18 – عن بريدة – رضي الله عنه – قال : جاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب ، فوضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا سلمان ؟ قال : صدقة عليك وعلى أصحابك . قال : أرفعها فإنا لا نأكل الصدقة . فرفعها ، فجاء من الغد بمثله ، فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا يا سلمان ؟ فقال : هدية لك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ابسطوا . ثم نظر إلى الخاتم الذي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به ، وكان لليهود فاشتراه رسول الله عليه وسلم بكذا وكذا درهماً على أن يغرس نخلاً فيعمل سلمان فيه حتى تُطعم ، فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخيل إلا نخلة واحدة غرسها عمر ، فحملت النخل من عامها ، ولم تحمل النخلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شأن هذه النخلة ؟ قال عمر : يا رسول الله أنا غرستها . فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غرسها فحملت من عامها . الحديث : أخرجه الإمام أحمد ، وحسّـنه الألباني . معاني الكلمات : قوله : ابسطوا . يعني ابسطوا أيديكم وكُـلـوا . وإنما جاء سلمان – رضي الله عنه – أول مرة بتمر وقال عنه : صدقة ، ثم جاء مرة ثانية وقال : هدية ؛ لأن سلمان – رضي الله عنه – كان يبحث عن الحق ويُفتش ويسأل الأساقفة فدلّـه صاحب عمورية على النبي صلى الله عليه على آله وسلم وأخبره بقرب مبعثه . وقال الأسقف لسلمان : قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرا إلى أرض بين حرّتين بينهما نخل به علامات لا تخفى : يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة . فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل . في حديث طويل رواه الإمام أحمد وغيره في قصة إسلام سلمان – رضي الله عنه – ورحلته بحثاً عن الحق . فهذه ثلاث علامات من علامات النبوة أُخبر بها سلمان – رضي الله عنه – قبل أن يُبعث النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، فأراد سلمان – رضي الله عنه – أن يتأكد من تلك الصفات . وتلك الصفات مما كان عند أهل الكتاب من صفة النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، مما يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل . 19 – عن أبي نضرة العوفي قال : سألت أبا سعيد عن خاتم رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم ؟ يعني خاتم النبوة فقال : كان في ظهره بَضعة ناشزة . الحديث : قال الألباني : تفرد به المؤلف هنا . يعني في الشمائل . وقال عنه : حسن . معاني الكلمات : بَضعة : قطعة ناشزة : مرتفعة يعني كأن الخاتم في كتفه صلى الله عليه على آله وسلم قطعة لحم ظاهرة . 20 - عن عبد الله بن سرجس – رضي الله عنه – قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ناس من أصحابه ، فدرت هكذا من خلفه ، فعرف الذي أُريد ، فألقى الرداء عن ظهره ، فرأيت موضع الخاتم على كتفيه مثل الجُمع حولها خيلان كأنها ثآليل ، فرجعت حتى استقبلته ، فقلت : غفر الله لك يا رسول الله . فقال : ولك . فقال القوم : استَغْفَر لك رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم . فقال : نعم ، ولكم ، ثم تلا هذه الآية ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) . الحديث : أخرجه مسلم باختلاف يسير . معاني الكلمات : الجُمْـع : جُمع الكفّ ، وهو هيأة اليد بعد جمع الأصابع . خِيلان : جمع خال ، وهو النقطة أو الشامة السوداء . ثآليل : جمع " ثؤلول " وهو خرّاج صغير كالحمصة يظهر على الجسد نتوء واستدارة .
باب ما جاء في شَعر رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم 21 - عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصف أذنيه . وفي طريق أخرى : إلى أنصاف أُذنيه . الحديث : أخرجه مسلم في صحيحه . 22 - عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، وكان له شعر فوق الجمة ، ودون الوفرة . الحديث : أخرجه الترمذي ، وصححه الألباني . معاني الكلمات : الجُـمّـة : الشعر النازل إلى المنكبين . الوفـرة : ما بلغ شحمة الأذن . 23 – عن أم هانئ بنت أبي طالب – رضي الله عنه – قالت : قدِم رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم مكة قَـدمـة ، وله أربع غدائـر . وفي رواية : ظفائـر . الحديث : أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه . وصححه الألباني . وفي رواية أبي داود : وله أربع غدائر . تعني عقائص . وفي رواية ابن ماجه : دخل رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم مكة وله أربع غدائر . ومعنى هذا أن دخوله هذا كان عام الفتح . معاني الكلمات : غدائر : جمع غديرة . والضفائر : جمع ضفيرة . والغديرة والضفيرة بمعنى الذؤابة ، وهي الخصلة من الشَّعر إذا كانت مرسلة ، فإذا كانت ملويّة فهي العقيصة . لكن يرِد الإشكال فيما رواه أبو داود : وله أربع غدائر . تعني عقائص . قال في لسان العرب : الضَّـفْـرُ : نَسْجُ الشعر وغيرهِ عَريضاً ، و التضْفِـيرُ مثله : والضَّفـيرة ُ: العَقِـيصَة ، وقد ضَفَر الشعر ونـحوهَ يَضْفِرُه ضَفْراً: نسجَ بعضَه علـى بعضَه علـى بعض . و الضَّفْرُ : الفَـتْـل : و انْضَفَرَ الـحَبْلانِ إِذا الْتَويا معاً . فهما بمعنى واحد . 24 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره ، وكان المشركون يَفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه . الحديث : أخرجه البخاري ومسلم . معاني الكلمات : سَدْلَ الشّعر : إرساله . ومعنى فَرَقَ رأسه : أي ألقى الشَّعر إلى جانبي رأسه . إشكال وجوابه : قد يقول قائل : لماذا كان النبي صلى الله عليه على آله وسلم يُحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ؟ فالجواب : أن هذا كان في أول الأمر ، ثم أُمِـرَ – عليه الصلاة والسلام – بمخالفتهم ، بدليل أنه ترك ما كان عليه أهل الكتاب من سدل الشَّعـر . وقد أمر النبي صلى الله عليه على آله وسلم بمخالفة أهل الكتاب ، والأحاديث في هذا الباب كثيرة مشهورة . ومن ذلك أنه أمر بمخالفة اليهود في صيام عاشوراء ، وأن يُصام يوم قبله أو بعده . حتى قالت اليهود : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه . كما في صحيح مسلم . ويعنون بـ " هذا الرجل " النبي صلى الله عليه على آله وسلم . وهذا يدلّ على كثرة مُخالفة أهل الكتاب ، بل وتقصّد مُخالفتهم ، ليتميّز المسلم في مظهره ومخبره .
باب ما جاء في ترجُّـل رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم 25 - عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : كنت أرجِّـل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض . الحديث : أخرجه البخاري ومسلم . معاني الكلمات : أرجِّـل : أُسـرِّح ، وترجيل الشعر تشريحه . وقد تقدم في دروس العمدة شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجبه التيمن في تنعله ، وترجّـله ، وطُـهوره ، وفي شأنه كلِّـه .
26 – ضعيف .
27 – عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُحب التيمن في طهوره إذا تطهر ، وفي ترجله إذا ترجّـل ، وفي انتعاله إذا انتعل . وتقدّم هذا الحديث تحت شرح الحديث العاشر من أحاديث العمدة .
28 - عن عبد الله بن مغفل – رضي الله عنه – قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التـَّـرجُّـل إلا غِـبّـاً . الحديث : أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي ، وصححه الألباني . معاني الكلمات : غِـبّـاً : يعني يوماً بعد يوم . فالنهي هنا عن تسريح الشعر كل يوم ، هذا بالنسبة للرجال ، وسبب ذلك – والله أعلم – للابتعاد عن مظاهر التّرف ، ولئلا يكون هذا الأمر هو أكبر هـمّ المسلم .
باب ما جاء في شيب رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم
30 - عن قتادة قال : سألت أنس بن مالك – رضي الله عنه – أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لم يبلغ ذلك ، إنما كان شيباً في صدغيه ، ولكن أبو بكر رضي الله عنه خضب بالحناء والكَـتَـم . الحديث : أخرجه البخاري ومسلم . معاني الكلمات : الخضب : تلوين الشعر بالحُمرة . الصِّـدغ : ما بين العين والأذن . ويسمى الشعر النابت بين العين والأذن صِدغـا ، وهو المراد هنا .
31 - عن أنس ء قال : ما عددت في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولِحيته إلا أربع عشرة شعرة بيضاء . الحديث : أخرجه الإمام أحمد وغيره ، وقال الألباني : صحيح على شرط الشيخين . وعند البخاري عن أنس قال : ليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . والعدد مُتقارب ، وهو تقريبي . 32 - عن سماك بن حرب قال : سمعت جابر بن سمرة – رضي الله عنه – وقد سُئل عن شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان إذا دَهَنَ رأسه لم يُـرَ منه شيء ، وإذا لم يدهن رُؤي منه شيء . وفي رواية : لم يكن في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم شيب إلا شعرات في مفرق رأسه ، إذا ادّهن واراهن الدهن . الحديث : أخرج الرواية الأولى مسلم وأخرج الثانية : أحمد
معاني الكلمات : واراهن : غطّـاهن وأخفاهن .
33 - عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : كان شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحواً من عشرين شعرة بيضاء . الحديث : أخرجه أحمد معاني الكلمات : نحواً من عشرين شعرة : قريبا من هذا العدد ، وهذا يؤكد أن العدد تقريبي . 34 - عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال أبو بكر – رضي الله عنه – : يا رسول الله قد شِبت . قال : شيبتني هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعم يتساءلون ، وإذا الشمس كورت . الحديث : أخرجه الترمذي والحاكم وصححه على شرط البخاري ووافقه الذهبي ، وقال الألباني : وهو كما قالا . معاني الكلمات : شيبتني هود ... يعني أن ما ذُكِـر في هذه السُّور مما جرى للأمم ، ومن أهوال يوم القيامة هو الذي كان سببا في شيبه صلى الله عليه على آله وسلم . 35 – بمعنى الحديث المتقدم . 36 - عن أبي رمثة التيمي - تيم الرباب - قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابن لي ، فأريته إياه ، فقلت لما رأيته : هذا نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه ثوبان – وفي رواية : بُردان – أخضران ، وله شعر قد علاه المشيب ، وشيبه أحمر . في رواية للإمام أحمد قال : فقلت لما رأيته : هذا نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذته الرعدة هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . الحديث : أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود . وقال الألباني : إسناده صحيح . معاني الكلمات : بُردان : تثنية بُـرْد ، وهو ثوب مُخطط .