أسباب وجود الفراغ في حياة المرأة
ووقت الفراغ الذي يحصل في حياة المرأة- نحن الآن نتكلم عن المرأة باعتبار أن المشكلة تخصها فكثير من النساء يشعرن بوقت فراغ- نتج عن أسباب، وهذه الأسباب هي : ......
تخليها عن مسئولياتها في البيت وإسنادها إلى الغير
أولاً تخليّها عن مسئولياتها في البيت وإسناد هذه المسئوليات إلى الغير، فنتج عن هذا التخلي وعدم المبالاة فراغ، إذ أول مسئولية في البيت هي مسئولية التدبير المنـزلي، فالتدبير المنـزلي من تدبيرات المرأة: خدمة الزوج.. الطهي.. الغسل.. نظافة المنزل... هذه الأعمال ليست أعمالاً مبتذلة لا يصح أن تسند إلى المرأة، لا. بل هي في حق المرأة ربما تكون من العبادات، فلما أسندت هذه الوظائف إلى الخادمة أو الشغالة حصل عن هذا الإسناد لهذه الوظيفة فراغ. ثانياً: وكذلك مهمة تربية الأولاد من أوجب المهمات ومن أعظم المسائل المتعلقة بالمرأة، ولقد أسندت هذه المهمة إلى الشغالة وإلى الروضة وإلى المدرسة، ولم يعد للمرأة دور في ممارسة عملية التربية للولد وللبنت إلا دور بسيط عند المهتمات، أما بعض الأمهات فلا تعرف عن أولادها ولا عن تربيتهم شيئاً، وهذا من أخطأ الخطأ. ثالثاً: وكذلك نتج الفراغ من جهل المرأة بحقوق الزوج وعدم إعطائها الحق الكامل لزوجها، الزوج مسئولية، وعلى المرأة تجاهه واجبات لا بد أن تقوم بهذه الواجبات، ليست مقصورة فقط فيما تفهمه المرأة غالباً وهو الجانب الجنسي فقط، لا. الزوج كما يقول أحد العلماء شغلة للمرأة، يجب أن تصرف في خدمته شخصياً ثلث عمرها- ثمان ساعات- لرضاه.. لخدمته.. لاستقباله.. للأنس به.. للجلسة معه.. للعناية به.. لتمريضه.. لكل شغلة، لكن الرجل لا يجد من المرأة في هذه الجوانب شيئاً، معطلة لهذه الحقوق، وبالتالي تسوء العشرة بين الرجل والمرأة ويضطر إلى الزواج بأخرى تمنحه شيئاً من هذا الحق، أو يعيش طوال حياته مهضوماً مكلوم القلب، يعيش في معاناة نفسية وعذاب داخلي؛ لأنه مهضوم ما أعطي حقه، بينما المرأة هي التي قصرت في هذا الحق. فنقول للمرأة: إن تخليّها عن مسئوليات بيتها تجاه تدبير منـزلها، وتربية أولادها، وخدمة زوجها أحدث لديها فراغاً حاولت أن تملأه بما لا ينفعها، فعبرت عن هذا بما سأذكره إن شاء الله من أشياء غير مناسبة أن تقضي المرأة جزءاً من وقتها متسكعة في الشوارع ومتجولة في الأسواق؛ لأنها فارغة ليس لها غرض أصلاً ولا تريد أن تشتري شيئاً فقط تقول: خذني إلى السوق. يقول لماذا؟ قالت: نشتري حاجة، وليس في ذهنها شيء! إنما أحست بالضيق في البيت فأرادت أن تقضي شيئاً من الفراغ في السوق، أو تقضيه في مشاهدة الأفلام والمسلسلات، أو في الزيارات المتكررة والجلسات التي تجلس فيها مع جيرانها وجاراتها في جلسات أكثرها معصية لله عز وجل؛ في قيل وقال وغيبة ونميمة وفلانة وعلانة.. وهذا كلام كله لا يرضي الله تبارك وتعالى! هذا الفراغ ملئ بالباطل يوم تخلت عنه المرأة ولم تملأه بالحق المطلوب منها.
التسويف
من الأسباب التي أدت إلى وجود الفراغ: التسويف؛ والتسويف هذا عمل الكسالى من الرجال أو النساء: سوف أعمل.. سوف أحفظ القرآن.. سوف أحفظ السنة.. سوف أكون خياطة.. سوف أكون مدبرة سوف.. سوف..، ومرت سنة .. وعشر وعشرون .. وحليمة على عادتها القديمة لم تتعلم شيئاً، ولم تحفظ آية، ولم تحفظ حديثاً ولا قامت بأي جهد.. وإنما تمني نفسها وتلعب على نفسها وتخدع نفسها بالتسويف، والتسويف هو رءوس أموال المفاليس، تقول له :ما عندك ؟ قال: سوف أبني عمارة في المستقبل، ويموت وهو لم يحقق شيئاً، لماذا ؟ لأنه يعيش على الأماني. هذا التسويف من أخطر الأشياء على المرأة، يجب أن تكون المرأة جادة فعَّالة صادقة تعمل لا تسوف؛ لأن التسويف يضيع عمرها ويشغلها بالأمور التافهة التي لا تنفعها في الدنيا ولا في الآخرة.
النوم
ومن أسباب الفراغ الذي يحصل عند المرأة: النوم. وكثير من النساء لا تنظم برنامج النوم، فيستغرق عدم التنظيم أكثر من اللازم، وإلا فالجسم يحتاج إلى النوم كطبيعة وكضرورة بشرية، لكن لا بد أن يكون له موعد نظام من الساعة -مثلاً- من الحادية عشرة مساءً -أو العاشرة- إلى قبل الفجر بنصف ساعة وتستيقظ، لكن المرأة فوضوية أحياناً، تسهر إلى الساعة الثالثة ليلاً ثم تنام إلى العصر، وأحياناً تجلس طول اليوم ثم تنام بعد العصر فلا تستيقظ إلا الفجر، يعني: لا يوجد تنظيم في عملية النوم، ويؤدي عدم التنظيم إلى خلخلة في التفكير وإلى ضياع في الوقت.. تنام عشر ساعات وتستيقظ عشرين ساعة، ثم تنام عشرين ساعة، ثم تستيقظ ثلاثين ساعة؟! ليست منظمة، لا بد أن تكون المرأة منظمة، فعند الساعة الحادية عشرة تطفئ الأضواء من أجل أن ينام الأولاد وتنـزع حتى التليفونات حتى يكون البيت هادئاً، وعند الساعة السابعة يكون كل البيت قد استيقظ.. لكن عندما لا ينظم الوقت يضيع العمر ويضيع الوقت من حيث لا تشعر المرأة.
القدوة السيئة
ومن أهم الأسباب أيضاً: القدوة السيئة. فهناك من النساء من لا يكون لها قدوة حسنة في حياتها، وإنما تقتدي بالسيئات، فتخرج وتقرأ وتسمع أخبار الممثلات والراقصات والمغنيات والساقطات.. وتريد أن يكون لها قدوة من هؤلاء! وبالتالي تشعر بنوع من الفراغ تملأه بمتابعة هذه الأخبار التي ليست لها ولا تليق بها كامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر وترجو لقاء الله تبارك وتعالى. هذه هي مجمل الأسباب التي تؤدي إلى وجود فراغ عند المرأة المسلمة. ولكن هل هناك أشياء تعين المرأة على حفظ أوقاتها؟
أسباب تعين المرأة على حفظ الوقت
نعم. سأذكر إن شاء الله تعالى الأشياء التي تعين المرأة على حفظ وقتها، وأيضاً مجالات قضاء الوقت، أوكيف تقضي المرأة وقتها ؟ أما الأشياء المعينة على قضاء الوقت فكثيرة منها: ......
الخوف من الله تعالى
أولاً: الخوف من الله تعالى، واستشعار عظمته، والعلم بأن الله خلقها للعبادة، وأن الله عز وجل سائلها عن كل دقيقة من دقائق عمرها، وأن الله عز وجل سيحاسبها على كل لحظة تقضيها في غير مرضات ربها، فإذا استشعرت هذا كله وشعرت به أدى هذا إلى أن تغتنم الوقت ولا تضيع منه دقيقة واحدة إلا فيما يعود عليها بالنفع في الدين أو في الدنيا والآخرة.
معرفة الأزمنة والأمكنة الفاضلة والمفضولة
ثانياً: معرفة الأزمنة والأمكنة الفاضلة والمفضولة، فعندما يكون عندها فقه في دين الله بحيث تعرف يوم الجمعة أنه يوم عظيم، وأنه خير يوم طلعت فيه الشمس ، وتعرف أن يوم الإثنين والخميس أيام صيام، وتعرف أن ثلاثة أيام من كل شهر هي أيام صيام.. هذه الأزمنة إذا عرفتها أعانها ذلك على أن تقضيها في طاعة الله؛ لأن بعض النساء تعرف من يوم الجمعة أنه يوم عطلة ونوم ونزهة وتمشية على البحر وخرجة إلى البر، ولا تعرف أن يوم الجمعة يوم فضيل وذكر، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء من بعد العصر إلى المغرب؛ لأن فيه ساعة الاستجابة، ويوم قراءة سورة الكهف، واستعداد للتبكير إلى الصلاة.. تهيء زوجها؛ فتلبسه وتعطره، وتغسل أولادها وتلبسهم وتنظفهم ولا تأتي الساعة العاشرة إلا وهم في المسجد، فترجع هي وتقوم بدورها في تدبير منـزلها، ثم تقوم بالتنظيف والتهيؤ للصلاة، والدخول في مخدعها أو غرفتها وأخذ المصحف وقراءة سورة الكهف، ثم الصلاة، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء.. هذا كله من أعمال يوم الجمعة. لكن إذا لم يكن للمرأة فقه في هذا ضيعت يوم الجمعة كله في نوم؛ تنام إلى الساعة الثانية عشرة، ثم تقوم ولا توقظ زوجها، ويمكن أن يخرج هو متأخراً، ولا يمكن أن يدرك أحدهم حتى الخطبة، ثم تقوم هي بالطهي من الساعة الثانية عشرة إلى الساعة الثالثة، ويأتي زوجها وما قد صلت.. ولم تقرأ حتى سورة الكهف، وبعد العصر تمشية إلى نصف الليل.. هل هذا مما يليق بالمرأة المسلمة؟! هذا من الضياع! هذا من الفراغ وعدم معرفتها لفضيلة الأزمنة التي تمر عليها! فمعرفة المرأة لفضيلة الزمان يعينها على حفظ وقتها..
شعور المرأة بواجبها تجاه نفسها
ثالثاً: شعورها بواجبها تجاه نفسها أولاً، فتعلم أنها مطالبة تجاه هذه النفس بحقوق، وأنها مطالبة تجاه الزوج بحقوق، وتجاه أبنائها، وبيتها، ومجتمعها.. هي فرد لا تقول: ليس عليَّ، لا. كل إنسان في المجتمع يؤدي دوره؛ فإذا فسد هو فسيؤدي فساده في التالي إلى فساد في المجتمع، كحبة التفاح الفاسدة إذا وضعت في صندوق تفاح سليم، هل سيبقى الصندوق كما هو، أم ستؤدي هذه الحبة إلى إفساد الأخريات؟ وهكذا المرأة لها دور عظيم يجب أن تشعر به في عملية إصلاح أمتها، ومجتمعها، ومحيطها الأسري، ومحيطها العائلي الضيق، وزوجها، وأولادها، ونفسها، وخادمتها.. يجب أن تشعر بهذه الوظيفة وهي: أن تكون أينما وضعت وأينما كانت بناءة، كلمتها صالحة ونظرتها هادفة، وسماعها صالح، وأعمالها كلها صالحة، لا تكون فارغة، أو جوفاء، أو سطحية، همومها فقط مقصورة على الملابس والديكورات والموديلات والأصباغ والتمشيات والأكلات.. وماذا نتغدى؟ وماذا نتعشى؟ وماذا نفطر؟ أصبح هم الناس الآن: ما هو الغداء وما هو العشاء؟ يعني: شغلتنا بطوننا ولا حول ولا قوة إلا بالله! لكن ماذا نقرأ؟ ماذا نعمل؟ كم نصلي؟ كم نذكر الله؟ من نزور في الله؟ من نعطيه شريطاً في الله؟ من نعطيه كتاباً في الله؟ من اهتدى على أيدينا؟ هذه هموم ثانوية عند كثير من الناس لا يفهمها! وهنا يتفاوت الناس في معرفة حقيقة الحياة بحسب أعمالهم التي يمارسونها في هذه الحياة. إذاً: فشعور المرأة بواجبها أو ما كلفها الله نحو نفسها ودينها ومجتمعها من أعظم ما يعينها على استغلال وقتها.
الجليسة الصالحة
رابعاً: الجليسة الصالحة، فإن الجليس الصالح له أثر على المجالس، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا هذا في حديث صحيح في الصحيحين يقول عليه الصلاة والسلام: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، أو أن تبتاع منه، أو أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، أو أن تجد منه ريحاً خبيثة) وكذلك الجليس الصالح والجليسة الصالحة التي كلمتها صالحة ونظراتها صالحة وسماعها صالح وأفكارها صالحة وتخطيطها صالح وكل حياتها صالحة.. التي إذا جلست المرأة معها استفادت منها خيراً. أما إذا كانت الجليسة سيئة لمجرد أن تجلس معها ونظرتها سيئة وسماعها سيئ ولسانها سيئ وأفكارها سيئة.. فسوف تزدريك إذا تكلمت بكلام طيب، وتسخر منك إذا نظرت إلى شيء طيب، وتضحك عليك إذا تكلمت بكلام طيب، وتقول: أنت تعيشين في عقلية بعيدة، الناس تطوروا.. لا، ما تطوروا عندما تركوا الدين بل تثوروا، وأصبحوا حيوانات بشرية، التطور الحقيقي هو في الحفاظ على كتاب الله عز وجل، التطور الحقيقي والعزة الحقيقية هي الدعوة إلى الله تعالى، أما التثور الحقيقي فهو في التخلي عن هذا الدين والعيش كما تعيش البهائم -والعياذ بالله- لأن هذا لا يسمى تطوراً ولا تحضراً بل انهزامية وردة وحيوانية وبهيمية يمارسها الإنسان باسم مستعار، وإلا فإن التطور الحقيقي هو أن تحافظ على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تتميز على الناس بهذه العقيدة، والأخلاق والمبادئ.. وأما أن ينغمس الإنسان بالشرور وينحرف مع المنحرفين والمنحرفات ثم يسمي هذا نوعاً من التطور فهذا قلب للحقائق، ووضع للأسماء في غير مسمياتها وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء:227]. فالجليسة الصالحة مهمة جداً، ولها أثر كبير، وكم نعرف والله من القصص التي تدمي القلوب وتزعج النفوس، والتي كانت فيها بعض الأخوات على جانب كبير من الدين.. ولكن بجلسة واحدة مع امرأة خبيثة غسلت مخها وغيرت دماغها وأفسدتها وأصبحت تلك المرأة التي كانت صالحة من أفسق خلق الله؛ لأنها جلست مع جليسة سيئة -والعياذ بالله!! هذه هي الأشياء التي يمكن أن تعين المرأة المسلمة على استغلال وقت فراغها فيما ينفعها في الدنيا والآخرة إن شاء الله.