( تحديد الرسول مدة الخلافة من بعده بثلاثين سنة وإشارته إلى أنها ستتحول بعد ذلك إلى ملك عضوض )
روى أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه من طريق سعيد بن جهمان عن سفينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً". وقد اشتملت هذه الثلاثون سنة على خلافة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق وعثمان الشهيد، وعلي بن أبي طالب الشهيد أيضاً، وكان ختامها وتمامها بستة أشهر وليها الحسن بن علي بعد أبيه، وعند تمام الثلاثين نزل عن الأمر لمعاوية بن أبي سفيان سنة أربعين وأصفقت البيعة لمعاوية بن أبي سفيان وسمي ذلك عام الجماعة وقد بسطنا ذلك فيما تقدم.
( إشارة نبوية إلى أن اثني عشر خليفة قرشياً سيلون أمر الأمة الإسلامية )
ثبت في الصحيحين من رواية عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش". رواه أبو داود من طريق أخرى عن جابر بن سمرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون". وفي رواية: " لا تزال هذه الأمة مستقيماً أمرها ظاهرة على عدوها حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش قالوا ثم يكون ماذا? قال: ثم تكون الفرج (*)" فهؤلاء المبشر بهم في الحديثين ليسوا الاثني عشر الذين زعم فيهم الروافض ما يزعمون من الكذب والبهتان وأنهم معصومون، لأن أكثر أولئك لم يل أحد منهم شيئاً من أعمال هذه الأمة في خلافة، بل ولا في قطر من الأقطار ولا بلد من البلدان، وإنما ولي منهم علي وابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما.
( ليس المقصود بالخلفاء القرشيين الاثني عشر أولئك الذين تتابعوا بعد الرسول عليه الصلاة و السلام سرداً )
ليس المراد من هؤلاء الاثني عشر الذين تتابعت ولايتهم سرداً إلى أثناء دولة بني أمية لأن حديث سفينة: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة" يمنع من هذا الملك، وإن كان البيهقي قد رجحه وقد بحثنا معه في كتاب دلائل النبوة في كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته ولله الحمد، ولكن هؤلاء الأئمة الاثني عشر وجد منهم الأئمة الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وابنه الحسن بن علي أيضاً، ومنهم عمر بن عبد العزيز كما هو عند كثير من الأئمة وجمهور الأمة ولله الحمد، وكذلك وجد منهم طائفة من بني العباس وسيوجد بقيتهم فيما يستقبل من الزمان حتى يكون منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة فيه كما سيأتي بيانها وبالله المستعان وعليه التكلان، وقد نص على هذا الذي بيناه غير واحد كما قررنا ذلك... إنتهى كلام إبن كثير يرحمه الله .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ماشاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون مُلكاً عاضاً ، فيكون ماشاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ، ثم تكون مُلكاً جبرياً ، فتكون ماشاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت )
رواه أحمد و غيره و صححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " و استدل به يرحمه الله على أن الخلافة الراشدة ستعود بإذن الله تعالى .
( إستنتاجات و توقعات )
أولا : الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي فترة حكم الإثنا عشر خليفة القرشيين المبشر بهم .
ثانيا : الثابت و المتيقن أنه قد مضى منهم حتى الآن خمسة خلفاء فقط و هم الأئمة الاربعة إضافة الى عمر بن عبد العزيز و ما سواهم ففي عده ضمن الخلفاء الراشدين خلاف .
u,]m hgoghtm hgYsghldm çgîgçé çgiQgçldé X,ïé
التعديل الأخير تم بواسطة amiral ; 21-11-2009 الساعة 07:09 PM
هذا الموضوع شائك جداً والكلام فيه كثير سواء من أهل السنة او من الشيعة
وإليك بعد السطور التى قرأت
ففي هذه النبؤة رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن خلفاءه من بعده إثنى عشر خليفة وكلهم من قريش ولايزال بهم الدين عزيزاً منيعاً وهم الذين تجتمع عليهم الأمة في خلافتهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُ كل المسلمين وهم إثنى عشر خليفة ووردت رويات أخرى أن كلهم قيم وأمير وإمام و لايزال الدين بهم عزيزاً منيعاً ولا خلاف عند أهل السنة بين معنى الامام أو الخليفة أو الامير ، فكلها بمعنى واحد ، ولا خلاف بينها ، والدليل على إن لفظة ( إمام ) معناها ( الامير والحاكم ) هو مارواه مسلم في صحيحه في باب أن الدين النصيحة عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟ ، قال : لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) ..والائمة في هذا الحديث هم الحكام ، و الحديث ذكر بأن الخلفاء الاثنا عشر بأن كلهم من قريش ، يدخل فيه الخلفاء الاربعة رضي الله عنهم أجمعين لان كلهم من قريش ، ولا مجال الى لوي النصوص كما فعل الروافض ،
كما أن رواية ابن ابي عاصم تنسف كلامهم نسفا حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر أن ابو بكر وعمر وعثمان من هؤلاء الخلفاء : ، فقال : ثنا الحسن بن علي ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا الليث بن سعد ، عَنْ خالد بن يزيد ، عَنْ سعيد بن ابي هلال ، عَنْ ربيعة بن سيف ، عَنْ شقي الاصبحي ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عبد الله بن عمرو ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً " - فَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ - فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ : إِنَّمَا جَلَسْنَا إِلَيْكَ لِتُذَكِّرَنَا ، مَا لَنَا وَمَا لِهَذَا ؟ فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ تَرَكْتَنِي لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا قَالَ فِيهِمْ أنه ذكر وَاحِدًا وَاحِدًا " ..
وبهذا بطل إستدلال الروافض و خرافاتهم في عدم عدهم الخلفاء الراشدين الأربعة من الإثنى عشر خليفة ..كما أنه لم يصرح النص بأنهم يأتون متتابعين كما تدعي الشيعة ،فقوله ( من بعدي ) ليس فيه دلالة على ان الامر يكون مباشراً
فمن هم ؟
وكما سموهم الفقهاء بالأئمة العظماء – أئمة جماعة المسلمين كافة.
وذكر بن كثير في تفسيره الجزء الثاني الصفحة اثنين وثلاثون أن هؤلاء الأئمة الإثنى عشر الذين تجتمع عليهم الأمة قد بشر بهم الله سبحانه في التوراة 0 ففي التوراة
(( إن الله يقيم من صلب إسماعيل أثنى عشر عظماً أي عظيماً ))وفي التوراة عند أهل الكتاب ما معناه : " إن الله تعالى بشر إبراهيم بإسماعيل وإنه سينميه ويكثره ويجعل من ذريته اثني عشر أميرا وأمة عظيمة "
( 5 ) سفر التكوين ( 17 : 20 )
ومعلوم أن قريش هي من نسل إسماعيل عليه السلام وإسماعيل عليه السلام لم يكن من نسله أنبياء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما العظماء فلا شك أنهم هم الأثنى عشر خليفة القرشيين المذكورين بالأحاديث الذين ملكوا الدنيا كلها ودانت لهم بمسلميها وكافريها وكان لهم نعت وصفات حتى ذكر كعب الأحبار صفات عمر في التوراة وحتى خضع لهم ملوك أهل الكتاب أيض
ا ولهذا ذكرتهم التوراة بالعظماء. وفي كتب التاريخ والسير والتفاسير نجد أن هناك إجماع على أن الأئمة الخلفاء الذين اجتمعت عليهم الأمة المسلمة وكانت لهم الإمامة والخلافة العامة
هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ثم أفترق المسلمين في تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما لمعاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنهما والصحيح أن الحسن خليفة بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخلافة بعدي ثلاثون سنة
واجتمع المسلمين مرة أخرى على إمام وخليفة ولكنه لم يعده العلماء من الخلفاء الراشدين وسُمي هذا العام بعام الجماعة كما في صحيح البخاري هو الخليفة معاوية رضي الله عنه والذي بدأ به الملك العضوض و بعد موت معاوية رضي الله عنه بدأ الملك العضوض وهو أول من غير سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الخلافة لجعله الخلافة بالوراثة فكان يزيد بن معاوية ثم حادثة الحسين رضي الله عنه وعبد الله بن الزبير ثم بعد موت يزيد وقتل ابن الزبير وموت مروان بن الحكم أجتمع المسلمين مرة أخرى علي يد عبد الملك بن مروان ومن بعده الوليد بن عبد الملك ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك.
وبعد موت هشام بن عبد الملك ظهرت الدولة العباسية وأمرائها إلى جانب الدولة الأموية التي تقلصت بعد ذلك بالأندلس ثم دويلات هنا وهناك ولم يجتمع المسلمين على خليفة راشد فيه الصفات الواردة في الحديث في خلال هذه الفترة إلا خلافة عمر بن عبد العزيز فقد عده العلماء من الخلفاء الراشدين
وتوالت قرون التفرق والاختلاف والشقاق حتى الدولة العثمانية أيضاً، كان هناك دول ورؤس للمسلمين هنا وهناك في وجودها كالمغرب والهند وإفريقيا وغيرها وإلى يومنا هذا لم يجتمع المسلمين على خليفة راشد فيه الصفات الواردة في الحديث في خلال هذه الفترة
ولن يكون ذلك إلا في آخر الزمان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خليفة وأمير آخر الزمان الذي سيصلي خلفه المسيح عليه السلام وستجتمع عليه الأمة ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم تعود خلافة على منهاج النبوة الله أعلم بمقدار زمنها غير أن الراجح أن مدة خلافة المهدي لاتقل عن عشرين سنة وفي أخر فترة خلافته سيملك الأرض كلها سبع سنين أو تسع ثم ينزل عيسى بن مريم ذكر النص أن عيسى عليه السلام سيرفض الخلافة وسيكون تابع لإمراء هذه الأمة تكرمة الله لهذه الأمة فكم عدد الخلفاء الراشدين في الخلافة على منهاج النبوة و الذين سيكونوا خلفاء للمهدي بعد موته وكم مقدار عددهم الله أعلم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال فينزل عيسى بن مريم فيقوم أميرهم تعال صلي لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة)) (صحيح مسلم.
فالطائفة ا لظاهرين على الحق المقاتلين في سبيل الله إلى يوم القيامة حتى يأتي أمر الله سينعموا في أخر أمرهم بخلافة على منهاج النبوة وسيكون خليفتهم المهدي الذي سيصلي عيسى خلفه ويرفض الإمارة تكرمة لهذه الأمة
وكلمة لا تزال في الكلام عن الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق من بداية الخلافة من بعد رسول الله صلى الله إلى أحداث آخر الزمان ونزول المسيح عليه السلام تدل على أنها غير منقطعة أبدا حتى مع عدم وجود الخلافة على منهاج النبوة سواء في الملك العضوض أو في الملك الجبري ويجب بعد هذه الفترة أن تعود الخلافة على منهاج النبوة حتى يتم الله لهذا الدين اثنى عشر خليفة كلهم من قريش و كلهم تجتمع عليهم الأمة يقاتلون على الحق ظاهرين
هناك ثمانية خلفاء من بني أمية كان مقر حكمهم ومجريات عظائمهم بالشام وهو معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك أبن مروان والوليد بن عبد الملك وسلميان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك،
ثم خليفة آخر الزمان الذي سيصطلح الناس عليه المهدي ستكون مقر خلافته و إقامته هو كذلك في الشام وأعظم فتوحاته بالشام أيضا وهي الملحمة الكبرى وكذلك من مناقبه صلاة المسيح عليه السلام خلفه بالمسجد الأقصى
وهذا كله من فضائل الشام المذكورة بكثير من الأحاديث الأخرى.
روي هذا الحديث في عدة الخلفاء الراشدين في هذه الأمة برويات كثيرة ومتعددة وألفاظ كثيرة منها :-
وعن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال : كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع : أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكتب إليّ : إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم جمعة عشيّة رجم الاَسلمي يقول : « لا يزل الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة » .
وسمعته يقول : « أنا الفرط على الحوض » .صحيح مسلم 3 : 1453 | 1822
عن عن عامر بن سعد : أنّه أرسل إلى ابن سمرة العدوي فقال : حدَّثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكتب : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « لا يزال الدين قائماً حتّى يكون اثنا عشر خليفة من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة ، وأنا الفرط على الحوض » .
) صحيح مسلم 3 : 1454 ،
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) البخاري مع الفتح ( 13/181) و مسلم ( برقم1821) والترمذي ( برقم 2224) والمسند (5/87،90،92،95،97،99،101،107، 108) .
و في رواية أبي داود من طريق آخر بلفظ ( لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة ) فسمعت كلاماً من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه ، قلت لأبي : ما يقول ؟ قال : ( كلهم من قريش ) أبو داود ( برقم 4279) . و في رواية له أيضاً : ( لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة ) الحديث . أبو داود ( برقم 4280) .
ورواه حمّاد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبدالله . وزاد فيه : قال : كنّا جلوساً عند عبدالله يقرئنا القرآن فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمن ، هل سألتم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كم يملك أمر هذه الاُمّة من خليفة بعده؟
فقال له عبدالله : ما سألني عنها أحدٌ منذ قدمت العراق ، نعم سألنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : « اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل »(رواه أحمد في مسنده 1 : 398 و406 ، وأبو يعلى في مسنده 8 : 444 | 5031 و9 : 222 | 5322 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 190 .) .
و عن عليّ بن جعد ، عن زهير بن معاوية ، عن زياد بن خيثمة ، عن الاَسود بن سعيد الهمدانيّ قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش » ، فقالوا له : ثمّ يكون ماذا؟ قال : « ثمّ يكون الهرج »( رواه احمد في مسنده 5 : 92 ، والطبراني في المعجم الكبير 2 : 253 | 2059
ورواه حمّاد بن سلمة عن أبي الطفيل قال : قال لي عبدالله بن عمر : يا أبا الطفيل أعدد اثني عشر خليفة بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ يكون النقف والنقاف(قال ابن الاثير في النهاية (5 : 109) : وفي حديث عبد الله بن عمر : « اعدد اثني عشر . ثم يكون النقف والنقاف » أي القتل والقتال ، والنقف : هشم الرأس . أي تهييج الفتن والقتل .
(إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ).رواه مسلم في صحيحه كتاب الإمارة 6
- (لا يزال الإسلام عزيزا ًإلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش).رواه مسلم في صحيحه كتاب الإمارة7.
- (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).صحيح مسلم كتاب الإمارة رقم10.
- (لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش).صحيح مسلم كتاب الإمارة رقم 9.
فمن هم هؤلاء الاثنا عشر شخصا خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده وانهم كلهم من قريش رضي الله عنهم وأرضاهم ..؟؟
في السياق نفسه يروي الطبري القصة التالية ضمن حديثه عن سير عمر. يقول: "عن سلمان (الفارسي) أن عمر قال له: أملك أنا أم خليفة؟ فقال له سلمان: إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه، فأنت ملك غير خليفة. فاستعبر عمر" (نفسه، ص211). واضح أن عمر هنا كان يدرك الفرق بين الملك وبين الخلافة. وواضح أيضاً أنه كان خائف من أن يكون قد انزلق في حكمه نحو الملك وابتعد بالقدر نفسه عن منهج الخلافة. ما هو الفرق بين الاثنين؟ حسب هذه الرواية يتمثل الفرق في كيفية تعامل ولي الأمر مع مال المسلمين. هذا المال هو مال المسلمين لأنه مأخوذ منهم على شكل جباية، أو ضرائب. وبما هو كذلك، يجب أن لا يصرف أو يوضع في غير حقه. والمقصود بغير حقه في هذه الرواية، أن لا يأخذ ولي الأمر من بيت مال المسلمين، ولا يعطي منه إلا كلا حسب حقه. لاحظ أنه لم يستخدم "كلمة نصيبه"، بل كلمة "حقه". والحق في هذه الحالة مقرر حسب ما جاء في القرآن والسنة. عدم الالتزام بذلك يجعل من ولي الأمر ملكاً وليس خليفة للمسلمين. عندما قال سلمان ذلك، يقول الطبري، إن عمر "استعبر"، أي بكى من شدة الخوف. هذا رغم أنه، وكما قال في الاستشهاد السابق، "قد حرم أهله".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يكن من ملوك الإسلام ملك خير من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمن معاوية،إذا نسبت أيامه إلى من بعده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: واتفق العلماء أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة وهو أول الملوك،كان ملكه ملكاً ورحمة (الفتاوى (4/47).
قال الذهبي: أمير المؤمنين ملك الإسلام.
وقال: معاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم.
قال ابن كثير في ترجمة معاوية (البداية والنهاية 8/122): وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين.. فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو.
قال ابن أبي العز الحنفي في (شرح العقيدة الطحاوية (722): وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين.
وروى الإمام الهيثمي: قال النبي صلى الله عليه وسلم عن معاوية: " أول هذا الأمر نبوةً ورحمة، ثم يكون خلافةً ورحمة، ثم يكون ملكاً ورحمة ". فمعاوية أول الملوك مباشرةً بعد حقبة الخلافة المباركة.
كان معاوية أول من أوصى بالملك لولده من الخلفاء
وفي مسند بن أبي شيبة ورد أن معاوية رضي الله عنه كان يعلم أنه أول ملوك هذه الأمة ولكنها ملك ورحمة
حدثنا الفضل عن ابن أبي غنية عن شيخ من أهل المدينة قال : قال معاوية : أنا أول الملوك .
قال ابن كثير:
وقد ورد من غير وجه: أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له :
هل تنازع علياً أم أنت مثله ؟
فقال: والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل وأحق بالأمر مني ..
ونقل ابن كثير أيضاً عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال :
لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته ؟
فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم
و أخرج الإمام أحمد عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم علّم معاوية االكتاب وقه العذاب "
وثبت في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث عبدالرحمن بن عميره
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية: ( اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به )
قال ابن عساكر :
وأصح ما روى في فضل معاوية حديث أبي جمرة عن ابن عباس أنه كان كاتب النبي عليه الصلاة والسلام منذ أسلم نقله ابن كثير في البداية والنهاية
وكان محمود السيرة في الأمة أثنى عليه بعض الصحابة وامتدحه خيار التابعين ...
وشهدوا له بالدين والعلم، والعدل والحلم، وسائر خصال الخير
فعن عمر بن الخطاب قال لما ولاّه الشام : ( لا تذكروا معاوية إلا بخير )
وعن علي أنه قال بعد رجوعه من صفين :
( أيها الناس لاتكرهوا إمارة معاوية فإنكم لو فقدتموه رأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل )
وعن ابن عمر أنه قال:
ما رأيت بعد رسول الله أسود * من معاوية فقيل ولا أبوك ؟ قال:
أبي عمر - رحمه الله - خير من معاوية وكان معاوية أسود منه
* أسود _ من السيادة وسمى السيد سيداً لأنه يسود سواد الناس
~
وعن ابن عباس قال : ( ما رأيت رجلاً كان أخلق بالملك من معاويـــة )
~
وفي صحيح البخاري أنه قيل لابن عباس :
هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة قال : إنه فقيه
~
وعن عبدالله بن الزبير أنه قال: لله در ابن هند ( يعني معاوية ) إنا كنا لنفرقه _نخافه _
وما الليث على براثنه بأجرأ منه فيتفارق لنا وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه
فيتخادع لنا والله لوددت أنا مُتّعنا به مادام في هذا الجبل حجر وأشار إلى أبي قبيــس
~
و قد سئل عبد الله بن المبارك أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال :
و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة
صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سمع الله لمن حمده فقال معاوية : ربنا ولك الحمد
فما بعد هذا ؟
~
وعن قتادة قال: ( لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي )
~
وعن مجاهد أنه قال : ( لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي )
~
وعن الزهري قال : ( عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً )
~
وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبدالعزيز وعدله فقال :
( فكيف لو أدركتم معاويه ؟ قالوا : يا أبا محمد يعني في حلمه ؟ قال : لا والله ألا بل في عدله )
~
وسئل المعافى معاوية أفضل أو عمر بن عبدالعزيز ؟ فقال :
( كان معاوية أفضل من ستمائه مثل عمر بن عبدالعزيز )
~
وقال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي وغيره : سئل المعافى بن عمار :
أيهما أفضل معاوية أم عمر بن عبد العزيز؟
فغضب وقال للسائل : أتجعل رجلاً من الصحابة مثل رجل من التابعين ؟
معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)
وكذا قال الفضيل بن عتيبة
~
وقال سعيد بن يعقوب الطالقاني : سمعت عبد الله بن المبارك يقول :
تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز
~
عن الزهري قال : سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي :
اسمع يا زهري من مات محباً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وشهد للعشرة بالجنة
وترحم على معاوية كان حقاً على الله أن لا يناقشه الحساب
~
وقال أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي :
معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه
~
وقال بعض السلف : بينما أنا على جبل الشام إذ سمعت هاتفا يقول: من أبغض الصديق فذاك زنديق
ومن أبغض عمر فإلى جهنم زمر ومن أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمن ومن أبغض عليا فذاك خصمه النبي
ومن أبغض معاوية سحبته الزبانية إلى جهنم الحامية يرمى به في الحامية الهاوية
~
قال الذهبي:
وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه
إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء وإما قد ولدوا في الشام على حبه وتربى أولادهم على ذلك
~
يقول ابن قدامة المقدسي:
« ومعاوية خال المؤمنين وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين رضي الله تعالى عنهم »
~
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة
وهو أول الملوك، كان ملكه ملكاً ورحمة
~
وقال:
فلم يكن من ملوك المسلمين خير من معاوية
ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمان معاوية
~
وقال ابن كثير في ترجمة معاوية :
وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين ..
فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته
والجهاد في بلاد العدو قائم وكلمة الله عالية والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض
والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو
~
وقال ابن أبي العز الحنفي:
« وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين »
~
وقال الذهبي في ترجمته: « أمير المؤمنين ملك الإسلام ».
~
وقال: « ومعاوية من خيار الملوك، الذين غلب عدلهم على ظلمهــم »
~
حدث معاوية - رضي الله عنه- عن النبي وكتب له مرات يسيرة وحدث أيضاً
عن أخته أم حبيبة وعن أبي بكر وعمر
روى عنه: ابن عباس وسعيد بن المسيب وأبو صالح السمان وأبو إدريس الخولاني
وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير وسعيد المقبري وخالد بن معدان وهمام بن منبه
وعبد الله بن عامر المقرئ والقاسم أبو عبد الرحمن وعمير بن هانئ وعبادة بن نُسَي
وسالم بن عبد الله ومحمد بن سيرين ووالد عمرو بن شعيب وخلق سواهم .
وحدث عنه من الصحابة أيضاً: جرير بن عبد الله وأبو سعيد والنعمان بن بشير وابن الزبير
~
أخرج ابن كثير عن يونس بن ميسر الزاهد - و هو أحد شيوخ الإمام الأوزاعي - قال :
رأيت معاوية في سوق دمشق و هو مردف وراءه وصيفاً و عليه قميص مرقوع الجيب و يسير في أسواق دمشق
~
يصر ابن خلدون في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين فقد قال :
إن دولة معاوية و أخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين و أخبارهم
فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة
~
اعتبر معاوية رمزًا للدهاء والسياسة وكانت العرب تضرب به المثل في ذلك
و لعلّ أشهرها مصطلح شعرة معاوية وهو كناية عن حسن السياسة أو الدبلوماسية
في المصطلحات الحديثة ولذلك كان يقول:
( لو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما أنقطعت كانوا إذا مدّوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها )
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير) وهذا يدل على أن الملك خاصية يختص بها الله من يشاء وزيادة في الابتلاء والامتحان وليجري من أحسن ويأخذ من أساء بجريرة ... وكذلك كلمة خليفة وملك وأمير وقيم كلها مترادفات لايفضلها إلا من كان خليفة على منهاج النبوة وهم الخلفاء الراشدين الذين تجتمع عليهم الأمة وكلهم من قريش
ولاحظ أن ألفاظ الحديث تدل على أن هؤلاء الاثني عشر يحكمون الناس ويتأمرون عليهم وهذا ظاهر ,ولاحظ كذلك من هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن هذا الدين يبقى عزيزا منيعا حتى ينتهي حكم الاثني عشر خليفة ، كلهم من قريش وكلهم تجتمع عليه الأمة
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : فهؤلاء المبشر بهم في الحديثين ليسوا الاثني عشر الذين زعم فيهم الروافض ما يزعمون من الكذب والبهتان ، و أنهم معصومون ، لأن أكثر أولئك لم يل أحد منهم شيئاً من أعمال هذه الأمة في خلافة ، بل ولا في قطر من الأقطار ، ولا بلد من البلدان ، وإنما ولي منهم علي وابنه الحسن رضي الله عنهما . نهاية الفتن ( 1/ 17-18 ) و انظر أيضاً : البداية والنهاية (6/198 ) .
انظر : في فتح الباري ( 13/211- 215 ) .فقد ذهب أن أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ، أن مراده من ذلك : الخلفاء الأربعة ، و معاوية رضي الله عنه ، وابنه يزيد ، ثم عبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة و عمر بن عبد العزيز – قلت : و أولاد عبد الملك هم : الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام ، و تخلل بين سليمان و يزيد عمر بن عبد العزيز - ، هؤلاء اثنا عشر خليفة ، والمقصود أن الأئمة الاثني عشر في الأقرب و الأصوب ينتهي عددهم بهشام بن عبد الملك ، فإن الدين في زمانهم قائم ، و الإسلام منتشر ، و الحق ظاهر والجهاد قائم ، وما وقع بعد موت يزيد من الاختلاف والانشقاق في الخلافة وتولي مروان في الشام وابن الزبير في الحجاز ، لم يضر المسلمين في ظهور دينهم ، فدينهم ظاهر ، وأمرهم قائم ، و عدوهم مقهور ، مع وجود هذا الخلاف الذي جرى ثم زال بحمد الله بتمام البيعة لعبد الملك ، واجتماع الناس بعد ما جرى من الخطوب على يد الحجاج وغيره ، و بهذا يتبين أن هذا الأمر الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم قد وقع ، و مضى وانتهى
حيث قال السيوطي : " وقد وجد من الاثني عشر ، الخلفاء الأربعة ، والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ، هؤلاء ثمانية ، ويحتمل أن يضم إليهم المهدي العباسي لأنه
في العباسيين كعمر بن عبد العزيز في الأمويين ، والطاهر العباسي أيضا لما أوتيه من العدل ويبقى الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنه من أهل البيت " تاريخ السيوطي ص 12
قال النووي : هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة قال القاضي اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة قال وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد قال القاضي وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار قال ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه يجوز كونه من غير قريش ولا بسخافة ضرار بن عمرو في قوله أن غير القرشي من النبط وغيرهم يقدم على القرشي لهو أن خلعه إن عرض منه أمر وهذا الذي قاله من باطل القول وزخرفه مع ماهو عليه من مخالفة اجماع المسلمين والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في الخير والشر فمعناه في الإسلام والجاهلية كما هو مصرح به في الرواية الأولى لأنهم كانوا في الجاهلية رؤساء العرب وأصحاب حرم الله وأهل حج بيت الله وكانت العرب تنظر إسلامهم فلما أسلموا وفتحت مكة تبعهم الناس وجاءت وفود العرب من كل جهة ودخل الناس في دين الله أفواجا وكذلك في الإسلام هم أصحاب الخلافة والناس تبع لهم وبين صلى الله عليه وسلم أن هذا الحكم مستمر إلى آخر الدنيا ما بقي من الناس اثنان وقد ظهر ما قاله صلى الله عليه وسلم فمن زمنه صلى الله عليه وسلم إلى الآن الخلافة في قريش من غير مزاحمة لهم فيها وتبقى كذلك ما بقي اثنان كما قاله صلى الله عليه وسلم قال القاضي عياض استدل أصحاب الشافعي بهذا الحديث على فضيلة الشافعي قال ولا دلالة فيه لهم لأن المراد تقديم قريش في الخلافة فقط قلت هو حجة في مزية قريش على غيرهم والشافعي قرشي قوله صلى الله عليه وسلم أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنان عشر خليفة كلهم من قريش وفي رواية لا يزال أمر الناس ماضيا ماوليهم اثنا عشر رجلا كلهم من قريش وفي رواية لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة كلهم من قريش قال القاضي قد توجه هنا سؤالان أحدهما أنه قد جاء في الحديث الآخر الخلافة بعدى ثلاثون سنة ثم تكون ملكا وهذا مخالف لحديث اثنى عشر خليفة فإنه لم يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي قال والجواب عن هذا أن المراد في حديث الخلافة ثلاثون سنة خلافة النبوة وقد جاءمفسرا في بعض الروايات خلافة النبوة بعدى ثلاثون سنة ثم تكون ملكا ولم يشترط هذا في الاثنى عشر السؤال الثاني أنه قد ولى أكثر من هذا العدد قال وهذا اعتراض باطل لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل لا يلي إلا اثنى عشر خليفة وإنما قال يلي وقد ولي هذا العدد ولا يضركونه وجد بعدهم غيرهم هذا إن جعل المراد باللفظ كل وال ويحتمل أن يكون المراد مستحق الخلافة العادلين وقد مضى منهم من علم ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة قال وقيل إن معناه أنهم يكونون في عصر واحد يتبع كل واحد منهم طائفة قال القاضي ولا يبعد أن يكون هذا قد وجد إذا تتبعت التواريخ فقد كان بالأندلس وحدها منهم في عصر واحد بعد أربعمائة وثلاثين سنة ثلاثة كلهم يدعيها ويلقب بها وكان حينئذ في مصر آخر وكان خليفة الجماعة العباسية ببغداد سوى من كان يدعي ذلك في ذلك الوقت في أقطار الأرض قال ويعضد هذا التأويل قوله في كتاب مسلم بعد هذا ستكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا قال فوا بيعة الأول فالأول قال ويحتمل أن المراد من يعز الإسلام في زمنه ويجتمع المسلمون عليه كما جاء في سنن أبي داود كلهم تجتمع عليه الأمة وهذا قد وجد قبل اضطراب أمر بني أمية واختلافهم في زمن يزيد بن الوليد وخرج عليه بنو العباس ويحتمل أوجها أخر والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم قوله فقال كلمة صمنيها الناس هو بفتح الصاد وتشديد الميم المفتوحة أي أصموني عنها فلم أسمعها لكثرة الكلام ووقع في بعض النسخ صمتنيها الناس أي سكتوني عن السؤال عنها .
شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص200- 203 .
وقال ابن كثير : ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيم الحق ويعدل فيهم ولايلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم بل وقد وجد منهم أربعة على نسق وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس ولاتقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لامحالة والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره فذكر أنه يواطئ إسمه إسم النبي صلى الله عليه وسلم وإسم أبيه إسم أبيه فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وليس هذا بالمنتظر الذي تتوهم الرافضة وجوده ثم ظهوره من سرداب سامرا فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية بل هو من هوس العقول السخيفة وتوهم الخيالات الضعيفة وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الإثني عشر الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد فيهم الإثنا عشر من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم وفي التوراة البشارة بإسماعيل عليه السلام وأن الله يقيم من صلبه اثني عشر عظما وهم هؤلاء الخلفاء الإثنا عشر المذكورون في حديث بن مسعود وجابر بن سمرة وبعض الجهلة ممن أسلم من اليهود إذا اقترن بهم بعض الشيعة يوهمونهم أنهم الأئمة الاثنا عشر فيتشيع كثير منهم جهلا وسفها لقلة علمهم وعلم من لقنهم ذلك بالسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
تفسير ابن كثير ج2/ص33 – 34 .
وقال الحافظ ابن حجر : " قوله يكون اثنا عشر أميرا في رواية سفيان بن عيينة المذكورة لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا قوله فقال كلمة لم أسمعها في رواية سفيان ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي قوله فقال أبي انه قال كلهم من قريش في رواية سفيان فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلهم من قريش ووقع عند أبي داود من طريق الشعبي عن جابر بن سمرة سبب خفاء الكلمة المذكورة على جابر ولفظه لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة قال فكبر الناس وضجوا فقال كلمة خفية فقلت لأبي يا أبة ما قال فذكره وأصله عند مسلم دون قوله فكبر الناس وضجوا ووقع عند الطبراني من وجه آخر في آخره فالتفت فإذا أنا بعمر بن الخطاب وأبي في أناس فأثبتوا الي الحديث وأخرجه مسلم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن جابر بن سمرة قال دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة وأخرجه من طريق سماك بن حرب عن جابر بن سمرة بلفظ لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة ومثله عنده من طريق الشعبي عن جابر بن سمرة وزاد في رواية عنه منيعا وعرف بهذه الرواية معنى قوله في رواية سفيان ماضيا أي ماضيا أمر الخليفة فيه ومعنى قوله عزيزا قويا ومنيعا بمعناه ووقع في حديث أبي جحيفة عند البزار والطبراني نحو حديث جابر بن سمرة بلفظ لا يزال أمر أمتي صالحا وأخرجه أبو داود من طريق الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة نحوه قال وزاد فلما رجع إلى منزله اتته قريش فقالوا ثم يكون ماذا قال الهرج وأخرج البزار هذه الزيادة من وجه آخر فقال فيها ثم رجع إلى منزله فأتيته فقلت ثم يكون ماذا قال الهرج قال بن بطال عن المهلب لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث يعني بشيء معين فقوم قالوا يكونون بتوالي امارتهم وقوم قالوا يكونون في زمن واحد كلهم يدعي الامارة قال والذي يغلب على الظن انه عليه الصلاة والسلام أخبر بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثنى عشر أميرا قال ولو أراد غير هذا لقال يكون اثنا عشر أميرا يفعلون كذا فلما أعراهم من الخبر عرفنا انه أراد انهم يكونون في زمن واحد انتهى وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة وقد عرفت من الروايات التي ذكرتها من عند مسلم وغيره أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم وهو كون الإسلام عزيزا منيعا وفي الرواية الأخرى صفة أخرى وهو ان كلهم يجتمع عليه الناس كما وقع عند أبي داود فإنه أخرج هذا الحديث من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة بلفظ لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة بلفظ لا تضرهم عداوة من عاداهم وقد لخص القاضي عياض ذلك فقال توجه على هذا العدد سؤالان أحدهما انه يعارضه ظاهر قوله في حديث سفينة يعني الذي أخرجه أصحاب السنن وصححه بن حبان وغيره الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا لأن الثلاثين سنة لم يكن فيها الا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي والثاني انه ولى الخلافة أكثر من هذا العدد قال والجواب عن الأول أنه أراد في حديث سفينة خلافه النبوة ولم يقيده في حديث جابر بن سمرة بذلك وعن الثاني انه لم يقل لا يلي الا اثنا عشر وانما قال يكون اثنا عشر وقد ولي هذا العدد ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم قال وهذا ان جعل اللفظ واقعا على كل من ولى والا فيحتمل ان يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة وقد قيل انهم يكونون في زمن واحد يفترق الناس عليهم وقد وقع في المائة الخامسة في الأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمى بالخلافة ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد إلى من كان يدعى الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج قال ويعضد هذا التاويل قوله في حديث آخر في مسلم ستكون خلفاء فيكثرون قال ويحتمل ان يكون المراد ان يكون الاثنا عشر في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة ويؤيده قوله في بعض الطرق كلهم تجتمع عليه الأمة وهذا قد وجد فيمن اجتمع عليه الناس إلى ان أضطرب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد فاتصلت بينهم إلى ان قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم وهذا العدد موجود صحيح إذا اعتبر قال وقد يحتمل وجوها أخر والله اعلم بمراد نبيه انتهى والاحتمال الذي قبل هذا وهو اجتماع اثنى عشر في عصر واحد كلهم يطلب الخلافة هو الذي اختاره المهلب كما تقدم وقد ذكرت وجه الرد عليه ولو لم يرد الا قوله كلهم يجتمع عليه الناس فان في وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق فلا يصح ان يكون المراد ويؤيد ما وقع عند أبي داود ما أخرجه احمد والبزار من حديث بن مسعود بسند حسن انه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة فقال سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل وقال بن الجوزي في كشف المشكل قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت مظانه وسألت عنه فلم أقع على المقصود به لأن ألفاظه مختلفة ولا أشك ان التخليط فيها من الرواة ثم وقع لي فيه شيء وجدت الخطابي بعد ذلك قد أشار إليه ثم وجدت كلاما لأبي الحسين بن المنادي وكلاما لغيره فاما الوجه الأول فإنه أشار إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه وان حكم أصحابه مرتبط بحكمه فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية وكأن قوله لا يزال الدين أي الولاية إلى ان يلي اثنا عشر خليفة ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشد من الأولى وأول بني أمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار وعدتهم ثلاثة عشر ولا يعد عثمان ومعاوية ولا بن الزبير لكونهم صحابة فإذا اسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته أو لأنه كان متغلبا بعد أن اجتمع الناس على عبد الله بن الزبير صحت العدة وعند خروج الخلافة من بني أمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرت دولة بني العباس فتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغيرا بينا قال ويؤيد هذا ما أخرجه أبو داود من حديث بن مسعود رفعه تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين فان هلكوا فسبيل من هلك وان يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما زاد الطبراني والخطابي فقالوا سوى ما مضى قال نعم قال الخطابي رحى الإسلام كناية عن الحرب شبهها بالرحى التي تطحن الحب لما يكون فيها من تلف الأرواح والمراد بالدين في قوله يقم لهم دينهم الملك قال فيشبه أن يكون إشارة إلى مدة بني أمية في الملك وانتقاله عنهم إلى بني العباس فكان ما بين استقرار الملك لبني أمية وظهور الوهن فيه نحو من سبعين سنة قلت لكن يعكر عليه ان من استقرار الملك لبني أمية عند اجتماع الناس على معاوية سنة إحدى وأربعين إلى ان زالت دولة بني أمية فقتل مروان بن محمد في أوائل سنة اثنتين وثلاثين ومائة أزيد من تسعين سنة ثم نقل عن الخطيب أبي بكر البغدادي قوله تدور رحى الإسلام مثل يريد ان هذه المدة إذا انتهت حدث في الإسلام أمر عظيم يخاف بسببه على أهله الهلاك يقال للأمر إذا تغير واستحال دارت رحاه قال وفي هذا إشارة إلى انتقاض مدة الخلافة وقوله يقم لهم دينهم أي ملكهم وكان من وقت اجتماع الناس على معاوية إلى انتقاض ملك بني أمية نحوا من سبعين قال بن الجوزي ويؤيد هذا التأويل ما أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه إذا ملك اثنا عشر من بني كعب بن لؤي كان النقف والنقاف إلى يوم القيامة انتهى والنقف ظهر لي انه بفتح النون وسكون القاف وهو كسر الهامة عن الدماغ والنقاف بوزن فعال منه وكنى بذلك عن القتل والقتال ويؤيده قوله في بعض طرق جابر بن سمرة ثم يكون الهرج وأما صاحب النهاية فضبطه بالثاء المثلثة بدل النون وفسره بالجد الشديد في الخصام ولم أر في اللغة تفسيره بذلك بل معناه الفطنة والحذق ونحو ذلك وفي قوله من بني كعب بن لؤي إشارة إلى كونهم من قريش لأن لؤيا هو بن غالب بن فهر وفيهم جماع قريش وقد يؤخذ منه ان غيرهم يكون من غير قريش فتكون فيه إشارة إلى القحطاني المقدم ذكره في كتاب الفتن قال واما الوجه الثاني فقال أبو الحسين بن المنادى في الجزء الذي جمعه في المهدي يحتمل في معنى حديث يكون اثنا عشر خليفة ان يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان فقد وجدت في كتاب دانيال إذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ثم خمسة من ولد السبط الأصغر ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر ملكا كل واحد منهم امام مهدي قال بن المنادى وفي رواية أبي صالح عن بن عباس المهدي اسمه محمد بن عبد الله وهو رجل ربعة مشرب بحمرة يفرج الله به عن هذه الأمة كل كرب ويصرف بعدله كل جور ثم يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلا ستة من ولد الحسن وخمسة من ولد الحسين وآخر من غيرهم ثم يموت فيفسد الزمان وعن كعب الأحبار يكون اثنا عشر مهديا ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال قال والوجه الثالث ان المراد وجود اثنى عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق وان لم تتوالى أيامهم ويؤيده ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير من طريق أبي بحر ان أبا الجلد حدثه انه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق منهم رجلان من أهل بيت محمد يعيش أحدهما أربعين سنة والاخر ثلاثين سنة وعلى هذا فالمراد بقوله ثم يكون الهرج أي الفتن المؤذنه بقيام الساعة من خروج الدجال ثم يأجوج ومأجوج إلى ان تنقضي الدنيا انتهى كلام بن الجوزي ملخصا بزيادات يسيرة والوجهان الأول والآخر قد اشتمل عليهما كلام القاضي عياض فكأنه ما وقف عليه بدليل ان في كلامه زيادة لم يشتمل عليها كلامه وينتظم من مجموع ما ذكراه أوجه أرجحها الثالث من أوجه القاضي لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة كلهم يجتمع عليه الناس وإيضاح ذلك ان المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته والذي وقع ان الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى ان وقع أمر الحكمين في صفين فسمى معاوية يومئذ بالخلافة ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى ان اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل بن الزبير ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك لأن يزيد بن الوليد الذي قام على بن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل أن يموت بن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان ولما مات يزيد ولى أخوه إبراهيم فغلبه مروان ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه ثم ولى أخوه المنصور فطالت مدته لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى ان تسموا بالخلافة بعد ذلك وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض إلى ان لم يبق من الخلافة الا الاسم في بعض البلاد بعد ان كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع اقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه المسلمون ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الامارة على شيء منها الا بأمر الخليفة ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك فعلى هذا يكون المراد بقوله ثم يكون الهرج يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام وكذا كان والله المستعان والوجه الذي ذكره بن المنادى ليس بواضح ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه سيكون من بعدي خلفاء ثم من بعد الخلفاء امراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القطحاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه فهذا يرد على ما نقله بن المنادى من كتاب دانيال وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا وكذا عن كعب وأما محاولة بن الجوزي الجمع بين حديث تدور رحى الإسلام وحديث الباب ظاهر التكلف والتفسير الذي فسره به الخطابي ثم الخطيب بعيد والذي يظهر أن المراد بقوله تدور رحى الإسلام أن تدوم على الاستقامة وان ابتداء ذلك من أول البعثة النبوية فيكون انتهاء المدة بقتل عمر في ذي الحجة سنة أربع وعشرين من الهجرة فإذا انضم إلى ذلك اثنتا عشرة سنة وستة أشهر من المبعث في رمضان كانت المدة خمسا وثلاثين سنة وستة أشهر فيكون ذلك جميع المدة النبوية ومدة الخليفتين بعده خاصة ويؤيد حديث حذيفة الماضي قريبا الذي يشير إلى ان باب الأمن من الفتنة يكسر بقتل عمر فيفتح باب الفتن وكان الأمر على ما ذكر وأما قوله في بقية الحديث فان يهلكوا فسبيل من هلك وان لم يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة فيكون المراد بذلك انقضاء أعمارهم وتكون المدة سبعين سنة إذا جعل ابتداؤها من أول سنة ثلاثين عند انقضاء ست سنين من خلافة عثمان فان ابتداء الطعن فيه إلى أن آل الأمر إلى قتله كان بعد ست سنين مضت من خلافته وعند انقضاء السبعين لم يبق من الصحابة أحد فهذا الذي يظهر لي في معنى هذا الحديث ولا تعرض فيه لما يتعلق باثني عشر خليفة وعلى تقدير ذلك فالأولى أن يحمل قوله يكون بعدي اثنا عشر خليفة على حقيقة البعدية فان جميع من ولى الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسا منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما وهما معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة وتغيرت الأحوال بعده وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون ولا يقدح في ذلك قوله يجتمع عليهم الناس لأنه يحمل على الأكثر الأغلب لأن هذه الصفة لم تفقد منهم الا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير مع صحة ولايتهما والحكم بأن من خالفهما لم يثبت استحقاقه الا بعد تسليم الحسن وبعد قتل بن الزبير والله أعلم وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الاثنى عشر منتظمة وان وجد في بعض مدتهم خلاف ذلك فهو بالنسبة إلى الاستقامة نادر والله اعلم وقد تكلم بن حبان على معنى حديث تدور رحى الإسلام فقال المراد بقوله تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين انتقال أمر الخلافة إلى بني أمية وذلك ان قيام معاوية عن علي بصفين حتى وقع التحكيم هو مبدا مشاركة بني أمية ثم استمر الأمر في بني أمية من يومئذ سبعين سنة فكان أول ما ظهرت دعاة بني العباس بخراسان سنة ست ومائة وساق ذلك بعبارة طويلة عليه فيها مؤاخذات كثيرة أولها دعواه ان قصة الحكمين كانت في أواخر سنة ست وثلاثين وهو خلاف ما اتفق عليه أصحاب الأخبار فانها كانت بعد وقعة صفين بعد أشهر وكانت سنة سبع وثلاثين والذي قدمته أولى بأن يحمل الحديث عليه والله اعلم " .
فتح الباري ج13/ص211 – 215 .