العدوان المبرمج الذي يستهدف الأرض والإنسان في فلسطين برهان واضح على سياسة التطهير العرقي الذي تنتهجه سلطات الاحتلال لتحقيق مخططها الصهيوني بالسيطرة على أرض بلا شعب، وأنى لهم ذلك،ولذا يتوجب على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يجعلوا قضيةَ المسجد الأقصى ومدينة القدس في مقدمة القضايا التي يجب أن تبحث وأن تناقش، وذلك بإظهار مكانتها وأهميتها في نفوس المسلمين، وإظهار ما تتعرض له من حملات التهويد وتغيير المعالم الإسلامية فيها، ومصادرة البيوت وهدمها، وإخراج أهلها منها، وعزلها عن بقية المدن والقرى الفلسطينية، ومنع المسلمين من الوصول إليها والصلاة في المسجد الأقصى المبارك. إن مدينة القدس هي في طليعة الأماكن المقدسة لدى العرب والمسلمين، ولا توازيها في القداسة سوى مكة والمدينة، وقد عبر عن ذلك القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي في رسالة بعث بها إلى ملك إنجلترا قال فيها: "القدس لنا، وهي عندنا أعظم مما هي عندكم، فإنها مسرى نبينا ومجتمع الملائكة".
إن مدينة القدس ستبقى خالدة بذكرى الإسراء والمعراج المذكورة بالقرآن الكريم، وسيبقى عطر سيد البشرية فوّاحًا من رُباها الطيبة، وآثار معراجه إلى السماوات العلى حيث سدرة المنتهى باقية على صخرتها المشرفة، ولم تزل ذكرى اتخاذها قبلة للمسلمين في صدر الإسلام في سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم، فمكانتها عظيمة في القلوب والأرواح. لقد برزت مكانة القدس بعد دخولها في الحكم الإسلامي على يد عمر بن الخطاب الذي دخلها في ظل فتح سِلمي آمن، يليق بمكانتها وجلالها، وبصحبته عشرات الصحابة والأجلاء. وكما قيل: لو كان شيء من الأرض يرتفع عن مكانه لارتفعت مدينة القدس على أجساد الشهداء حتى بلغت عنان السماء، ومنذ ذلك اليوم حكمها المسلمون حكمًا قائمًا على العدل والرحمة والتسامح؛ ولذا فإن السند التاريخي ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القدس إسلامية عربية ومعها أرض الإسراء والمعراج. لقد شهدت عبر عصور الإسلام الزاهرة حياة مشرقة بالحق والعدل، وتعاقبت عليها رعاية الدولة الإسلامية، واهتم المسلمون بتجديدها وتعميرها والحفاظ عليها، وبذلوا أقصى ما في وسعهم لرعاية المسجد الأقصى تعميرًا وترميمًا وإصلاحًا، ولذا فإن المسلمين جميعًا هم أصحاب الحق الشرعي فيها، ولا يملك أي إنسان حق التنازل عن هذا المكان المقدس، وستبقى هذه المدينة المقدسة مفتاح الحرب ومفتاح السلام، وعلى العقلاء من الناس أن يدركوا ذلك جيدًا. أيها المسلمون، جاء في الحديث الشريف عن أبي ذر قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله أيهما أفضل: أمسجد رسول الله أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله: ((صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض، حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعًا)) قال: أو قال: ((خير من الدنيا وما فيها)). أخرجه الحاكم : ( 4 / 509 ) من طريق أحمد بن معاذ السُّلميّ ، ثنا حفص بن عبد الله ، حدثني إبراهيم بن طهمان بهذا الإسناد . هذا المسجد العظيم وبيت الله الكريم الذي تشد إليه الرحال وتشرئب إلى رؤياه أعناق الرجال، وقفت أمام عظمته وقدسيته مواكب الأبطال من الفاتحين والمحررين من أبناء أمتكم الذين أكرمهم الله بالجهاد والرباط في هذه الديار المباركة على امتداد التاريخ الإسلامي المشرق بالعز والنصر لإعلاء كلمة الله ورفع راية الحق التي بعثكم الله لإعلائها يوم اختار أمتكم خيرَ أمة أخرجت للناس، واصطفى نبيكم عليه الصلاة والسلام خاتماً للرسل والرسالات، شهدت القد س المقدسة ممارسات غريبة قام بها قطعان المستوطنين وجماعات المتطرفين من اليهود، الذين يحلمون بقدس خالية من الأغيار والأعداء على حد زعمهم، فقد أعلن مؤسس الكيان الصهيوني: "أنه لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون انتزاع موقع الهيكل من العرب". في حملة مسعورة ومحمومة،لتهويد القدس وتغير ملامحها لا يقصرون جهداً في زرع البؤر الاستيطانية في كل مكان من المدينة تصل إليه أيديهم وأيدي المنظمات اليهودية التي ترعى الاستيطان وتمده بكل المقومات المادية، وترعاه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وصولاً لأهداف الصهيونية الداعية إلى تفريغ مدينتكم و أرضكم تفريغاً كاملاً من كل ما لا يمت للصهيونية بصلة. أيها المسلمون، يا أبناء المثنى وخالدٍ وصلاح الدين، إنها القدس، القدس رمز عقيدتكم وعنوان عزتكم ومسرى ومعراج نبيكم عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا، فهي بوابة الأرض إلى السماء ودرة الشام وقلب فلسطين، ومسجدها الأقصى المبارك، مقر الأنبياء واجتماعهم في الصلاة خلف نبيكم عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم ليلة إسرائه إيذاناً بقيادته للبشرية، وقيامكم على هذا الإرث إلى يوم الدين، فماذا أنتم فاعلون؟ إخوة الإيمان، ماذا يؤكدّ قرآننا وسنة نبينا ؟! ماذا تقرّر عقيدتنا؟! ماذا يدوِّن تأريخنا عن القضية وأطرافها؟! مما يؤكد بجلاء أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع عقيدة وهوية ووجود. ألم نقرأ قول الحق تبارك وتعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ[المائدة:82]، وقوله سبحانه: وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[البقرة:120]؟! اقرؤوا التأريخ لتدركوا أن يهود الأمس سلف سيِّئ، ويهودَ اليوم خلف أسوأ، كفَّارُ النعم، ومحرِّفو الكلم، عُبَّاد العجل، قتلة الأنبياء، مكذِّبو الرسالات، خصوم الدعوات، شُذَّاذ الآفاق، حثالة البشرية، مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء ٱلسَّبِيلِ[المائدة:60]. هؤلاء هم اليهود، سلسلةٌ متصلة من اللؤم والمكر والعناد، والبغي والشر والفساد، وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ[المائدة:64]. حلقات من الغدر والكيد، والخسة والدناءة، تطاولوا على مقام الربوبية والألوهية، لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء[آل عمران:181]، وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ[المائدة:64]، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً. لقد رموا الرسل بالعظائم، واتهموهم بالشناعات والجرائم، آذوا موسى، وكفروا بعيسى، وقتلوا زكريا ويحيا، وحاولوا قتل محمد ، عملوا له السحر، ودسّوا له السمّ، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام، أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُم ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ[البقرة:87]. أمة الإسلام، واليوم تواجه الأمة الصراع على أشدّه مع أعداء الأمس واليوم والغد، مع أحفاد بني قريظة والنضير وقينقاع، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. فهل يعي بنو قومنا حقيقةَ أمةِ الغضب والضلال بعد أن تفاقم شرهم وتطاير شررهم وطفح بالعدوان كيلهم؟! فالصراع أخذ يتفجّر ويتعاظم، والاستغلال والأطماع تزداد وتتفاقم، والتمادي في الاستخفاف بالعرب والمسلمين ومقدساتهم بلغ أوج خطورته من جرذان العالم، نقضةِ العهود والمواثيق، مَنْ عشَّش الغدر والتخريب والمكر في عقولهم، وسرى الظلم والطغيان في عروقهم، فأبوا إلا الصَلَف والرعونة والفساد والأذى، فاستحقوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لما جنحتِ الأمةُ للسلم تحقيقاً للمصالح الكبرى ودرءاً للمفاسد العظمى لم يجنحوا لها. ولا عجب، فهو سلام مع جهة لا يرضيها إلا تصفية الخصم، واستلاب أرضه، وتشريد أهله، والعبث باقتصاده، وإلغاء كرامته، وانتقاص سيادته، وتقطيع أوصاله، وتناثر أشلائه. ألا فلتعلم الأمة أن هؤلاء القوم قومٌ تأريخهم مقبوح، وسجلهم بالسواد مكلوح، ولن يرضوا إلا بتحقيق أطماعهم، لا بلّغهم الله مرادهم. يريدون إقامة دولة إسرائيل الكبرى، وأن تكون القدس عاصمةً لها، كما يطمحون ويطمعون إلى هدم المسجد الأقصى، وبناء هيكلهم المزعوم على أساسه، يريدون إبادة دولة التوحيد والقرآن، وإشادة دولة التوراة والتلموذ على أنقاضها، عليهم من الله ما يستحقون. فعلى مبادرات السلام السلام، مع قومٍ هذا ديدنهم عبر التأريخ، وتلك أطماعهم ومؤامراتهم. ولعل ما شهدته الساحة الفلسطينية هذه الأيام من مشاهد مرعبة ومآسي مروِّعة حيث المجازر والمجنزرات، والقذائف والدبابات، جُثثٌ وجماجم، حصار وتشريد، تقتيلٌ ودمار، في حرب إبادة بشعة، وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية، وممارسة إرهاب الدولة الذي تقوم به الصهيونية العالمية، مما لم ولن ينساه التأريخ، بل سيسجّله بمداد قاتمة، تسطّرها دماء الأبرياء، الذين رويت الأرض بمسك دمائهم، من إخواننا وأخواتنا على أرض فلسطين المجاهدة، الذين يُذبَّحون ذبح الشياه. عشراتُ المساجد دمِّرت، ومئات البيوت هُدّمت، وآلاف الأنفس أُزهقت، كم نساءٍ أيِّمت، وأطفالٍ يُتِّمت، ومقابر جماعية أقيمت، فإلى متى الذل والمهانة والضعف والهزيمة والاستسلام؟! أما آن لهذا الهوان أن ينتهي، وللضعف والذل أن ينقضي، وليلِ الليل الطويل أن ينجلي؟! فهل تفيق أمتنا من سباتها؟! نداءٌ حار إلى قادة المسلمين أن أدركوا فلسطين قبل أن تضيع، واعملوا على إنقاذ الأقصى قبل أن يُستقصى. إن من يشنّ هذه الحرب الضروس ومن يقف وراءها انطلاقاً من فلسفة الإبادة العنصرية لن يفلت من قبضة الجبار جل جلاله، كما لن يسلم من غضب الشعوب، وسخط التأريخ. إنها مأساة يعجز اللسان عن تصويرها، ويخفق الجنان عند عرض أحزانها، ويعيى البيان عن ذكر مآسيها، ويقصر الوصف عن بيان أبعادها وخطورتها، مأساةٌ بكل المقاييس، ومعضلةٌ بكل المعايير، ليس لها من دون الله كاشفة، فرحماك ربنا رحماك، واللهم سلم سلم. إن هذه الكارثة من أوضح الدلائل على سجية القوم، وما يكنُّونه لأمتنا ومقدّساتنا، إنه لأمر تبكي له العيون دماً، يُقتَل الأبرياء العزّل على أيدي سفاحي الصهاينة، ورثة النازية والفاشية، فأيُّ حقٍّ لهم في فلسطين؟! الأرضِ العربية الإسلامية التأريخية إلى قيام الساعة، التي تبوّأت منذ فجر التأريخ مكانتها المرموقة لدى المسلمين، بل هي جزء من ثوابتهم، وأمانة في أعناقهم، ولن يفرّطوا بشبر من أرضها ـ بإذن الله ـ ما دام فيهم عرق ينبض، وإن الحق الذي يدعيه يهود في فلسطين خرافةٌ لا سند لها، وصلافةٌ لا مبرِّر لها، لقد مضى أكثر من خمسة عقود من الزمان على قضية المسلمين الكبرى، والمأساة تتجدد يوماً بعد آخر، فأين المسلمون؟! إني أنادي والرياح عصيبة والأرض جمرٌ والديار ضِرام يا ألف مليون ألا من سامع؟! هل من مجيب أيها الأقوام؟! قد بُحّ صوتي من نداكِ أمتي هلا فتًى شاكي السلاح هُمام؟!
أيها الإخوة المرابطون على أرض فلسطين المجاهدة الصامدة، أرضِ العز والشموخ والفداء، والتضحية والجهاد والإباء، يا أهلنا في الأرض المباركة فلسطين، يا أحبتنا في أرض الإسراء والمعراج، عُذراً إن وجدتم من كثير من أبناء أمتكم التخاذل والتثاقل، لَكَم أرَّقنا أنَّ أقصانا أسير بأيدي البغاة الطغاة العتاة، فما يُذكر الأقصى ـ أقر الله الأعين بفكّ أسره وقرب تحريره ـ إلا وتعتصر قلوبُنا حسرةً وأسى على ما جرى له ويجري، مما فطّر الأكباد، وأدمى القلوب، فصبراً صبراً أيها المرابطون.
بيت المقدس: بيت المقدس :
تعريفه فياللغة: هو البيت المنزه، أو المطهر.وقيل : الأرض المباركة. انظر معجم البلدان
تاريخ بيت المقدس :
لقد سكنت القبائل العربية بيت المقدس منذ عهد بعيد فقد استوطنهاالعموريون والآراميون والكنعانيون، وكان اسمها آنذاك "يبوس" نسبة لليبوسيين وهم بطنمن بطون العرب الكنعانيين لذلك تسمى فلسطين: أرض كنعان.ثم أطلق عليها بعد ذلك اسم يورساليم وتطور بعد ذلك إلى: أورشاليمثم استوطنها الآشوريون والبابليون. ثم جاء بعدهم الفرس ثم الإغريق والرومان وسماها الرومان "إيلياء". ثم فتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب عام (15 هـ) وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن احتلها الصليبيون إثر ضعف الدولة العباسية سنة 492 هـ. وبقي القدس أسير الصليبيين مدة طويلة إلى أن استعيدت إلى المسلمين على يد صلاحالدين الأيوبي عام 583 هـ. وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن تولى الملك الكامل من الأسرة الأيوبية وعقداتفاقاً من الفرنجة سلمهم بموجبه القدس ما عدا الحرم الشريف سنة (626 هـ) واستردهاالملك الناصر سنة 637 هـ، ثم سلمها الناصر الفرنجة سنة (641 هـ) ثم عادت إلىالمسلمين عام (642 هـ) على يد الخوارزمية جند الملك نجم الدين أيوب. دخلت القدس في حوزة المماليك سنة (651 هـ) إلى (922 هـ) حيث دخلت تحت حكمالأتراك، وفي أواخر عهد الأتراك كثرت الهجرة اليهودية إلى فلسطين. غادر الإنجليز القدس سنة (1948 م) وتركوها لليهود، وكانت مقسمة بينهم وبينالمسلمين وأكثرها لليهود. في سنة (1967 م) سقط القطاع العربي للقدس في يد اليهود بما فيه المسجد الأقصى. سنة (1969 م) حدث حريق المسجد الأقصى على يد أحد اليهود ثم أطفأه المسلمون بعدجهد كبير
.المسجد الأقصى
هو اسم لجميع ما دار عليه السور، ويشتمل على المسجد الذي في صدره،وقبة الصخرة . . هذا هو الصحيح. والمتعارف عليه عند الناس أن المسجد الأقصى هوالجامع الذي في صدر الحرم القدسي
بناء المسجد الأقصى :
روى البخاري فيصحيحه (6/408 فتح الباري) عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : (( يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً ؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما ؟ قال: أربعون سنة ثم أينما أدركتكالصلاة بعد فصلِّه، فإن الفضل فيه )).وورد في سنن النسائي (2/34) -بإسناد صحيح قاله الحافظ ابن حجر فيفتح الباري (6/408)- ما يدل على أن سليمان بنى المسجد الأقصى، وفي هذا إشكال لأنبين إبراهيم عليه السلام الذي رفع قواعد البيت الحرام وبين سليمان عليه السلام ألفعام.وأجاب ابن الجوزي والقرطبي عن هذا الإشكال، وارتضاه الحافظ ابن حجر في فتحالباري (6/408-409) بأن إبراهيم وسليمان عليهما السلام جدَّدا بناءهما لا أنهما أولمن بنى المسجدين، وقد سبق بيان أن الكعبة كانت مبنية قبل إبراهيم عليهالسلام.وعليه فإن المسجدالأقصى لا يُدرى من بناه، وأنّ سليمان جدّد بناءه، ولميثبت عن النبيصلى الله عليه وسلمشيء في تعيين بنائه )من فضائل المسجد الأقصى( أن النبيصلى الله عليه وسلمأسري به إليه ، وعُرجبه منه إلى السماء قال تعالىسبحانالذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله. وأنهفي أرض مباركة قال تعالى : ونجيناهولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين.وفي مسند أحمد (6/463) وسنن ابن ماجه (1/429) عن ميمونة مولاة النبيصلى الله عليه وسلمقالت: يا نبي الله أفتنافي بيت المقدس فقالصلى الله عليه وسلم : (( أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه )) . وهو أحد المساجد الثلاثة التي لا يجوز شد الرحال إلا إليها ففي الصحيحين عنالنبيصلى الله عليه وسلم : (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد الأقصىومسجدي )) .وهو أولى القبلتين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليهفي بداية فرض الصلاة، ثم أمر بالتحول إلى الكعبة
قبة الصخرة
المسجدالأقصى اسم لجميع المسجد . . . وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى المصلى الذي بناه عمربن الخطاب في مقدمته والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاةفي سائر المسجد، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وكان على الصخرة زبالة عظيمةلأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها مقابلة لليهود الذين يصلون إليها، فأمر عمربإزالة النجاسة عنها، وقال لكعب: أين ترى أن نبني مصلى للمسلمين؟ فقال: خلف الصخرة،فقال: يا بن اليهودية ! خالطتك اليهودية ، بل أبنيه أمامها فإنّ لنا صدورالمساجد.ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذيبناه عمر، وأما الصخرة فلم يصل عندها عمر ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاءالراشدين عليها قبة، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية . ) اهـ .والذي بنى على الصخرة قبة هو الوليد بن عبد الملك بن مروان.وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهمبإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة فإنها قبلة منسوخة، وإنما يعظمها اليهود وبعضالنصارى: ولذلك فإنه لا يجوز التمسح بها ولا الطواف حولها.ولا يقال : الصخرةالمشرفة ، لأنه لا دليل على تشريفها. وكذلك لا يصح أن النبيصلى الله عليه وسلم عرج به منها، ولا يصحأنها تبعت النبيصلى الله عليه وسلم بعد معراجه، وأن الملائكة مسكتها فبقيت بين السماء والأرض، فإنّ هذا كلهمن الخرافات التي يتداولها العوام ولم يدل عليها نقل صحيح.لم يرد نقل صحيح كذلكفي إثبات آثار قدمي النبيصلى الله عليه وسلم على هذهالصخرة.وعليه فإن هذه الصخرة كسائر الصخور لا يجوز تعظيمها، وإنما يعظمهااليهود وبعض النصارى.