الصلاة على الغائب
شرح أحاديث عمدة الأحكام الحديث 163 في الصلاة على الغائب عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : نَعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ , خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى , فَصَفَّ بِهِمْ , وَكَبَّرَ أَرْبَعا . النَّجاشي: ملك الحبشةِ ، واسمه أَصحمة ، توفي في رجب سنة تسع رضي الله عنه . في الحديث مسائل : 1= في رواية للبخاري : نَعَى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلَّى فَصَفّ بهم وكبّر عليه أربع تكبيرات . وفي رواية مسلم : نَعَى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، فخرج بهم إلى المصلَّى ، وكبّر أربع تكبيرات . وفي رواية لِمسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صف بهم بالمصلى ، فصلى فكبر عليه أربع تكبيرات. 2= هذا فيه علامة مِن علامات النبوة . قال ابن عبد البر : وفي هذا الحديث عَلَم مِن أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم كَبير ، وذلك أنه عَلِم بموته في اليوم الذي مات فيه على بُعد ما بين الحجاز وأرض الحبشة ، ونَعَاه للناس في ذلك اليوم . وكان ذلك فيما قال الواقدي وغيره مِن أهل السير : في رجب سنة تسع من الهجرة . 3= النعي بين المنع والإباحة : في حديث حذيفة رضي الله عنه قال : نَهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النعي . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه . وفي حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نَعَى جعفرا وزيدا قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان . رواه البخاري . وفي حديث الباب : نَعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ . قال الترمذي : وقد كَرِه بعض أهل العلم النعي ، والنعي عندهم أنا يُنادى في الناس أن فلان مات، ليشهدوا جنازته ، وقال بعض أهل العلم : لا بأس أن يُعلَم أهل قرابته وإخوانه . ورُوي عن إبراهيم أنه قال : لا بأس بأن يُعْلِم الرجل قرابته . قال ابن عبد البر عن نَعي النجاشي : وفيه إباحة الإشعار بالجنازة والإعلام بها ليجتمع إلى الصلاة عليها ، وفي ذلك ردّ قول مَن تأوّل نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النعي أنه الإعلام بموت الميت للاجتماع إلى جنازته ... ورُوي عن ابن عون قال : قلت لإبراهيم : أكان النعي يُكره ؟ قال : نعم . قال : وكان النعي أن الرَّجل يَركب الدابة فيطوف ويقول : أنعى فلانا . اهـ . قال الإمام النووي : وفيه - أي في الحديث - استحباب الإعلام بالميت لا على صورة نعي الجاهلية ، بل مجرد إعلام الصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه في ذلك ، والذي جاء من النهي عن النعي ليس المراد به هذا وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها . اهـ . وهذا الحديث بوّب عليه الإمام البخاري بـ " باب الرجل يَنْعَى إلى أهل الميت بنفسه " . وقال ابن حجر في شرحه لهذا الباب : النعي ليس ممنوعا كله ، وإنما نُهيَ عما كان أهل الجاهلية يصنعونه ، فكانوا يُرسلون مَن يُعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق . وقال ابن المرابط : مُراده أن النعي الذي هو أعلام الناس بموت قريبهم مباح ، وأن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله لكن في تلك المفسدة مصالح جَمّة لِما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار ، وتنفيذ وصاياه وما يترتب على ذلك من الأحكام .... قال ابن سيرين : لا أعلم بأسا أن يؤذن الرجل صديقه وحميمه . ثم قال ابن حجر : وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يُكره ، فإنْ زاد على ذلك فلا . قال ابن العربي : يُؤخذ مِن مجموع الأحاديث ثلاث حالات : الأولى : إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح ، فهذا سُنة . الثانية : دعوة الحفل للمفاخرة ، فهذه تُكْرَه . الثالثة : الإعلام بنوع آخر ، كالنياحة ونحو ذلك فهذا يَحْرُم . اهـ . وأما دفع المبالغ الطائلة والأموال الكثيرة في نشر خبر وفاة أحد ، فذلك مِن الإسراف المنهي عنه ، وهو مِن نعي أهل الجاهلية ، خاصة إذا تضمّن ذِكْر محاسن الميت ، أو مدحه . وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يَرون أن يُؤذَن بهم أحد خشية أن يكون من النعي . روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة بن اليمان قال : إذا مِتّ فلا تُؤذنوا بي ، إني أخاف أن يكون نَعْيًا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يَنهى عن النَّعْي . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وأوصَى علقمة ، فقال : إذا أنا حُضِرت ، فأجلسوا عندي مَن يُلقنني لا إله إلا الله ، وأسرعوا بي إلى حُفرتي ، ولا تنعوني إلى الناس، فإني أخاف أن يكون ذلك نَعْيًا كَنْعِي الجاهلية . 4= حُكم الصلاة على الغائب : اختُلِف في الصلاة على الغائب على أقوال ، أشهرها : الأول : المنع من الصلاة على الغائب إذا صُلِّي عليه . والثاني : جواز صلاة الغائب ، ولو بعد شهر . والثالث : الصلاة على مَن كان له مكانة في الإسلام . والذي يظهر ويترجّح بالأدلة هو القول الأول ، فقد مات مَن مات من الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، مع بُعد المسافة ، ولم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه ارتحل للصلاة على مَيّتهم ، ولا أنه صلى عليهم صلاة غائب ، وإنما فعل ذلك مع النجاشي ؛ لأنه كان مُسلما ، وفي بلد غُربة ليس هناك من يُصلّي عليه ، أو لم يكونوا يعلمون بمشروعية الصلاة على الميت ، كما نص عليه القاضي ابن العربي المالكي رحمه الله . وهذا يدلّ على أن صلاة الغائب إنما تكون عندما يموت ميت من المسلمين في بلاد بعيدة ويغلب على الظن أنه لم يُصلَّ عليه هناك ، أو يُعلم أنه لم يُصلّ عليه . قال ابن عبد البر : أكثر أهل العلم يقولون : إن ذلك خصوص للنبي صلى الله عليه وسلم ... ودلائل الخصوص في هذه المسألة واضحة ، لا يجوز أن يَستدل فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم غيره لأنه - والله أعلم - أُحضر روح النجاشي بين يديه فصلّى عليه ، أو رُفعت له جنازته كما كُشف له عن بيت المقدس حين سألته قريش عن صِفته .. وهذا كله وما كان مثله يَدلّ على أنه خصوص له ، لأنه لا يَشْركه في ذلك غيره. اهـ . وقال القرطبي : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مخصوص لثلاثة أوجه : أحدها : أن الأرض دُحيت له جنوبا وشمالا حتى رأى نعش النجاشي ، كما دُحيت له شمالا وجنوبا حتى رأى المسجد الأقصى. الثاني : أن النجاشي لم يكن له هناك وَلي مِن المؤمنين يقوم بالصلاة عليه . الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بالصلاة على النجاشي إدخال الرحمة عليه واستئلاف بقية الملوك بعده إذا رأوا الاهتمام به حيا وميتا . قال ابن العربي : والذي عندي في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي أنه عَلِم أن النجاشي ومَن آمن معه ليس عندهم مِن سُنة الصلاة على الميت أثَر ، فَعَلِم أنهم سيدفنونه بغير صلاة ، فبادر إلى الصلاة عليه . قال القرطبي : قلت: والتأويل الأول أحسن ، لأنه إذا رآه فما صَلّى على غائب ، وإنما صلى على مرئي حاضر ، والغائب ما لا يُرى . والله تعالى أعلم . اهـ . وقال ابن القيم : ولم يكن مِن هَديه وسُنته صلى الله عليه وسلم الصلاة على كل ميت غائب . فقد مات خَلْق كثير من المسلمين وهم غُيَّب ، فلم يُصَلّ عليهم ، وصح عنه : أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت . فاخْتَلَف الناس في ذلك على ثلاثة طرق : أحدها: أن هذا تشريع منه ، وسُنة للأمة الصلاة على كل غائب ، وهذا قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه . وقال أبو حنيفة ومالك : هذا خاص به ، وليس ذلك لغيره ، قال أصحابهما: ومِن الجائز أن يكون رُفِع له سريره ، فصَلَّى عليه وهو يَرى صلاته على الحاضِر المشاهَد ، وإن كان على مسافة من البعد ، والصحابة وإن لم يروه ، فهم تابعون للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة . قالوا : ويَدُلّ على هذا أنه لم يُنْقَل عنه أنه كان يُصَلِّي على كل الغائبين غيره ، وتَرْكه سنة ، كما أن فِعْله سنة ، ولا سبيل لأحد بعده إلى أن يُعاين سرير الميت مِن المسافة البعيدة ، ويُرفع له حتى يُصَلِّي عليه ، فعُلِم أن ذلك مخصوص به ... ونقل ابن القيم عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله : الصواب أن الغائب إن مات بِبَلَدٍ لم يُصَلّ عليه فيه ، صُلِّي عليه صلاة الغائب ، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي ، لأنه مات بين الكفار ، ولم يُصَلّ عليه ، وإن صُلِّي عليه حيث مات لم يُصَلّ عليه صلاة الغائب ؛ لأن الفرض قد سَقط بصلاة المسلمين عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على الغائب وتَرَكه ، وفِعْلُه وتَرْكُه سُنَّة . وهذا له موضع ، وهذا له موضع ، والله أعلم ، والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها: هذا التفصيل . اهـ . وقال ابن حزم عن صلاة الغائب : ومَنع من هذا : مالك ، وأبو حنيفة ، وادعى أصحابهما الخصوص للنجاشي، وهذه دعوى كاذبة بلا برهان . اهـ . ولِهذه الدعوى ما يَسندها ، فليست كاذبة كما قال ؛ فقد رَوى الإمام أحمد من حديث عمران بن حصين حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أخاكم النجاشي توفي فصلوا عليه " قال: فَصَفّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وصَفَفنا خلفه ، فَصَلَّى عليه ، وما نَحسب الجنازة إلاَّ موضوعة بين يديه . وصححه الألباني والأرنؤوط . وقال الشيخ الألباني في صلاة الغائب : مَن مات في بلد ليس فيها مَن يُصلِّي عليه صلاة الحاضر ؛ فهذا يُصلِّي عليه طائفة مِن المسلمين صلاة الغائب ؛ لِصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي ... ومما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب : أنه لَمَّا مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يُصَلّ أحدٌ مِن المسلمين عليهم صلاة الغائب ، ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم . فقابِل هذا بما عليه كثير من المسلمين اليوم مِن الصلاة على كل غائب ، لا سيما إذا كان له ذِكر أوْ صِيت ولو مِن الناحية السياسية فقط ولا يُعرف بصلاح أو خدمة للإسلام ، ولو كان مات في الحرم المكي وصَلَّى عليه الآلاف المؤلفة في موسم الحج صلاة الحاضر - قابل ما ذَكرنا بمثل هذه الصلاة تَعْلَم يَقينًا أن ذلك مِن البدع التي لا يَمْتَري فيها عالِم بِسنته صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف رضي الله عنهم . اهـ . وانظر سُبل السلام في صلاة الجنازة على الغائب . 5= قوله : " خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى " فيه : أن السنة الصلاة على الميت في الْمُصَلَّى . قال ابن عبد البر : قال مالك : لا يُعجبني أن يُصلَّى على أحدٍ في المسجد . قال ابن بطال : وهو قول ابن أبى ذئب وأبى حنيفة وأصحابه ، ورُوى مثله عن ابن عباس . فإن صُلِّي على الميت في المسجد ، فلَه أصل . قالت عائشة رضي الله عنها : ما أسرع ما نَسي الناس ، ما صَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن البيضاء إلاّ في المسجد. رواه مسلم . وقال الترمذي : العمل على هذا عند بعض أهل العلم ، قال الشافعي : قال مالك : لا يُصَلَّى على الميت في المسجد ، وقال الشافعي : يُصلَّى على الميت في المسجد ، واحتج بهذا الحديث . اهـ . 6= قوله : " فَصَفَّ بِهِمْ , وَكَبَّرَ أَرْبَعا " . اخْتُلِف في عدد تكبيرات الجنازة . قال ابن عبد البر : اخْتَلَف السلف من الصحابة رضي الله عنهم في التكبير على الجنازة مِن ثلاث تكبيرات إلى سبع . ثم قال : اتفق الفقهاء أهل الفتوى بالأمصار على أن التكبير على الجنائز أربع لا زيادة على ما جاء في الآثار المسندة مِن نقل الآحاد الثقات ، وما سوى ذلك عندهم شذوذ لا يُلتفت إليه اليوم ولا يُعرّج عليه . فإذا كان السلف في مسألة على قولين أو أكثر ، ثم أجمع أهل عصر في آفاق المسلمين بعدهم على قول مِن أقاويلهم وَجَب الاحتمال عليه ، والوقوف عنده ، والرجوع إليه . وقد ذكرنا أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يختلفون في التكبير على الجنائز من سبع إلى ثلاث . وقد رُوي عن بعضهم تسع تكبيرات ، ثم انعقد الإجماع بعد ذلك على أربع . اهـ . وقال الشيرازي : والتكبيرات الأربع واجبة ، والدليل عليه : أنها إذا فاتت لزم قضاؤها . قال النووي : التكبيرات الأربع أركان لا تصح هذه الصلاة إلاّ بهن ، وهذا مُجمع عليه ، وقد كان لبعض الصحابة وغيرهم خِلاف في أن التكبير المشروع خمس أم أربع أم غير ذلك ؟ ثم انقرض ذلك الخلاف ، وأجمعت الأمة الآن على أنه أربع تكبيرات ، بلا زيادة ولا نقص . 7= هل يَرْفَع يديه مع كل تكبيرة على الجنازة ؟ جاء في حديث أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كَبَّر على جنازة فَرَفَع يديه في أول تكبيرة ، ووضع اليمنى على اليسرى . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ مِن هذا الوَجه ، واختلف أهل العلم في هذا ؛ فَرَأى أكثر أهل العلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن يَرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة ، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق . وقال بعض أهل العلم : لا يرفع يديه إلاَّ في أول مرة ، وهو قول الثوري وأهل الكوفة ، وذُكر عن ابن المبارك أنه قال في الصلاة على الجنازة : لا يَقبض يمينه على شماله ، ورَأى بعض أهل العلم أن يقبض بيمينه على شماله كما يفعل في الصلاة . قال أبو عيسى : يَقبض أحبّ إليّ . اهـ . وضعّف ابن عبد البر في " الاستذكار " هذا الحديث . ورَوى البخاري في " جزء رفع اليدين " مِن طريق يحيى بن سعيد أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان إذا صلّى على الجنازة رفع يديه . ورَوى مِن طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة . قال ابن حزم : وأما رَفع الأيدي فإنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رَفع في شيء مِن تكبير الجنازة إلاَّ في أول تكبيرة فقط ، فلا يجوز فعل ذلك ، لأنه عَمل في الصلاة لم يأت به نَصّ . اهـ . وقال الشوكاني : والحاصل أنه لم يثبت في غير التكبيرة الأولى شيء يَصلح للاحتجاج به عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأفعال الصحابة وأقوالهم لا حجة فيها ، فينبغي أن يُقْتَصر على الرفع عند تكبيرة الإحرام ؛ لأنه لم يُشرع في غيرها إلاَّ عند الانتفال مِن رُكن إلى ركن كما في سائر الصلوات ، ولا انتقال في صلاة الجنازة . اهـ . أقول : إذا ثبَت عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة ؛ ففعل الصحابي حُجّة . ومَن لم يرفع يديه في كل تكبيرة فلَه سَلَف ، ولِفِعْله أصل . ومَن رَفع يديه في كل تكبيرة فلَه سَلَف ، ولِفِعْله أصل . ونقول كما قال الإمام أحمد ، وقد سُئل : كيف يضع الرجل يَده بعد ما يرفع رأسه من الركوع؛ أيضع اليمنى على الشمال أم يسدلها ؟ قال : أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله . 8= كيف يَقضِي مَن فاتته بعض تكبيرات صلاة الجنازة ؟ قال ابن عبد البر : اخْتَلف الفقهاء في الذي يَفوته بعض التكبير على الجنائز : هل يُحْرِم في حين دخوله ، أو ينتظر تكبير إمامه ؟ فَرَوى أشهب عن مالك أنه يُكبِّر ولا ينتظر الإمام ليُكَبِّر بتكبيره . وهو أحد قولي الشافعي رواه المزني . وبه قال الليث والأوزاعي وأبو يوسف . وقال أبو حنيفة ومحمد : ينتظر الإمام حتى يُكبِّر فيُكَبِّر بتكبيره ، فإذا سلم الإمام قضى ما عليه . ورواه بن القاسم عن مالك والبويطي عن الشافعي . واحتج بعض مَن قال هذا القول بقوله عليه الصلاة والسلام : ما أدركتم فَصَلّوا ، وما فاتكم فأتِمُّوا . وروي : فاقضوا . إلا أنهم يقولون : إذا كَبَّر الإمام خمسا فلا يَقضِي إلاّ أربعا . والحجة لرواية أشهب والمزني عن الشافعي أن التكبيرة الأولى بِمَنْزِلة الإحرام ، فينبغي أن يفعلها على كل حال ، ثم يقضي ما فاته بعد سلام إمامه ؛ لأن مَن فاتته ركعة مِن صلاته لم يقضها إلاّ بعد سلام إمامه . واختلفوا إذا رُفِعت الجنازة ؛ فقال مالك والثوري : يقضي ما فاته تكبيرا متتابعا ولا يدعو فيما بين التكبير . وهو قول سعيد بن المسيب وابن سيرين والشعبي في رواية إبراهيم ، وحماد وعطاء في رواية ابن جريج ، ورواه البويطي عن الشافعي .. وعلى هذا جمهور العلماء بالعراق والحجاز في قضاء التكبير دون الدعاء ؛ لأن مَن قال تُقضى تكبيرا متتابعا لا يدعو عنده بين التكبير . والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 07:00 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام