المتصدر لما لايحسن !
لقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالإتقان في العمل والإحسان في القول , كما نبهنا نحو مناسبة القول للموقف والظرف , وقد كتبنا كثيرا من قبل حول كيفية رعاية ومراعاة المصلحة وقياس المضرة سواء من الفعل أو الكلمة . لكننا كثيرا ما نجد بعض الناس يتدخل فيما لايحسن , ويقحم نفسه فيما لا يدرك , ويقدم نفسه كإنسان موسوعي فذ , فيدلي برأيه في كل أمر ويقول بفهمه في شتى الشئون بل والعلوم , فيصير سياسيا في دقائق لمجرد متابعته بعض الأخبار , ويصير محللا واقعيا في ثوان لمجرد وضوح موقف لديه , بل في بعض الأحيان يجعل نفسه عالما اجتماعيا أو فكريا أو اقتصاديا بشكل قد يثير الناس سلبا . دفعني لقول ذلك ما وجدته متكررا من حديث بعض الوعاظ والدعاة في شئون لم يتقنوها أو يلموا بجوانبها أو يتفهموا خلفياتها ودوافعها . البعض تدفعه نيته الحسنة نحو تنصيب نفسه مجيبا على كل مسألة مهما كان تخصصها , ومرجعا لكل تساؤل مهما كان خفيا .. للأسف تكون عاقبة ذلك خسرا , فصاحبنا يقول ماليس له به علم , وبالتالي تحدث السلبيات المتتابعة ومنها : أولا : استماع الناس إليه وتأثرهم به باعتبار حبهم له أو ثقتهم فيه , ومن ثم يكون مرجعا لهم في أمور قد توردهم المهالك وقد تدفعهم لسوء التصرف وقد يصل ذلك للإضرار بالغير . ثانيا : تشويه صورة الدعاة والعاملين للإسلام والحركة الإسلامية ككل عندما يتحدث هذا حول ما يجهله من أنواع العلم حتى إن بعضها ليصير مما يتندر به الناس ثالثا : إفشال برامج مرتبة ومنظمة وتراجع خطوات معلومة ومدروسة , إذ إن صاحبنا لايتعلم قبلما يتكلم ولا يتفهم قبلما يتصدر , وقد تضيع مجهودات إيجابية كبيرة سدى . رابعا : إثارة جماهير الناس في أحيان مختلفة , فيتلقف كلامه - السلبي قليل العلم بما يقوله عادة - كثير من أعداء الإسلام , فيستدلون بكلامه على الحركة الإسلامية ككل وتصير أحاديثه خنجرا في ظهر الطيبين والأخيار . إنني أطالب كل واعظ أو خطيب أو متحدث للعامة أن يكون على علم بما يتحدث فيه وعلى دراية ودراسة لما يتصدر له وأنصح إخواني الدعاة بعض النصائح البسيطة الهامة : 1- ألا يستحي أن يقول لا أدري فلا أدري دليل على حياة القلب 2- ألا يتصدر إلا في مجال تخصصه وفنه الذي يحسنه 3- أن يستشير الخبراء فيما يريد مخاطبة العامة فيه ويعمل بنصيحتهم وخبرتهم 4- أن يفهم المرء نفسه ويعلم قدره ويدرك نقاط قوته وإتقانه ونقاط جهله وإساءته واسأل الله أن يلهمنا وإياكم الصدق في القول والعمل خالد رُوشه |
الساعة الآن 03:27 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام