بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
ومضات من كتاب تنبيه الغافلين
للإمام نصر بن محمد السمرقندي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
فهذه مقتطفات من كتاب ( تنبيه الغافلين ) للإمام أبي الليث نصر بن محمد الحنفي السمرقندي . وهذا الكتاب قد ذاع صيته واشتهر بين عامة المسلمين وأئمتهم ، وهو كتاب جمع فيه صاحبه حشداً عظيماً وعدداً هائلاً من المواعظ والحكم التي توقض المؤمن من غفلة الحياة الدنيا لتسمو به إلى سماء الإيمان فترتفع به إلى أعلى عليين .
واوردنا هنا شيئياً يسيراً منها أسأل الله أن ينفع بها .
١- باب الإخلاص (ص١١)
١- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) قالوا : يا رسول الله ، وما الشرك الأصغر ؟ قال : ( الرياء ، يقول الله تعالى لهم يوم يجازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم خيراً ) .
قال الفقيه رحمه الله : إنما يقال لهم ذلك لأن عملهم في الدنيا كان على وجه الخداع ، فيعاملون في الآخرة على وجه الخداع ، وهو كما قال الله عز وجل [ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ] (النساء ١٤٢) يعني يجازيهم جزاء الخداع فيبطل ثواب أعمالهم .
٢- قيل لبعض الحكماء : من المخلص ؟ قال : المخلص الذي يكتم حسناته كما يكتم سيئاته .
٣- وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : للمرائي أربع علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان مع الناس ، ويزيد في العمل إذا أثني عليھ ، وينقص إذا ذم به .
٤- روى عن هرم بن حيان أنه قال : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه ، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم .
٥- روى عن عوف بن عبد الله أنه قال : كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض بثلاث كلمات : من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنيته ، ومن أصلح دنياه فيما بينه وبين الله أصلح الله تعالى فيكا بينه وبين الناس ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته .
٦- قال الفقيه رحمه الله تعالى : من أراد أن يجد ثواب عمله في الآخرة ينبغي له أن يكون عمله خالصاً لله تعالى ، بغير رياء ، ثم ينسى ذلك العمل لكيلا يبطله العجب لأنه يقال : حفظ الطاعة أشد من فعلها .
٧- روى عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : يؤيد الله المؤمنين بقوة المنافقين ، وينصر المنافقين بدعوة المؤمنين .
٨- وقال رجل عند حذيفة بن اليمان : اللهم أهلك المنافقين ، فقال حذيفة : لو أهلكوا ما انتصفتم من عدوكم ، يعني أنهم يخرجون إلى الغزو ويقاتلون العدو .
٢- باب هول الموت وشدته (ص٢١)
٩- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) قالوا : يارسول الله كلنا يكره الموت ، قال : ( ليس ذلك بكراهية الموت ، ولكن المؤمن إذا احتضر جاءه البشير من الله تعالى بما يرجع إليه ، فليس شيء أحب إليه من لقاء الله تعالى ، فأحب الله لقاءه ، وإن الفاجر - أو قال الكافر - إذا احتضر جاءه النذير بما هو صائر إليه من الشر ، فكره لقاء الله فكره الله لقاءه ) .
١٠- قال الفقيه رحمه الله : من أيقن بالموت ، وعلم أنه نازل به لا محاله ، فلا بد له من الاستعداد له بالأعمال الصالحة ، والإجتناب عن الأعمال الخبيثة ، فإنه لا يدري متى ينزل به .
١١- كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الشتاء ربيع المؤمن طال ليله فقامه ، وقصر نهاره فصامه ) .
١٢- ذكر عن سفيان الثوري : أنه كان إذا ذكر عنده الموت ، كان لا ينتفع به أياماً فإذا سئل عن شيء قال : لا أدري .
١٣- وقال حكيم : ثلاثة ليس للعاقل أن ينساها : فناء الدنيا وتصرف أحوالها ، والموت ، والآفات التي لا أمان منها .
١٤- قال عمر رضي الله عنه لكعب : ياكعب حدثنا عن الموت ، قال : إن الموت كشجرة شوك أدخلت في جوف ابن آدم ، فأخذت كل شوكة بعرق منه ، ثم جذبها رجل شديد القوى ، فقطع منها ماقطع ، وأبقى منها ما أبقى .
١٥- ذكر عن حامد اللفاف أنه قال : من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء : تعجيل التوبة ، وقناعة القوت ، ونشاط العبادة .
١٦- قال الفقيه رحمه الله : طوبى لمن رزقه الله الفهم ، وأيقضه من سنة الغفلة ، ووفقه للتفكير في أمر خاتمته .
٣- باب عذاب القبر وشدته (ص٣٠)
١٧- روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :( إن الله كره لكم أربعاً : العبث في الصلاة ، واللغو عند القراءة ، والرفث في الصيام ، والضحك عند المقابر ) .
١٨- قال سفيان الثوري رحمه الله : من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ، ومن غفل عنه وجده حفرة من حفر النيران .
١٩- روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه وقف على قبر فبكى ، فقيل له : إنك تذكر الجنة والنار ولا تبكي ، وتبكي من هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( القبر أول منزل من منازل الآخرة ، فإن نجا العبد منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ) .
٢٠- روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ من عذاب القبر .
٢١- وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنت لم أعلم بعذاب القبر حتى دخلت على يهودية ، فسألت شيئاً ، فأعطيتها ، فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر ، فضننت أن قولها من أباطيل اليهود ، حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له ذلك ، فأخبرني أن عذاب القبر حق .
٢٢- روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( تنزهوا عن البول ، فإن عامة عذاب القبر منه ) .
٢٣- روى عن محمد بن السماك أنه نظر إلى مقبرة ، فقال : لا يغرنكم سكوت هذه القبور ، فينبغي للعاقل أن يكثر ذكر القبر قبل أن يدخله ، فما أكثر المغمومين فيها ، ولا يغرنكم استواء القبور فما أشد تفاوتهم فيها .
٢٥- روى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( لاتزول قدما عبد حتى يسأل عن أربعة : عن عمره فيم أفناه ؟ وعن جسده فيم أبلاه ؟ وعن علمه فيم عمل به ؟ وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ؟) .
٢٦- قال مقاتل بن سليمان : يقف الخلق يوم القيامة مائة سنة في العرق ملجمون ، ومائة سنة في الظلمة متحيرون ، ومائة سنة يموج بعضهم في بعض ، عند ربهخ يختصمون .
٢٧- يقال : إن يوم القيامة مقداره خمسون الف سنة ، وإنه ليمضي على المؤمن المخلص كما تمضي عليھ ساعة واحدة .
٢٨- قال أبو بكر الواسطي : الدول ثلاث : دولة الحياة ، ودولة الموت ، ودولة القيامة ، فأما دولة الحياة : بأن يعيش في طاعة الله تعالى ، ودولته عند الموت : أن تخرج روحه مع شهادة أن لا إله إلا الله ، وأما دولة النشر : فحين يخرج من قبره ، يأتيه البشير بالجنة .
٢٩- ذكر عن علقمة بن قيس ، أنه كان في جنازة ، فقام على قبر ، فلما دفن قال : أما هذا فقد قامت قيامته .
٥- باب مايرجى من رحمة الله تعالى (ص٦٣)
٣٠- عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( جعل الله الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً ، وأنزل إلى الأرض جزءاً واحداً ، به يتراحم الخلق حتى إن الفرس لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ) .
٣١- روى عن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله أنه كان يقول : إلهي أنزلت علينا رحمة واحدة ، وأكرمتنا بتلك الرحمة ، وهي الإسلام ، فإذا أنزلت علينا مائة رحمة فكيف لا نرجو مغفرتك .
٣٢- روى عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( ما اجتمع الرجاء والخوف في قلب امرئ مسلم عند الموت ، إلا أعطاه الله مايرجو ، وصرف عنه مايخاف ) .
٣٣- قال ابن مسعود : لن تزال الرحمة بالناس يوم القيامة ، حتى أن إبليس يرفع رأسه مما يرى من سعة رحمة الله ، وشفاعة الشافعين .
٣٤- روى عن فضيل بن عياض رحمه الله أنه قال : الخوف مادام الرجل صحيحاً أفضل فإذا مرض وعجز عن العمل ، فالرجاء أفضل .
٣٥- روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لن ينجو أحدكم بعمله ) قالوا : ولا أنت يارسول الله ؟ قال :( ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته ، فقاربوا وسددوا ، واغدوا وروحوا شيئاً من الدلجة والقصد القصد تبلغوا ) .
٦- باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص٧١)
٣٦- روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :( مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به ، وانهوا عن المنكر ، وإن لم تنتهوا عنه ) .
٣٧- قال عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه : إن الله تعالى لا يعذب العامة بعمل الخاصة ، ولكن إذا ظهرت المعاصي فلم ينكروا فقد استحق القوم جميعاً العقوبة .
٣٨- روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :( إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر ، وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير ، فطوبى لمن جعل الله تعالى مفاتيح الخير على يديه ، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ) .
٣٩- قال سفيان الثوري - رحمه الله - : إذا رأيت القارئ محبباً في جيرانه ، محموداً عند إخوانه ، فأعلم أنه مداهن .
٤٠- قال أبو الدرداء رضي الله عنه : من وعظ أخاه في العلانية فقد شأنه ، ومن وعظه في السر فقد زانه .
٤١- وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :( إذا رأى أحدكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) .
يعني : أضعف فعل أهل الإيمان .
قال بعضهم ؛ التغيير باليد للأمراء ، وباللسان للعلماء ، وبالقلب للعامة .
وقال بعضهم : كل من قدر على ذلك فالواجب عليھ أن يغيره .
٤٢- قال قتادة : ذكر لنا أن في التوراة مكتوباً : يابن آدم تُذكر بي وتنساني ، وتدعو إلي وتفر مني ، فباطل ماتذهبون إليه .
٤٣- روى الحسن -رحمه الله- عن النبي ﷺ أنه قال :( من فر بدينه من أرض إلى أرض ، وإن كان شبراً ، فقد استوجب الجنة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام ) .
٧- باب التوبة (ص٧٨)
٤٤- عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :( ما أصر من استغفر ، وإن عاد في اليوم سبعين مرة ) .
٤٥- وروى عن النبي ﷺ أنه قال :( والله إني لأتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة ) .
٤٦- وروى عن النبي ﷺ أنه قال :( مامن عبد يذنب فيتوضأ فيحسن الوضوء ، ويصلي ركعتين ، ويستغفر الله ، إلا غفر الله له ) .
٤٧- وعن سعيد بن المسيب في قوله عز وجل { فَإِنَّهُ كَانَ للأَوَّابِينَ غَفُورا } [الإسراء :٢٥]
قال وهو الرجل يذنب ذنباً ثم يتوب ، ثم يذنب ذنباً ثم يتوب .
٤٨- وقيل للحسن البصري : إن الرجل يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، إلى متى هذا ؟ قال : لا أعرف هذا إلا من أخلاق المؤمنين .
٤٩- روى عن خالد بن معدان أنه قال : إذا دخل التوابون الجنة ، قالوا : ألم يعدنا ربنا أن نرد النار قبل أن ندخل الجنة ؟ قيل لهم إنكم مررتم بها وهي خامدة .
٥٠- قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : من قال : استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ثلاثاً ، غفرت ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر .
٥١- قال محمد بن سيرين -رحمه الله- : إياك أن تعمل شيئاً من الخير ، ثم تدعه ، فإنه ما من أحد تاب ثم رجع فأفلح .
٨- باب حق الوالدين (ص٩٦)
٥٢- وروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : إني أريد الجهاد قال :( أحي أبواك ؟) قال : نعم ، قال :( ففيهما فجاهد ) .
٥٣- روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يارسول الله من أبر ؟ قال :( أمك ) قال : قلت : ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال : قلت : ثم من ؟ قال :( أمك ) قال : قلت : ثم من ؟ قال : ( أبوك ثم الأقرب فالأقرب ) .
٥٤- وعن فرقد السبخي ، قال : قرأت في بعض الكتب أنه لا ينبغي للولد أن يتكلم إذا شهد والديه إلا بإذنهما ، ولا يمشي بين أيديهما ، ولا عن يمينهما ، ولا عن شمالهما ، إلا أن يدعواه فيجيبهما ، ولكن يمشي خلفهما ، كما يمشي العبد خلف مولاه .
٥٥- وذكر أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ فقال : يارسول الله ، إن أمي خرفت عندي ، وأنا أطعمها بيدي ، وأسقيها ، وأوضئها ، وأحملها على عاتقي ، فهل جازيتها ؟ قال : ( لا ، ولا واحدة من مائة ولكنك قد أحسنت ، والله يثيبك على القليل كثيرا ) .
٥٦- روى عن النبي ﷺ أنه قال :( إن من أكبر الذنب أن يسب الرجل والديه ) قيل : وكيف يسب الرجل والديه ؟ قال :( يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ) .
٥٧- قال الفقيه : فإن سأل سائل : إن الوالدين إذا ماتا ساخطين على الولد ، هل يمكنه أن يرضيهما بعد وفاتهما ؟ قيل له : نعم ، يرضيهما بثلاثة أشياء :
أولها : أن يكون الولد صالحاً في نفسه ، لأنه لا يكون شيء أحب إليهما من صلاحه .
والثاني : أن يصل قرابتهما وأصدقاءهما .
والثالث : أن يستغفر لهما ، ويدعو لهما ، ويتصدق عنهما .
٥٨- وعن النبي ﷺ أنه قال :( لا تقطع من كان يصل أباك ، فتطفيء بذلك نورك ، فإن ودك ود أبيك ) .
٥٩- روى عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنه قال : ترك الدعاء للوالدين يضيق العيش على الولد .
* اللهم إغفر لي ولوالدي .. وللمسلمين .
٩- باب حق الولد على الوالد (ص١٠٢)
٦٠- عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبي ﷺ قال :( من حق الولد على الوالد ثلاثة أشياء : أن يحسن اسمه إذا ولد ، ويعلمه الكتاب إذا عقل ، ويزوجه إذا أدرك ) .
٦١- قال بعض الحكماء : من عصى والديه لم ير السرور من ولده ، ومن لم يستشر في الأمور لم يصل إلى حاجته ، ومن لم يدار أهله ذهبت لذة عيشه .
٦٢- روى الشعبي عن النبي ﷺ أنه قال :( رحم الله والداً أعان ولده على بره ) .
٦٣- قال الفضيل بن عياض رحمه الله : نال المروءة من بر والدية ، ووصل رحمه ، وأكرم إخوانه ، وحسن خلقه مع أهله ، وولده وخدمه ، وأحرز دينه ، وأصلح ماله ، وأنفق من فضله ، وحفظ لسانه ، ولزم بيته ، يعني يكون مقبلاً على عمله ، ولا يجلس مع أهل الفضول .
٦٤- وعن ثابت البناني رحمه الله قال : روي أن رجلا كان يضرب أباه في موضع ، فقيل له : ماهذا ؟ قال الأب : خلوا عنه ، فإني كنت أضرب أبي في هذا الموضع ، فابتليت بابني يضربني في هذا الموضع ، هذا بذاك ، ولا لوم عليھ .
٦٥- وروى عن بعض الصالحين أنه كان لا يأمر ابنه بأمر ، وكان إذا احتاج إلى شيء يأمر غيره ، فسئل عن ذلك ، فقال : إني أخاف أني لو أمرت ابني بذلك يعصيني في ذلك ، فيستوجب النار ، وأنا لا أحرق ابني بالنار .
وروي عن خلف بن أيوب نحو هذا .
٦٦- وروي عن النبي ﷺ أنه قال :( أربع من سعادة المرء : أن تكون زوجته صالحة ، وأولاده أبراراً ، وخلطاؤه صالحين ، وأن يكون رزقه في بلده ) .
١٠- باب صلة الرحم (ص١٠٤)
٦٧- عن أبي أيوب رضي الله عنه قال : عرض أعرابي للنبي ﷺ فأخذ بزمام ناقته أو خطامها ، ثم قال : يارسول الله ، أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني عن النار ، قال ﷺ :( أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتى الزكاة ، وتصل الرحم ) .
٦٨- وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال :( مامن حسنة أعجل ثواباً من صلة الرحم ، ومامن ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع مايدخر في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) .
٦٩- وفي بعض الصحف مما انزل الله تعالى : يا ابن آدم ، صل رحمك بمالك ، فإن بخلت بمالك ، أو قل مالك ، فامس إليه برجلك .
٧٠- قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : إذا أظهر الناس العلم ، وضيعوا العمل ، وتحابوا بالألسن ، وتباغضوا بالقلوب ، وتقاطعوا بالأرحام ، لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم .
٧١- قال الفقيه : إذا كان الرجل عند قرابته ، ولم يكن غائباً عنهم ، فالواجب عليھ أن يصلهم بالهدية والزيارة ، فإن لم يقدر على الثلة بالمال فليصلهم بالزيارة ، وبالإعانة في أعمالهم إن احتاجوا ، وإن كان غائباً يصلهم بالكتابة إليهم ، فإن قدر على المسير إليهم كان المسير أفضل .
٧٢- قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ثلاثة نفر في ظل عرش الرحمن يوم القيامة : واصل الرحم يمد له في عمره ، ويوسع له في رزقه ، وامرأة مات زوجها وترك يتامى ، فتقم هي على الأيتام حتى يغنيهم الله ، أو يموتوا ، والرجل اتخذ طعاماً ، فدعا إليه اليتامى والمساكين .
٧٣- وروى الحسن عن رسول الله ﷺ أنه قال :( ماخطا عبد خطوتين أحب إلي الله تعالى من الخطوة إلى صلاة الفريضة ، وخطوة إلى ذي رحم المحرم ) .
٧٤- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : من اتقى ربه ، ورصل رحمه ، أنسئ له في عمره - يعني يزداد في عمره - وأثري له ماله - يعني : كثر - وأحبه أهله .
١١- باب الغيبة (ص١٢٧)
٧٥- عن أبى هريرة قال قال رسول الله ﷺ :( أتدرون ما الغيبة؟ قالوا : اللهُ ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان فى أخى ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) .
٧٦- وعن أبى الدرداء عن النبى ﷺ قال:( من رد عن عرض أخيه ، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ) .
٧٧- قال الفقيه : ذكر عن بعض المتقدمين أنه قال : لو قلت : إن فلاناً ثوبه قصير ، أو ثوبه طويل ، يكون غيبة ، فإذا ذكرت عن ثيابه يكون غيبة ، فكيف إذا ذكرت عن نفسه .
٧٨- قال سفيان : الظن ظنان : ظن فيه إثم ، وظن ليس فيه إثم ، فأما الظن الذي فيه إثم فالذي يتكلم به ، وإما الظن الذي ليس فيه إثم ، فما يضمره ولا يتكلم به .
٧٩- وروى عن الحسن البصري : أن رجلاً قال : إن فلاناً قد اغتابك ، فبعث إليه طبقاً من الرطب وقال : بلغني أنك أهديت إليَّ حسناتك ، فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني ، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام .
٨٠- وذكر عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال : إن العبد ليعطي كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن عملها ، فيقول : يارب ، من أين لي هذا ، فيقول : هذا بما اغتابك الناس وأنت لا تشعر .
٨١- وذكر عن بعض الحكماء أنه قال : الغيبة فاكهة القراء ، وضيافة الفساق ، ومراتع النساء ، وإدام كلاب الناس ، ومزابل الأتقياء .
٨٢- روي عن حاتم الزهد رحمه الله قال : ثلاثة إذا كن في مجلس فالرحمة عنهم مصروفة : ذكر الدنيا ، والضحك ، والوقيعة في الناس .
١٢- باب النميمة (ص١٣٥)
٨٢- عن حذيفة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :( لا يدخل الحنة قتات ) يعني نمام .
٨٣- روي عن قتادة أنه قال : كان يقال : إنّ شر عباد الله كل طعَّان لعَّان نَّمام .
٨٤- وقال يحيى بن أكثم : النمام شر من الساحر ، ويعمل النمام في ساعة ما لا يعمل الساحر في شهر .
٨٥- وقال أكثم بن صيفي : الأذلاء أربعة : النمام ، والكذاب ، والمديون ، واليتيم .
٨٦- وعن الحسن البصري رحمه الله قال : من نقل إليك حديثاً فاعلم أنه ينقل إلى غيرك حديثك .
٨٧- قال بعض الحكماء : من أخبرك بشتم عن أخ فهو الشاتم ، لا من شتمك .
٨٨- قال وهب بن منبه رحمه الله : من مدحك بما ليس فيك فلا تأمن له أن يذمك بما ليس فيك .
٨٩- ذكر أن حكيماً من الحكماء ، زاره بعض أصدقائه ، وذكر بعض إخوانه ، فقال له الحكيم : قد أبطأت في الزيارة ، وأتيتني بثلاث جنايات : بغضت إلى أخي ، وشغلت قلبي الفارغ ، واتهمت نفسك بالمين .