منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   شريط الحياة (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=71725)

المراقب العام 23-07-2014 03:59 AM

شريط الحياة
 

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أبلغ العذاب - لطالب الدنيا - تشتيت الشمل وتفريق القلب وكون الفقر نصب عيني العبد لا يفارقه, ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب, على أن اكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه, وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: ابن آدم, تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإن لم تتفرغ لعبادتي ملأت يديك شغلاً ولم أسد فقرك)


قال رحمه الله : وهذا أيضًا من أنواع العذاب, وهو اشتغال القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومقاساة معاداة أهلها كما قال بعض السلف: "من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب", قال: ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث: هم لازم, وتعب دائم, وحسرة لا تنقضي؛ وذلك أن محبها لا ينال منها شيئًا إلا طمت نفسه إلى ما فوقه, كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان لابن آدم واديًا من ذهب لتمنى أن يكون له واديان, ولا يملا عين ابن آدم إلا التراب, ويتوب الله على من تاب)


وقد ضرب الله سبحانه مثل الحياة الدنيا فقال سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً}
ذاك مثل الحياة الدنيا, , ماء ينزل فيختلط بنبات الأرض ويتركه هشيمًا تذروه الرياح, آيات تلقي في النفس معنى الفناء وصورته ومثله ومعنى الزوال وقلة الدنيا وهوانها.
فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكنه يختلط بنبات الأرض, والنبات لا ينمو ولا ينضج ولكنه يصبح هشيمًا تذروه الرياح وتذهب به, وما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة, وبعد ذلك تقرر الآيات بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام.

فالمال والبنون زينة الحياة, والإسلام لا ينهي عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات, ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد, إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة, فما يجوز أن يوزن بهما الناس, ولا يجوز أن يقدروا على أساسهما في الحياة, إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.


وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين, فإن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير أملاً عندما تتعلق بها القلوب, ويناط بها الرجاء ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.
أما حاجتنا من الدنيا فينبغي أن يتعلم الإنسان أن ما يحتاجه من الدنيا هو رعاية بدنه بالطعام الذي يكفيه حتى يمارس حياته وعباداته, وكساءً له يستر عورته ويحفظ وقاره ومروءته, ومسكنًا يأوي إليه ويرعى فيه أهله وولده, وأن ذلك إذا عود نفسه التقلل منه والتواضع فيه والقناعة به, اندفعت الهموم عنه وفرغ القلب وسهل عليه ذكر الآخرة واتجهت همته إلى الاستعداد لها.**
================================================== =======



خالد رُوشه


الساعة الآن 06:08 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام