منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الخلافة الراشدة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=56)
-   -   سيرة ابراهيم عليه الصلاة والسلام. (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=71932)

أبو عادل 01-08-2014 12:14 PM

سيرة ابراهيم عليه الصلاة والسلام.
 
http://www.nor1way.com/vb/mwaextraedit4/extra/81.gif



• ولد إبراهيم عليه السلام بأرض بابل في العراق في عهد النمرود الذي كان حاكما لتلك البلاد مستبدا جبارا وقد نصّب نفسه الها لقومه الذين كانوا يعيشون في دياجير الجهل والضلال وعبادة الأصنام. وكان أب ابراهيم وهو ازر نجارا وينحت الأصنام ويبيعها. ولما شبّ إبرهيم عليه السلام تزوج امرأة اسمها "سارة" وكانت عقيما لا تلد.ولد لازر ابراهيم عليه السلام وهاران وولد لهاران لوط عليه السلام.

• ولم يذكر لنا شئ في الكتاب والسنة عن نشأة ابراهيم في قومه وكيف كان حاله مع قومه في الصغر بل أول ما ذكر لنا هو مخاطبة ابراهيم لقومه ومجادلتهم في الهتهم التي يعبدونها من دون الله.

• انتسب الى ابراهيم عليه السلام ثلاث طوائف , المسلمون واليهود والنصارى بل انتسب اليه المشركون ايضا, فبين الله تعالى من هو المستحق بالانتساب الى امام الحنيفية عليه السلام فقد قال الله تعالى عن ذلك : "ام تقولون ان ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط كانوا هودا او نصارى قل أأنتم أعلم أم الله "وقال عز وجل :"ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين" , فكان عليه السلام متحنّفا عن الشرك أي بعيدا منحرفا عنه.وبين من أحق بابراهيم عليه السلام من غيره فقال عز وجل : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين "
ويبين الله تعالى حقيقة دعوة ابراهيم في قوله :" إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين *شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم * وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين *ثم أوحينا إليك من اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" وقال عز وجل : " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"وقال تعالى : " قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"وقال تعالى : "وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم هو سماكم المسلمين "

فأكد الله عز وجل واخبر ان ابراهيم كان حنيفا مسلما بريئا من الشرك وأهله.ولما فتح الله عز وجل مكة لنبيه عليه السلام دخل الكعبة فوجد انهم قد رسموا ابراهيم واسماعيل وهما يستقسمان بالازلام , روى الامام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنها:
"من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم ، أبى من يدخل البيت وفيه الآلهة ، فأمر بها فأخرجت ، فأخرجوا صورة إبراهيم فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الآزلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قاتلهم الله ، أما والله قد علموا أنهما لم يستقسما بها قط"

فضل إبراهيم عليه السلام

في كتاب الله تعالى :


• الاصطفاء : " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين"

• واتمّ نعمته عليه : " ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم"

• نبي صدّيق : " واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا"

• ونعته ربه بالصلاح : "وانه في الاخرة لمن الصالحين"

• ووصفه بانه حليم أواه منيب :"إن إبراهيم لحليم أواه منيب"

• وأخبر عن سلام القلب : " وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم"

• واتاه الله رشده وهو صغير فضلا من الله ومنّة :" ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين" أي : أعطيناه رشده، واختصصناه بالرسالة والخلة، واصطفيناه في الدنيا والآخرة، لعلمنا أنه أهل لذلك، وكفء له، لزكائه وذكائه،

• ورفع الله درجته في الدنيا والاخرة في ان اتاه الله العلم وفقه الدعوة الى توحيد الواحد العلاّم والدعوة الى دار السلام : " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم" (فائدة : قال ابن مسعود : ليس العلم بكثرة الرواية ; وإنما هو خشية الله تعالى)

• واتخذه الله خليلا : "واتخذ الله ابراهيم خليلا"

• وزكّى الله دعوته بالرسالة وأنه قد وفّى ما عليه عليه السلام : "وابراهيم الذي وفى"
أي بلغ الرسالة على أتمّ وجه.

في سنة النبي صلى الله عليه وسلم

• وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكريم فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهماعن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (صحيح البخاري)

• وأنه خير البرية : فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا خير البرية ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذاك إبراهيم عليه السلام " . (صحيح مسلم)

• وانه اول الخلائق يُكسى يوم القيامة , فعن ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" يا أيها الناس ، إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ، ثم قال : { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين } . إلى آخر الآية ، ثم قال : ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم ، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصيحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } . فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم "

• وفي حديث المعراج من حديث انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال :" ثم عرج إلى السماء السابعة . فاستفتح جبريل . فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل . وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا . فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم ، مسندا ظهره إلى البيت المعمور . وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه "(صحيح مسلم) .وفي رواية البخاري من حديث مالك بن صعصعة الاتصاري قال: " قال(اي جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم) : هذا أبوك فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح"

• وسمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه باسم ابيه ابراهيم عليه السلام , فعن انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ولد لي الليلة غلام . فسميته باسم أبي إبراهيم " (صحيح مسلم).

أبو عادل 01-08-2014 12:15 PM

رد: سيرة ابراهيم عليه الصلاة والسلام.
 
بداية دعوة ابراهيم عليه السلام لأبيه وقومه في بلاد بابل

بدأ ابراهيم عليه السلام بدعوة أبيه الى نبذ الأصنام وتوحيد الله تعالى الذي اليه المرجع والماب ,
وذلك مصداق قوله عز وجل :"وانذرعشيرتك الاقربين" فبدأ باقرب الناس اليه , قال عز وجل :

" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا *يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا *يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا* قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا *قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا"

يخبر الله تعالى عن محاورة ابراهيم عليه السلام لأبيه آزر يدعوه الى عبادة الله وحده , فبيّن له ضلال ما هو عليه من عبادة من لا يملك نفعا ولا ضرا , وقال له :
وإن كنت تراني صغيرا فاعلم ان الله آتاني من العلم ما لم يؤتك, يا أبت.. اتبعني واستجب لما ادعوك اليه هو عبادة الله وحده لا شريك له, وطاعته في جميع الأحوال . ولم يقل له انا عالم وانت جاهل بل نسب العلم لنفسه بدون ذكر ما عليه أبوه من الجهل والضلال وهذا قمّة الأدب واللين وتمام البرّ للوالد. ثم قال له :
"لا تطع الشيطان في عبادتك هذه الأصنام فهو الداعي لعبادتها ثم إن ابيت واصررت على ما انت عليه صرت وليا للشيطان في الدنيا والآخرة" وهذه هي الخسارة العظمى والكسادة القصوى" وطاعة الشيطان المذكورة في الاية تسمى بعبادة الطاعة وذلك قوله تعالى : " لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " فكل كافر هو ولي للشياطن كما بين الله تعالى : "انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله"

وتحلّت دعوة ابراهيم مع ابيه ازر بالنصح والرفق واللين ومحبة الخير له بخلاف قسوة قلب ابيه الذي خاطبه باسمه العلم ولم يخاطبه بلغة الوالد لولده بأن يقول له : يا بني ..لا! وهذا يُشعر بما في قلب الوالد من قسوة على ابنه ابراهيم عليه السلام وكذلك هي قلوب الكفار التي نسيت ربها وأشربت بالكبر والهوى والشهوات "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة" فرد عليه بجلافة وقسوة وكلام ملؤه العناد والاستكبار وحذّره بان يرجمه ان لم ينته عن شتم الهته وسبها ثم امره بأن يهجره ولا يراه ولا يكلمه أبدا فقال له : "واهجرني مليا" اي زمن طويلا.

إلا ان ابراهيم قابل هذه القسوة بأن قال له : "سلام عليك" أي: ستسلم من خطابي إياك بالشتم والسب وبما تكره, وزاده خيرًا فقال : " سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا " أي: فإن الله لطيف بي رحيم رؤوف بحالي, معتنيا بي . وقد أوفى بوعده فقال : " واغفر لأبي إنه كان من الضالين"

ولكن لما تبين لابراهيم عليه السلام ان اباه عدو لله ولدينه تبرّأ منه وهذا هو الواجب على كل مؤمن موحد بأن يتبرّء من الشرك وأهله , قال عز وجل : " وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاّ عَن مّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ أَنّهُ عَدُوّ للّهِ تَبَرّأَ مِنْهُ إِنّ إِبْرَاهِيمَ لأوّاهٌ حَلِيمٌ"
لمّا استغفر ابراهيم عليه السلام لأبيه وذكره الله عز وجل في كتابه , استغفر بعض الصحابة رضي الله عنهم لموتاهم من المشركين واستغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعمه ابي طالب وقال :"لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " وكان يصلى على بعض المنافقين , فأنزل الله تبارك تعالى :"ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم"وقال عز وجل : " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء "
فيه استثناء الاقداء بإبراهيم عليه السلام في استغفاره لأبيه وقد كان كافرا عدوا لله عز وجل.

وروى الامام البخاري في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :" يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة ، فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ، فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقول الله تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال : يا إبراهيم ، ما تحت رجليك ؟ فينظر ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار"

أبو عادل 01-08-2014 12:16 PM

رد: سيرة ابراهيم عليه الصلاة والسلام.
 
تكسير الاصنام وإقامة الحجة الدّامغة على قومه

ثم أخذ ابراهيم عليه السلام يدعو قومه وينكر عليهم عبادة الأوثان وأنهم على ضلال من امرهم اذ اشركوا بالله الواحد العلام , فناظرهم وأقام الحجة عليهم وكسر الهتهم الباطلة وأهانها بين أظهرهم .فجاءهم عليه السلام في معبدهم فحقّر أصنامهم وصغّرها وتنقصها ,قال الله عز وجل في سورة الأنبياء:

" وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أأنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ "

وقال في سورة الشعراء: " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَل لّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الاَخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنّةِ النّعِيمِ * وَاغْفِرْ لأبِيَ إِنّهُ كَانَ مِنَ الضّآلّينَ * وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ"

وقال تعالى في سورة الصافات:" وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ "

• قال عز وجل "وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ " ابتدأ عليه الصلاة والسلام بالدعوة مع قومه بأن قال لهم متعجبا من جهلهم : ما هذه التماثيل التي أنتم معتكفون عندها وخاضعون لها؟! تصرفون لها من أنواع العبادة ما لا يحق صرفه إلا الى الله تعالى؟! فما كان حجتهم إلا صنيع الآباء والأجداد، وما كانوا عليه من عبادة الأنداد "قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ".

• فقال لهم مبينا ما كان عليه الاباء من الضلال والشرك برب السماء :"لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" وقال: "أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ" ثم قال :" فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ " اي: فما ظنكم به أنه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟(كما قال قتادة) وقد بين ان رحمته وسعت كل شئ وسوف يحظى بها كل مؤمن موحد وسيُمنع منها كل أفّاك كفور قد نسب لله عز وجل الهة اخرى فعبدها من دونه فتجده إذا ضاق به الحال وألمّت به الكربات وتقطعت السبل وضاقت الحيل نادى ربّه وتخلّى عن المعبودات دونه , فلما ذهب ما به من كرب وبلاء عاد ليكفر بخالق الارض والسماء "فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير"

• فاستمر واجتهد في المقال مع أولائك الجهّال ليبين عيب وعجر تلك الحجارة الصمّاء التي أصمّت اذانهم عن الحق ويبين انها لا تدفع عن نفسها شئا فكيف عن غيرها : " قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ "

سبحان الله ,أنظر كيف سلّموا له أنها لا تسمع داعيًا، ولا تملك ضرا ولا نفعا , إذ انهم لم يدفعوا سبّه لها بأي كلام بل ذهبوا يحتجون بأسلافهم الضٌّلال وأنهم على اثارهم المُعتمة مُقدون.
ولهذا قال لهم: " قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ " وهذا برهان قاطع على بطلان آلهيّةِ ما ادّعوه من الأصنام، لأنه تبرّأ منها وتنقّص بها ولم يُصبه أيُّ ضرر ولا تأثير منها ، فلو كانت تضر لضرته أو تؤثر لأثرت فيه.فنظروا اليه واحتقروه بأعينهم لكونه فتى وقالوا له :"أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ " يقولون: هذا الكلام الذي تقوله لنا، وتنتقص به آلهتنا، وتطعن بسببه في آبائنا تقوله محقًّا جادًا فيه أم لاعبًا مستهزءا؟فردّ عليه عليه الصلاة والسلام ردّا يرتجف له قلب المؤمن وجلا وتعظيما ," قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ " فيا للعجب من قلوب أولائك القوم , حسبهم هذه المقالة من إمام الحنيفية عليه الصلاة والسلام ليرتدعوا ويرعووا ولكن قست قلوبهم فعلاها الرّان وغشيها العمى والضلال.فقال عليه السلام :إني لست من اللاعبين كما تظنون بل أقول لكم ذلك جادًا محقًا، وإنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ربكم ورب كل شيء، فاطر السماوات والأرض، الخالق لهما على غير مثال سبق، فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأنا على ذلكم من الشاهدين, وهذه من أعلى الشهادات لأنه من أولي العزم من الرسل خليل الله عليه الصلاة والسلام.

• ثم أقسم ليكيدن هذه الأصنام التي يعبدونها، بعد أن يولوا مدبرين إلى عيد من أعيادهم فقال : " وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ" قال هذا خفية في نفسه، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: سمعه بعضهم ,فلما جاء اليوم الذي كان فيه عيدهم عرّض لهم في الكلام حتى توصل إلى مقصوده من إهانة أصنامهم، ونصرة دين الله الحق في بطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام، التي تستحق أن تكسر، وأن تهان غاية الإهانة فقال عز وجل مخبرا عن ذلك : " فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ " فأرد بهذا عليه السلام ان يتخلّف عنهم ليكيد بالهتهم ويهينها, ومعنى" فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ" أي انه تفكّر في الأمر ثم ادّعى أنه لن يشاركهم في عيدهم لأنه سقيم مريض وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات: قوله :إِنِّي سَقِيمٌ وقوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وقوله عن زوجته :إنها أختي"

• فلما خرجوا إلى عيدهم واستقر هو في بلدهم، ذهب إلى آلهتهم مسرعًا مستخفيًا، فوجدها في بيت عظيم، وقد وضعوا بين أيديها أنواعًا من الأطعمة قربانًا إليها فقال لها على سبيل التهكم والازدراء: " أَلَا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ "
فما لبث إلا ان راغ(أسرع وعجّل) عليها ضربا بقَدوم في يمينه القويّة فجعل يضربها بقوته ضربا شديدا حتى جعلها جذاذا أي قطعا صغيرة فكسّرها كلها ولم يبقي منها شيء الا صنمهم الكبير فلم يمسه بشئ لمقصد حكيم يريده عليه السلام كما قال تعالى: " فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ " فترك إبراهيم تكسير صنمهم هذا لأجل أن يرجعوا إليه ليأسألوه او يستفتوه في الخبر, فلما رجعوا من عيدهم ووجدوا ما حل بمعبودهم " قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ"
أنظر كيف رموْا ابراهيم عليه الصلاة والسلام بالظلم الذي والله هم أولى به حيث اتخذوا هذه الأصنام الهة تعبد من دون الله ولو كانت هذه آلهة لدفعت عن نفسها من أرادها بسوء، لكنهم قالوا من جهلهم، وقلة عقلهم، وكثرة ضلالهم وخبالهم: " قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ" ولم يدروا ان من عدله عليه الصلاة السلام وكمال توحيده علوّ شأنه عند الله عز وجل أن كسّرها وجعلها جذاذا. ثم : "قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ" أي : سمعنا ان هناك فتىً كان يعيبها ويزدريها يقال له ابراهيم فلا شك أنه هو الذي فعل هذا بالهتنا , وعلى قول ابن مسعود: سمعهم احدهم لمّا قال : "وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ "

" قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ " أي: احضروا هذا الفتى على مرأى من الناس ليروا ما حلّ في الهتهم ثم ليشهدوا مقالته ويسمعون كلامه، ويعاينوا ما يُصنع بمن كسّر الهتنا من القصاص والحكم عليه. وكان هذا أكبر مقاصد الخليل عليه السلام أن يجتمع الناس كلهم فيقيم على جميع عبّاد الأصنام الحجة على بطلان ما هم عليه، كما قال موسى عليه السلام لفرعون: " مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى "فلما اجتمعوا وجاؤوا به عليه الصلاة والسلام , فتأمل رحمك الله وقوف رسول الله عليه السلام بين أولائك المشركين وقد احاط الناس به من كل جانب , فلم يرتجف ولم يتأتأ في الكلام بل ناظرهم بكلام موزون سديد وأبطل حجتم جميعا ,وكيف له أن يخاف من ذلك الجمع الرّهيب وقد اتاه الله رشده وملأ قلبه بالإيمان والتوكّل واليقين بأن الله عز وجل ناصره, قال سبحانه :"ومن يتوكل على الله فهو حسبه" فثبّت الله عز وجل قلب ابراهيم عليه السلام وسدد لسانه.

• فلمّا اجتمع الناس الى ذلك البنيان الذي فيه الأصنام المُحطّمة , وقد جاؤوا بابراهيم عليه الصلاة والسلام وأوقفوه على مرأى من الناس ف : "قَالُوا أأنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ" يعني : ما الذي جرّأك على ان تفعل هذا بالهتنا ؟! فصرف الفعل الى صنمهم الكبير فقال : "بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا " أي هو الذي كسّرها غضبا عليها لمّا عُبدت معه, فإنه لا يرضى ان يكون هناك اًصناما أخرى تُعبد معه, فأراد ان تكون العبادة خالصة له من دون تلك الأصنام. وأراد إمام الحنيفية ان يلزم خصومه ويقيم عليهم الحجة بصورة واضحة جلية ليعيها أولائك الخصماء والناس من حولهم. لذلك أتبع قائلا : "فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ " قال لهم : لماذا نختصم في الكلام ونطيل .. فلنسمع من ذلك الصنم الكبير فإنه كان شاهد عيان على كل ما جرى حوله.. فهو صاحب الفعلة ومدّبر الجريمة...ثم بعد ان تسمعوا حجته وقولته نحيل الكلام الى الأصنام التي كٌسّرت فلنصغي لكلامها. فقال لهم على رؤوس الملأ : فاسألوهم إن كانوا يرجعون اليكم بالكلام.
" فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ " , عادوا على أنفسهم بالملامة وأقروا على أنفسهم بالظلم والشرك فهذه الأصنام بين أيديهم قد أصبحت جذاذا فلاهي دفعت عن نفسها ولا هي تتكلم لتخبرهم عن الحدث وهذا ابراهيم الفتى يقف بينهم لم يمسسه سوء بل يناظرهم بكلام واضح جلي لا يخفى على أولي العقول السليمة والفطرة السوية أنّ ما هم عليه من عبادة الأوثان والأنداد والشرك بخالق العباد هو الظلم بعينه والسفه الخبال. فأقروا على انفسهم بالظلم العظيم لكن ما هي الا لحظات حتى رجعوا الى الفتنة , قال عز وجل : " ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ " فانقلب الأمر عليه وضلت عقولهم وأدركتهم حيرة سوء فأطرقوا رؤوسهم وقالوا : لقد علمت يا إبراهيم أن هذه لا تنطق، فكيف تستهزئ بنا وتأمرنا بسؤالها؟

• فعند ذلك قال لهم الخليل عليه السلام على رؤوس الأشهاد : " قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ" وقال:" أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ *وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ " فلا هي تنفع ولا هي تدفع, فيا للعجب أي سفه هذه العقول في طيّاتها تجمع؟!. ثم وبّخهم على مسمع من الناس أجمعين قائلا : "أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" أي : قُبحا وبعدا لكم وللالهة التي اتخذتموها من دون الله عز وجل, أفلا تتدبرون ما أنتم فيه من الضلال والكفر الغليظ؟!

• فلمّا بان الحق وبطل ما كانوا يعتقدون وأقام عليه الصلاة والسلام الحجة عليه وأفحمهم , جنحوا عن الجدال والناظرة الى استعمال القوّة والتهديد والسلطان والوعيد بأن يؤذوا الخليل عليه السلام قال الله تعالى مخبرا عن ذلك : "قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ" و-" قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ" فأجمعوا على ان يكيدوا بإبراهيم عليه الصلاة والسلام ويقتلوه أشنع القتلات بقولهم : "حرّقوه" وهذا من صور المبالغة في الحرق ,قال أهل اللغة : الزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى. ولاحظ , يرحمك الله, الى قبيح ما هم عليه من الضلال في قولهم :"وانصروا الهتكم" كيف عبدوا من هو مفتقر إلى نصره؟!

• فعمدوا إلى بنيان قد بنوه لإحراق ابراهيم عليه السلام فأضرموا فيه النار، فاضطربت وتأججت والتهبت وعلاها شرر عظيم وجاؤوا بابراهيم عليه السلام يسوقونه ثم ألقوه في النار وهو يقول : حسبنا الله ونعم الوكيل كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار. وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قيل له: " إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ "فأمر الله عز وجل النار التي هي جند من جنوده ان تكون على خليله بردا وسلاما فلم تمسسه بمكروه ولم ينله منها أذى فكادهم الرب جل جلاله وأعلى كلمته، ودينه ونجّى خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام ونصره على أولائك الطغاة قال عز وجل " قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ" وقال عز وجل : "فجعلناهم الأسفلين"
قال ابن كثير رحمه الله كلام نفيس في ذلك
: فأرادوا أن ينتصروا فخُذلوا، وأرادوا أن يرتفعوا فاتّضعوا، وأرادوا أن يغلبوا فغُلبوا ففازوا بالخسارة والسّفال,هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردًا ولا سلامًا ,ولا يلقّون فيها تحية ولا سلامًا ,بل هي كما قال تعالى: " إنْهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًا وَمُقَامَا".

• روى الامام البخاري عن أم شريك أن رسول الله أمر بقتل الوزغ، وقال: " وكان ينفخ على إبراهيم "
• وروى ابن ماجة رحمه الله في سننه عَنْ سَائِبَةَ مَوْلاةِ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ رضي لله عنها فَرَأَتْ فِي بَيْتِهَا رُمْحًا مَوْضُوعًا فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا قَالَتْ نَقْتُلُ بِهِ هَذِهِ الأَوْزَاغَ فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ لَمْ تَكُنْ فِي الأَرْضِ دَابَّةٌ إِلا أَطْفَأَتْ النَّارَ غَيْرَ الْوَزَغِ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ
ه" (صَحِيح رِجَاله ثِقَات)

• وقتل الوزغ في أول ضربة أكثر أجراً وثواباً من قتله في المرة الثانية جاء هذا في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من قتل وزَغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة . ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية "

أبو عادل 01-08-2014 12:17 PM

رد: سيرة ابراهيم عليه الصلاة والسلام.
 
· مناظرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع النّمرود الذي ادّعى الربوبية

وذكر الله عز وجل في كتابه مناظرة وقعت بين ابراهيم عليه السلام وبين ذلك الطاغية النمرود الذي كان حاكما لبلاد بابل فادّعى الربوبية واستكبر في الأرض وكفر برب العالمين. قال الله عز وجل عن ذلك :
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"

قوله عز وجل : "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ" , أي هل أتاك خبر الذي خاصم وجادل إبراهيم في ربه؟! وهذا تعجيب من الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وكل مؤمن بعده من ذلك الطاغية .. ألأن الله عز وجل اتاه ملكا لم يؤته احدا غيره من قومه يدفعه ذلك الى ان يكفر بربّه الذي أسبغ عليه النعم ظاهرة وباطنة ؟! بل لم ينته الأمر الى ذلك حيث ادّعى الربوبية وجعل يخاصم ويجادل إمامَ الحنيفية عليه السلام في ربّه عز وجل.

فجعل ابراهيم عليه السلام يبيّن ان الله عز وجل هو المنفرد بأنواع التصرف فقال عليه السلام : " رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ" [فخص من انواع التصرّف الإحياء والإماتة لكونهما أعظم أنواع التدابير، ولأن الإحياء مبدأ الحياة الدنيا والإماتة مبدأ ما يكون في الآخرة](السعدي)
فقال المُعاند مستكبرا : " أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ" قال أهل التفسير : "وذلك أنه إذا آتى بالرجلين قد تحتم قتلهما، فإذا أمر بقتل أحدهما، وعفا عن الآخر، فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر"
وهذا حقيقة ليس بمعارضة للخليل وليس بحجة ولا كلام في مقام المناظرة، بل هو تشغيب محض ، فإن الخليل استدل على وجود الله سبحانه وتعالى بأيجاد كل هذه الحيوانات وموتها أنه لا بد من موجد لها ومصرّف ومدبّر لها. فلما رآه إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون حجة، اطرد معه في الدليل فقال إبراهيم:" فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ" اذا كنت كما تدعي من أنك أنت الذي تحيي وتميت فالذي يحيي ويميت هو الذي يتصرف في كل ما خلق فهذه الشمس تبدو كل يوم من المشرق، فإن كنت إلهًا كما ادعيت تحيي وتميت فأت بها من المغرب." فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ" فبين ضلاله، وجهله، وكذبه فيما ادعاه، وبطلان ما سلكه، وتبجّح به عند جهلة قومه، ولم يبقَ له كلام يجيب الخليل به، بل سكت وبهت وتحير فلم يرجع إليه جوابا وانقطعت حجته"وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"بل يبقيهم على كفرهم وضلالهم، وهم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك ورضوا به.

فالمقام الأول من المناظرة يكون كالمقدمة للثاني, فإن الدليل الثاني الذي ذكره ابراهيم عليه السلام على تفرّد الله عز وجل بالتصرّف والتدبير يبَيّن بطلان ما ادعاه النمروذ في المقام الأول , لأن الذي لا يتصرّف بالمخلوقات نُفِيَ عنه فعل الإحياء والإماتة.


الساعة الآن 02:28 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام