الحمد لله الذي جعل الأرضقرارا، وفجر خلالها أنهارا، وجعل لها رواسي ألزمتها استقرارا، ومنعتها اضطراباًوانتثارا، جعلها قسمين فيافى وبحارا، وأودع فيها من بدائع الحكم وفنون المنافع مابهر ظهوراً وانتشارا، وأطلع في آفاقها شموساً وأقمارا؛ جعلها ذلولا، وأوسعها عرضاًوطولا، وأمتع بها شيباً وشباباً وكهولا، وعاقب عليها غيوثاً وقبولا، وأغرى بالمشيفي مناكبها تسويغاً للنعمة الطولى، وتتميماً لإحسانه الذي نرجوه في الآخرة والألى،وإن في ذلك لعبرةً لمن صار له قلب وسمع وبصر وفهم منقولاً ومعقولا، إن السمع والبصروالفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا؛ أحمده على جزائل آلائه التي وإلى أمدادها، وأحصىأعدادها، وعم بها البرية وبلادها؛ وصلى الله على نبيه الكريم الذي زويت له الأرضفرأى غايتها، وأبصر نهايتها؛ وأخبر أن ملك أمته سيبلغ ما رآه، وينتهي إلى حيث قدرهالخالق وأنهاه.
وبعد:
فإن الناظر إلى حال المسلمين وما آلوا إليه من الضعف والهوان والذلة والخذلان، ليحسب أنه ضعف ما بعده قوة وهزيمة ما بعدها نصران، وأن هذه نهاية المسلمين، لأنه يرى حالهم لاتسير إلا من سيئ لأسوأ منه، فغلب عليه ظن اليأس وأنه لم يعد في الأمة بأس. وينسى هذا المسكين ما وعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الظفر لهذه الأمة وأنها أمة لا يمكن أن تستأصل بيضتها، فهي أمة باقية في عمرها عزيزة في قدرها، ولو فسد أهلها فإنه لابد أن تبقى بقية باقية من الخير فيها، :قال رسول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لايضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس "[1]
وإن المتفحص اللبيب ليرى أن في عصرنا من الخير ما نستبشر به بالنصر، وما هؤلاء الشباب المرتادين إلى المساجد إلا دليل على ذلك، وما هذه الصحوة الإسلامية إلا أكبر دليل على قرب النصر والظفر بإذن الله.
ثم إن نظرة إلى تاريخ المسلمين لتبين لنا جلية ذلك، فقد أتى على الأمة الإسلامية حين من الدهر بكاها العدو قبل الصديق، ويئس منها أهلها قبل عدوها، ولو علم أهل هذا الزمان ما وصلت إليه الأمة حينها لعلموا أنهم في نعمة ما بعدها نعمة، لكن الله أخرج منها رجالا ذادوا عن حياضها وبذلوا الغالي والنفيس لنصرتها، حتى قلبوا مسار التاريخ بأمجادهم وبطولاتهم.
وما معركة الزلاقة إلا أكبر دليل شاهد على ذلك، فقد وصلت الأمة قبلهما إلى ذلة وهوان وخزي وخذلان ما عهدته قبلهما، حتى نصرها الله فيهما نصرا مؤزرا برجال جعلوا سلاحهم الصدق وطريقهم الإيمان.
من هنا كان علينا لزاما أن نتعرف عليهما وعلى عوامل النصر فيها.
. فنقول وبالله التوفيق:
"الزلاقة:"
1)صفة جزيرة الأندلس.
"الأندلس" أو شبه جزيرة "إبيريا" تقع في الجنوب الغربي من القارة الأوربية، وهي أقرب منطقة لإفريقيا بينها وبين المغرب مضيق جبل طارق، أو ما كان يسمى ب "الزقاق" والذي لا يتعدى عرضه أربعة عشر كيلومتر.
يحدها من الشمال جبال "البرانس" the pyrenees، ومن الشرق والجنوب البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب المحيط الأطلسي.
وتتميز جزيرة الأندلس بطيب مناخها وكثرة خيراتها. يقول الحميري في كتابه "صفة جزيرة الأندلس": " والأندلس بقعة كريمة طيبة كثيرة الفواكه، والخيرات فيها دائمة، وبهاالمدن الكثيرة والقواعد العظيمة" 2)فتح الأندلس:
يقول الله تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"[2]
ويقول: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بع خوفهم أمنا، يعبدوني لايشركون بي شيئا "[3]
ويقول الرسول ورسوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها."[4]
وقد عمل الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان على تحقيق هذه البشارة، وانطلقوا فاتحين يدكون الأرض ويطوون القفار، سلاحهم "لا اله الا الله"وشعارهم "الله أكبر" ففتح الله لهم القلوب قبل أن يفتح لهم الأرض، حتى وصل ملك المسلمين إلى حدود الصين و روسيا، واندونيسيا وماليزيا، في الشرق والمغرب والأندلس في الغرب. بل كانت همت احدهم إذا أطال الله عمره أن لا يبقي موضع قدم في الأرض إلا ووحد أصحابه الله عز وجل وكان من هؤلاء عقبة ابن نافع الذي وصل إلى المحيط الأطلسي والموج يمس قدمي فرسه فقال كلمته الشهيرة: "والله لو كنت اعلم أن خلف هذا البحر قوما لخضته في سبيل الله". لكن المنية وافته، فأكمل ما بدأه موسى ابن نصير رحمه الله، وكانت له همة عالية في الجهاد، فقد فكر في الاتجاه نحو الشمال، وفتح جزيرة الأندلس. فكتب على الوليد ابن عبد الملك بنيته في ذلك، لكن الوليد رد عليه، أن "خضها بالسرايا ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال" فكانت أول سرية تخوض هذا الفتح في سبيل الله هي سرية طريف ابن مالك. وبعده أرسل مولاه طارق ابن زياد قائدا على جيش أكثره من البربر قوامه سبعة آلاف مسلم. ثم أمده بخمسة آلاف جندي، فتكامل جيش المسلمين اثني عشر ألفا.
ولما بلغ الطاغية "روذريق" حاكم الأندلس غزو طارق لبلاده عظم ذلك عليه، وكان غائبا في غزاته، فرجع منها، وطارق قد دخل بلاده، فجمع له جمعا يقال بلغ مائة ألف.
والتقى الجمعان على نهر "لكة" من أعمال "شذونة" لليلتين بقيتا من رمضان، سنة اثنتين وتسعين، واتصلت المعركة ثمانية أيام، انتهت بهزيمة عدو الله لذريق هزيمة منكرة.
تتالى هذا الفتح العظيم لبلاد الأندلس، ثم لحق موسى ابن نصير بطارق في جيش قوامه سبعة عشر ألفا، وذلك في رمضان سنت ثلاث وتسعين للهجرة، والتقى الجيشان بعد طول فراق، وأكملا معا هذا الفتح وكانت نية موسى ابن نصير أن يفتح أوروبا بهذا الجيش وأن يلتف حول القسطنطينية من جهة الغرب. فلله دره ماهذه الهمة. وهذه من عوامل النصر: الهمة العالية والعزيمة الصادقة.
وأوغل موسى في بلاد الأندلس، حتى أتاه رسول من الوليد ابن عبد الملك يأمره بالخروج عن أرض الأندلس والقفول إليه.[5]
واستمر هذا الفتح العظيم مع من جاء بعد موسى إلى أن وصل أقصاه مع عبد "الرحمن الغافقي" الذي عزم على فتح بلاد الغال "فرنسا" فعبر جبال البرانس وأوغل في أرض فرنسا حتى وصل إلى مكان يقال له "بواتييه"la boitier" " (70 كلم عن باريس) فجمع لهم حاكم فرنسا "شارل مارتل" جيشا عظيما، والتقى الجيشان في موقعة جليلة سمية "ببلاط الشهداء". وقد قتل في هذه المعركة كل من شارك فيها (كما ذكر ذلك المقري الإدريسي في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب). ومن الذين استشهدوا في هذه المعركة عبد الرحمن الغافقي رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جناته. 3) حال الأندلس قبل معركة الزلاقة
واستمرت الأندلس يتعاقبها ملوك بعد ملوك، "فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات"، ومنهم ذا الهمة العالية والعزيمة الصادقة، ومنهم الخنوع والضعيف...
وهكذا كان حال الأندلس بين صعود وأفول، إلى حدود القرن الخامس حيث تفرقت الأندلس إلى دويلات صغيرة وطوائف (عصر ملوك الطوائف) متفرقة وما أدت إليه هذه الحالة من الضعف واجتراء العدو. وقد صور لنا ابن الخطيب حال الأندلس وحال ملوك الطوائف المزرية قائلا " وذهب أهل الأندلس من الانشقاق، والانشعاب، والافتراق، إلى حيث لم يذهب كثير من أهل الأقطار، مع امتيازها بالمحل القريب، والخطة المجاورة لعباد الصليب، ليس لأحدهم في الخلافة إرث، ولا في الإمارة سبب، ولا في الفروسية نسب، ولا في شروط الإمامة مكتسب، اقتطعوا الأقطار، واقتسموا المدائن الكبار،...، وقصارى أحدهم يقول: " أقيم على ما بيدي، حتى يتعين من يستحق الخروج به إليه !" ولو جاءه عمر بن عبد العزيز، لم يقبل عليه، ولا لقي خيراً لديه؛ ولكنهم استوفوا في ذلك آجالا وأعماراً، وخلَفوا آثاراًّ، وإن كانوا لم يبالوا اغتراراً من معتمد ومعتضد ومرتضى وموفق ومستكف ومستظهر ومستعين ومنصور ومتوكل، كما قال الشاعر:
ممَّا يُزهّدنـي في أرض أنْدلسٍ *** أسـماءُ مُعتضدٍ فيها ومعتمـــــــــدِ
ألقابُ مملَكَةٍ في غير مَوْضِعها *** كالهِرِّ يحكي انتفاخاً صَوْلَة الأَسَدِ..."[6] وهذه الفرقة من أكبر عوامل الهزيمة. وصدق عليهم بذلك قول الله تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واصبروا إن الله مع الصابرين " [7]
وبتفرقهم هذا طمع فيهم عدوهم، فجمع عدو الله "الأذفونش" "ألفونسو" جيشا عظيما لكي يستأصلهم بيضتهم ويبيدهم عن أرضهم. فبدأ بإذلالهم واحدا واحدا، بل وصلت الذلة ببعضهم أن بدأ يعطي الجزية لعدو الله الأذفونش، وبمالهم كان يغزوهم، فقد "تحرك الاذفنش لعنه الله في جيوش لا تحصى من الروم ومن الإفرنج والبَشْكُنْس والجلاقة وغيرهم، فشق بلاد الأندلس شقاًّ يقف على كل مدينة منها ثلاثة أيام فيفسد ويخرب ويقتل ويسبي ويرتحل إلى غيرها؛ ونزل على إشبيلية فأقام عليها ثلاثة أيام؛ فأفسد أحوازها وهتكها؛ وخرَّب بالشرق قرى كثيرة، وكذلك فعل بشذونة وأحوازها؛ ثم سار حتى وصل إلى جزيرة طريف فأدخل قوائم فرسه في البحر وقال: " هذا آخر بلاد الأندلس قد وطئته" ، ثم رجع إلى مدينة سَرَقُسطة؛ فنزل عليها وحاصرها وحلف أن لا يرتحل عنها حتى يدخلها أو يحول الموت بينه وبين ما يريد؛ وأراد أن يقدمها بالفتح على غيرها من بلاد الأندلس"[8].
واستمر هذا الاجتياح إلى أن إلا أن وقع المصاب الجلل "سقوط طليطة" عاصمة الشمال في يد النصارى فكان هذا المصاب الجلل أكبر قاصمة للظهور وأكبر كارثة حلت بالمسلمين في الأندلس. وقد اهتز لسقوطها العالم الإسلامي ورثاها الشعراء ومن أجمل ما قيل فيها قصيدة ذكرها المقري التلمساني في كتابه "نفح الطيب" دون أن يشير إلى قائلها:
üلثكلك كيف تبتسم الثـــــغور سروراً بعدما سبيت ثغـــــور
üلقد قصمت ظهور حين قالوا أمير الكافرين له ظهـــــــــور
üطليطلة أباح الكفر منـــــــها حماها، إن ذا نبأ كبـــــــــــير
üوأخرج أهلها منها جمـــــيعاً فصاروا حيث شاء بهم مصير
üوكانت دار إيمان وعـــــــلم معالمها التي طمست تنـــــــير
üفعادت دار كفر مصطـــــفاة قد اضطربت بأهليها الأمـــور
üمساجدها كنائس، أي قلـــب على هذا يقر ولا يطــــــــير؟
üفإن قلنا العقوبة أدركتهــــــم وجاءهم من الله النكـــــــــــير
üفإنا مثلهم وأشد منهـــــــــــم نجور وكيف يسلم من يـــجور
üأنأمن أن يحل بنا انتـــــــقام وفينا الفسق أجمع والفــــجور
üوأكلٌ للحرام ولا اضــطرار إليه فيسهل الأمر العسيـــــــر
üولكن جرأة في عقــــــر دار كذلك يفعل الكلب العقـــــــور
üيزول الستر عن قــوم إذا ما على العصيان أرخيت الستور
üخذوا ثأر الديانة وانصروها فقد حامت على القتلى النسـور
üوموتوا كلكم فالموت أولـــى بكم من أن تجاروا أو تجوروا
üلقد ساءت بنا الأخبار حتــى أمات المخبرين بها الخبـــــير
üوقيل تجمعوا لفراق شــــمل طليطلة تملكها الكفــــــــــــور
üكفى حزناً بأن الناس قالـــوا إلى أين التحول والمسيـــــــر
üأنترك دورنا ونفر عنــــــها وليس لنا وراء البحـــــر دور
üولا ثم الضياع تروق حسـناً نباكرها فيعجبنا البكــــــــــور
üلقد ذهب اليقين فلا يقـــــين وغر القوم بالله الغــــــــــرور
üفلا دين ولا دنيا ولكـــــــــن غرور بالمعيشة ما غــــــرور
üرضوا بالرق يا لله مـــــــاذا رآه وما أشار به مشيـــــــــــر[9]
واستمر على هذا إلى أن وصل إلى إشبيلية (أكبر دويلات الطوائف) وكان يحكمها المعتمد ابن عباد.
يقول ابن عبد المنعم الحميري في كتابه "الروض المعطار في خبر الأقطار":
" وكان السبب في ذلك فساد الصلح المنعقد بين المعتمد وبين الطاغية المذكور( الأذفونش) بسبب إفناء هذه الضريبة ما في أيدي المسلمين من كور، فإن المعتمد اشتغل عن أداء الضريبة في الوقت الذي جرت عادته يؤديها فيه بغزو ابن صمادح صاحب المرية واستنقاذه ما في يديه بسبب ذلك، فتأخر لأجل ذلك أداء الإتاوة عن وقتها، فاستشاط الطاغية غضباً، وتشطط فطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجني فسأل في دخول امرأته "القمطيجة" إلى جامع قرطبة لتلد فيه من حمل كان بها حين أشار عليه بذلك القسيسون والأساقفة،(...) وسفر بذلك بينهما يهودي كان وزيراً لابن فرذلند، فتكلم بين يدي المعتمد ببعض ما جاء به من عند صاحبه فأيأسه ابن عباد من جميع ذلك، فأغلظ له اليهودي في القول وشافهه بما لم يحتمله، فأخذ ابن عباد محبرة كانت بين يديه، فأنزلها على رأس اليهودي فألقى دماغه في حلقه، وأمر به فصلب منكوساً بقرطبة، واستفتى ابن عباد الفقهاء لما سكت عنه الغضب عن حكم ما فعله باليهودي، فبدره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك لتعدي الرسول حدود الرسالة إلى ما يستوجب به القتل إذ ليس له أن يفعل ما فعل.
وهذه من عوامل النصر أن يستمع الأمير إلى الفقهاء والعلماء ويأخذ برأيهم.
ويستفتيهم في أحكام الشرع.
وقال للفقهاء حين خرجوا: إنما بدرت بالفتوى خوفاً أن يكسل الرجل عما عزم عليه من منابذة العدو عسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجاً.
وبلغ "الأذفنش" ما صنع ابن عباد فأقسم بآلهته ليغزونه باشبيلية ويحصره في قصره، فجرد جيشين جعل على أحدهما كلباً من مساعير كلابه، وأمره أن يسير على كورة باجة من غرب الأندلس، ويغير على تلك التخوم والجهات، ثم يمر على لبلة إلى اشبيلية، وجعل موعده إياه طريانة للاجتماع معه، ثم زحف ابن فرذلند بنفسه في جيش آخر عرمرم فسلك طريقاً غير طريق صاحبه، وكلاهما عاث في بلاد المسلمين ودمر حتى اجتمعا لموعدهما بضفة النهر الأعظم قبالة قصر ابن عباد. وفي أيام مقامه هناك كتب إلى ابن عباد زارياً عليه: "كثر بطول مقامي في مجلسي الذباب واشتد علي الحر فأتحفني من قصرك بمروحة أروح بها عن نفسي وأطرد بها الذباب عني"، فوقع له ابن عباد بخط يده في ظهر الرقعة: "قرأت كتابك وفهمت خيلاءك وإعجابك وسأنظر لك في مراوح من الجلود اللمطية في أيدي الجيوش المرابطية تريح منك لا تروح عليك إن شاء الله". وفشا في الأندلس خبر توقيع ابن عباد وما أظهر من العزيمة على إجازة الصحراويين والاستظهار بهم على ابن فردنلد فاستبشر الناس وفتحت لهم أبواب الأمل.
وانفرد ابن عباد بتدبير ما عزم عليه من مداخلة يوسف بن تاشفين، ورأت ملوك الطوائف بالأندلس ما عزم عليه من ذلك فمنهم من كتب إليه ومنهم من شافهه، كلهم يحذره سوء عاقبة ذلك، وقالوا له: الملك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غمد، فأجابهم ابن عباد بكلمته السائرة مثلاً: "رعي الجمال خير من رعي الخنازير"، (...) وقال لعذاله ولوامه: يا قوم أنا من أمري على حالين: حالة يقين وحالة شك، ولا بد لي من إحداهما، أما حالة الشك فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى ابن فرذلند ففي الممكن أن يفي لي ويبقي علي ويمكن ألا يفعل، فهذه حالة شك، وأما حالة اليقين فهي إني إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله، وإن استندت إلى ابن فرذلند أسخطت الله فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضي الله وآتي ما يسخطه؟ وحينئذ أقصر أصحابه عن لومه.[10] وهذا من عوامل النصر: أن يسعى الإنسان إلى مرضاة الله واجتناب سخطه.
يوسف ابن تاشفين:
وقبل أن نكمل أحداث هذه الواقعة العظمى، نقف قليلا مع يوسف ابن تاشفين حتى نعرف ما هي صفات هذا الرجل الصالح الذي نصره الله هذا النصر الباهر، ووحد على يديه بلاد المغرب والأندلس.
هو أبو يعقوب يوسف بن تاشفين اللمتوني. مؤسس دولة المرابطين وأمير المسلمين وملك الملثمين، وهو الذي اختط مدينة مراكش سنة 465هـ. وكان ـ رحمه الله- جليل القدر عظيم الهمة، يقول عنه صاحب كتاب "روض القرطاس": " وهكذا أصبح حكم المغرب بيد يوسف بن تاشفين، وكان هذا الأخير أسمر اللون؛ معتدل القامة؛ نحيف الجسم؛ خفيف العارضين؛ رقيق الصوت؛ أكحل العينين؛ أقنى الأنف؛ له وفرة تبلغ شحمة أذنيه؛ مقرون الحاجبين؛ جعد الشعر؛ وكان رحمه الله بطلا نجداً شجاعاً حازماً مهاباً ضابطاً لملكه؛ متفقد الموالي من رعيته؛ حافظا لبلاده وثغوره؛ مواظباً على الجهاد؛ مؤيداً منصوراً؛ جواداً سخياً زاهداً في الدنيا متورعاً عادلاً صالحاً؛ وأكله الشعير ولحوم الإبل وألبانها؛(...) وقد وفق الله عز وجل هذا الأمير فلم يوجد في بلد من بلاده ولا في عمل من أعماله على طول أيامه رسم مكس ولا معونة ولا خراج لا في حاضرة ولا في بادية إلا ما أمر الله تعالى به وأوجبه حكم الكتاب والسنة من الزكاة والأعشار وجزية أهل الذمة وأخماس غنائم المشركين، وكان رحمه الله يسير في أعماله فيتفقد أحوال رعيته كل سنة، وكان محبا في الفقهاء والعلماء والصلحاء ومقربا لهم صادراً عن رأيهم مكرماً لهم[11]. وهذا من عوامل النصر: فمن تجمعت فيه هذه الصفات الحميدة ( العدل، الشجاعة، الحزم، حسن التدبير والسياسة، ضابطا لأمور ملكه، زاهداً في الدنيا، متورعاً، عادلا،ً صالحاً، حاكما بشرع الله تعالى) كان حري به أن ينصره الله عز وجل.
وفد ابن عباد إلى يوسف ابن تاشفين
ثم إن ابن عباد طلب من المتوكل أن صاحب " بطليوس" ومن عبد الله بن حبوس الصنهاجي صاحب غرناطة أن يرسل كل واحد منهما إليه قاضي حضرته ففعلا، ثم أضاف إليهم قاضي الجماعة بقرطبة، أبا عبد الله بن أدهم، وكان أعقل أهل زمانه. فلما اجتمعوا أمّر عليهم وزيره ابن زيدون وأرسلهم إلى يوسف ابن تاشفين. فلما انتهوا إليه أكرم مثواهم وأجابهم إلى دعواهم.[12] عبور يوسف ابن تاشفين إلى الأندلس
وكان يوسف ابن تاشفين على أتم استعداد، فأمر الجيوش بالعبور وكان ينظم العبور بنفسه، فلما عبر الجيش وهمّ هو بالعبور، هاج البحر وماج، وأعظم موجه وأكثر زبده، فرفع يوسف يديه إلى السماء وقال في دعائه: " اللهم إن كنت تعلم أن في جوازي هذا خيراً وصلاحاً للمسلمين فسهل علي جواز هذا البحر؛ وإن كان غير ذلك فصعبه علي حتى لا أجوزه " فسهل الله عليه الجواز في أسرع ما يكون".[13]
فلما عبر يوسف إلى عدوة الأندلس عمت الفرحة أهل الأندلس، وامتلأت المساجد، وكثر الدعاء، وأخرج الناس الصدقات. ثم توجه يوسف إلى إشبلية، فاستقبله ابن عباد أحسن استقبال، فتعانقا ودعوا الله، وتواصيا بالصبر والرحمة وبشرا أنفسهما بما استقبلاه من غزو ، أهل الكفر، وتضرعا إلى الله تعالى أن يجعل ذلك خالصا لوجهه مقربا إليه.[14] وهذه الأمور من أكبر عوامل النصر: فالدعاء هو سلاح المؤمن وبه ينصر الصالحون ويعز المؤمنون، وقد كان دأب الصالحين قبلنا، فما كانوا يخوضون معركة إلا بالدعاءولايخرجون منها إلا بالحمد والثناء ومن دعائهم كما أخبر الله تعالى عنهم"ربنا أفرغ عليا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"[15]فكانت النتيجة"فهزموهم بإذن الله"[16]وكذلك من عوامل النصر الاستبشار بنصر الله تعلى وتأييده، وهذا له دور مهم في شحذ النفوس وإعلاء الهمم. ومن أهم عوامل النصر بل هو الأهم على الإطلاق الإخلاص لله تعالى وابغاء وجهه ومرضاته وما عنده من الفضل والخير، وقد قال تعالى :"وكان حقا علينا نصر المومنين"[17]
أما "الأذفونش" "ألفونسو" فقد استنفر الفرنجة للخروج، فرفع الرهبان والقسيسون والأساقفة صلبانهم، ونشروا أناجيلهم، فاجتمع لهذا اللعين مالا يحصى عدده. 4) معركة الزلاقة
ثم إن يوسف ابن تاشفين أرسل إلى ألفونسو كتابا يعرض عليه فيه الدخول في الإسلام أو الجزية أو الحرب: كما هي السنة، ومن جملة ما في الكتاب: " بلغنا يا أذفونش أنك دعوت الله في الإجتماع بنا، وتمنيت أن تكون لك سفن تعبر عليها البحر إلينا، فقد عبرناه إليك، وقد جمع الله تعالى في هذه العرصة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك! "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" فلما سمع الأذفونش ما كتب إليه يوسف جاش بحر غيظه، وزاد في طغيانه، وأقسم أن لا يبرح من موضعه حتى يلقاه.[18]
وقبل المعركة رأى ألفونسو في منامه كأنه راكب فيلا، وبين يديه طبل صغير وهو ينقر فيه، فقص رؤياه على القسيسين فلم يعرفوا تأويلها ، فأحضر رجلاً مسلما عالماً بتعبير الرؤيا فقصها عليه فاستعفاه من تعبيرها فلم يعفه ، فقال : تأويل هذه الرؤيا من كتاب الله العزيز وهو قوله تعالى : "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل"[19] السورة، وقوله تعالى : "فإذا نُقر فى الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير "[20] ويقتضي هلاك هذا الجيش الذي تجمعه ، فلما اجتمع جيشه رأى كثرته فأعجبته ، فأحضر ذلك المعبر وقال: "بهذا الجيش أقاتل الجن والإنس وملائكة السماء" فانصرف ذلك المعبر وقال لبعض المسلمين: إن هذا الملك هالك وكل من معه. وذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث مهلكات" ،الحديث، وفيه " وإعجاب المرء بنفسه[21] ".[22]
وسار الجيشان حتى نزلا في مكان يقال له الزلاقة، وبينهما النهر،ـ نهر بطلسيوس ـ وكان ابن عباد وهو سائر يبشر نفسه بالنصر وينشد:
لابد من فرج قريب ***** يأتيك بالعجب العجيب
غزو عليك مبـارك ***** سيعود بالفتح القريــب
لله سعدك إنــــــــه ***** نكس على دين الصليب
وكان نزولهم يوم الخميس، وكانت الرسل تختلف بينهم، فاقترح ابن فردنلد(الأذفونش) أن يكون اللقاء يوم الاثنين، لأن الجمعة هي عيد المسلمين والأحد عيد النصارى، فتوافقوا على ذلك، لكن جيش المسلمين عرف أن هذه خديعة من الأذفونش فظلوا مستعدين ولم يضعوا سلاحهم.
وهذا من عوامل النصر: أن يكون المسلم يقظا فطنا فليس هو بالخب ولا الخب يخدعه.
وقام الفقهاء والعباد يعظون الناس ويحضونهم على الصبر ويحذرونهم الفرار، وبعد هزيع من الليل انتبه الفقيه الناسك أبو العباس أحمد بن رميلة القرطبي، وكان في محلة ابن عباد فرحاً مسروراً يقول إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فبشره بالفتح والشهادة له في صبيحة غد، وتأهب ودعا ودهن رأسه وتطيب، وانتهى ذلك إلى ابن عباد فبعث إلى يوسف يخبره بها تحقيقاً لما توقعه من غدر ابن فرذلند، فحذروا أجمعين ولم ينفع ابن فرذلند ما حاوله من الغدر.[23]
وفي الصباح جاءت عيون المسلمين بالخبر اليقين، بأن جيش النصارى بدأ يتحرك نحو جيش المسلمين.
وهذا من عوامل النصر: أن يكون المسلم على اطلاع بأخبار عدوه حتى لا يفاجئه بما لا يُحمد.
واتقى الجمعان صبيحة يوم الجمعة الأولى من رمضان سنة 479هـ[24]، وجرى بينهما قتال عنيف، أبلى المسلمون فيه خير البلاء وجاهدوا أعظم الجهاد، وكان ممن أبلى في ذلك اليوم البلاء الحسن: المعتمد ابن عباد يقول الحميري في كتابه " الروض المعطار في خبر الأقطار": "فحميت الحرب بينهما، ومال ابن فرذلند على المعتمد بجموعه وأحاطوا به من كل جهة فاستحر القتل فيهم، وصبر ابن عباد صبراً لم يعهد مثله لأحد، واستبطأ يوسف وهو يلاحظ طريقه، وعضته الحرب واشتد البلاء وأبطأ عليه الصحراويون، وساءت ظنون أصحابه، وانكشف بعضهم وفيهم ابنه عبد الله، وأثخن ابن عباد جراحات وضرب على رأسه ضربة فلقت هامته حتى وصلت إلى صدغه، وجرحت يمنى يديه وطعن في أحد جانبيه وعقرت تحته ثلاثة أفراس كلما هلك واحد قدم له آخر وهو يقاسي حياض الموت يضرب يميناً وشمالاً، وتذكر في تلك الحال ابناً له صغيراً كان مغرماً به، كانتركه بإشبيلية عليلاً اسمه المعلى وكنيته أبو هاشم فقال:
أبا هاشم هشمتني الــــشفــــار *** فلله صبري لذاك الأوار
ذكرت شخيصك تحت العجاج *** فلم يثنني ذكره للفــــرار
ثم كان أول من وافى ابن عباد من قواد ابن تاشفين، داود بن عائشة، وكان بطلاً شهماً فنفس بمجيئه عن ابن عباد، ثم أقبل يوسف بعد ذلك وطبوله تصدع الجو، فلما أبصره ابن فرذلند وجه أشكولته إليه وقصده بمعظم جنوده، وقد كان علم حساب ذلك من أول النهار فأعد له هذه الأشكولة وهي معظم جنوده، فبادر إليه يوسف وصدمهم بجمعه فردهم إلى مركزهم وانتظم به شمل ابن عباد ووجد ريح الظفر وتباشر بالنصر، ثم صدقوا جميعاً الحملة فتزلزلت الأرض بحوافر خيولهم وخاضت الخيل في الدماء وصبر الفريقان صبراًعظيماً، ثم تراجع ابن عباد إلى يوسف وحمل معه حملة نزل معها النصر، وتراجع المنهزمون من أصحاب ابن عباد حين علموا بالتحام الفئتين فصدقوا الحملة فانكشف الطاغية ومر هارباً منهزماً، وقد طعن في إحدى ركبتيه طعنة بقي أثرها بقية عمره، فكان يخمع منها، فلجأ إلى تل كان يلي محلته في نحو الخمسمائة فارس كلهم مكلوم، وأباد القتل والأسر من عداهم من أصحابهم، وعمل المسلمون بعد ذلك من رؤوسهم صوامع يؤذنون عليها، وابن فرذلند ينظر إلى موضع الوقيعة ومكان الهزيمة فلا يرى إلا نكالاً محيطاً به وبأصحابه، وأقبل ابن عباد على يوسف فصافحه وهنأه وشكره وأثنى عليه، وشكر يوسف مقامه وحسن بلائه وجميل صبره.
وكان نصرا لم يسمع بمثله، وكان عدد القتلى من النصارى كبيرا بحيث اتخذت رؤوسهم صوامع يؤذن عليها.ولله الحمد والمنة.
وكتب ابن عباد إلى ابنه بإشبيلية كتابا ببشره بالنصر الذي من الله به علهم. ونص الكتاب:" كتابي هذا من المحلة يوم الجمعة الموفي عشرين من رجب وقد أعز الله الدين، ونصر المسلمين وفتح لهم الفتح المبين، وأذاق المشركين العذاب الأليم والخطب الجسيم، فالحمد لله على ما يسره وسناه من هذه الهزيمة العظيمة والمسرة الكبيرة هزيمة أذفونش، أصلاه الله تعالى الجحيم ولا أعدمه الوبال العظيم، بعد إتيان النهب على محلاته واستئصال القتل في جميع أبطاله وأجناده وحماته وقواده، حتى اتخذ المسلمون من هاماتهم صوامع يؤذنون عليها، فلله الحمد على جميل صنعه، ولم يصبني بحمد الله إلا جراحات يسيرة آلمت، لكنها فرحت بعد ذلك وغنمت وأظفرت"[25].
وعاد كل فريق إلى دياره، فعاد يوسف إلى المغرب، وعاد ابن عباد إلى إشبيلية فأقيمة بين يديه الاحتفالات والأفراح وقام الشعراء ينشدون. فقام قارئ فقرأ قوله تعالى "إلا تنصروه فقد نصره الله "[26]
فقال ابن عباد: بعدا لي ولشعري، والله ما أبقت هذه الآية ما أحضره وأقوم به.[27]
وهذا من عوامل النصر: أن يقر المسلم بأن الفضل من الله تعلى وأن النصر من عنده عز وجل.
وعما الفرحات في كل بلاد الأندلس والمغرب والعالم الإسلامي. وأخرج الناس الصدقات، وأعتقوا العبيد وفعلوا الخيرات شكرا لله تعالى على ذلك. 5) الأندلس بعد معركة الزلاقة
لقد كانت هذه المعركة حدثا فاصلا في تاريخ المسلمين في الأندلس، فبها حفظ الله تعالى الإسلام في تلك الأرض قرون عدة.
وظلت الأندلس بعد هذه المعركة موحدة ردحا من الزمان، لكن أهلها ما اتعظوا بذلك فأعادو التفرقة بينهم فأعاد الله تعالى عليهم الذلة. وغلب علهم عدوهم إلا أن الأندلس في هذه المرة لم تجد يوسف آخر ينقذها ولم تجد "زلاقة" أخرى تحفظها وظلت هكذا إلى أن سقط آخر جزء فيها وملكها النصارى وتحولت مساجدها إلى كنائس، وتحولت فيها أماكن كان يعبد فيها الله تعالى ويوحد إلى أماكن تضرب فيها النواقيس وتعظم الصلبان، نعم سقطت زهرة بلاد المسلمين ودرتها وقلادة عقدها.
ولكن لا عجب أن تسقط، فقد فتحها الإيمان وضيعها الفراق والخذلان.
و "إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد"[28]
وقد اهتز لسقوطها العالم الإسلامي وبكاها المسلون ونظمت في رثائها القصائد، ومن أجمل ما قيل فيها نونية أبي البقاء الرندي والتي يقول فيها:
üلِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصــــــــــــانُ فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنســـــــــــانُ
üهي الأمور كما شهدتاهــــــــا دول من سره زمن ساءته أزمــــــــــــان
üو هذه الدار لا تبقى إلى أحــــــــــد و لا يدوم على حالٍ لها شــــــــــان
üأين الملوك ذوو التيجان من يمــــن و أين منهم أكاليل وتيجــــــــــــــان
üو أين ما شداه شداد فـــــــــــي إرم و أين ما ساسه في الفرس ساســـان
üو أين ما حازه قارون من ذهـــــبٍ و أين عاد وشداد وقحطــــــــــــــان
üأتى على الكل أمر لا مرد لـــــــــه حتى قضوا فكأن القوم ما كانـــــــوا
üدهى الجزيرة أمر لا عزاء لــــــــه هوى له أحد وانهدّ ثهـــــــــــــــلان
üفاسأل بلنسية ما شأن مرسيـــــــــةٍ و أين شاطبة أم أين جـــــــــــــــيان
üو أين قرطبة دار العلوم فكــــــــــم كم عالم قد سما فيه له شـــــــــــــان
üتبكي الحنفية البيضاء من أســـــفٍ كما بكى لفراق الإلف هيـــــــــــمان
üعلى ديار من الإسلام خاليــــــــــةٍ قد أسلمت ولها بالكفر عمـــــــــران
üحيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلاّ نواقيس وصــــــــــــــلبان
üحتى المحاريب تبكي وهي جامــدة حتى المنابر ترثى وهي عيـــــــدان
üيا غفلان وله في الدهر موعظـــــة إنَّ كنت في سنة فالدهر يقظـــــــان
üو ماشياً مرحا يلهيه موطنـــــــــــه أبعد حمص تغر المرء أوطــــــــان
üتلك المصيبة أنست ما تقدمـــــــــها و ما لها مع طول الدهر نسيـــــــانُ
üيا أيّها الملك البيضاء رايتـــــــــــه أدرك بسيفك أهل الكفر لا كانــــــوا
üيا راكبين عتاق الخيل ضامـــــــرة كأنها في مجال السبق عقبــــــــــانُ
üو حاملين سيوف الهند مرهفــــــــةً كأنها في ظلام النقع نيـــــــــــــرانُ
üو راتعين وراء البحر في دعـــــــةٍ لهم بأوطانهم عزٌ وسلطـــــــــــــانُ
üأ عندكم نبأ من أهل أندلــــــــــــس فقد سرى بحديث القوم ركبـــــــــانُ
üكم يستغيث بنو المستضعفين وهــم أسرى وقتلى فما يعتز إنســــــــــانُ
üماذا التقاطع في الإسلام بينكــــــــم و انتم يا عباد الله إخــــــــــــــــوانُ
üألا نفوس أبيات لها همــــــــــــــــم أما على الخير أنصارٌ وأعـــــــوانُ
üيا من لذلة قوم بعد عزهـــــــــــــــم أحال حالهم كفر وطغيــــــــــــــــانُ
üبالأمس كانوا ملوكاً في منازلهـــــم و اليوم هم في بلاد الكفر عبـــــدانُ
üفلو تراهم حيارى لا دليل لهــــــــم عليهم من ثياب الذل ألــــــــــــــوانُ
üو لو رأيت بكاهم عند بيعهــــــــــم لهالك الأمر واستهوتك أحــــــــزانُ
üيا رُبَّ أم وطفلٍ حيل بينهـــــــــــما كما تفرق أرواح وأبــــــــــــــــدانُ
üو طفلةٍ ما رأتها الشمس إذ بــرزت كأنها هي ياقوت ومرجـــــــــــــــانُ
üيقودها العلج للمكروه مكرهــــــــة و العين باكية والقلب حيـــــــــــرانُ
üلمثل هذا يذوب القلب من كمـــــــد إن كان في القلب إسلام وإيمـــــــانُ
~ خلاصة وخاتمة:~
إن وعد الله عز وجل بالتمكين للمؤمنين في الأرض جاء في الكتاب والسنة مشروطا بشرائط فرضها الله تعالى علينا، فإن حققنا شروطه حقق لنا سبحانه لنا النصر والتمكين الذي وعدنا، وإن قصرنا ونكصنا استبدلنا وجاء "بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المومنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم"[29].
وإننا إذا تتبعنا آيات الكتاب العزيز وسنة المصطفى ورسوله صلى الله عليه وسلم نجد هذه الشرائط واضحة فيه ، وكلها تنطلق مما عهد الله به إلينا يوم كنا في صلب أبينا آدم، "وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهمو ألست بربكم قالوا بلى"[30] وأول هذه الشروط : هو الإيمان بالله تعالى وبرسوله ورسوله صلى الله عليه وسلم حق الإيمان "وهو أول أمر يترتب عليه تحقق النصر والتمكين للأمة(...) وهو الشرط الأكبر والأساس، وماسواه من الشروط والامور فمبني عليه، فهو الأساس والقاعدة والمنطلق لكل عمل تقدم به جماعة المؤمنين وهي تسعى إلى النصر والتمكين. قال تعالى:" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنَ ارْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا،فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الارَض مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ"[31]
والتعبير هنا بخوف الله وخوف وعيده يجمع الإيمان كله وهو كذلك دليل صادق على تحقق الإيمان بجميع أركانه ومن كافة أقطاره.[32] ومن شروط النصر كذلك : الصبر والمصابرة: إن دعوات المرسلين ما قامت ولن تقوم إلا باستصحاب الصبر، ولقد ذكر القرآن الكريم الكثير من قصص الصبر والمصابرة وكيف نصر الله تعالى أهل الصبر على أعدائهم، قال تعالى: "ياأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".[33] وقال سبحانه عن قوم موسى:"وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا، إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين"..[34] وقال عن الملإ من بني إسرائيل:"ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، فهزموهم بإذن الله. "[35]. ومن شروطه التواصي بالحق : قال تعالى: "والمومنون والمومنات بعضهمو أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهمن عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله، أولئك سيرحمهم الله، إن الله عزيز حكيم."[36] وقد قصر النجاة من الخسران على الذين يتواصون بالحق ويتواصون بالحق فقال: "والعصر إن الانسان لفي خسر الا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".[37]
ومن شروطه كذلك: الدعوة إلى الدعوة إلى الله وتبليغ دعوة الحق إلى الناس، قال تعالى: "ولتكن منكمو أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"[38]. ومن شروطه كذلك: الضراعة إلى الله عز وجل : والضراعة هي الدعاء الممزوج بالذلة والتمسكن لله والانكسار بين يديه، وقد بين الله تعالى في كتابه أنها سبب من أسباب انكشاف السوء ونجاة أهل العذاب (...) قال تعالى: "ولقد ارسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون، فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا، ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون".[39] وبين لنا حال المؤمنين يوم بدر وهم يتضرعون إلى الله فقال: " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكمو أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين"[40]. "إن الضراعة إلى الله هي المظهر الأكمل الذي يجسد الإيمان الخالص حقا كما بين القرآن الكريم في قوله:" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه".[41] -[42] .
يقول العز بن عبد السلام: "وَأَفْضَلُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ التَّذَلُّلُ لِعِزَّةِ اللَّهِ وَالتَّخَضُّعُ لِعَظَمَتِهِ وَالْإِيحَاشُ لِهَيْبَتِهِ ، وَالتَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إلَّا بِهِ ، وَهَذَا شَأْنُ الْعَارِفِينَ ، وَمَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ طَرِيقُ الْجَاهِلِينَ أَوْ الْغَافِلِينَ ، وَقَدْ تَمَّتْ الْحِكْمَةُ وَفُرِغَ مِنْ الْقِسْمَةِ ، وَسَيَنْزِلُ كُلُّ أَحَدٍ فِي دَارِ قَرَارِهِ حُكْمًا وَعَدْلًا وَحَقًّا ، قِسْطًا وَفَضْلًا ، وَمَا ثَبَتَ فِي الْقِدَمِ لَا يُخْلِفُهُ الْعَدَمُ وَلَا تُغَيِّرُهُ الْهِمَمُ ، بَعْدَ أَنْ جَرَى بِهِ الْقَلَمُ وَقَضَاهُ الْعَدْلُ الْحَكَمُ ، فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ وَإِلَى أَيْنَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ عَزَّ الْمَطْلَبُ وَوَقَعَ مَا يُذْهِبُ ، فَيَا خَيْبَةً مِنْ طَلَبِ مَا لَمْ تَجُزْ بِهِ الْأَقْدَارُ وَلَمْ تَكْتُبْهُ الْأَقْلَامُ ، يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أَعْظَمَهَا وَخَيْبَةٍ مَا أَفْحَمَهَا . أَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ اللَّهِ وَأَيْنَ الذَّهَابُ عَنْ اللَّهِ وَأَيْنَ الْفِرَارُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ ؟ بَيِّنًا يُرَى أَحَدُهُمْ قَرِيبًا دَانِيًا إذْ أَصْبَحَ بَعِيدًا نَائِيًا ، لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَلَا حِفْظًا وَلَا رَفْعًا بِأَيِّ نَوَاحِي الْأَرْضِ نَرْجُو وِصَالَكُمْ وَأَنْتُمْ مُلُوكٌ مَا لِمَقْصِدِكُمْ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَنْ تَصِلَ إلَى شَيْءٍ إلَّا بِاَللَّهِ فَكَيْفَ تُوصَلُ بِغَيْرِهِ .[43]
إن هذه الشروط وغيرها المبثوثة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم لتبين لنا أن الله تعالى قد أجرى للنصر عوامل وأسبابا يكون بها دون أن يجعل هذه الأسباب هي الجالبة للنصر بنفسها أو دارئة للهزيمة بنفسها، بل إن النصر هو من عند الله تعالى، ولكنه أجرى عادته وسنته بترتيب الأسباب على المسببات ليعرف عباده أنه عند وجود الأسباب ما يترتب عليها من خير فيطلبوه أو شر فيجتنبوه. يقول العز بن عبد السلام في كتابه"قواعد الأحكام في مصالح الأنام": (إن) الْأَسْبَابُ(غير) جَالِبَةً لِلْمَصَالِحِ بِأَنْفُسِهَا وَلَا دَارِئَةً لِلْمَفَاسِدِ بِأَنْفُسِهَا ، بَلْ الْأَسْبَابُ فِي الْحَقِيقَةِ مَوَاقِيتُ لِلْأَحْكَامِ وَلِمَصَالِحِ الْأَحْكَامِ ،وَاَللَّهُ هُوَ الْجَالِبُ لِلْمَصَالِحِ الدَّارِئُ لِلْمَفَاسِدِ ، وَلَكِنَّهُ أَجْرَى عَادَتَهُ وَطَرَدَ سُنَّتَهُ بِتَرْتِيبِ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى بَعْضٍ ، لِتَعْرِيفِ الْعِبَادِ عِنْدَ وُجُودِ الْأَسْبَابِ مَا رُتِّبَ عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ فَيَطْلُبُوهُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَوُجُودِهَا ، وَمَا رُتِّبَ عَلَيْهَا مِنْ شَرٍّ فَيَجْتَنِبُوهُ عِنْدَ قِيَامِهَا وَتَحَقُّقِهَا وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْعَادَةِ ،(و)لَوْ شَاءَ لَخَلَقَ الْأَسْبَابَ كُلَّهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الْمُسَبَّبَاتِ ، لَكِنَّهُ قَرَنَ الْأَسْبَابَ بِالْمُسَبَّبَاتِ فِي مُطَّرِدِ الْعَادَاتِ ، لِيُضِلَّ بِذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"[44] ، ويقول في موضع آخر:"وَلَنْ يَصِلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا إلَى مَا قُدِّرَ لَهُ ، وَقَدْ غَرَّ بَعْضَهُمْ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا بَعْضَ مَا طَلَبُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَالُوا ذَلِكَ بِحَزْمِهِمْ وَقُوَاهُمْ فَخَابُوا وَنَكَصُوا وَوُكِّلُوا إلَى أَنْفُسِهِمْ فَهَلَكُوا ، وَمِنْهُمْ مَنْ وَاظَبَ أَنَّهُ لَا يَنَالُ خَيْرًا إلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَلَا يَنَالُ ضَيْرًا إلَّا بِإِرَادَةِ اللَّهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَزَالُونَ فِي زِيَادَةٍ ، لِأَنَّ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَارِفَ وَالْأَحْوَالَ إذَا دَامَتْ أَدَّتْ إلَى أَمْثَالِهَا وَإِلَى أَفْضَلَ مِنْهَا . وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَمَنْ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ اللَّهِ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ شِبْرًا تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا تَقَرَّبَ مِنْهُ بَاعًا ، وَمَنْ مَشَى إلَيْهِ هَرْوَلَ إلَيْهِ وَمَنْ نَسَبَ شَيْئًا إلَى نَفْسِهِ فَقَدْ زَلَّ وَضَلَّ ، وَمَنْ نَسَبَ الْأَشْيَاءَ إلَى خَالِقِهَا الْمُنْعِمِ بِهَا كَانَ فِي الزِّيَادَةِ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } ، { وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }.[45] إن النصر- كما ذكر هو من عند الله فهو الجالب للمصالح والدارئ للمفاسد ولكن على المسلم أن يتخذ له أسبابه وأن يتهيئ له حق التهيئ ثم يتوكل على الله وينتظر النصر من عنده. "فمن لم يتخذ الأسباب فقد عصى الله ومن توكل على الأسباب فقد أشرك بالله".
وإن تاريخ الأندلس عموما ومعركة الزلاقة خصوصا لتبين لنا أن عوامل النصر إن اجتمعت فلا بد من أن يتنزل نصر الله تعالى.
وإن هذا التاريخ ليبين لنا أيضا أن أكبر وبال يصيب الأمة الإسلامية هو التفرق والتشرذم، فبسببه تفشل الأمة وتذهب قوتها، قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"[46] وقد جعل الله تعالى الفرقة من عقابه الذي يسلطه على من خرج عن منهجه، قال تعالى: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"[47] فالتفرق يشتت الجهد، ويذهب القوة، وينزع البركة، ويؤدي إلى التخاذل، ويجرئ العدو، ويشغل الأمة عن قضاياها العظام وتحدياتها الجسام...[48]
وقد علم أعداء هذه الأمة كل هذه النتائج لذلك عملوا عبر التاريخ على تشتيت الأمة وتمزيقها حتى يصفو لهم الجو للسيطرة عليها، لذلك علينا أن نحذر من تنفيذ خطط العدو التدميرية، وأن نكون كما قال الشاعر:
كونوا جميعا يا بني إذا اعتــرى *** خـطب ولا تتفرقوا آحــادا
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افتـرقن تكسرت آحادا .
وختاما نقول: إن قولنا "معارك المسلمين" لا نقصد بها الحروب فقط ولكن المسلم في معركة طول عمره، فمعركته مع الشيطان، ومعركته مع النفس، ومعركته مع أعداء الله... فإن أخطأه هذا، تخطفه هذا. ولكنه إن استعان بالله وحقق أسباب النصر وشروطه لم يضره أي أحد بإذن الله. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
هذا ماقدّر الله تعالى كتابته وامتن به علي في هذا البحث وله الحمد والمنة.
وكان الفراغ منه يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان . بمدينة فاس حفظها الله .من العام خمس وعشرين وأربعمائة وألف. على الساعة التاسعة وخمس وأربعين دقيقة ليلا.
[23] ) الروض المعطارفي خبر الأقطار. باب: حرف الزاي
[24] ) اختلف في تاريخ المعركة فذكر اليافعي في كتابه " مرآت الجنان وعبير اليقظان" أنها كانت أول جمعة من رمضان سنة 479هـ . وكذلك ذكر ابن الأثير. وقيل أنها كانت في 14 رجب. والله تعالى اعلم
[25] ) الروض المعطارفي خبر الأقطار. باب: حرف الزاي.
[48] ) من بحث للدكتور عثمان علي حسن تحت عنوان"آثار الافتراق على الأمة" ألقي في المؤتمر العلمي: "العمل الإسلامي بين الاتفاق والافتراق ، بجامعة الخرطوم، في 23- 25جمادى الأولى ـ1425هـ- الموافق 10-12/7/2004.بتصرف.