منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   المنتدى العام والهادف (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   لا أصلح مديرًا حتى على نملة! (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=93653)

rasha retage 08-11-2015 02:50 AM

لا أصلح مديرًا حتى على نملة!
 
عملت في خمس وظائف: كاتب، رئيس قسم، مأمور تنفيذ، رئيس تحرير مجلة، ووظيفتي الحالية غير الإشرافية. ولا أذكر أنني كنت سعيدًا في الوظائف الإشرافية.

كان القسم الذي أشرفت عليه يضم عشرين موظفًا: خمسة يؤدون أعمالهم بدقة وفوق المتوقع، وعشرة يؤدون المطلوب بالضبط، وخمسة يتذمرون ويكررون الأخطاء. وكنت كلما واجهت أحد المتذمرين بخطئه، أدار شريط شكواه، فترقيته تأخرت، وأحلامه تبخرت، وشهادته تبروزت، والإدارة العليا تعامله بمبدأ: هات فقط. فإذا قلت: لكل مجتهد نصيب، ذكّرني بموظفين لم يجتهدوا لكنهم التهموا كعكة النصيب. وإذا قلت: هل قصّرت معك؟ قال: أنت أخ عزيز، لكنني كالخادمة التي يعاملها أهل البيت معاملة رائعة ورب الأسرة لا يعطيها راتبها.

ولأنني كنت ألعب بخمسة لاعبين فقط، مع هجمات مرتدة من جماعة "بـالضبط"، كانت مصلحة العمل تقتضي أن أماطلهم في الموافقة على إجازاتهم، وأرفض رفع جزء من مهام الموظفين المحسوبين على القسم من على كاهل هؤلاء الخمسة. وبالطبع، كانوا يتذمرون بدورهم، وأذكر أحدهم قال لي بعد أن حاسبته على خطأ ارتكبه في عمل ليس من مهام عمله أصلاً: فلان يقضي يومه في شرب القهوة واللعب على الإنترنت، إضافة إلى إجازاته المرضية المزعومة. فأقول له: أنا أعامله كأنه طاولة إضافية، وفي تقييماته السنوية يحصل على درجة ضعيف. فيقول: لكنه يحصل على الامتيازات التي أحصل عليها، فأقاطعه: كلا، أنت حصلت على علاوة هذه السنة، فيقاطعني وهو يخرج محفظته: خذوها في مقابل أن أكون طاولة إضافية.

تقدمت باستقالتي، ورضيت بوظيفة مأمور تنفيذ في المحاكم، وهي وظيفة غير إشرافية. واعتبرني الجميع مجنونًا، لكن الثمن كان يستحق: تخلصت من شعور مطالبة المظلوم وظيفيًا بأن يكون موظفًا رائعًا.

ثم جاءني عرض بوظيفة رئيس تحرير وأقنعني مالك المجلة بأنني لن أشرف على الموظفين وإنما على إبداعهم؛ فلن توظّف، ولن تقيل، ولن تسأل عن الحضور والانصراف، ولن تأمر بزيادة أو خصم راتب أو موافقة على إجازة أو رفضها، بل سيتولى تلك المهام قسم الموارد البشرية.

ومع هذا، كان الموظفون يلجؤون إليّ! فإذا تأخر راتب أحدهم طرق بابي يسأل، وإذا وُجّه إليه إنذار بسبب التأخر في الحضور، عتب عليّ لأنني في الليلة السابقة كلفته بعمل إضافي. وكلما قلت لمدير الشركة إنني أفقد تركيزي كرئيس تحرير مسؤول عن كل حرف ينشر، قال لي: امنعهم من الدخول، فأقول: كيف سيبدعون وأنا أعاملهم بتلك الطريقة؟!

أسوأ يوم كان يوم التقييم، فكل من قل تقييمه عن امتياز جاء يناقشني: كيف سأبدع في عملي وأنا لم أحصل على إجازتي السنوية؟ كيف ستقل أخطائي وأنا أؤدي عمل شخصين؟ كيف تطلب أن يكون أدائي فوق المتوقع بينما تعامل الموارد البشرية معي أقل من المتوقع؟ كيف تحاسبني على التأخر في تسليم الرسومات وأنت تعلم أن القسم التقني لم يوفر لي البرنامج الإلكتروني المطلوب؟

كنت أمام خيارين: إما أن أعطي الجميع تقييمًا ممتازًا، وهذا مستحيل، وإما أن أعقد اجتماعات مع بقية الأقسام التي لا أشرف عليها، وأراقب كرة اللوم وهي تلقى من هذا الطرف على ذاك، ثم أفك عُقد الحبال وأحلل كل القصص التي أسمعها، بذاكرة فولاذية تسترجع كل موقف حدث طوال أيام السنة، وهذا أيضًا مستحيل. لحسن الحظ المجلة أغلقت، وقررت أن أغلق في وجهي باب أي وظيفة أكون فيها مشرفًا!

أحمد أميري
عضو مؤسس "جمعية الإمارات لحقوق الإنسان"
Edara | Home page


الساعة الآن 08:39 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام