تأمَّلتُ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعوذ بكلمات الله التامَّات كلِّها من شر ما خلق))؛ فرأيتُ فيه معانيَ عظيمةً في الالتجاء إلى الله سبحانه، والدخولِ في كهف رحمته اﻵمن، وكَنَفِ أسمائه الحسنى، وصفاته العليا، وكلماته التامَّات؛ فهي الكاملاتُ فلا نقصَ فيها، النافعات التي تَحفظُ المسلم وتكفيه، الشافيات من الهواجس واﻵفات، المباركاتُ التي لا تُخفِقُ معها طِلْبةٌ، ولا تُرَدُّ حاجة.
ولو تفكَّر المسلم فيها، لنفعتْه نفعًا عظيمًا في دنياه وآخرته.
فما معنى كلماتِ الله، وما معنى التامَّات؟
ذكر العلماء في معنى كلمات الله عدةَ أقوال، أهمُّها:
1- هي كلامه سبحانه على اﻹطلاق، ومن ذلك: القرآنُ الكريم، والكتبُ المُنزَّلة على أنبيائه عليهم السلام.
2- هي كلماتُه التي يقول للشيء كن فيكون، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [النحل: 40].
4- هي أسماء الله الحسنى؛ ﻷن المُستعاذَ به من الكلمات إنما يصحُّ ويستقيم أن يكون بمثلها.
5- وقيل: هي العلم؛ ﻷنه أعمُّ الصفات.
وأما معنى التامات، فقد ذكر العلماء لها عدةَ أقوال، أهمُّها:
1- الكاملاتُ التي لا يدخل فيها نقصٌ ولا عيب، ولا يعتريها اختلال.
2- النافعات التي تنفع المُتعوِّذَ بها، وتحفظُه من اﻵفات، وتكفيه.
3- الشافيات.
4- المباركات التي لا تخفقُ معها طِلْبةٌ[1].
وقد يترجَّح أحدُ هذه المعاني، ولا مانعَ من الجمع؛ فلا تعارضَ بينها، والجمع أولى.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من شرِّ ما خلق)) يوافقُ قولَ الله تعالى: ﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق: 2].
[1] انظر: كتاب كشف المشكل من حديث الصحيحين؛ لابن الجوزي 2/ 414، وشرح المشكاة؛ للطيبي 4 /1337، وفيض القدير؛ للمناوي.