: هذا القول مشهور بأفواه الناس، والله أعلم. "*
* المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي /يوسف بن تغري بردي
قال الشيخ قطب الدين اليونيني في تاريخه ونقله عنه المقريزي في كتابه السلوك; قال: مات الملك الظاهر بيبرس مسموما في حكاية جاء فيها, أن الظاهر كان مولعا بعلم النجوم, فقيل له إنه سيموت بدمشق في سنة 676هـ ملك بالسم, فاغتم لما سمع. وكان فيه حسد لمن يطاوله في الشجاعة والإقدام خوفا منه أن ينتزع منه الملك. وفي الوقعة التي جرت مع المغول في (البستين) سنة 675هـ قاتل معه الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك ابن الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب, وأبلى في الموقعة بلاء عطيما أنكى به العدو وتعجب الناس من شجاعته فأثر ذلك عند الظاهر وحسده وأخذ يتحيل في سمه ليصح عنده ما دلت عليه النجوم من موت ملك بالشام, وكان عبد الملك بن عيسى يطلق عليه اسم الملك فدعاه الظاهر لشرب القمز (نوع من النبيذ) كان بيبرس مولعا به, وقد أعد سما من غير أن يشعر به أحد . ولما حضر عبد الملك أخذ بيبرس كأسا ليناوله بيده إلى عبد الملك, وكان هذا لمن يريد السلطان أن يكرمه, وقام عبد الملك لقضاء حاجته فوضع بيبرس السم في الكأس وأمسكه بيده, ولما عاد ناوله إياه فشرب جميع ما فيه, وقام بيبرس لقضاء الحاجة فأخذ الساقي الكأس من يد عبد الملك وملأه بالشراب من غير أن يشعر بما وضع بيبرس فيه من السم. ولما عاد بيبرس إلى المجلس تناول الكأس وعبه وهو لا يعلم أنه الكأس الذي وضع فيه السم. فأحس بمفعول السم وعلم أنه قد شرب بقايا السم الذي كان في الشراب, فتقيأ فلم يفده, ولم يلبث أن توفي
منقول