منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   خواطر وأدب (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=68)
-   -   لا تعذلية لابن زريق البغدادي (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=5706)

احمد الراوي 21-09-2009 05:18 AM

لا تعذلية لابن زريق البغدادي
 
ناظم القصيدة هو الشاعر العباسي أبو الحسن علي بن زريق البغدادي, وكان له ابنة عم أحبها حبًا عميقًا صادقًا, ولكن أصابته الفاقة وضيق العيش, فأراد أن يغادر بغداد إلى الأندلس طلبًا للغنى, وذلك بمدح أمرائها وعظمائها،ولكن صاحبته تشبثتْ به, ودعته إلى البقاء حبًا له, وخوفًا عليه من الأخطار, فلم ينصت لها, ونفَّذ ما عَزم عليه، وقصد الأمير أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس, ومدحه بقصيدةٍ بليغة جدًا, فأعطاه عطاءً قليلاً، فقال ابن زريق- والحزن يحرقه-: "إنا لله وإنا إليه راجعون, سلكت القفار والبحار إلى هذا الرجل, فأعطاني هذا العطاء القليل؟!".

ثم تذكَّر ما اقترفه في حق بنت عمه من تركها, وما تحمَّله من مشاقٍ ومتاعب, مع لزوم الفقر, وضيقِ ذات اليد، فاعتلَّ غمًّا ومات.

وقال بعض مَن كتب عنه إنَّ عبد الرحمن الأندلسي أراد أن يختبره بهذا العطاء القليل ليعرف هل هو من المتعففين أم الطامعين الجشعين, فلما تبيَّنت له الأولى سأل عنه ليجزل له العطاء, فتفقدوه في الخان الذي نزل به, فوجدوه ميتًا, وعند رأسه رقعة مكتوب فيها هذه العينية.

لا تعذليه فإن العذل يولعه
قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
وذكر أبياتا من القصيدة غير تامة
قال فلما وقف أبو عبد الرحمن على هذه الأبيات بكى حتى خضب لحيته وقال وددت أن هذا الرجل حي وأشاطره نصف ملكي وكان في رقعة الرجل منزلي ببغداد في الموضع الفلاني المعروف بكذا والقوم يعرفون بكذا فحمل إليهم خمسة آلاف دينار وعرفهم موت الرجل ))
يقول ابن زريق البغدادي في مستهل قصيدته مخاطبا زوجته:



لا تعذلـيـه فــإن الـعـذل يولـعـه
قـد قلـت حقـاً ولكـن ليـس يسمعـه

جاوزت فـي لومـه حـداً أضـر بـه
مـن حيـث قـدرت أن اللـوم ينفـعـه

فاستعملـي الرفـق فـي تأنيبـه بــدلاً
من عذله فهو مضنـى القلـب موجعـه

قـد كـان مضطلعـاً بالخطـب يحملـه
فضيقـت بخطـوب الـدهـر أضلـعـه

يكفيـه مـن لوعـة التشتيـت أن لــه
مـن النـوى كـل يـوم مـا يـروّعـه

مـا آب مــن سـفـر إلا وأزعـجـه
رأي إلـى سـفـر بالـعـزم يُزمـعـه

كأنمـا هـو فــي حــل ومرتـحـل
مـوكــل بـفـضـاء الله يـذرعــه

إنِ الزمـان أراه فـي الرحيـل غـنـى
ولو إلى السـد أضحـى وهـو يزمعـه

ومـا مجـاهـدة الإنـسـان توصـلـه
رزقـاً ولا دعـة الإنـسـان تقطـعـه

قـد وزع الله بيـن الخـلـق رزقـهـمُ
لـم يخلـقِ الله مـن خـلـق يضيـعـه

لكنهـم كلفـوا حرصـاً فلسـت تــرى
مسترزقـاً وسـوى الغـايـات تُقنـعـه

والحرص في الرزق_والأرزاق قد قسمت
بغـي ألا إن بغـي المـرء يصـرعـه

والدهر يعطي الفتى مـن حيـث يمنعـه
إرثـاً ويمنعـه مـن حـيـث يطمـعـه

أستـودع الله فـي بغـداد لـي قـمـراً
بالكـرخ مـن فلـك الأزرار مطلـعـه

ودعـتـه وبــودي لــو يودعـنـي
صفـو الحـيـاة وأنــي لا أودعــه

وكم تشبث بـي يـوم الرحيـل ضحـىً
وأدمـعـي مسـتـهـلاتٌ وأدمـعــه

وكـم تشفـع لــي كـيـلا أفـارقـه
وللـضـرورات حــال لا تُشـفـعـه

لا أكـذب الله, ثـوب الصبـر منخـرق
عـنـي بفرقـتـه لـكــن أرقّـعُــه

إنـي أوسـع عـذري فــي جنايـتـه
بالبيـن عنـه وجـرمـي لا يوسـعـه

رزقـت ملكـاً فلـم أحسـن سياسـتـه
وكـل مـن لا يسـوس المُلـكَ يُخلعـه

ومـن غـدا لابسـاً ثـوب النعيـم بـلا
شـكـر علـيـه فــإن الله يـنـزعـه

اعتضت من وجـه خلّـي بعـد فرقتـه
كأسـاً أجـرّع منهـا مــا أجـرعـه

كم قائـل لـيَ ذقـت البيـن قلـت لـه
الذنـب والله ذنـبـي لـسـت أدفـعـه

ألا أقمـت فـكـان الـرشـد أجمـعـه
لـو أننـي يـوم بـان الرشـد اتبـعـه

إنــي لأقـطـع أيـامـي وأنـفـدهـا
بحسـرة منـه فـي قلـبـي تقطـعـه

بمـن إذا هجـع الـنـوام بــتُّ لــه
بلوعـة منـه ليلـي لـسـت أهجـعـه

لا يطمئـن لجنبـي مضـجـع وكــذا
لا يطمئـن لـه مـذ بنـتُ مضجـعـه

ما كنـت أحسـب أن الدهـر يفجعنـي
بــه ولا أن بــي الأيــام تفجـعـه

حتـى جـرى البيـن فيمـا بيننـا بيـد
عسـراء تمنعـنـي حـظـي وتمنـعـه

قد كنت من ريب دهـري جازعـاً فرقـاً
فلـم أوق الـذي قـد كنـت أجـزعـه

بالله يـا منـزل العيـش الـذي درسـت
آثـاره وعفـت مــذ بـنـتُ أربـعـه

هـل الزمـان معـيـدٌ فـيـك لذتـنـا
أم الليالـي التـي أمضـتـه ترجـعـه

فـي ذمـة الله مـن أصبحـت منـزلـه
وجـاد غيـث علـى مغنـاك يُمـرعـه

مـن عنـده لـي عـهـد لا يضيـعـه
كمـا لـه عهـد صــدق لا أضيـعـه

ومـن يـصـدع قلـبـي ذكــره وإذا
جـرى علـى قلبـه ذكـري يصـدعـه

لأصـبــرن لـدهــر لا يمتـعـنـي
بـه ولا بـي فــي حــال يمتـعـه

علمـاً بـأن اصطبـاري معقـبٌ فرجـاً
فأضيـق الأمـر إن فكـرتَ أوسـعـه

عسـى الليالـي التـي أضنـت بفرقتنـا
جسمـي ستجمعنـي يومـاً وتجمـعـه

وإن تـغُـل أحــداً مـنــا منـيـتـه
فمـا الــذي بقـضـاء الله يصنـعـه؟



حنين المغازي 21-09-2009 06:20 AM

رد: لا تعذلية لابن زريق البغدادي
 
قصة جميله ومؤلمة جداً


اقتباس:


قـد وزع الله بيـن الخـلـق رزقـهـمُ
لـم يخلـقِ الله مـن خـلـق يضيـعـه

لكنهـم كلفـوا حرصـاً فلسـت تــرى
مسترزقـاً وسـوى الغـايـات تُقنـعـه

والحرص في الرزق_والأرزاق قد قسمت
بغـي ألا إن بغـي المـرء يصـرعـه

والدهر يعطي الفتى مـن حيـث يمنعـه
إرثـاً ويمنعـه مـن حـيـث يطمـعـه

بوركت يا طيب

قصيدة جميلة ومحزنة وقد عاتب نفسه وانبها بما فيه الكفايه حتى اوصلها للموت

ولا حول ولا قوة الا بالله

نبهات 26-09-2009 05:38 AM

رد: لا تعذلية لابن زريق البغدادي
 
جزاك الله الف خير فهي بحق قصيدة معبره وصادقة رحم الله قائلها

السمراء أم شامة 14-11-2009 07:26 AM

رد: لا تعذلية لابن زريق البغدادي
 
قصيدة مؤثرة جدًا :(
رحم الله ابن زريق وغفر له


الساعة الآن 06:24 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام