الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإنه من المشهور على ألسنة الخطباء والدعاة بله وفي الكتب المشهورة حديث (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد )
فأردت أن أبين أن الروايات الثابتة في هذا الحديث والمشهورة في كتب الحديث ليس على هذا اللفظ فوجب تبيين هذا الأمر حتى لا ننسب إلى رسول الله أي حرف لم يقله فداه أبي وأمي وإليكم البيان باختصار:
*عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) لفظ البخاري برقم 3230 ولفظ مسلم نفسه برقم 4459.
*أما لفظ (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربعة آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام). *قال الزيلعي رحمه الله :الحديث رواه البخاري في صحيحه ليس فيه خديجة ولا فاطمة رواه في بدء الخلق في باب قوله تعالى وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون من حديث مرة الهمداني عن أبي موسى قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنة عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام انتهى ورواه الباقون فمسلم رواه في بَاب فَضَائِلِ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا والترمذي وابن ماجة في الاطعمة والنسائي في المناقب وروى الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حسبك من نساء العالمين أربع مريم بنت عمران و آسية امرأة فرعون و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد وصححه الحاكم.تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري - (4 / 67).
*قلت :فالحديث بهذا اللفظ المشهور (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعونوخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) غير ثابت بوجه من الوجوه في كتب الحديث والله أعلم ويغني عنه حديث الحاكم وغيره (حسبك من نساء العالمين ...)الذي مر ذكره، ولا يعني هذا أنه ليس لخديجة وفاطمة رضي الله عنهما فضل بل فضائلهما متواترة مشهورة ولكن المقصود هو لفظ الحديث النبوي والله تعالى أعلم.
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان