* مراعاة الآداب العامة والذوق السليم أثناء التخاطب: (أدب الحوار في الإسلام بين المتكلم والمستمع) 1- حسن الاستماع والنهي عن مقاطعة حديث المتكلم
يقول الغزالي: ".. اصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك من غير إظهار تعجب مفرط ولا تسأله إعادته" ([1]) وفي هذا الصدد يقول ابن المقفع: "تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ومن حسن الاستماع:
1- إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه.
2- وقلة التلفت إلى الجواب.
3- والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم.
4- والوعي لما يقول.
5- وعدم مقاطعته أثناء حديثه قبل أن ينتهي منه.
وعن أهمية مراعاة هذا العامل الأخير في شروط حسن الاستماع يقول ابن المقفع: "واعلم في ما تُكلم به صاحبك أن مما يهجنِّ صواب ما يأتي به ويذهب بطعمه وبهجته ويزري به في قبوله عجلتك بذلك وقطعك حديث الرجل قبل أن يفضي إليك بذات نفسه " ([2]) وفي موضع آخر يؤكد على عدم مقاطعة المتحدث أثناء الحديث حتى وإن كنت على علم بحديثه قائلاً: "ومن الأخلاق التي أنت جدير بتركها إذا حدَّث الرجل حديثا تعرفه ألا تسابقه إليه وتفتحه عليه وتشاركه فيه حتى كأنك تُظهر للناس أنك تريد أن يعلموا أنك تعلم مثل الذي يعلم وما عليك أن تهنئه بذلك وتفرده به (أي أنك تعرضه للحرج) بدلا من أن تمنحه الشعور بالتفرد بهذا الحديث وتسره وتهنئه عليه ولهذا؛ فإن المقفع يعلق على سلوك من يفعل ذلك مع المتحدث واصفًا إياه بالبخل ليس بالمال وإنما بالعطاء اللفظي سواء كان بالثناء ، أو الصمت فيقول ابن المقفع:وهذا الباب من أبواب البخل وأبوابه الغامضة كثيرة " ([3]).
ويقول أيضًا: "إذا رأيت رجلا يتحدث حديثًا قد علمته أو يخبر خبرًا قد سمعته فلا تشاركه فيه ولا تتعقبه حرصًا على أن يعلم الناس أنك قد علمته؛ فإن ذلك خفة وشحًا وسوء أدب وسخفًا"([4]).
وروى الإمام أحمد عن أبي حبيب السلمي، قال: قرأت في الحكمة :أنصِت للسائل حتى ينقضي
كلامه ثم اردد عليه برحمة". وقال بعض الحكماء لابنه: يا بني تعلَّم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الحديث وليعلم الناس أنك أحرص على أن تسمع منك على أن تقول([5]).
وحسن الاستماع عند أبي بكر المرادي الحضرمي هو: "إمهال المتكلم حتى يستوفي حديثه وقلة التلفت إلى جوابه والإقبال بوجهك ولحظك على لفظه ".
وحسن الاستماع يمنح الشخص المتحدث الشعور بالأهمية وهذا قد أشار إليه دون جابور بقوله: "إن انتباهك للشخص في أثناء الحديث يدل على اهتمامك وحب استطلاعك كما يعمل على تشجيع هذا الشخص على الحديث وعلى الإفصاح عن الكثير من المعلومات عن حياته.... وهذا يجعلهم يشعرون بالراحة عند الحديث معك"([6]).
والرسول r خير قدوة لنا في هذا الأدب في تعاملنا مع المتحدث فعن أنس t قال: كان رسول الله r من أشد الناس لطفًا وما سأله سائل قط إلا أصغى إليه أذنه فلم ينصرف حتى يكون هو الذي ينصرف عنه..."([7]).
بل إن الإنصات الجيد هو سمة المتحدث الجيد وهذا ما أشار إليه ديل كارينجي بقوله: "إذا كنت تطمح أن تكون متحدثًا جيدًا كن مستمعًا منتبهًا وإذا أردت أن تكون مثيرًا لاهتمام الآخرين لابد أن تهتم بهم واسأل أسئلة يستمتع الشخص الآخر بالإجابة عنها وشجع الآخرين على أن يتحدثوا عن أنفسهم، أما الأشخاص الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم فلا يتحدثون إلا عنها هم أشخاص جهلة مهما كان حجم ما قالوه من علم فتذكر أن الأشخاص الذين تتحدث معهم يهتمون بأنفسهم ومشاكلهم أكثر مائة مرة من اهتمامهم بك وبمشاكلك"([8]). - لكن ماذا تفعل مع من لا يصغون إليك؟ أو يقاطعونك أثناء حديثك؟
من الأفضل أن تتوقف عن الحديث وكما قال علي بن أبي طالب: "من لم ينشط لحديثك فارفع عنه مؤنة الاستماع منك"([9]).
ويقول "المرادي الحضرمي": "اقطع كلامك عمن لا يقبل عليك ببصره ويصغي (ينصت) إليك بسمعه ويفهم عنك بذهنه وإياك أن تفعل ذلك بأحد مخاطبيك من أمير وغيره"([10]) أي إذا كان يجوز لك الكف عن كلامك حين تستشعر عدم إقبال من تحدثهم عليه؛ فإنه لا يجوز لك مقاطعة كلامك مع كل مسئول أعلى منك حتى ولو لم يقبل عليك في أثناء كلامك إلا أن يكون هو الذي يطلب منك ذلك.
هناك أناس يبلغ بهم سوء الأدب إلى مقاطعة حديثك فيظهرون عدم الاحترام لك وهنا يكون أيضا التوقف عن الحديث عند من لا يهتمون بسماعه أيًّا كانت الأسباب مما يتفق فيه العلماء الغربيون المتخصصون مع ما ذهب إليه علماء الإسلام فيقول دكتور/آلان اكسيلرود وجيم هولتج : "حين تتعامل مع من يتسمون بالفظاظة فلسوف يقاطعونك أثناء الحديث ويقحمون أنفسهم فيه ويتجاهلونك ويسخرون منك ويضايقونك وعلى الرغم من أن الإغراء بالرد عليهم كبير فلا تعاملهم بنفس السلوك وأفضل رد على السلوك الفظ هو أن تنسحب بأدب وتغادر المكان... وسيعمل هذا على نزع فتيل التوتر وإفهام هذا المتبجح أنك لا تريد تعريض نفسك للإهانة كما أنه سيترك الباب مفتوحًا لكي تتواصلا وتبحثا الحلول معًا"([11]) لكن إذا كان هناك مبرر لعدم الإنصات وإبداء حسن الاستماع فما ذلك إلا لأن هناك أشخاصا مدمني الحديث أيضًا. - فيكف يمكن التعامل مع محتكري الحديث؟
"ومحتكر الحديث: هو من يسهب ويطنب في كلامه لا يعطيك فرصة للتحدث والإدلاء بدلوك وتعد أكثر الطرق فعالية لتحويل دفة الحديث الأحادي الجانب إلى الحوار الذي تبغيه هي: مقاطعته ببعض الأسئلة المحددة نحو: نعم (يا جعفر) ولكن هل يؤثر هذا على الميزانية التي نناقشها؟ وكلما كان السؤال أكثر تحديدًا وتركيزًا على الموضوع المطروح للنقاش أدرك هذا الفظ وجميع الحاضرين أيضًا أن الوقت يتم إهداره وأن هذه هي اللحظة المناسبة لتصحيح مسار الحديث".([12]) 2- حسن الإجابة واللطف في الحديث
كان الرسول صلى الله عليه وسلم خير قدوة لنا في حسن ولطف حديثه وإجابته على كل شخص في لين وتعاطف حتى وإن كان خادما "عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله r: ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهله إلا قال: لبيك ولذلك أنزل الله U: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ [القلم: 4] وقيل: "لا تترفع بحيث تُستثقل ولا تتنازل بحيث تُستخس وتُستحقر"([13]).
وعن أنس قال: خدمت رسول الله r عشر سنين والله ما قال لي أُفٍ قط ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟([14])
وعن أنس t قال: خدمت رسول الله r سنين فما سبني سبة قط ولا ضربني ضربة ولا انتهرني ولا عبس في وجهي ولا أُمرت بأمر فتوانيت فيه فعاتبني عليه؛ فإن عاتبني عليه أحد من أهله قال: دعوه فلو قُدِّر شيء كان([15]) بل إن القول المشهور بيننا لمن أدى فريضة الحج هو : "حج مبرور " وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم من معاني بر الحج الكلام الطيب الحسن "وسئل النبي r ما بر الحج؟ قال: طيب الكلام وإطعام الطعام"([16]).
ولين الكلام هو السبيل إلى الفوز بمحبة الآخرين ونيل المراد يوضح ذلك قول معاوية: "عجبت لمن يطلب أمرًا بالغلبة وهو يقدر عليه بالحجة ولمن يطلبه بخرق وهو يقدر عليه برفق" وقيل: "من لانت كلمته وجبت محبته"([17]).
ومما ذكره ابن أبي الدنيا عن بعض الحكماء قال: "الكلام الليِّن يغسل الضغائن المستكنة في الجوانح"([18]).
وهذا شبيه بقول ابن المقفع: "إذا ناطقت فناطق بالحسنى؛ فإن المنطق الحسن يزيد في ود الصديق ويستلّ سخيمة الوَغِر"([19]) وسخيمة: هي الحقد والموجدة في النفس والوغر: المحترق من الغيظ.
وفي "مجاني الأدب": "إياك الغلظة في الخطاب والجفاء في المناظرة؛ فإن ذلك يذهب ببهجة الكلام ويسقط فائدته ويعدم حلاوته ويجلب الضغائن ويمحق المودات ويصير القائل مستثقلاً "سكوته أشهى للسامع من كلامه ويثير النفوس على معاندته ويبسط الألسن بمخاشنته وإذهاب حرمته"([20]).
ومن اللطف في الحديث وجاذبيته أن يكون نائيًا عن الجدل في غير موضعه فالجدل قد يكون ممدوحًا في مواطن ومذمومًا في أخرى يوضحها المحاسبي حين يذكر أن الجدال الممدوح هو الجدال عن المظلوم عند الحاكم وكذلك الجدال عند المكذوب عليه والمظنون فيه السوء دون حق وأيضًا الجدال عن النفس في كل المواضع السابقة .
أما الجدال المذموم: فهو الإدعاء فوق الحق المعلوم أو شتم الظالم بما لا يجوز أو الاستعانة بشهود الزور وكذلك الجدال عن الظالم أو الكاذب أو المغتاب.
أما عندما لا يتضح الظالم من المظلوم فينبغي أن يكون الجدال محايدًا بلا ميل إلى قرابة أو صحبة أو هوى([21]). - وعن الحث على الكلام الحسن وبيان فضله:
يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن نكون على حذر مما نقول وألا نستهين بالكلام الذي نتحدث به فالكلمة الواحدة تحدد مصير الإنسان في الآخرة وربما لا يكون الإنسان على وعي بذلك ، عن بلال بن الحارث المزني قال: قال رسول الله r: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله U ما يظن أنها تبلغ ما بلغت يكتب الله U له بها رضوانه إلى يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت يكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم القيامة" فكان علقمة راوي الحديث عن بلال يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث([22]).
وعن علي قال: قال رسول الله r: "إن في الجنة لغرفًا يُرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها، فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله U والناس نيام"([23]).
"وقال أبو الدرداء لولا ثلاث أحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيب الكلام كما يُنتقي طيب التمر ، أو أُعفِّر وجهي ساجدًا لله U أو غدوة ، أو روحة في سبيل الله U" وقد قيل "لو لينت كلامك كثرت غاشيتك وأصحابك"([24]).
وعن أم حبيبة زوج النبي r قال: كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمرًا بمعروف، أو نهيًّا عن منكر أو، ذكر الله تعالى، فقال رجل لسفيان:ما أشد هذا الحديث قال سفيان:وما شدته؟قال: قال الله U: ﴿لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس﴾ [النساء: 114] وقال الله تبارك وتعالى:﴿وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾[النصر: ]وقال U:﴿ولا يشفعون إلا لمن ارتضى﴾ [الأنبياء: 28] وقال U: ﴿إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا﴾ [طه: 109]"([25]). 3- كراهية أن يتحدث اثنان دون أن يشركا في الحديث ثالثهما
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله r: "لا يتناجى اثنان دون الثالث"([26]). وعن عبد الله قال: "كان رسول الله r ينهانا إذا كنا ثلاثة أن يتناجى اثنان دون صاحبهما حتى يختلطا بالناس من أجل أنه يجزئه"([27]). أما إن كانوا أربعة فيجوز أن يتحدث اثنان دون الآخرين. "فعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما قيل: فإن كانوا أربعة؟ قال: لا بأس"([28]). 4- كراهية السخافة في الحديث
وهي أن يكون حديثك مقترنًا بالهذر أو الضحك أو السكوت عن الكلام حين الحاجة إليه أو كثرة الكلام وهذا وضحه ابن مكانس في أرجوزته قائلاً: "إياك والهذر والكلام فيما لا يعني وإياك والسكوت في محل الحاجة ورجوع النوبة إليك إما لاستخراج حق أو اجتلاب مودة أو تنبيه على فضيلة وإياك والضحك مع كلامك وكثرة الكلام..."([29]).
وعند ابن حزم أن حد السخف هو العمل والقول بما لا يحتاج إليه في دين ولا دنيا ولا حميد خلق مما ليس معصية ولا طاعة ولا عونًا عليهما ولا فضيلة ولا رذيلة مؤذية ولكن من هذر القول وفضول العمل فعلى قدر الاستكثار من هذين الأمرين أو التحلل منهما يستحق المرء اسم السخف وقد يسخف المرء في قصة ويعقل في أخرى ويحمق في ثالثة"([30]).
ومن علامات السخافة عند المتكلم أيضًا قول ابن المقفع: "من الدليل على سخافة المتكلم أن يكون:
1- ما يُرى من ضحكه ليس على حسب ما عنده من القول.
2- أو الرجل يكلم صاحبه فيجاذبه الكلام ليكون هو المتكلم.
3- أو يتمنى أن يكون صاحبه قد فرغ وأنصت له فإذا أنصت له لم يحسن الكلام([31]). 4- مراعاة عقول من تتحدث إليهم .
أي يجب ألا يتحدث مع الناس على اختلافهم بطريقة واحدة فما يستحسنه منك إنسان قد لا يلقى قبولا عند الآخر ويستهجنه، يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" خاطبوا الناس على قدر عقولهم ..." ، ويقول ابن المقفع: "لا تجالس امرأً بغير طريقته فإنك إن أردت لقاء الجاهل بالعلم والجافي بالفقه والعيي بالبيان لم تزد على أن تضيِّع علمك وتؤذي جليسك بحملك عليه ثقل ما لا يعرف وغمك إياه ما يغتم به الرجل الفصيح من مخاطبة الأعجمي الذي لا يفقه عنه ، واعلم إنه ليس من علم تذكره عند غيره أهله إلا عابوه ونصبوا إليه ونقضوه عليك وحرصواعلى أن يجعلوه جهلاً حتى إن كثيرًا من اللهو واللعب الذي هو أخف الأشياء على الناس ليحضره من لا يعرفه فيثقل عليه ويغتم به"([32]).
وكان كُثير بن مرة بقول: "لا تحدث الحكمة عند السفهاء فيكذبوك ولا تحدث الباطل عند الحكماء فيمقتوك ولا تمنع العلم أهله فتأثم ولا تحدثه غير أهله فتجهل أن عليك في علمك حقًّا كما عليك في مالك حقًّا"([33]). 5- لا تخلط الجد بالهزل
هذا أسلوب في طريقة الحديث يضجر منه كل شخص أيا ما كان مستوى تفكيره، ولأن الافتخار هو أكثر المواطن التي يتضح فيها هذا الأمر والذي قد يتساهل كثير من الناس فيه حيث الانزلاق إلى المبالغة والكذب والهزل لذا كان التحذير منه والحض على أن لا تفتخر إلا وأنت تقول الحقيقة وحديثك جاد، والبعد عنه أولى وأحسن من الناحية الدينية .
يقول ابن المقفع: "إن آثرت أن تفاخر أحدًا ممن تستأنس إليه في لهو الحديث فاجعل غاية ذلك الجد ولا تعتد أن تتكلم فيه بما كان هزلاً فإذا بلغه أو قاربه فدعه".
ولا تخلطن بالجد هزلاً ولا بالهزل جدًّا؛ فإنك إن خالطت بالجد هزلاً هجنته (قبحته) وإن خلطت بالهزل جدًّا كدرته". - متى يستحسن الهزل في الحديث ؟
وابن المقفع الذي يحذر من مخالطة الجد بالهزل يذكر أن هناك موضعا واحدا يجوز فيه مقابلة الجد بالهزل وذلك حين تتعرض لأذى سفيه فهنا يكون رد فعلك المثالي عليه عند ابن المقفع هو الهزل وعدم مقابلته بمثل سوء فعله، وقد أشار ابن المقفع لذلك بقوله: "غير أني قد علمت موطنًا واحدًا إن قدرت أن تستقبل فيه الجد بالهزل أصبت الرأي وظهرت على الأقران (تغلبت على نظرائك) وذلك أن يتوردك متورد (يأتي إليك ويحضر) بالسفه والغضب وسوء اللفظ فتجيبه إجابة الهازل المداعب برحب من الذرع (السعة من القوة) وطلاقة من الوجه وثبات من المنطق"([34]).
والغزالي ينهى عن المزاح مطلقًا عند الحديث لتوابعه السيئة على المتكلم والمستمع قائلاً: "ولا تمازح لبيبًا فيحقد عليك ولا سفيهًا فيجترئ عليك؛ لأن المزاح يخرق الهيبة ويسقط المنزلة ويذهب ماء الوجه ويعقب الحزن ويزيل حلاوة الود ويشين فقه الفقيه ويجرِّئ السفيه ويميت القلب ويباعد من الرب ويعقب الذم ويفسخ العزم ويظلم السرائر ويميت الخواطر ويكثر الذنوب ويبين العيوب"([35]). * أدب استماع الحديث . - التوقير للمتحدث والنهي عن التطاول عليه:
والوقار كما يعرفه ابن حزم : وضع الكلام موضعه ومسايرة الناس بالمسالمة وهذه الأخلاق تسمى الرزانة([36])وقد حث عليها علماؤنا المستمعين للحديث فيقول ابن المقفع: "تحفّظ في مجلسك وكلامك من التطاول على الأصحاب وطب نفسًا عن كثير مما يعرض لك فيه صواب القول والرأي مداراة لئلا يظن أصحابك أن دأبك التطاول عليهم"([37]). أي: لا تراجع كثيرًا الآخرين فيما يتحدثوا به؛ فإن لم تلن لهم وتتجاوز عن حديثهم ربما اعتقدوا أنك تسيء إليهم عند نقدهم أو مجادلتهم ، وبالتالي فإن الصمت في هذا الموضع هو الأفضل وخاصة عند الاستماع للعامة من الناس وفي هذا الصدد أيضًا يقول ابن المقفع: "إن أردت أن تلبس ثوب الوقار والجمال وتتحلى بحلية المودة عند العامة وتسلك الجدد (الأرض المستوية) الذي لا خيار فيه (ما سترخى من الأرض) ولا عثار فكن عالمًا كجاهل وناطقًا كعيي فأما العلم فيزينك ويرشدك وأما قلة ادعائه فتنفي عنك الحسد وأما المنطق (إذا احتجت إليه) فيبلغك حاجتك وأما الصمت فيكسبك المحبة والوقار"([38]). - الامتناع عن الكلام حين الجدال.
وكما يقول صاحب كتاب "السياسة أو الإشارة في تدبير الإمارة : "إذا تمارى (تجادل) قوم بحضرتك فاستقبلهم بصمتك وسايرهم بحسن وقارك فإنك إن ماريتهم كنت كأحدهم وإن صمت عنهم رجع الأمر إلى قولك واعتمد في الصواب على رأيك وتكلم حين تصيخ الأسماع إلى كلامك ولا تتحدث بكل ما سمعته ولا تكذِّب بكل ما أشكل عليك"، وكان ابن عمر يقول: "لن يصيب رجل حقيقة الإيمان حتى يترك المراء وهو يعلم أنه صادق ويترك الكذب في المزاحة"([39]).
وكنموذج للتطاول في الحديث مع بيان الآداب التي ينبغي أن تراعى خاصة في مجلس الحاكم أو المسئول... ما ذكره القيرواني من تنازع إبراهيم بن المهدي وابن بختيشوع الطبيب بين يدي أحمد بن أبي داؤد في مجلس الحكم في عقار بناحية السواد فأربى عليه إبراهيم وأغلظ له فأحفظ ذلك ابن داؤد فقال: يا إبراهيم إذا نازعت في مجلس الحكم بحضرتنا امرءًا فلا أعلمن أنك رفعت عليه صوتًا ولا أشرت بيد وليكن قصدك أمما (قريب) وريحك ساكنة وكلامك معتدلاً مع وفاء مجالس الخليفة حقوقها من التعظيم والتوقير والاستكانة؛ فإن ذلك أشكل وأشمل لمذهبك في محتدك وعظيم خطرك... والله يعصمك من خطل القول والعمل ويتم نعمته عليك... فقال إبراهيم: أصلحك الله تعالى أمرت بسداد وحضضت على رشاد ولست عائدًا لما يثلم مروءتي ويسقطني من عينك ويخرجني من مقدار الواجب إلى الاعتذار فها أنا معتذر إليك من هذه البادرة اعتذار مقر بذنبه معترف بجرمه ولا يزال الغضب يستفزني بمواده فيردني مثلك بحلمه وتلك عادة الله عندك وعندنا منك وقد جعلت حقي من هذا العقار لابن بختيشوع فليت ذلك يكون وافيا بأرش الجناية عليه ولم يتلف مال أفاد موعظة وحسبنا الله ونعم الوكيل"([40]). - لكن ماذا يفعل الإنسان حين يسمع كلامًا غير صواب ويخشى من تأثر السامعين به؟
هنا ينصح ابن المقفع بعدم الرد على المتكلم مكذبًا له لأنك بذلك تثير امتعاضه وإنما الأولى الصمت وإن كنت تخشى على أحد من المستمعين لهذا الكلام فلتنفض هذا الكلام له في ستر وفي هذا يقول: اعلم أنك ستسمع من جلسائك الرأي والحديث تنكره وتستجفيه من المتحدث به عن نفسه أو غيره فلا يكونن منك التكذيب ولا التسخيف لشيء مما يأتي به جليسك ولا يجرئنك على ذلك أن تقول: إنما حدَّث عن غيره فإن كل مردود عليه سيمتعض من الرد وإن كان في القوم من تكره أن يستقر في قلبه ذلك القول الخطأ تخاف أن يعقد عليه (يبنى عليه) أو مضرة تخشاها على أحد فإنك قادر على أن تنقض ذلك في ستر فيكون ذلك أيسر للنقض وأبعد للبغضة ثم اعلم أن البغضة خوف وأن المودة أمن فاستكثر من المودة صامتًا فإن الصمت سيدعوها إليك"([41]). 3- لا تتكلم فيما لا يعنيك وإذا تكلمت فيما يعنيك فضع الكلام في موضعه:
وهذا من باب النأي بالنفس عن الوقوع في المعاصي التي يستدعيها كثرة الكلام فيما هو ليس بضرورة أو حاجة وإنما هو الفضول ولقد رُوي عن الرسول r الكثير من الأحاديث في هذا الصدد والتي توطد دعائم المودة والمحبة وضبط النفس حين يضبط اللسان بالصمت و يترك الإنسان الحديث فيما لا يعنيه .
فعن أبي ذر t قال: قال لي رسول الله r: "ألا أعلمك بعمل خفيف على البدن ثقيل في الميزان؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: هو الصمت وحسن الخلق وترك ما لا يعنيك".
وعن ابن مسعود t قال: "أتى رسول الله r آت، فقال: يا رسول الله إني مطاع في قومي فما آمرهم به؟ فقال: مرهم بإفشاء السلام وقلة الكلام إلا فيما يعينهم"([42]).
يقول الشيخ محمد الغزالي ينبغي أن يسأل المرء نفسه قبل أن يتحدث إلى الآخرين هل هناك ما يستدعي الكلام؟ فإن وجد داعيًّا إليه تكلم وإلا فالصمت أولى به وإعراضه عن الكلام حيث لا ضرورة له عبادة جزيلة الأجر قال عبد الله ابن مسعود t "والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان"([43]) وقال رسول الله r: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه"([44]) وأول مراحل هذه الاستقامة أن ينفض يديه مما لا شأن له به و ألا يقحم نفسه فيما لا يُسأل عنه قال رسول الله r: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"([45]).
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: خمس لهم أحسن من الدُهم الموقفة (الخيل الجيد) لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنه فضل ولا آمن عليك الوزر...!
- ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعًا.
- ولا تمار حليمًا ولا سفيهًا فإن الحليم يقليك وإن السفيه يؤذيك!
- واذكر أخاك إذا تغيب بما تحب أن يذكرك به وأعفه مما تحب أن يعفيك منه.!
- واعمل عمل رجل يرى أنه مجازي بالإحسان مأخوذ بالإجرام([46]).
ويعلق الشيخ الغزالي على هذا الحديث قائلاً: "والمسلم لا يستطيع هذا إلا إذا ملك لسانه وسيطر على زمامه بقوة فكبحه حيث يجب الصمت وضبطه حين يريد المقال أما الذين تقودهم ألسنتهم فإنما تقودهم إلى مصارعهم"([47]).
والمعنى المقصود من قولهم وضع الكلام موضعه هو أن تراعي آداب الحديث عند كل حالة يمر بها الإنسان فمناسبة الحزن الحديث فيها يختلف عن الحديث في حالة الفرح وهكذا ومما رُوي تأكيدًا لهذا المعنى " أن إبراهيم النخعي (وهو من العبّاد) كان يقول كنا إذا حضرنا جنازة أو سمعنا الميت عُرف ذلك فينا أيامًا لأنا قد عرفنا أنه قد نزل به أمر صيَّره إلى الجنة أو إلى النار قال: فإنك في جنائزكم تحدثون بأحاديث دنياكم"([48]). وفي هذا الصدد روى الإمام أحمد عن أحدهم قوله: "إن كنا لنشهد الجنازة فما ندري من نعزي من حزن القوم"([49]).
ولقد أشار ابن حزم إلى أن صنف الناس الذي يضع الكلام في موضعه كما قيل: -لكل مقام مقال- هم فئة نادرة الوجود قائلاً: "رأيت الناس في كلامهم الذي هو فصل بينهم وبين الحمير والكلاب والحشرات ينقسمون أقسامًا ثلاثة: أحدها: من لا يبالي فيما أنفق كلامه فيتكلم بكل ما سبق إلى لسانه غير محقق نصر حق ولا إنكار باطل وهذا هو الأغلب في الناس. والثاني: أن يتكلم ناصرا لما وقع في نفسه أنه حق ودافعًا لما توهم أنه باطل غير محقق لطلب حقيقة لكن لجاجًا فيما التزم وهذا كثير وهو دون الأول. والثالث: واضع الكلام في موضعه وهذا أعز من الكبريت الأحمر([50]).
وهذا التقسيم لأحوال الناس عند كلامهم نجده لدى الغزالي الذي تناول هذا الموضوع وعالجه بدقة وخلص إلى حضه على الصمت والسكوت لأن آفات اللسان كثيرة قائلاً: "يدلك على فضل لزوم الصمت أمر: وهو أن الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، قسم هو نفع محض، قسم فيه ضرر ومنفعة ، قسم ليس فيه ضرر ولا منفعة أما الذي هو ضرر محض فلابد من السكوت عنه وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران، فلم يبق إلا القسم الرابع فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقى ربع وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام امتزاجًا يخفى دركه فيكون الإنسان به مخاطرًا"، ويقول: دكتور زكي مبارك معلقًا: " وهذا من الغزالي إغراق في حب السلامة"([51]).
والكلام هو معيار لإيمان الفرد يتضح ذلك حين نجد الإمام علي يفرق بين المنافق والمؤمن عن طريق كلامه فالمنافق يتكلم بكل شيء فيما يعنيه ولا يعنيه أما المؤمن فلا يتكلم إلا بخير وإن كان غير ذلك آثر الصمت وفي هذا يقول: "اجعلوا اللسان واحدًا وليخزن (ليحفظ) الرجل لسانه فإن هذا اللسان جموح بصاحبه والله ما أرى عبدًا يتقي تقوى تنفعه حتى يخزن لسانه وإن لسان المؤمن من وراء قلبه وإن قلب المنافق من وراء لسانه؛ لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه فإن كان خيرا أبداه وإن كان شرا واراه وإن المنافق يتكلم بما أُتى على لسانه: لا يدري ماذا له وماذا عليه"([52]) وهنا يتضح لنا فضيلة التأني وعدم التسرع بالكلام وهي وإن كانت عملية نراها صعبة في أول مراحلها إلا أنه بتدريب الإنسان نفسه عليها شيئًا فشيئًا يستطيع أن يصل إلى هذا المستوى في الحديث وبالتالي يمكن لنا وضع الكلام حيث يكون حين نعطي الفرصة للعقل أن يعمل التفكير خلال فترة الصمت وحسن الاستماع لحديث الآخرين .
وكما يقول الشاعر :
و احفظ لسانك واحترز من لفظه فالمـرء يسلم باللسان ويعطب
وزن الكـــلام إذا نطقت ولا تكن ثرثارة في كل ناد تخطب([53])
وإننا لنجد العلماء الغربيين المتخصصين الذين لهم إسهامات واضحة في وضع أسس للحوار والتواصل والتفاعل مع الآخرين يثنون على فضيلة الصمت وكيف أنه يكون مفضلاً في أوقات كثيرة مثل "دون جابور" الذي يقول: السكوت ليس عيبًا فهو إحدى وسائل تحسين طريقتنا في الحوار وهو الوسيلة المثلى حين التردد حيث هو يمثل سؤالاً بلا إجابة كما أنه وسيلة لتجنب الحديث عن شيء معين أو قضية معينة نخشى اعتراض الطرف الآخر من المحادثة على مناقشتها والصمت يمنحك مساحة للتفكير في رأيك قبل التحدث به([54]).
كما أن الصمت هو الإجابة المثلى على من نقل إليك كلامًا يقتضي منك التثبت منه ولولا ذلك لحدثت فتن وقطيعة (بين الأفراد وذلك) لخطورة هذا الكلام وابن حزم يوضح هذا بقوله: "من جاء إليك بباطل رجع من عندك بحق وذلك أن من نقل إليك كذبًا عن إنسان حرك طبعك فأجبته فرجع عنك بحق فتحفظ من هذا ولا تجب إلا عن كلام صح عندك قائله"([55]).
والرسول r وصحابته الكرام خير قدوة عملية لنا في حفظ اللسان بالصمت إلا عن كل خير ومعروف بل يعد من أفضل آداب مجالسة الآخرين بالصمت دلالة على حسن الاستماع لهم والترفع عن لغط القول أو الوقوع في إثم الغيبة والنميمة.
"ففي حديث طويل عن سماك قال: قلت لجابر بن سمرة t أكنت تجالس النبي r؟ قال: نعم، وكان كثير الصمت"([56]). "وعن أبي مالك الأشجعي t، عن أبيه، قال: "كنا نجلس عند النبي r ونحن غلمان فلم أر رجلاً كان أطول صمتًا من رسول الله r فكان إذا تكلم أصحابه فأكثروا الكلام تبسم"([57]). "وعن عبادة بن الصامت t أن رسول الله r خرج ذات يوم فسار على راحلته وأصحابه معه يتقدم منهم أحد بين يديه فقال معاذ بن جبل t يا رسول الله... أرأيت إن كان شيء – ولا يرينا الله ذلك- أي الأعمال نعملها بعدك، قال: الجهاد في سبيل الله، قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله نعم الشيء الجهاد في سبيل الله... أَمْلَك من ذلك قال :الصيام والصدقة... فقال : يا رسول الله أَملك من ذلك فأشار رسول الله r إلى فِيه قال: الصمت إلا من خير قال: وهل نؤاخذ بما تكلمت ألسنتنا؟ فضرب رسول الله r على فخذ معاذ ثم قال: ثكلتك أمك وهل يكُب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت عن شر قولوا خيرًا تغنموا واسكتوا عن شر تسلموا"([58]).
وكان أبو الدرداء t يقول: تعلموا الصمت كما تتعلمون الكلام فإن الصمت حلم عظيم وكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تتكلم ولا تتكلم في شيء لا يعنيك ولا تكن مضحاكًا من غير عجب ولا مشاء إلى غير أرب (حاجة)([59]).
وحدث محمد بن سوقة (وهو أحد علماء الكوفة وعبّادها) جماعة من زواره قال: ألا أسمعكم حديثًا لعله ينفعكم كما نفعني؟ قالوا: بلى، قال: نصحني عطاء بن أبي رباح ذات يوم فقال: يا ابن أخي... إن الذين من قبلنا كانوا يكرهون فضول الكلام فقلت: وما فضول الكلام عندهم؟ فقال: كانوا يعدون كل كلام فضول ما عدا كتاب الله U أن يقرأ ويفهم... وحديث رسول الله r أن يروى ويدرى (يفهم)...أو أمرًا بمعروف ونهيا عن منكر... أو أن تتكلم بحاجتك ومعيشتك التي لابد لك منها.
ثم حدق (حدد النظر) إلى وجهي وقال: أتنكرون ﴿إنَّ عليكم لحافظين كرامًا كاتبين﴾[الانفطار: 10- 11] وأن مع كل منكم ملكين ﴿عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ [ق: 17- 18]([60]).
والمحاسبي يوضح متى يكون الصمت أو الكلام أفضل فيذكر أن الصمت أسلم وإن كان أفضل إذا أريد به وجه الله دون إفراط في الصمت أو الكلام فالإفراط في الصمت يؤدي إلى الضجر والبلادة واختلال العقل لكن يحسن الصمت عن المحرمات أو ما لا يعرفه العبد وينبغي أن يكون الكلام في موضعه وأوانه ولمن ينتفع به دون ثرثرة أو إطناب([61]).
لكن مع كل ما سبق من ذكر فضيلة الصمت ومواضع الكلام التي يكون الصمت فيها خير فضيلة نتساءل... -كيف يمكن التعامل مع الأشخاص الصامتين قليلي الكلام بطبيعتهم حتى فيما هو ضروريونافع؟
أحيانًا يكون الصمت مشكلة حقيقة خاصة عند بعض الأزواج، فما الاستراتيجيات العملية التي ينبغي استعمالها لخروج الشخص من قوقعة صمته ؟ ينصح صاحب كتاب "التعامل مع أناس لا تحتملهم" بأنه عندما يصبح أحد الأشخاص صامتًا ويكون هدفك حثه على الكلام أن تتبع الخطوات الآتية : 1- امنحه وقتا كافيًّا حيث إن التعامل الناجح مع الشخص الصامت قد يستغرق وقتًا طويلاً فخصص فرصا للتواصل مدة كل منها خمس عشرة دقيقة مع الشخص الصامت حتى يمكنك لو لم تنجح في البداية أن تكرر المحاولة وبمجرد أن تصل الرسالة التي تفيد أنك لا تيأس فقد ينفتح معك لمجرد أن يجعلك تكف عن المحاولة. 2- اسأل أسئلة ذات نهايات مفتوحة مع إظهار توقع الإجابة عليها
فأفضل أنواع الأسئلة التي تسألها للإنسان الصامت هي التي لا يمكن الرد عليها بنعم أو لا أو بتمتمة غير مفهومة هذه الأسئلة تبدأ بالكلمات: من، ماذا، أين، متى، كيف، مثل ما الذي تعتقد؟ أو كيف تريد أن تتصرف؟ إلى أين تتحرك من هنا؟ ففرص نجاحها أكبر من أسئلة مثل: هل يعجبك ذلك؟ هل يمكن أن تخبرني؟ ومن المهارات غير اللفظية المقترنة بطرح الأسئلة الخاصة بالإنسان الصامت هي أن ترفع حاجبيك وافتح فمك قليلاً (ابتسامة خفيفة) ومل برأسك إلى أحد الجانبين وانحن قليلاً للأمام واحذر أن يتحول هذا الأمر إلى مباراة في الحملقة بينك وبينه وإن لم تنجح في البداية فاطرح سؤالك مرة أخرى وإليك مثالاً: منذ لحظة سألتك ما الخطب ولم تجب إنني مازلت أتساءل ماذا يحدث؟ فإن قال لك الشخص الصامت لا شيء يمكنك أن تقول: وماذا أيضًا؟ وإذا قال: لا أعرف يمكنك أن تقول: خمن! أو تصور شيئًا أو لو كنت تعرف فماذا عساه أن يكون؟ امنحهم أفضل نظرة توقع تستطيعها وسوف تندهش من مدى فعالية هذه الطريقة عند التعامل مع كل من الناضجين والأطفال. 3- لطِّف الأمر
بقليل من المزاح ولكن كن حذرًا فالمزاح سلاح ذو حدين فهو يعتمد على تقديرك للموقف فإذا شرعت في استخدامه ووجدت الصامت قد بدأ يغضب فلا تستمر في محاولتك لتلطيف ما قد تحول لموقف جاد واعتذر فورًا وبصدق ثم قم بتذكيره أن هدفك أن تجري معه حوارًا لا أن تخاطب نفسك. 4- حاول أن تقترح عليه أمراً ما ، أو أن تعرف السبب وراء صمته
إذا استمر الشخص صامتًا بعد كل ما سبق دون نتيجة فكر في مجرى الأحداث كما فهمتها أنت وبمجرد أن تصل لفكرة اقترحها عليه وانتظر رد الفعل قد تفكر في عدة احتمالات اذكرها جميعًا وقدم لتخميناتك بقولك: "إنني لا أعلم ما بك" أو إنني فقط أخمن ولكن...، فلو استطعت أن تعرف أو تقترب من السبب في الصمت فقد تنجح في دفع هذا الشخص للحديث. 5- تحدث عن المستقبل
أحيانا تكون الطريقة الوحيدة لدفع الإنسان الصامت إلى الحديث هي أن تأخذه خارج اللحظة الحالية إلى المستقبل هناك يستطيع أن يرى نتائج الصمت المستمر وربما يجد منظورًا كافيّا ودافعًا للانفتاح فمن الكلمات الجديرة باستخدامها في هذا الصدد معه قولك له "حسنًا لا تتكلم فقط تخيل كم الأخطاء التي سوف تحدث ومقدار الوقت الذي سوف نضيعه في هذا المشروع لأننا لم نحصل على مشاركتك".
- حسنا لست مضطرًا إلى أن تتحدث ولكن بالتأكيد لن تكون هناك متعة للعمل في هذا المكان لو كان كل منا يعيش في عالمه الصغير هذا حتمًا سيقضي على روح الفريق ويولد الكثير من المشاعر السيئة والكثير من مواقف سوء الفهم. - وللشخص الصامت المعادي تحدث إليه
عن النتائج السلبية التي سوف تضطر إلى أن توقفها عليه مثل اتخاذ إجراءات الشكوى ضده ومتابعته المستمرة في العمل أو المدرسة وإلزامه بأداء الأعمال الورقية وما شابه... واحذر أن تمنح وعودًا لن تحافظ عليها وتجنب التهديدات الجوفاء وهكذا يصبح الاستمرار في الصمت أمر غير مريح بالنسبة للشخص الصامت([62]). - الصامت إذا كان زميل لك في العمل
- إذا كان الإنسان الصامت زميلاً لك قليل الكلام فلكي تعمل على سبر غوره والكشف عن مشاعره عليك بالآتي:
1- اكسب ثقته رويدًا رويدًا.
2- ولتطلب رأيه في بعض الأمور الثانوية.
3- ولتحاول أن تشركه في بعض القرارات التي تتخذها([63]).
ويمكن أن يكون صمت زميلك تعبيرًا عن الغضب فإن أفضل الاستراتيجيات هي مناقشة المشكلة بعيدًا عن مكان العمل وذلك حتى تتمكن من مناقشتها والتوصل إلى حل لها فلا تترك الغضب يعتصره ويضطرب بداخله ولكن حاول أن تصارحه بهدوء وحصافة حيث إن رد الفعل الغاضب لن يؤتي بآية ثمار فتقولين مثلاً "ميلندا لقد أخبرتني أنه ليس هناك آية مشكلة ولكنك لم تزيدي عن هذا القول مدة الأيام الماضية ونحن نتمتع بصداقة مثمرة ولم يسبق أن حدث ما يعكر صفو هذا العلاقة أخبريني بما يحدث هنا([64]).
وإذا كان هؤلاء الصامتون هم الذين يعملون تحت رئاستك أو إشرافك ويكون الدافع لصمتهم هو خشيتهم من أن يكون ما يطلعوك عليه لا يثير اهتمامك أو قد يشعرون بالخوف أو الخجل ولكي تعمل على إخراج هؤلاء من قواقعهم عليك ببث الطمأنينة في أنفسهم وتوجيه أسئلة مباشرة إليهم مسبوقة بعبارات تشجعهم على التحدث إليهم كأن تقول مثلاً: "جان دائمًا ما أجد متعة في الاستماع إليك عندما تتحدثين عن أمور البيع فهلا أخبرتني كيف يمكن الترويج لخط تصنيع المنتجات الجديدة؟ "([65]). - ماذا لو كنت أنت الصامت؟
سؤال طرحه المتخصصون في علم النفس ناصحين بالآتي:
1- إذا تعرضت لمشكلة أو صراع فاعلم أن كبح مشاعرك والانسحاب من الصراع لا يؤدي إلا إلى بقاء الصراع بداخلك ويضعك في عزلة عن الآخرين إضافة إلى السلبية ولذا فعليك بالتعبير عن مشاعرك بشكل مسئول فهذا أفضل لصحتك وسعادتك وإذا لم تكن تشعر بالأمان في أن تخبر الأشخاص المشتركين في الصراع فابحث عن شخص تشعر بالأمان إن حادثته فمجرد الحديث يمنحك رؤية كافية للحل وأخبر من تهتم بهم بحقيقة مشاعرك بشكل متواتر وأخبر الآخرين بما يضايقك بأسلوب لا لوم، وصف ما يقومون به، وشعورك أو تأثير ذلك عليك والآن اطلب ما تريد. وكمثال عملي على ذلك قولك لمن يضايقك: "عندما يعلو صوتك هكذا أشعر كما لو كنت تصرخ فيّ بدلاً
من أن تكلمني وفي المستقبل سأكون ممتنًا لو حادثتني بنبرة أقرب للحوار، بهذه الطريقة يمكنك أن
تعبر عن نفسك بشكل مسئول وأن تمنح الآخرين فرصة معرفتك وتعزيز علاقتهم بك".
وعلى عكس ما سبق فأحيانا يكون الصمت أفضل وسيلة لتجنب الانفجارات الانفعالية أو غضب الآخرين كما يكون أكثر تأثيرًا وأقل هما ودمعًا لك وللشخص الثائر (القنبلة الموقوتة) فالصمت هو إحدى أفضل وسائل نزع فتيل القنبلة الموقوتة([66]).
"وكما قيل إذا سكت عن الجاهل فقد أشبعته جوابًا وأوجعته عقابًا" وجواب الأحمق السكوت عنه([67]).أما في الأحوال العادية فإذا أردت أن تكون خطيبا فصيحا لبقا وتؤثر على الآخرين وتهزم الخجل الذي يدفعك إلى الصمت فلنطلع على رأي المتخصصين حين نجيب على سؤال مثل : *ما الوسائل التي تساعدك على الخطابة أو التحدث أمام جمع من الناس؟
ليس المهم ما تقوله المهم كيف تقوله ولقد أبان ديل كارينجي عن دعائم الخطاب الجيد الذي يجذب المستمعين إليه من خلال مجموعة من المهارات يتم التدريب عليها وهي كالآتي:
1- حطم قوقعة خجلك.
2- لا تحاول تقليد الآخرين وكن نفسك.
3- تحدث مع الجمهور.
إن الجمهور سواء كان خمسة عشر شخصًا أو ألف شخصًا يريد من المتحدث أن يتكلم مباشرة كما لو كان في دردشة وبنفس الأسلوب العام الذي سيستخدمه معهم في المحادثة العادية لكن بمزيد من القوة أو الطاقة والطريق الوحيد لاكتساب البراعة في هذا الأسلوب الطبيعي – أي: نبرات فصاحتك الطبيعية مع التوسع فيها قليلاً- هو الممارسة وإذا وجدت نفسك تتحدث بأسلوب متكلف فتوقف ثم تخيل ذهنيًا فردًا من الجمهور يجلس في المؤخرة أو أقل الناس انتباهًا لك، انس وجود أي شخص آخر غير هذا الرجل وتخيل أنه وجه إليك سؤالاً وأنت تجيب عليه وأنك الشخص الوحيد الذي يمكنه الإجابة فهذه العملية ستجعل فورًا وحقًّا حديثك تلقائي وطبيعي ومباشر بدرجة كبيرة لدرجة ألا يخطر ببال جمهورك أبدًا أنك تلقيت تدريبًا رسميًا في فن الخطابة. كما أن طريقة الإجابة على أسئلة في منتصف حديثك مثل أن تقول: أنتم تتساءلون ما دليلي على هذا الإدعاء؟ أنا أمتلك الدليل الكافي وها هو... هذه الطريقة إذا تمت بصورة طبيعية تكسر الرتابة المملة لطريقة المرء في الإلقاء وتجعلها مباشرة وطريفة وتلقائية.
1- ركز حماستك في حديثك:
الصدق والحماسة والجدية الشديدة سوف تساعدك أيضًا فعندما يكون الإنسان واقعًا تحت تأثير مشاعره فإن ذاته الحقيقية تطفو إلى السطح وتتساقط الحواجز فقد أحرقت حرارة عواطفه كل العوائق فتراه يتصرف بعفوية ويتحدث بعفوية فهو طبيعي وعن أهمية هذا العامل في التأثير على الجمهور المستمع لحديثك يذكر ديل كارينجي أن "أدموند بورك" كتب أحاديث رائعة في التفكير المنطقي والإنشاء لدرجة أنها تدرَّس اليوم كنماذج تراثية للخطابة في جامعات العالم ومع ذلك فقد كان بورك مشهورًا بفشله كمتحدث فلم تكن لديه المقدرة على إلقاء جواهره وجعلها مشوقة وقوية فعندما يقف ليتحدث يسعل الآخرون ويتململون إما ينامون أو يخرجوا زمرًا. 5- تمرس على جعل صوتك قويًّا ومرنا:
يقول ديل كارينجي:"بإيجاز نحن نفقد نشاط وتلقائية المحادثة الحقيقية فربما نعتاد المحادثة ببطء أو بسرعة شديدة وأسلوبنا – إن لم نراقبه بعناية- قد تعتريه الخشونة واللامبالاة فحين نقول مرارًا إنه يجب أن تتصرف بشكل طبيعي لا نقصد الأسلوب السلبي والإلقاء الرتيب شريطة أن يكون طبيعيًا على العكس تمامًا بل ينبغي علينا أن نكون طبيعيين بمعنى أن نعبر عن أفكارنا ونعبر عنها بروح ، ممتلكين سعة المفردات وثراء الخيال وتنوع قوة التعبير ويمكن أن نقيِّم أنفسنا بمساعدة جهاز تسجيل والاستعانة بالأصدقاء أو تحصل على نصيحة خبير،فعندما تكون أمام الجمهور كن بكل جوارحك في الكلمة، ركز كل كيانك على إحداث أثر ذهني ووجداني في الجمهور وسوف تتحدث بنسبة تسعين بالمائة بقدر من التوكيد والقوة أكثر مما يمكنك الحصول عليه أبدًا من الكتب"([68]). - صفة كلام الرسول r:
1- فعن الإيجاز في القول "روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r كان يحدث حديثًا لوعدَّه العاد لأحصاه"([69]).
2-عدم الاستعجال في الحديث فعن السيدة عائشة قالت: "ألا أعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث، عن رسول الله r يسمعني ذلك وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سُبحتي ولو
أدركته لرددت عليه: إن رسول الله r لم يكن يسرد الحديث كسردكم"([70]).
وعن ابن عمر قال كان في كلام النبي r ترتيل أو ترسيل([71]) (لم يعجل)
ومن صور عدم الاستعجال في الحديث عند الرسول r أنه كان يكرر الكلمة ثلاثًا "فعن أنس t أن النبي r كان إذا تكلم تكلم ثلاثًا وكان يستأذن ثلاثًا" وفي رواية أخرى أن رسول الله r كان إذا تكلم بكلمة رددها ثلاثًا وإذا أتى قومًا يسلم عليهم سلم ثلاثًا"([72]).
وعن عمرو بن العاص t قال: كان رسول الله r يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك فكان يقبل بوجهه وحديثه عليَّ حتى ظننت أني خير القوم فقلت: يا رسول الله أنا خير أو أبو بكر t فقال: أبو بكر فقلت: يا رسول الله أنا خير أم عمر t؟ فقال: عمر، فقلت: يا رسول الله أنا خير أم عثمان t، فقال: عثمان، فلما سألت رسول الله r فصدقني فلوددت أني لم أكن سألته"([73]). 3- كان كلام النبي r سهلاً يفهمه كل أحد.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كلام النبي r فصلاً يفهمه كل أحد لم يكن يسرد سردًا"([74]). 4- الرفق واللين في كلامه r حتى لمن يعارضه:
وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر أدب الحوار بين رسول الله r والسيدة عائشة حين عارضته فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله r عباءة مثنية فرجعت إلى منزلها فبعثت إليّ بفراش حشوه الصوف فدخل عليَّ رسول الله r فقال: ما هذا فقلت: فلانة الأنصارية دخلت عليَّ فرأت فراشك فبعثت إلي بهذا، فقال رديه فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي حتى قال لي ذلك ثلاث مرات، فقال يا عائشة رديه فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة فرددته([75]). - صفة الكلام الذي يلقيه المتكلم وآدابه عند علماء الإسلام:
فعن كيفية إنتاج الخطاب ذي الكلام الحسن البسيط السهل المنتقى بعناية مع البعد عن الحشو والتكلف والمبالغة أبدع علماء الإسلام في دراسة هذا الموضوع من شتى جوانبه وذلك نظرًا لما يمثله من أهمية بالغة في إظهار الملكات الإنسانية وتجلياتها في شتى المواطن وتدعيم وتقوية أواصر الترابط مع الآخرين ووضع أسس للحوار الجيد المثمر التي باتباعها يسلم المتكلم من الوقوع في الزلل وعبقرية علماء الإسلام في تناول التفصيلات الدقيقة لآداب المتكلم والمستمع يقتضينا إبراز أفكارهم في هذا الصدد نظرًا لفائدتها الجليلة في إقامة دعائم التواصل مع عالم يعج بالمخاصمات والمشاحنات وتتغلب لغة الحروب وفوهة المدافع على لغة الكلام وحكمة القول وحسن الخطاب فلقد خصص السهروردي في كتابه "آداب المريدين" فصلاً أسماه آداب المحاورة، فمن تلك الآداب التي ذكرها:
1- أن يقصد بالكلام النصح والإرشاد ونفع الكل.
2- كلام الناس على قدر عقولهم وعلى قدر السائل.
3- عدم الحديث فيما لا يسأل فيه.
4- ألا يتكلم العبد أمام من هو أعلم منه وألا يتكلم في العلم قبل أوانه.
5- ألا يتطلب الجاه والمنزل بعلمه.
6- محاولة استعمال ما سمعه وتعلمه حتى يصير ذلك العلم حكمة في قلبه ولا ينساه([76]).
وفي هذا الصدد أيضًا يذكر الماوردي شروطًا للحوار على المتكلم العمل بها كلية دون إخلال بواحد منها وهي:
1- أن يكون الكلام لداع يدعو إليه إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر.
2- أن يأتي به في موضعه.
3- أن يقتصر منه على قدر الحاجة وكما قال بعض الحكماء إذا قلت فأوجز فإذا بلغت حاجتك فلا تتكلف.
4- أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به([77]). ومن آداب الحوار عنده والتي يدل بها الإنسان على محاسن فضله وأدبه:
1- ألا يتجاوز في مدح ولا يسرف في ذم(وعند ابن حزم أن أهل الفضل يمسكون عن المدح والذم في المشاهدة ويثنون بالخير في المغيب أو يمسكون عن الذم).
2- ألا تبعثه الرغبة والرهبة على الاسترسال في وعد أو وعيد يعجز عنهما ولا يقدر على الوفاء بهما.
3- إن قال قولاً حققه بفعله وإذا تكلم بكلام صدقه بعمله فإن إرسال القول اختيار والعمل به اضطرار ولأن يفعل ما لم يقل أجمل من أن يقول ما لا يفعل.
4- أن يراعي مخارج كلامه فإن كان ترغيبًا قرنه باللين واللطف وإن كان ترهيبًا خلطه بالخشونة والعنف فإن لين اللفظ في الترهيب وخشونته في الترغيب خروج عن موضعهما وتعطيل للمقصود بهما فيصير الكلام لغوًّا والغرض من المقصود لهوًا وقد قال أبو الأسود الدؤلي لابنه: يا بني إن كنت
في قوم فلا تتكلم بكلام من هو فوقك فيمقتوك ولا بكلام من هو دونك فيزدروك.
5- ألا يرفع بكلامه صوتًا مستكرهًا ولا ينزعج له انزعاجًا مستهجنًا وليكف عن كثرة الحركة التي تكون طيشًا؛ فإن نقص الطيش أكثر من فضل البلاغة وقد حُكي أن الحجاج قال لأعرابي: أخطيب أنا؟ قال: نعم لولا أنك تكثر الرد وتشير باليد وتقول أما بعد.
6- أن يتجافى هجر القول ومستقبح الكلام وليعدل إلى الكناية ليبلغ غرضه ولسانه نزه وأدبه مصون وقد قال محمد بن علي في قوله تعالى: ﴿ وإذا مروا باللغو مروا كرامًا﴾ قال: كانوا إذا ذكروا الفروج كفوا عنها.
7- كما يصون لسانه فهكذا يصون سمعه فلا يسمع خِنًا ولا يصغي إلى فحش فإن سماع الفحش داع إلى إظهاره.
8- أن يجتنب أمثال العامة الغوغاء ويتخصص بأمثال العلماء الأدباء والإنسان لكثرة ما يطرق سمعه من مخالطة الأراذل قد يتأثر بهم في أقواله كالذي حكى عن الأصمعي أن الرشيد سأله يومًا عن أنساب بعض العرب فقال: على الخير سقطت يا أمير المؤمنين، فقال له الفضل بن الربيع أسقط الله جنبيك أتخاطب أمير المؤمنين بمثل هذا الخطاب؟ فكان الفضل بن الربيع مع قلة علمه أعلم بما يستعمل من الكلام في محاورة الخلفاء من الأصمعي الذي هو واحد عصره. وللأمثال من الكلام موقع في الأسماع وتأثير في القلوب لا يبلغ الكلام المرسل مبلغها"([78]) وهذه أمور تتعلق بطبيعة الرسالة اللغوية المرسلة من المتكلم للمستمع أي اللغة.
وفي أرجوزة ابن مكانس إسهاب لصفة الكلام الذي تتحدث به بقوله : "اجعل كلامك في الغالب بصفات أن يكون وجيزًا فصيحًا في معنى مهم أو مستحسن... ولا تجعله مهملاً ككلام الجمهور بل رفِّعه عنهم ولا تباعده عليهم جدًّا. أي المقصود اجعل كلامك سهلاً بحيث يفهمه كل الناس على اختلافهم.
2- وإياك وكثرة الكلام وتبتير الكلام بل اجعل كلامك سردًا بسكون ووقار بحيث يستشعر منك أن وراءه أكثر منه وأنه عن خبرة سابقة ونظر متقدم أي لا تكثر كلامك ولا تقطعه فجأة بحيث لا يفهم السامع ما المقصود وتكلم في موضوع تكون متمكن فيه ومعرفتك به واسعة وليست سطحية.
3- إياك والغلظة في الخطاب والجفاء في المناظرة فإن ذلك يذهب ببهجة الكلام ويسقط فائدته ويعدم حلاوته ويجلب الضغائن ويمحق المودات ويصير القائل مستثقلاً سكوته أشهى إلى السامع من كلامه ويثير النفوس على معاندته ويبسط الألسن بمخاشنته وإذهاب حرمته.
4- "أجب من حيث تعقل لا من حيث تعتاد وتألف "وذلك لأن الإنسان قد يألف طريقة في
الحديث هي مستهجنة فالواجب أن يكون متعقلاً في حديثه فلا يخاطب الناس كلهم بطريقة واحدة لاختلاف العقول فلا تخاطب العامي بأسلوب مخاطبة العالم فتكون سبيلاً لقطع علاقته بك أو ما شابه.
5- "لا تترفع بحيث تستثقل ولا تتنازل بحيث تستخس وتستحقر"([79]).
أي لا تأنف من الحديث مع أي شخص مهما كانت منزلته ولا تقبل بحديثك على ما لا يريده وإلا عرَّضت نفسك للإهانة منه .
6- تجنب الوقيعة في الناس وثلب الملوك والغلظة على المعاشر وكثرة الغضب وتجاوز الحد فيه وكما يقول ابن المقفع "واعلم أن خفض الصوت وسكون الريح.... من دواعي المودة([80]).
7- اجعل كلامك لاهوتيًا في الغالب لا ينفك من خبر أو قول حكيم أو بيت نادر أو مثل سائر واستكثر من حفظ الأشعار المثالية والنوادر الحكمية والمعاني المستغربة وانتزح عن عادات الصبا وتجرد عن مألوفات الطبيعة.
وكمثال لذلك الحديث اللاهوتي والذي حث عليه الصالحون: قول عبد الله بن عمر لجلسائه "ساعة للدنيا وساعة للآخرة وقولوا خلال الحديث اللهم اغفر لنا".
وكان عيسى u يوصي الحواريين لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله U فتقسوا قلوبكم وإن القاسي قلبه بعيد من الله U ولكن لا يعلم"([81]).
"وكان الربيع بن خثيم يقول: لا خير في كلام إلا في تهليل الله وتحميد وتسبيح الله وسؤالك من الخير وتعوذك من الشر وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر وقراءتك القرآن"([82]). * صفة الحديث وآدابه عند أبي بكر المرادي الحضرمي - فبالنسبة للمتكلم
لقد أوضح المرادي الحضرمي صفة وآداب التي ينبغي اتباعها سواء في الأحاديث العامة أو أمام جمهور من الناس منها قوله :
1- تدبر الأمر قبل النطق به ولا تكن كالأحمق يقول الشيء قبل تدبيره وتكلم حين تُصيخ (تتجه وتقبل) الأسماع إلى كلامك.
2- انظر من كلامك في ضره ونفعه ووقته وموضعه وفصاحته ووزنه فإذا تم العقل نقص اللفظ
3- ليكن كلامك مترسلاً سهلاً قليلا لأهل الفضل مبسوطًا لأهل الجهل متوسطا لأهل التوسط كل كلمة منه متعلقة بفائدة متضمنة لمنفعة.
4- ليكن صوتك به بين الجهر والخفوت وإيراداك له على الاعتدال من توالي الحروف.
5- اهجر الكلام السوقي الذي ابتذلته العامة والغريب الوحشي الذي تستثقله الخاصة.
6- لا تصل بكلامك الحشو الذي لا يفيد شيئًا كقولهم: اسمع وافهم وحاشاك وما أشبه ذلك من كلام الضعفاء والمنتقصين.
7- ولا تكثر في أثنائه من السعال والبصاق والتثاؤب ولا تمزجه بالأيمان وإن كنت صادقًا؛ فإن ذلك مما يزري بفصاحتك ويؤذن المخاطب بتهمتك.
8- إذا تكلمت فلا تعجب بكلامك ولا تدع سامعه إلى الإعجاب به ولا تهزأن بالجد ولا بما يقع موقعه من النفس؛ فإن ذلك يثير الأحقاد ويمحو الوداد.
9- إذا تعرضك إنسان بنقص؛ فإن استطعت أن تجعل جوابه جدًّا بألفاظ الهزل فافعل والتزم مع ذلك رحب الذرع (سعة الصدر كناية عن قوة التحمل والحلم) وطلاقة الوجه والأحوال التي يجري عليها صاحب المزح بغير أمر يؤلم النفس؛ فإن ذلك أردع لقوله وأشد للاستخفاف بحقه.
10- إن استطعت أن تفعل أفعالك كلها دون الوعد بها فافعل فإن فعلك لما لم تقل أجمل من قولك لما لم تفعل.
11- وعن إيثار الصمت في بعض المواطن عن الكلام يقول أبو بكر المرادي: "وإن غُلبت على الكلام فلا تُغلبن على الصمت؛ فإنه أزين في بعض المحافل وأحسن في كثير من المواطن وفيه جزء من الوقار وظل من الأمن من سقطات الكلام، وقد قيل: أحسن البلاغة الصمت حين لا يحُسن الكلام.
12- لا تقطع كلامك بعد ابتدائه ثم تعد المستمعين بإتمامه كأنك رويت فيه فرأيت أن الصمت خير من إتمامه ولتكن رويتك فيه من قبل إنشائه (أي كان يجب أن تراعي تلك الأمور قبل التحدث لكن مادمت بدأت الحديث فلا تقطعه).
13- لا تكثرن التحدث عن بلد بعينه ولا ضرب من ضروب الرأي ولا رجل من أصناف الناس حتى يغلب ذلك على كلامك فإن ذلك مؤذن بنقصك ولا تكثر التحدث بفضل والدك ولا ولدك وامرأتك ولا دارك ولا دابتك. * أدب استماع الحديث عند أبي بكر المرادي الحضرمي :
1- إذا سُئلت فأجب على قدر مسألتك ولا تخلط ما لم تُسأل عنه بكلامك وإذا سُئل غيرك فلا تكن أنت مجيبًا وإن كنت بالمسئول عنه عالمًا وإن كان السؤال عامًا فلا تبتدر بالإجابة؛ فإن الحضور معك يتبعون كلامك بالتأمل ويجتهدون لجوابك في التنقص ويكون لهم عليك الخيار.
وابن المقفع يتفق مع أبي بكر المرادي الحضرمي في ذلك حيث يقول في "الأدب الكبير": إذا سأل الوالي غيرك فلا تكونن أنت المجيب عنه؛ فإن استلابك الكلام خفة بك واستخفاف منك بالمسئول والسائل، وما أنت قائل إن قال لك السائل: ما إياك سألت؟ أو قال لك المسئول عند المسألة يعاد بها: دونك فأجب؟ فإن لم يخص السائل في المسألة رجلاً واحدًا وعم جماعة من عنده فلا تبادر بالجواب ولا تسابق الجلساء تواثب الكلام؛ فإن ذلك مع شين التكلف والخفة إنك إذا سبقت القوم إلى الكلام صاروا لكلامك خصماء فيتعقبونه بالعيب والطعن وإذا أنت لم تعجل بالجواب وخليته للقوم اعترضت أقاويلهم على عينك(تفحصتها) ثم تدبرتها وفكرت فيما عندك ثم هيأت من تفكيرك ومحاسن ما سمعت جوابًا رضيًا واستدبرت به أقاويلهم حتى تُصيخ إليك الأسماع ويهدأ عنك الخصوم([83]). وهذا شبيه برأي أبي بكر المرادي الحضرمي والذي يتضح مدى تأثره بابن المقفع ويظهر ذلك في قول أبي بكر المرادي الحضرمي:
" إذا تأخر جوابك كان لك أن تعمل بهم ذلك (أي التأمل لكلام سابقك وتدبره والاستفادة منه ) مع ما تضيفه إلى رأيك من آرائهم وتزيده في جوابك من إبطال أقوالهم " ومن الآداب الأخرى لمستمع الحديث والتي أشار إليها أبو بكر المرادي قوله :
2- إذا اكتفى بصواب غيرك ولم يصل القول إليك فلا يؤثرن ذلك في نفسك فإن الحكماء قد قالوا: إن صيانة القول خير من وضعه في غير موضعه؛ كما أن كلام العجلة من قبل الروية موكل به الزلل ومصروف إليه الخطأ أو الخطل.
3- إذا جالست أهل العلم فأرهم أنك على استماع كلامهم أحرص منك على كلامك.
4- إذا أصغيت إلى كلام فلا تظهرن العجب به([84]). * عوائق التخاطب: الخجل - علاج ظاهرة الخجل عند المتكلم:
والتي تمثل مانعًا كبيرًا أمام التواصل السلس والفعَّال في التحدث مع الآخرين والانفتاح عليهم وإقامة حوارات مثمرة معهم وبوجود الخجل فأنت تعيش في عزلة حتى ولو كنت بجسدك مع الآخرين وذلك لأنك تعجز عن التعبير الجيد عن أرائك وأفكارك ليتثنى للناس التعرف عليك وإقامتهم لعلاقات جادة ومتنوعة معك.
وهنا نتساءل عن أسباب الخجل وعلاجه؟ كيف يمكن التعامل مع الخجولين؟ ما هي المهارات التي بمعرفتها والتدريب عليها يستطيع الإنسان أن يحطم قوقعة خجله بل أن يكون خطيبًا مفوهًا ومتحدثًا جيدًا؟
1- ففيما يتعلق بالسؤال الأول: وهو أسباب الخجل وعلاجه؛ فإن المتخصصين يعرفون الخجل منذ بدايته الأولى "بأنه انكماش الولد وانطواؤه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين، وهو يبدأ في الإنسان منذ صغره فأماراته تبدأ في سن أربعة أشهر وبعد سنة يدير الطفل وجهه أو يغمض عينيه أو يغطي وجهه بكفيه إن تحدث شخص غريب إليه([85]). وتلعب الوراثة والبيئة دورًا كبيرًا في ازدياد الخجل أو تعديله فالأطفال الذين يخالطون ويجتمعون معهم يكونون أقل خجلاً من الأطفال الذين لا يخالطون ولا يجتمعون ، والمعالجة لا تتم إلا بأن نعوِّد الأولاد على الاجتماع بالناس سواء بجلب الأصدقاء إلى المنزل لهم بشكل دائم أو مصاحبتهم لآبائهم في زيارة الأصدقاء والأقارب أو الطلب منهم برفق ليتحدثوا أمام غيرهم سواء كان المُتَحدث إليهم كبارًا أو صغارًا كما كان أبناء السلف يتربون على التحرر التام من ظاهرة الخجل ومن بوادر الانكماش والانطوائية وذلك بسبب تعويدهم على الجرأة ومصاحبة الآباء لهم في حضور المجالس العامة وزيارة الأصدقاء وتشجيعهم على التحدث أمام الكبار ثم دفع ذوي النباهة والفصاحة منهم لمخاطبة الخلفاء والأمراء ثم استشارتهم في القضايا العامة والمسائل العلمية في مجمع من المفكرين والعلماء كما كان عمر ابن الخطاب يفعل ذلك مع عبد الله بن عباس وهو دون الحلم فيدخله مع أشياخ بدر يسأله فيصيب في إجابته ويخطئون هم. ويُذكر أيضًا أنه دخل على عمر ابن عبد العزيز t في أول خلافته وفود المهنئين من كل جهة فتقدم من وفد الحجازيين غلام صغير السن لم تبلغ سنه إحدى عشرة سنة فقال له عمر ارجع أنت وليتقدم من هو أسن منك!! فقال الغلام: أيد الله أمير المؤمنين،المرء بأصغريه: قلبه ولسانه فإذا منح الله العبد لسانًا لافظًا وقلبًا حافظًا فقد استحق الكلام.
ويعلق د/ عبد الله علوان على ذلك بقوله : "وبهذا الأسلوب في تعامل الأولاد منذ صغرهم نستطيع تربيتهم على الجرأة والشجاعة والتحرر من الخجل والخوف والانطوائية ثم يختم دكتور عبد الله علوان دراسة هذا الموضوع بنصيحة هامة تزيل اللبس عن الأفهام التي قد ترتبط عندها الجرأة بالوقاحة قائلاً: فما على المربين اليوم ولاسيما الآباء إلا أن يأخذوا بقواعد هذه التربية الفاضلة حتى ينشأ الأولاد على الصراحة التامة والجرأة الكاملة ضمن حدود الأدب والاحترام ومراعاة شعور الآخرين وإنزال الناس منازلهم وإلا فإن الجرأة ستنقلب إلى وقاحة والصراحة إلى قلة أدب مع الآخرين([86]). * كيف يمكن التعامل مع الشخص الخجول؟ وما السلوكيات التي ينبغي اتباعها لخروجه من خجله؟
- بداية يقرر المتخصصون في هذا الشأن بأن الاتصال بشخص منطو أو شديد الهدوء أو التعامل
معه يعد تجربة صعبة على زميله أو مديره أو قائد فريقه فمحبو العزلة كثيرًا ما يرتعدون في داخلهم خوفًا من التفاعل مع الآخرين وفي هذه الأثناء يتوصل زملاؤهم إلى أفكار غير واقعية عنهم ولذا فأهم شيء على طريق التعامل معهم ومساعدتهم في التخلص من خجلهم:
1- تضع نفسك في مكان الشخص الهادئ أو الخجول فإن ما يفكر فيه هذا الشخص في قرارة نفسه: إن هؤلاء الأفراد يختلفون عني ماذا هناك إذًا؟ إنني أريد أن أتكلم وأن أفرح وأتحدث كيفما شئت... لماذا لا يستطيع أن يفهمني أحد وهنا فإن أهم شيء يجب أن تتذكره هو أن الأشخاص الخجولين الهادئين لا يكرهونك ولا يخفون أو يدبرون خططًا سرية ضارة ضدك.
2- فإذا كنت صديقًا للشخص الخجول فيمكن أن تعرض عليه المساعدة بلباقة لتخرجه من حالة الخجل التي تؤدي إلى تلعثمه أثناء الحديث مع الآخرين أو أن يؤثر الصمت في مواقف لا تستدعيه مطلقًا خاصة في بيئة العمل وطريقة تدريبه تتم كالآتي:
أ- نفترض أن الإنسان الخجول يُسمى مسعود، العب دور العميل أمام مسعود سوف يتلعثم في البداية لا بأس دعه بعد ذلك يقلد نفسه ثم يقلدك مرات ومرات.
ب- اقترح في النهاية أن يلعب مسعود دور العميل بينما تلعب أنت دوره ثم دورك مرات ومرات بعد عدة محاولات سيقل مقدار الخجل الذي يعاني منه مسعود أمام العملاء ويقاس على ذلك أية صورة أخرى من صور التعامل الإنساني المتنوعة.
جـ- إذا كانت علاقتك بالشخص الخجول هي مجرد زمالة فيمكنك أن تعالج تلك المشكلة بالحديث عن المهن والمستقبل على وجه العموم لابد من وجود الثقة وسوف يكون من المفيد دائمًا أن تكون محبًا بالفعل لذلك الشخص([87]).
د- طريقة بسيطة للبدء في المحادثة مع الشخص الخجول لتجعله يتحدث بأن تكتشف الموضوعات التي تهمه و بالتالي تبدأ في التآلف معه ألا وهي:
ابدأ بجملة عادية عن المكان أو عن المناسبة مثل: يا لها من حجرة رائعة لقد كانت الخدمة ممتازة ثم يأتي بعد ذلك السؤال المفتوح الذي لا يتطلب إجابة بنعم أولاً وهي كما سبق ذكره ست كلمات محفزة لبدء المحادثة: من؟ متى؟ ماذا؟ لماذا؟ أين؟ كيف؟ وتدعم هذه الكلمات المحفزة للمحادثة بإضافة بعض الأفعال الحسية يرى ، يخبر، أو يشعر مثال: أخبرني لماذا قررت أن تقضي أجازتك في بالي؟ أين ترى نفسك السنة القادمة في مثل هذا الوقت([88]).
([1]) الرسائل، الغزالي كتاب: آداب الصحبة ص429.
([2]) الأدب الصغير والأدب الكبير، ص129- 130.
([3]) المرجع السابق، ص131 - 132.
([4]) المرجع السابق، ص138- 139.
([5]) الزهد، ص131، مجاني الأدبج 2/50.
([6]) إدارة الخجل، ص83.
([7]) أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص57.
([8]) كيف تؤثر على الآخرين وتكسب الأصدقاء، ص107.
([9]) الإدارة في التراث الإسلامي، د/ محمد بن عبد الله، د/عدنان بن حمدي ص308.
([10]) السياسة أو الإشارة في تدبير الإمارة، ص121.
([11]) 201طريقة للتعامل مع ذوي الطباع الصعبة، ص46.
([12]) إدارة الخجل، ص83
([13]) أخرجه أبو نعيم في الدلائل، ص57، مجاني الأدب ج 2/66.
([14]) أخرجه مسلم، ج 2/253.
([15]) أخرجه أبو نعيم في الدلائل، ص57.
([16]) رواه الحاكم في المستدرك، ج1/483 وقال حديث صحيح الإسناد.
([17]) مجاني الأدب، ج1 /ص18-19
([18]) مداراة الناس، ص96.
([19]) الأدب الصغير والأدب الكبير، ص128.
([20]) مجاني الأدب، 2/66.
([21]) المسائل في أعمال القلوب والجوارح للحارث المحاسبي، علم النفس في التراث الإسلامي ج 1/102، عرض، د/أسامة سعد أبو سريع.
([22]) الزهد، ص21.
([23]) المرجع السابق، ص25.
([24])الزهد، ص169- 387.
([25]) المرجع السابق، ص30-31
([26]) حديث حسن صحيح: مساوئ الأخلاق ومذمومها للخرائطي ص191.