12-05-2010, 01:54 AM
|
المشاركة رقم: 1 (permalink)
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو نشيط |
البيانات |
التسجيل: |
31 - 10 - 2009 |
العضوية: |
8690 |
المشاركات: |
966 |
بمعدل : |
0.18 يوميا |
معدل التقييم: |
0 |
نقاط التقييم: |
30 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الحضارة في الإسلام
المعركة بين الشيطان والإنسان (3)
يتابع ابن القيم عليه رحمة الله الكلام عن المعركة بين الشيطان والإنسان فيقول :
ثُمَّ يَقُولُ أي الشيطان : قُومُوا عَلَى ثَغْرِ اللِّسَانِ ، فَإِنَّهُ الثَّغْرُ الْأَعْظَمُ ، وَهُوَ قُبَالَةُ الْمَلِكِ ، فَأَجْرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ ، وَامْنَعُوهُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَنْفَعُهُ : مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِغْفَارِهِ ، وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ ، وَنَصِيحَةِ عِبَادِهِ ، وَالتَّكَلُّمِ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ ، وَيَكُونُ لَكُمْ فِي هَذَا الثَّغْرِ أَمْرَانِ عَظِيمَانِ ، لَا تُبَالُونَ بِأَيِّهِمَا ظَفِرْتُمْ :
أَحَدُهُمَا : التَّكَلُّمُ بِالْبَاطِلِ ، فَإِنَّمَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبَاطِلِ أَخٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ ، وَمِنْ أَكْبَرِ جُنْدِكِمْ وَأَعْوَانِكِمْ .
الثَّانِي : السُّكُوتُ عَنِ الْحَقِّ ، فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنِ الْحَقِّ أَخٌ لَكُمْ أَخْرَسُ ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ أَخٌ نَاطِقٌ ، وَرُبَّمَا كَانَ الْأَخُ الثَّانِي أَنْفَعَ أَخَوَيْكُمْ لَكُمْ ، أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ النَّاصِحِ : الْمُتَكَلِّمُ بِالْبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ ، وَالسَّاكِتُ عَنِ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ ؟
فَالرِّبَاطَ الرِّبَاطَ عَلَى هَذَا الثَّغْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَقٍّ أَوْ يُمْسِكَ عَنْ بَاطِلٍ ، وَزَيِّنُوا لَهُ التَّكَلُّمَ بِالْبَاطِلِ بِكُلِّ طَرِيقٍ ، وَخَوِّفُوهُ مِنَ التَّكَلُّمِ بِالْحَقِّ بِكُلِّ طَرِيقٍ .
وَاعْلَمُوا يَا بَنِيَّ أَنَّ ثَغْرَ اللِّسَانِ هُوَ الَّذِي أُهْلِكُ مِنْهُ بَنِي آدَمَ ، وَأَكُبُّهُمْ مِنْهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ ، فَكَمْ لِي مِنْقَتِيلٍ وَأَسِيرٍ وَجَرِيحٍ أَخَذْتُهُ مِنْ هَذَا الثَّغْرِ ؟
وَأُوصِيكُمْ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظُوهَا : لِيَنْطِقْ أَحَدُكُمْ عَلَى لِسَانِ أَخِيهِ مِنَ الْإِنْسِ بِالْكَلِمَةِ ، وَيَكُونُ الْآخَرُ عَلَى لِسَانِ السَّامِعِ فَيَنْطِقُ بِاسْتِحْسَانِهَا وَتَعْظِيمِهَا وَالتَّعَجُّبِ مِنْهَا وَيَطْلُبُ مِنْ أَخِيهِ إِعَادَتَهَا ، وَكُونُوا أَعْوَانًا عَلَى الْإِنْسِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَادْخُلُوا عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ، وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، أَمَا سَمِعْتُمْ قَسَمِي الَّذِي أَقْسَمْتُ بِهِ لِرَبِّهِمْ حَيْثُ قُلْتُ : فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ 16 - 17 ] .
أَوَمَا تَرَوْنِي قَدْ قَعَدْتُ لِابْنِ آدَمَ بِطُرُقِهِ كُلِّهَا ، فَلَا يَفُوتُنِي مِنْ طَرِيقٍ إِلَّا قَعَدْتُ لَهُ بِطَرِيقٍ غَيْرِهِ ، حَتَّى أُصِيبَ مِنْهُحَاجَتِي أَوْ بَعْضَهَا ؟ وَقَدْ حَذَّرَهُمْ ذَلِكَ رَسُولُهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِطُرُقِهِ كُلِّهَا ، وَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ لَهُ : أَتُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ ؟ فَخَالَفَهُ وَأَسْلَمَ ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ : أَتُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ ؟ فَخَالَفَهُ وَهَاجَرَ ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ ، فَقَالَ : أَتُجَاهِدُ فَتُقْتَلَ فَيُقَسَّمَ الْمَالُ وَتُنْكَحَ الزَّوْجَةُ ؟
فَكَهَذَا فَاقْعُدُوا لَهُمْ بِكُلِّ طُرُقِ الْخَيْرِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ فَاقْعُدُوا لَهُ عَلَى طَرِيقِ الصَّدَقَةِ ، وَقُولُوا لَهُ فِي نَفْسِهِ : أَتُخْرِجُ الْمَالَ فَتَبْقَى مِثْلَ هَذَا السَّائِلِ وَتَصِيرَ بِمَنْزِلَتِهِ أَنْتَ وَهُوَ سَوَاءٌ ؟ أَوَمَا سَمِعْتُمْ مَا أَلْقَيْتُ عَلَى لِسَانِ رَجُلٍ سَأَلَهُ آخَرُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ، قَالَ : هِيَ أَمْوَالُنَا إِذَا أَعْطَيْنَاكُمُوهَا صِرْنَا مِثْلَكُمْ .
وَاقْعُدُوا لَهُ بِطَرِيقِ الْحَجِّ ، فَقُولُوا : طَرِيقُهُ مَخُوفَةٌ مُشِقَّةٌ ، يَتَعَرَّضُ سَالِكُهَا لِتَلَفِ النَّفْسِ وَالْمَالِ ، وَهَكَذَا فَاقْعُدُوا لَهُ عَلَى سَائِرِ طُرُقٍ الْخَيْرِ بِالتَّنْفِيرِ عَنْهَا وَذِكْرِ صُعُوبَتِهَا وَآفَاتِهَا ، ثُمَّ اقْعُدُوا لَهُمْ عَلَى طُرُقِ الْمَعَاصِي فَحَسِّنُوهَا فِي أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ ، وَزَيِّنُوهَا فِي قُلُوبِهِمْ ، وَاجْعَلُوا أَكْثَرَ أَعْوَانِكِمْ عَلَى ذَلِكَ النِّسَاءَ ، فَمِنْ أَبْوَابِهِنَّ فَادْخُلُوا عَلَيْهِمْ، فَنِعْمَ الْعَوْنُ هُنَّ لَكُمْ .
ثُمَّ الْزَمُوا ثَغْرَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ، فَامْنَعُوهَا أَنْ تَبْطِشَ بِمَا يَضُرُّكُمْ وَتَمْشِي فِيهِ .
النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ
وَاعْلَمُوا أَنَّ أَكْبَرَ أَعْوَانِكُمْ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ الثُّغُورِ مُصَالَحَةُ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ ، فَأَعْيُوهَا وَاسْتَعِينُوا بِهَا ، وَأَمِدُّوهَا وَاسْتَمِدُّوا مِنْهَا ، وَكُونُوا مَعَهَا عَلَى حَرْبِ النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ ، فَاجْتَهِدُوا فِي كَسْرِهَا وَإِبْطَالِ قُوَاهَا ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِقَطْعِ مَوَادِّهَا عَنْهَا ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ مَوَادُّهَا وَقَوِيَتْ مَوَادُّ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ ، وَانْطَاعَتْ لَكُمْ أَعْوَانُهَا ، فَاسْتَنْزِلُوا الْقَلْبَ مِنْ حِصْنِهِ ، وَاعْزِلُوهُ عَنْ مَمْلَكَتِهِ ، وَوَلُّوا مَكَانَهُ النَّفْسَ الْأَمَّارَةَ ، فَإِنَّهَا لَا تَأْمُرُ إِلَّا بِمَا تَهْوَوْنَهُ وَتُحِبُّونَهُ ، وَلَا تَجِيئُكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَهُ أَلْبَتَّةَ ، مَعَ أَنَّهَا لَا تُخَالِفُكُمْ فِي شَيْءٍ تُشِيرُونَ بِهِ عَلَيْهَا ، بَلْ إِذَا أَشَرْتُمْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ بَادَرَتْ إِلَى فِعْلِهِ ، فَإِنْ أَحْسَسْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ مُنَازَعَةً إِلَى مَمْلَكَتِهِ ، وَأَرَدْتُمُ الْأَمْنَ مِنْ ذَلِكَ ، فَاعْقِدُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّفْسِ عَقْدَ النِّكَاحِ ، فَزَيِّنُوهَا وَجَمِّلُوهَا ، وَأَرُوهَا إِيَّاهُفِي أَحْسَنِ صُورَةِ عَرُوسٍ تُوجَدُ ، وَقُولُوا لَهُ ذُقْ طَعْمَ هَذَا الْوِصَالِ وَالتَّمَتُّعِ بِهَذِهِ الْعَرُوسِ كَمَا ذُقْتَ طَعْمَ الْحَرْبِ ، وَبَاشَرْتَ مَرَارَةَ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ ، ثُمَّ وَازِنْ بَيْنَ لَذَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَمَرَارَةِ تِلْكَ الْمُحَارَبَةِ ، فَدَعِ الْحَرْبَ تَضَعُ أَوْزَارَهَا ، فَلَيْسَتْ بِيَوْمٍ وَتَنْقَضِي ، وَإِنَّمَا هُوَ حَرْبٌ مُتَّصِلٌ بِالْمَوْتِ ، وَقُوَاكَ تَضْعُفُ عَنْ حَرْبٍ دَائِمٍ .
hgluv;m fdk hgad'hk ,hgYkshk (3) çglXR;é çgôd~çk fdk ,çgikQçk
|
|
|