وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فالمحسن هو من لا يأتي بكبيرة إلا نادرا ثم يتوب مِنْهَا، وَمَنْ إِذَا أَتَى بِصَغِيرَةٍ كَانَتْ مَغْمُورَةً فِي حَسَنَاتِهِ الْمُكَفِّرَةِ لَهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ لا يَكُونَ مُصِرًّا عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ. وَإِذَا صَارَتِ الصَّغَائِرُ كَبَائِرَ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا، فَلَا بُدَّ لِلْمُحْسِنِينَ مِنِ اجْتِنَابِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصَّغَائِرِ حَتَّى يَكُونُوا مُجْتَنِبِينَ لِكَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ. انتهى.
وقد روى أحمد وغيره من حديث سهل بن سعد عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال: إيَّاكمْ ومُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فإِنَّمَا مَثَل مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى حَمَلُوا مَا أنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُمْ، وإنَّ مْحَقَّراتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخذْ بها صاحبها تهلكه. وصححه الألباني.
وبما مر من الأدلة وكلام العلماء تعرف صحة القول بأن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة،
فالواجب على المسلم أن يتحرز من الذنوب صغيرها وكبيرها،