من الذي ينتفع من القرآن؟!
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد : يؤكد القرآن الكريم في آيات كثيرة على دور الإنسان في التجاوب والتفهم ومن ثمَ الإستفادة من آيات الله المبثوثة في الكون وآيات الله المكتوبة بين دفتي المصحف ( الوحي) ، أي لابد للإنسان أن يقوم ( بفعل ) أن يتدبر ، يتذكر ، يخشى ، يعقل ... فهذه الآيات لا تعطي الثمرة المطلوبة والتأثير المطلوب إلا لمن يتلقاها بفهم عميق وروح ايجابية ( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) . (وهوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ) ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) ( إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ) إذن لابد من ( فعل ) من جانب الإنسان ، والذي لا يمارس فعل التعقل والتدبر والتذكر فهذه الآيات لن تبلغ منه مبلغ التأثير وستكون حجة عليه ،وسيستمر في ضلاله وعمايته عقوبة من الله ، ليس لأن هذه الآيات هي أمر يعجز عنه ولكن لعدم توفر الإرادة عنده . إن أمثال هؤلاء من أصحاب القلوب القاسية المغلقة لا يستفيدون لأنهم زاغوا عن الصراط المستقيم اختيارا ورضا ، وكرها لطريق الهدى والرشاد ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله : " فتوطين النفس على عدم الإنقياد للحق لاينفع معه تذكير ولا وعظ قال تعالى ( نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) وإذا وصل الإنسان إلى هذه الحالة فهو كما قال تعالى ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) ( 1 ) قال الشيخ المقبلي في تفسير قوله تعالى ( هدى للمتقين ) : " فهو هدى لمن شأنه وينبغي له وحاله بصدد التقوى ، مثل قولك : هذا السيف سلاح لولدك ، للمقاتل منهم " ( 2 ) إن هذا القرآن هدى وشفاء للذين يؤمنون ( والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى ) وقال تعالى ( كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ) إن فوائد تنزيله وتفصيله لقوم يعلمون دون غيرهم . إن فعل ( أسلم ) يدل على شخص يسلم نفسه طوعا لإرادة الله ، وهذا تكريم للإنسان في علاقته مع خالقه سبحانه وتعالى ، فالمصطلحات مثل : خشوع وتضرع وتواضع هي نوع خاص من التسليم لله ، وقد أثبت القرآن أن الإنسان له مشيئة ، قال تعالى ( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) أي أن الله هو خالق الإستطاعة وخالق الأمور التي تساعد الإنسان على المطلوب ، مثال : الإنسان لم يكسب الماء صفة الإرواء أو الإسهام في إنبات الزرع ، ولم يجعل هذه التربة صالحة للزراعة ولكن لابد للإنسان أن يضع البذرة الصالحة فتنبت بإذن الله إذا توفرت بقية الشروط . وقد جاء في الحديث " إذا مات أحدكم آذننوني حتى أصلي عليه فإن الله جاعل بصلاتي بركة ورحمة ،فالله سبحانه هو الذي يجعل الرحمة وإنما يجعلها بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " إن العباد الذين علم الله أنهم يطيعونه إنما يفعلون ذلك بإرادتهم ومشيئتهم وقدرتهم ، وإن كان خالقا لذلك ، بمعنى أنه هو الذي خلقهم قادرين شائين بما زودهم به من ملكات المشيئة ، ومريدين بما منحهم من إمكانات الإرادة " ( 3 ) ================= 1- انظر مؤلفات الشيخ ابن سعدي 3/521 2- الأبحاث المسددة /50 3- انظر الفتاوى كتاب القدر د. محمد العبدة |
الساعة الآن 06:14 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام