الأخ عاسف المهرة: سلام الله عليك
شكرا على اقتراح هذا المولود الجديد بالمنتدى-التنمية البشرية-.. فهو لعمري من أهم ما يحتاجه المسلم في حياته و دينه و آخرته...ليكون فردا صالحا ناجحا محتسبا راضيا.
و أنا أقرأ مقالتك..رجعت الى الوراء سنين عديدة ، حيث كنت في مقتبل العمر ، أستقبل وظيفتي في الهندسة المدنية، لكن بعيدا عن مدينتي الكبيرة الى قرية صغيرة لا تتوفر على ما يحب الشاب من كذا و كذا ...لكن بعد سنين و تجربة نفسانية مريرة و غنية اختلط فيها الجميل و الايجابي بالسلبي و القبيح ...خرجت بتجربة لم أكن لأشتريها بمال الدنيا...منها خشونة الحياة ، منها معرفة معادن الناس و العباد ، منها الاعتماد على النفس في أقسى الظروف ، منها سكون البادية و هدوئها، ثم التأمل في الله و ملكوت الله ، ...فكان - و كنت و ما زلت من الشغوفين بالقراءة و العلم و التعلم - أن جالست-مجازا- الشيخ عبد القادر الجلاني بكتابه خير جليس : الفتح الرباني ، و كأني أقرأ أو أسمع منه في حلقاته المسائية التي كان يلقيها في زمانه على مريديه...فعاودت قرائته الكرة بعد الكرة ، الى أن فتح الله على قلب هذا العبد الضعيف بالفتوحات التي تناولها الشيخ رحمه الله... فعرفت معنى الرضى الذي تحدث عنه الشيخ و أطال في الحديث عنه بل كان المحور للمجلد بأكمله ، الرضى بالأمر الواقع ، الرضى بالقضاء، الرضى بمرتبتك التي أنزلك الله اياها، الرضى و التفكر فيما يمكنك فعله لنفسك و أهلك و عباد الله تحت نفوذك و امرتك.. الرضى بما قسمه الله لك من جاه أو موطن أو مرتبة و النظر فيما كانت ستؤول اليه حياتك لو لم ينزلك الله هذا الموطن و هاته المرتبة و.و.و. فكان أن هدأت و رأيت بأن أفضل ما كان يمكن أن يمنحنيه الله هو ما منحني اياه.. لكن العطب كان في قصر نظري و تفاهة عقلي ...فكان أن هدأت نفسي و سعدت بما آتاها الله من فضل و نعم ، لكن التوتر هو الذي أعماها فلم تر منه شيئا... فكان أن قيد الله لي.. مهنة محترمة أخدم بها أناسا كثيرين و أهون عليهم ما شق و صعب و تعسر من أمورهم .. و حبا من الناس و قبولا لا نظير له .. و رزقا وفيرا لم أكن لأبلغه في جهة أخرى .. و الاشتغال بأنشطة مهنية و تجارية أخرى مع شركاء من أهل المنطقة لم أكن لألتقي بهم و التشارك معهم لولا هذا المكان الذي أسكننيه المولى عز و جل... و ايمانا و طمأنينة و وقتا للذكر و التعبد ... انه الرضى و كفى.. و الصلاة على المصطفى.