منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   معًـا نبني خير أمة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=100)
-   -   الوسطية ما بين الإسلام والتسليم (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=7553)

يقظة فكر 16-11-2009 06:26 AM

الوسطية ما بين الإسلام والتسليم
 

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {2/143} البقرة.



حين نتحدث عن الوسط فنحن نتحدث عن مكان بين مكانين، بيد أن من يقرأ هذه الآية يجد أن المكان ليس بين مكانين وإن كان أوسطهما بل علينا تصوره بشكل ثلاثي الأبعاد وسنجد أنه مكان مرتفع يطل على الجانبين معاً، بحيث أن الواقف لا يحتاج ليلتفت يميناً أو شمالاً ليرى ما في النقطتين، هو نوع من الاستعلاء عن إذهاب العقل الذي كرم الله به الإنسان بتجميده والعيش على الهامش أو بجعله يقبل المبالغة والعبث بمعنى خلافة الأرض.



الاعتدال ليس معنى الوسطية وإنما الاعتدال من صفات الأمة الوسط ، والاعتدال ليس خلقاً أو أمراً نروّض أنفسنا عليه بل هو من قيم الأمة الوسط، الحيادية، التحكيم، القياس تلك من صفات الأمة الوسط.



فنحن حين نقول أن لغير المسلمين حقوق وأن لهم كامل الحق في عبادتهم ولهم ما لنا وعليهم ما علينا بل إن من خاصمهم هو خصيم رسول الله يوم القيامة، تلك ليست صفة التسامح وإنما قيمة فكرية وشرعية تدخل الحياة العملية، من خرج عنها فقد أتبع هواه. وهكذا الأمور تقاس، فأنت حين تتسامح تتغلب على مشاعرك ولكن الحقيقة أنك تتقبل هذا الأمر بعقلية مهيمنة على النفسية ومربية لها، هي عقلية الأمة الوسط التي تدخل هذه القيم في كينونتها وتتصف بها..



الذي يحصل اليوم من بعض المدافعين عن الإسلام أنهم يتحدثون بمصطلحات الآخرين فيذكرون حقوق الأقليات وغيرها والمجتمع الإسلامي مجتمع متعدد المحتوى متناغم في الحياة المدنية لأن فكر الإسلام المهيمن مُنظم لكل حلقات الحياة ولا يعتمد هذه المصطلحات الواصفة لتقسيم الناس وفق قواعد أعدت لتنظيم واقع معين.


التطرف في القعود: نحن أمه لا تنتظر الحدث بل نصنع الفعل والفعل على رد الفعل أيضا، فهم خاطئ لمشيئة الله مستشري في هذه الأمة التي أقعدتها منظومة تنمية التخلف، يظنون أن أذى الناس قدر يتوجب الصبر عليه، ذلك لجهلهم قيمتهم عند الله وأن الله جل وعلا وضع للكون سنن تسير الحياة بها ولا يريد الله ظلما بالعباد.


إذاً هؤلاء الناس تشهد عليهم الأمة الوسط أنهم قاعدون مستسلمون خاضعون للعباد بل يظنون أن خيرهم وشرهم بهؤلاء الذي يقولون لضنهم بالعطاء (أنهم مسلطون من الله علينا) وهذا ليس إلا واقعا تنقصه الحقيقة، الكلام الأمثل (نحن خاضعون لهؤلاء لأننا اشترينا البؤس الذي نعيشه لضعف في إيماننا بجنة عرضها السموات والأرض).



إن كل ما يستسلم لظلمه الإنسان حتى ظلم الذات بتركها جاهلة لحلاوة المعرفة بالله وحكمته في الوجود وما وضع من معان فيه عظيمة، ظلمه لذاته بالتقليدية وقصوره عن الإبداع وفق الفهم الصحيح لسنن الكون عن واجبه في خلافة الأرض وعمارتها.


تلك هي الأمة الوسط باندماج الكينونة ومقاصد الشريعة ومعاني التوحيد التي تنطلق منها مفردات مترابطة لتصفها وهي تشكل النموذج الذي بسلوكيته يضع المثل الأعلى والقدوة، من أجل هذا كان الانتساب لهذا الوطن الذي هو الإسلام بالتوحيد واثبات معانيه وليس إرثا يورث أو هو مخصص لجنس أو قوم أو فئة سيان بقعة جغرافية على الأرض.


لقد أعاب الخالق اعتماد الإنسان قبوله ما وجد عليه الآباء والأجداد وإنما عليه أن يتفكر بذاته وما يتاح له من درجات المعرفة لأن الحياة تتغير مدنياً وتطور وعلى هذا المخلوق أن يحقق الإرادة من وجوده في خلافة الأرض وعمارها، فما صلح لأجداده قد يكون قاصرا عنده ولا ينبغي أن يعيش بحلول مدنية وجدت في مرحلة الأجداد ليتعامل مع واقعا له متطلبات وأسئلة تحتاج لإجابات كي يقاد بما شاء الله تعالى، إننا بحاجة لوقفة تفكر كي نكون وسطا منسجمين مع الحضارة الإسلامية ـــ الفكر الإسلامي ــ بحقيقتها فهي ليست أمة قاعدة بل هي امة فاعلة ذات كفاءة، صالحة لإقامة العدل وتحقيق التوازن. نعم إنها الأمة التي ينبغي أن تشهد على الناس وصحة مسيرتهم عندما تعطيهم النموذج الموافق لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. عندما تأخذ دورها بإبداع في قيادة المدنية المتطورة حثيثا لذا فإن القعود والبقاء تحت التأثير لجهات فاعلة أخرى تقود للعلو في الأرض والفساد هو أمر ليس مقبولا من الأمة الوسط.



التطرف في البدع : الإسلام هو الإنسان عموم الإنسان السوي، تكريم الإنسان كان عموما إطلاقا على هذا المخلوق الذي خلق، بيد أننا نلاحظ العصبيات في عموم العالم تدار من منطلقات غريزية وروابط هابطة، وهذا كله يغفل التنوع والعقل البشري الفاعل في الإبداع بالنجدين، فحينما تضعف الآليات يستقطب الناس إلى معسكرات متناحرة يحرف بعضها البعض عن المسار المؤدي للحقيقة.



إن الغلو ليس غلواً في الفكر وليس غلوا في الغرائز، وليس غلوا في العداء فحسب وإنما هو المبالغة في السلم لدرجة الاستسلام والمبالغة في الحرص لدرجة توكيل الذات بما لم تُوَكَلْ به، أو الذهاب لرفض الآخر لكونه مخالفاً لها وهذا بحد ذاته خروجا عن سنن وقواعد الكون التي ذكرها الله بوضوح في كتابه العزيز أواخر سورة يوسف ومطلع سورة الرعد مثلا، وهي حقيقة أن الكثرة لن تتبع طريق الإسلام وهذه إشارة واضحة أن الإسلام يتقبل هذه الحقيقة وكيف لا والله عالم بما خلق، أن الإسلام هو دين الوسط لأننا لو نظرنا حولنا فليس هنالك من يتقبل الآخر حقاً كنظام وإن أدعى ذلك ، بيد أن منظومة تنمية التخلف في بلاد المسلمين عكست بالسطحية والجهل المرادف لها والذي هو من سماتها المفاهيم التي وضعها الخالق أمام فهم المخلوق فكانت هنالك الحاجة لتبيان هذا الأمر ليس دفاعاً وإنما توضيحاً وإزالة ظلم الناس لأنفسهم ولعقيدة إما هم لها كارهون أو إنهم يدعون أنهم لها منتمون.


حين يغالي الإنسان ويدّعي امتلاك القدرة على ما لم يسلط عليه حين لا يفهم ما بيديه من نعم فيسخرها لغير درب الصواب ويجعلها سبيلا لعقله لتبرير غرائزه وشطحات فعله، وهكذا نرى ظلم العباد للعباد واستخدام التكنولوجيا في الفناء والإبادة، وإطلاق الأحكام المتعالية على البشر واستبدال المحبة بالكراهية والاستغلال بدل التعاون. بجعل زينة الحياة مبررا للضلال والظلم والغرق في الأحلام بدل الاستنقاذ بالحلم، ولو وعينا امة الإسلام لكنّا الأمة الوسط التي تجعل سبيل الرشاد منظورا واضحا ولأقيمت الحجة على الأعمى وفاقد البصيرة، اهتدى أم لا يهتدي لكن ما يتضح هو طريق الحق مقابل غلو طريق الضلال.


الإسلام ليس بحاجة لأن يوصف بالوسطية وإن وصفناه لأنه الميزان وأمته متى ما عملت به ولا تحدها رقعة جغرافية كانت هي الأمة الوسط بفهم معانيه وعلمه، فهو نظام وضعه الله جل وعلا ووضع الأمور الحياتية بكامل علمه مذ خلقت الأرض وما عليها إلى أن تنتهي المهام والغاية من الخلق وتطوى السماوات والأرض كطي السجل …


أحاديث كثيرة من الذي نوهنا له أو لم نتطرق إليه في هذا المقام لا يطرحها إلا الجاهل بهذه العقيدة والجهل يقود للجهالة ويعمي البصيرة ويسد منافذ العقل ولا يبرر لها إلا من لاح الضباب في الأفق عنده، فكل ما يدعى عن الإسلام هو مختلق أو منطلق من وجهة نظر وتفسير سطحي للحياة ومعناها، وينطلق من رفض الآخر والتعصب للذات وإن لم يبدو كذلك للوهلة الأولى.



إن الإسلام لا يقترن بشخص أو كتلة بشرية وإنما هو وطن يحتضن من والاه أو كف عن حربه هو نظام مجتمع فيه المسلم وغير المسلم فيه الإنسان الذي كرمه الله وجعل واجبه خلافة الأرض وعمارتها.


الإسلام هو الانسجام وسنن الكون، بل هو ميزان الحق يدير الخلق في ايجابياته وسلبياته رسالة مفتوحة للجميع من قرأها وأهتدي قبل بالمهمة ووعى القول الثقيل ومن لم يقرأها يحافظ الإسلام والأمة على تكريم الله له ما دام لا يعلن حربه على الهدى أو يكون للكفر إماما، بل هو محمي بما اعتقد من الضغط والتجاوز على كينونته حتى ولو انفرد فيما يعتقد بين ملايين البشر له وجهة نظر أم كان يهذي هذيانـًا، من هذه الصفات يكون الإسلام وهو الفكر الحضارة قائدا لتراكم الجهد البشري (المدنية) وموجهه نحو الاعمار وما فيه سعادة البشر لمعرفته بسبب خلقه وحرص النظام على هناء عيشه.


إن وسطية الإسلام في عدل يدعو إليه ويقيمه وتوازن مطلوب لتقويم وتقييم ذلك أن الوسطية في أمته هي ما نتحدث عنه عندما تعي هذه الأمة معانيه وتدخل الوطن بصفاته وشموليته. ولو أطلقنا مصطلح الوسطية على الإسلام ذاته كمنظومة فإننا ولا شك نعني الإنسان السوي الذي تصنعه تلك الحضارة الفكرية المسماة (الإسلام). وقيادته لتجمع وتراكم الجهد البشري نحو الأعم والتعارف أي خلافة الأرض ما أراد الله لها أن تكون.


المصدر


الساعة الآن 08:24 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام