الحضارة :تعني انجازات الإنسان المادية والفكرية والروحية عبر الزمان وفي إطار المكان ,من خلال الصراع الأزلي بين الإنسان والطبيعة .
وقد استند الإنسان في هذا الصراع إلي اكتشافاته الدائبة والمستمرة للوسائل والمناهج والأساليب التي تمكنه في النهاية من قهر الطبيعة وتكريسها لمصالحه ,قد جري العرف علي تسمية هذه الابتكارات بالعلم وهو ما أصطلح علي تسميته بالمعرفة , وعلي ذلك فلا مناص من التسليم بأن المعرفة هي أساس الحضارة وبقدر تحصيل الإنسان للمعارف بقدر إثراء البناء الحضاري ازدهاره . فالمعارف المحدودة التي اكتسبها الإنسان إبان صراعه مع الطبيعة والحيوان في عصور ما قبل التاريخ هي التي أنجزت حضارة الإنسان البدائي .
وقد وقف ابن خلدون في مقدمته علي هذه الحقيقة حين ميز بين نمطين من الحضارة النمط البدائي أو البدوي والنمط المدني وهو ما أطلق عليه مصطلح العمران البشري الذي يتفاوت بين مجتمعات أهل الوبر ومجتمعات أهل المدر .
ويعني العمران المزدهر في نظر ابن خلدون احتراف الصناعة والتجارة وهي لذلك مجتمعات تتسم حضارتها بالتعقيد والتركيب لأنها لا تهتم فقط بتحقيق الحاجيات المادية الضرورية والبسيطة للإنسان فحسب بل تعني أيضا إشباع الحاجات العقلية والفكرية والروحية والجالية أيضا.