(2) مذهب الإمام مالك:
ولد الإمام مالك بن أنس بالمدينة سنة 93 هجرية ، وتوفي بها سنة 189 هجرية ، وقد نشأ بالمدينة وتلقى العلم بها ، ومازال يدأب في تحصيل العلم وجمع الحديث حتى صار سيد فقهاء الحجاز ، وضرب بعلمه المثل فقيل : لا يُفتى ومالك في المدينة .
ولما حج المنصور ، اجتمع بالإمام مالك وأشار عليه أن يدوّن كتاباً منظماً فيه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومسائل العلم ، فألف كتاب الموطأ في الحديث والفقه .
ولقد وقع كتاب الموطأ في نفس هارون الرشيد موقع الإعجاب ، حتى همّ أن يجعله دستور الأمة الإسلامية التي كان يحكمها ، والتي كانت تمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً ، لولا أن مالك رضي الله عنه منعه من ذلك ، وقال له : لا تفعل ، فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الفروع ، وتفرقوا في البلدان ، وكلٌ مصيب ، فلا تضيّق على الناس أمراً وسّعه الله عليهم .
وقد بنى مالك مذهبه على الأصول الأربعة وهي : الكتاب والسنّة والإجماع والقبس ، وكان اعتماده على القياس قليلاً ، وامتاز عن غيره من الأئمة بأن من أصول مذهبه الأخذ بعمل أهل المدينة في المسائل العلمية ، لأنهم توارثوا ذلك خلفاً عن سلف ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد انتشر مذهب مالك في المدينة ومصر وأفريقية والأندلس والسودان .