تأتي التكاليف الشرعية دومًا متوافقة مع الطاقة البشرية للعبد، فالله عز وجل يقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقد ذَمَّ الله النصارى لأنهم فرضوا على أنفسهم ما لم يكلفهم الله به؛ قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27]، وتكون النتيجة دومًا هو عدم القدرة على التطبيق؛ قال تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27].
ولذلك وجب على حملة المنهج الإسلامي أن يدرسوا الشريعة جيدًا قبل أن يأخذوا موقفًا من المواقف، التي يعتقدون فيها أنهم يقومون بتضحية كبيرة من أجل الدين؛ بينما هم في الواقع يفرضون على أنفسهم ما لم يفرضه الله عليهم في مثل هذا الموقف، وتكون الكارثة أكبر عندما يقعون في مخالفات شرعية -قد تكون جسيمة- من أجل تنفيذ ما لم يُفْرَض عليهم أصلاً، فكانوا كمن يُجاهد في زمن مَنَعَ اللهُ فيه الجهادَ كزمن مكة مثلاً، أو كانوا كالفقير الذي يستدين ويُثقل كاهله وكاهل وَرَثَتِه، أو يمنع أهله قُوتَهم الضروري، وقد يكذب ويغش ويُزَوِّر، وقد يَعِد ويُخْلِف، كل ذلك من أجل أن يقوم بأداء فريضة الحجِّ، مع أن الله لم يفرضها إلا على المستطيع، وهو ليس كذلك! قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97].