من صفات أبي بكر رضي الله عنه
1- ورعه وخوفه الشديد من ربه تبارك وتعالى :
== روى مالك في الموطأ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَهْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ .
== وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ ) وجاء في بعض الروايات أنه قال ( والله لو لم تخرج إلا مع روحي لأخرجتها إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) .
روى الحاكم في المستدرك وصححه عن زيد بن أرقم قال كنا مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فدعا بشراب فأتي بماء وعسل فلما أدناه من فيه بكى وبكى حتى أبكى أصحابه فسكتوا وما سكت ثم عاد فبكى حتى ظنوا أنهم لن يقدروا على مسألته قال ثم مسح عينيه فقالوا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبكاك قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يدفع عن نفسه شيئا ولم أر معه أحدا فقلت يا رسول الله ما الذي تدفع عن نفسك قال هذه الدنيا مثلت لي فقلت لها إليك عني ثم رجعت فقالت إن أفلت مني فلن ينفلت مني مَنْ بَعْدَك .
وجاء عند ابن أبي شيبة في المصنف عن الضحاك بن مزاحم قال رأى أبو بكر الصديق طيرا واقعا على شجرة فقال طوبى لك يا طير والله لوددت أني كنت مثلك تقع على الشجرة وتأكل من الثمر ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب الطريق مر علي جمل فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم أخرجني بعرا ولم أكن بشرا )
2- تحمل الأذى في سبيل الدعوة والدفاع عنها :
جاء في مسند البزار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " أيها الناس أخبروني بأشجع الناس قالوا أو قال قلنا أنت يا أمير المؤمنين قال أما أني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه ولكن أخبروني بأشجع الناس قالوا لا نعلم فمن ؟ قال أبو بكر رضي الله عنه أنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا يهوى إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منه إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس فقال علي ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش فهذا يجأه وهذا يتلتله وهم يقولون أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا قال فو الله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجاء هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم رفع عليٌّ بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلّت لحيتُه ، ثم قال أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر فسكت القوم فقال ألا تجيبوني فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون ذاك رجل كتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه " .
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية عن عائشة قالت : " لما اجتمع أصحاب النبي وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور فقال يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله جالس فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضربا شديدا ووطئ أبو بكر وضرب ضربا شديدا ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه وجاء بنو تيم يتعادون فاجلت المشركين عن أبي بكر وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب فتكلم آخر النهار فقال ما فعل رسول الله فمسوا منه بالسنتهم وعذلوه ثم قاموا وقالوا لامه أم الخير أنظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه فلما خلت به الحت عليه وجعل يقول ما فعل رسول الله فقالت والله مالي علم بصاحبك فقال اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله فقالت ما أعرف ابا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك قالت نعم فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنفا فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت والله إن قوما نالوا هذا منك لاهل فسق وكفر وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم قال فما فعل رسول الله قالت هذه أمك تسمع قال فلا شيء عليك منها قالت سالم صالح قال أين هو قالت في دار ابن الأرقم قال فان لله علي أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله فامهلتا حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله قال فأكب عليه رسول الله فقبله وأكب عليه المسلمون ورق له رسول الله رقة شديدة فقال أبو بكر بأبي وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار قال فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله فأسلمت " .
3- اليقين والتصديق بما قال الله ورسوله :
روى الحاكم في المستدرك عن عائشة قالت : " لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر فقالوا هل لك في صاحبك يزعم أنه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس فقال أو قال ذلك قالوا نعم قال لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا فتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح قال نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة ، فلذلك سمي أبو بكر الصديق"
ومن يقينه بما قال الله ورسوله تصديقه بالمغيبات وكأنه يراها ، فقد روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَوْثَرِ فَقَالَ هُوَ نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ تُرَابُهُ الْمِسْكُ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ تَرِدُهُ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا مِثْلُ أَعْنَاقِ الْجُزُرِ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ فَقَالَ أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا )
خوفه على أن يصاب الرسول بأذى :
فقد ذكر الحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن محمد بن سيرين قال ذُكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما قال فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر وليوم من أبي بكر خير من آل عمر لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي فقال يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر مكانك يا رسول الله حتى أستبرى ء لك الغار فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة فقال مكانك يا رسول الله حتى أستبرى ء الحجرة فدخل واستبرى ء ثم قال انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر ).
5- حرصه على الطاعات بشتى صنوفها :
قال علي رضي الله عنه كما في مجمع الزوائد :" والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا أبو بكر إليه "
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ "
وقال عمر رضي الله عنه كما عند أبي داود وحسنه الألباني : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله . قلت والله لا أسبقه إلى شيء أبدا .
وفي صحيح ابن خزيمة عن عمر رضي الله عنه قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وخرجنا معه فإذا رجل قائم يصلي في المسجد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع قراءته فلما كدنا أن نعرف الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة بن أم عبد قال ثم جلس الرجل يدعو فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سل تعطه مرتين قال فقال عمر فقلت والله لأغدون إليه فلأبشرنه قال فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره ولا والله ما سابقته إلى خير قط إلا سبقني "
وجاء في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ "
وروى البيهقي في سننه : ( أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أنه شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام ويزيد راكب وأبوبكر رضي الله عنه يمشي فقال له يزيد يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل أنا فأمشي معك قال لا أركب ولا تنزل إنني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ) .
في حرب الردة :
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ( جاء في بعض الروايات أن أبا بكر قال لعمر : يا ابن الخطاب أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام ؟ ) وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ . فَقَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ .
إذا تذكرتَ شجوا من أخي ثقة *** فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
التاليَ الثانيَ المحمود مشهدُه *** وأولَ الناس طُرّا صدّق الرسلا
والثاني اثنين في الغار المُنِيفِ وقد *** طافَ العدو به إذ صعّد الجبلا
وكان حِبَّ رسول الله قد علموا *** من البريّة لم يعدِل به رجلا
خيرُ البرية أتقاها وأرأفُها *** بعد النبي وأوفاها بما حملا
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ،،،
عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي أبو بكر الصديق هو صحابي ممن رافقوا النبيمحمد بن عبد الله منذ بدء الإسلام، ويعتبر الصديق المقرب له. أول الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة عند أهل السنة والجماعة. أمه سلمى بنت صخر بن عامر التيمي. ولد سنة 51 ق.هـ (573 م) بعد عام الفيل بحوالي ثلاث سنوات [1]. كان سيداً من سادة قريش وغنيا من كبار موسريهم, وكان ممن رفضوا عبادة الأصنام في الجاهلية، بل كان حنيفاً على ملة إبراهيم. وكان من أوائل من أسلم من أهل قريش. وهو والد عائشة زوجة الرسول وسانده بكل ما يملك في دعوته، وأسلم على يده الكثير من الصحابة.[1]
يعرف في التراث السني بأبي بكر الصديق لأنه صدق محمداً في قصة الإسراء والمعراج، وقيل لأنه كان يصدق النبي في كل خبر يأتيه [2]؛ وقد وردت التسمية في آيات قرآنية وأحاديث نبوية عند أهل السنة والجماعة. وكان يدعى بالعتيق والأوّاه.[3]. وعن تسميته بأبي بكر قيل لحبه للجمال، وقيل لتبكيره في كل شيء.
بويع بالخلافة يوم الثلاثاء 2 ربيع الأول سنة 11هـ، واستمرت خلافته قرابة سنتين وأربعة أشهر. توفي في يوم الاثنين في الثاني والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة.[4]
نسبه ومولده
أبوه أبو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ويلتقي في نسبه مع النبي محمد بن عبد الله عند مرة بن كعب، وينسب إلى "تيم قريش"، فيقال: "التيمي".[5]
أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي بنت عم أبيه، وتُكنَّى أم الخير. ولدته بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر[6]؛ وقيل إنها كان لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به الكعبة، فقالت : «اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي»؛ ويقال إن هذا سبب تسميته بالعتيق.[7] يروى أن اسمه كان قبل الإسلام عبد الكعبة؛ وحين أسلم سماه النبي عبد الله.[5]. كانت أم الخير من أوائل النساء إسلاماً. صفاته
أبيض نحيف خفيف العارضين (صفحتا الوجه) اجنأ(في ظهره انحناء) لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه، معروق الوجه(لحم وجهه قليل)،غائر العينين نأتئ الجبهه،عاري الاشاجع(هي أصول الاصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف)[8]
حياته قبل الإسلام
نشأ أبو بكر في مكة، ولما جاوز عمر الصبا عمل بزازاً - أي بائع ثياب - ونجح في تجارته وحقق من الربح الكثير. وكانت تجارته تزداد اتساعاً فكان من اثرياء قريش؛ ومن ساداتها ورؤسائها. تزوج في بداية شبابه قتيلة بنت عبد العزى، ثم تزوج من أم رومان بنت عامر بن عويمر. كان يعرف برجاحة العقل ورزانة التفكير، وأعرف قريش بالأنساب. وكانت له الديات في قبل الإسلام. وكان ممن حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية، وكان حنيفياً على ملة النبي إبراهيم. كان أبو بكر يعيش في حي حيث يسكن التجار؛ وكان يعيش فيه النبي، ومن هنا بدأت صداقتهما حيث كانا متقاربين في السن والأفكار والكثير من الصفات والطباع.[5][9]
إسلامه
تختلف الروایات في سبقته بالإسلام وجاء الطبري في تاریخه بأقوال مختلفه بین أنه أول من أسلم من الذکور وبین أنه أسلم قبله أکثر من خمسین [10].ولكن يؤمن المسلمون السنة بروايات تقول أنه أول من أسلم من الذكور البالغين [11][12][13]، روی عن ابن اسحاق انه الوحيد الذي أسلم دون تردد وصدق دعوة محمد على الفور [14][15][16]
حياته بعد الإسلام
وبعد أن أسلم، ساند النبي في دعوته للإسلام مستغلاً مكانته في قريش وحبهم له، فأسلم على يديه الكثير ، منهم خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزُّبَير بن العوَّام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيدالله. كذلك جاهد بماله في سبيل الدعوة للإسلام حيث قام بشراء وعتق الكثير ممن أسلم من العبيد المستضعفين منهم: بلال بن رباح، وعامر بن فهيرة، وزِنِّيرة، والنَّهديَّة، وابنتها، وجارية بني مؤمّل، وأم عُبيس. وقد قاسى أبو بكر من تعذيب واضطهاد قريش للمسلمين، فتعرض للضرب والتعذيب حين خطب في القريشيين، وحين دافع عن محمد لما اعتدى عليه الوثنيون، وقاسى العديد من مظاهر الاضطهاد [1][5] . من مواقفه الهامة كذلك أنه صدَّق النبي في حادثة الإسراء والمعراج على الرغم من تكذيب قريش له، وأعلن حينها دعمه الكامل للنبي وأنه سيصدقه في كل ما يقول، لهذا لُقب بالصِّديق [17]. بقي أبو بكر في مكة ولم يهاجر إلى الحبشة حين سمح النبي لبعض أصحابه بهذا، وحين عزم النبي على الهجرة إلى يثرب؛ صحبه أبو بكر في الهجرة النبوية.[18]
هجرته
هاجر الكثير من المسلمين إلى يثرب، وبقي النبي في مكة وبعض المسلمين منهم أبو بكر الذي ظل منتظراً قراره بالهجرة حتى يهاجر معه، وكان قد أعد العدة للهجرة، فجهز راحلتين لهذا الغرض واستأجر عبد الله بن أرقد من بني الديل بن بكر وكان مشركًا ليدلهما على الطريق، ولم يعلم بخروجهما غير علي وآل أبي بكر [19]. وفي ليلة الهجرة خرج الرسول عليه الصلاة والسلام في الثلث الأخير من الليل وكان أبو بكر في انتظاره ورافقه في هجرته وبات معه في غار ثور ثلاثة أيام حتى هدأت قريش في البحث عنهما فتابعا المسير إلى يثرب، ويروى أن خلال الأيام الثلاثة جاء كفار قريش يبحثون عنهم في غار ثور إلا أن الله أمر عنكبوتا بنسج خيوطه على الغار وأمر حمامة بوضع بيضها أمامه مما جعلهم يشككون في وجودهما داخل الغار [5]، ووفقاً للروايات قال أبو بكر للنبي :«لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا» فطمأنه قائلاً : «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا». وقد ذُكر هذا في القرآن[20]. وحسب رواية ابن إسحاق فإن أبا بكر أمر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما بالنهار ويأتي ويخبرهما في الليل، وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه فيجعل آثار الشاة تغطي أقدامهما، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام إذا أمست بما يصلحهما [21]. ويعد أهل السنة هجرة أبو بكر مع النبي محمد إحدى مناقبه العظيمة.
حياته في المدينة
بعدما وصل الرسول وأبي بكر للمدينة، قام النبي بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، اخى بين أبي بكر وعمر بن الخطاب [9]. عاش أبو بكر في المدينة طوال فترة حياة النبي وشهد معه الكثير من المشاهد، تقول الروايات أنه ممن حاولوا اقتحام حصن اليهود في غزوة خيبر، وأنه ممن ثبتوا مع النبي في معركة حنين حين انفض عنه المسلمين خوفاً وتفرقوا، كذلك يقال أنه حامل الراية السوداء في غزوة تبوك حيث كان هناك رايتان إحداهما بيضاء وكانت مع الأنصار والأخرى سوداء وقد اختلفت الروايات على حاملها فقيل علي بن أبي طالب وقيل أبو بكر. تزوج من حبيبة بنت زيد بن خارجة فولدت له أم كلثوم، ثم تزوج من أسماء بنت عميس فولدت له محمدًا.[5]
خلافته
الفتوحات الإسلامية من عهد الرسول وحتى نهاية الخلافة الأموية.
روي عن ابنته عائشه بأن النبی في أثناء مرضه أمره أن يصلي بالمسلمين مما يعتبره السنة إشارة لتولية أبي بكر للخلافة ولکن يشكك الشيعة في هذة الرواية [22]. وبعد وفاة النبي بويع أبو بكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة.
وجهز في فترة حكمه حروب الردة؛ ضد أولائك الذين رفضوا دفع الزكاة، وأرسل جيشاً بقيادة أسامة بن زيد كان قد جهزه محمد قبل وفاته لقتال الروم.
مواقف في وقت خلافته
كان عمر بن الخطاب يَرَى أبا بكر يخرج كل يوم من صلاة الفجر إلى ضاحية من ضواحي المدينة، فكان يتساءل في نفسه إلى أين يخرج! ثم تَبِعَه مرة فإذا هو يدخل إلى خيمة منزوية، فلما خرج أبا بكر دخل عمر فإذا بالخيمة عجوزاً **يرة عمياء معها طفلين، فقال لها عمر: يا أمة الله، من أنتِ ؟!
قالت: أنا عجوزاً **يرة عمياء في هذه الخيمة، مات أبونا ومعي بنات لا عائل لنا إلا الله –عز وجل- قال عمر: ومن هذا الشيخ الذي يأتينكم ؟ قالت: هذا شيخ لا أعرفه يأتي كل يوم فيكنس بيتنا ويصنع لنا فطورنا ويحلب لنا شياهنا! فبكى عمر وقال: أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر !( سيرة ابن هشام) روی مسلم فی صحیحه [23] والمتقي الهندی [24] وابن حجر [25] والنووي [26] وغیرهم فی کتبهم عن عمر انه قال فلما توفى رسول الله قال أبو بكر انا ولى رسول الله فجئتما تطلب ميراثك من اب اخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من ابيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم انه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توقى أبو بكر فقلت انا ولى رسو ل الله وولى أبى بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم انى لصادق بار راشد تابع للحق[23]. وفاته