ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليَقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِم جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرِم ضيفه))[1].
2 - مخاطبة الناس على قدر عقولهم:
روى مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ما أنت بمُحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولُهم، إلا كان لبعضهم فتنةً[2].
3 - إعادة الحديث وتَكراره إذا احتاج إلى ذلك:
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تُفهَم عنه، وإذا أتى على قوم فسلَّم عليهم، سلم عليهم ثلاثًا[3].
وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: تخلَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ سافرناه، فأدركنا وقد أرهقْنا الصلاةَ صلاةَ العصر ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجُلِنا، فنادى بأعلى صوته: ((ويلٌ للأعقاب مِن النار))، مرتين أو ثلاثًا[4].
وفي الصحيحين أيضًا عن أبي بَكْرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أُنبِّئكم بأكبر الكبائر))، ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين))، وجلس وكان متكئًا، فقال: ((ألا وقولَ الزور))، قال: فما زال يُكرِّرها حتى قلنا: ليتَه سكت[5].
4 - لَفْت نظر المخاطب، وجذب انتباهه عن طريق طرح السؤال:
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما المُفلِس؟))، قالوا: المفلس فينا، مَن لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس مِن أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتَم هذا، وقذَف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار))[6].
روى مسلم في صحيحه أيضًا عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بالسوق داخلًا من بعض العالية والناس كَنَفَتَيْه، فمرَّ بجَدْي أسَكَّ ميتٍ، فتناوله فأخذ - يعني بأُذُنه - ثم قال: ((أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟))، فقالوا: ما نُحِب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟! قال: ((أتحبُّون أنه لكم؟)) قالوا: والله، لو كان حيًّا كان عيبًا فيه؛ لأنه أسَكُّ، فكيف وهو ميتٌ؟! فقال: ((فو الله، لَلدُّنيا أهونُ على الله مِن هذا عليكم))[7].
5 - ألا يزكي المتكلم نفسه:
قال تعالى: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النجم: 32].
ففي الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: أثنى رجلٌ على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ويلك قطعتَ عُنق أخيك)) ثلاثًا، ((من كان منكم مادحًا لا محالة، فليقل أحسب فلانًا والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدًا إن كان يعلم))[8].
6 - إلا إذا اتُّهم ظلمًا واحتاج إلى تزكية نفسه فلا بأس:
روى الترمذي وقال حسن صحيح عن أبي عبدالرحمن السلمي رضي الله عنه، قال: لما حُصر عثمان أشرف عليهم فوق داره، ثم قال: أذكركم بالله، هل تعلمون أن حراء حين انتفض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثبُتْ حِراءُ، فليس عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيق أو شهيد))، قالوا: نعم، قال: أذكركم بالله، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جيش العُسرة: ((مَن يُنفِق نفقةً مُتقبَّلة))، والناس مُجهَدون معسرون؛ فجهَّزتُ ذلك الجيش؟، قالوا: نعم، ثم قال: أُذكِّركم بالله، هل تعلمون أن بئر رُومة لم يكن يشربُ منها أحدٌ إلا بثمن؛ فابتَعْتُها فجعلتُها للغني والفقير وابن السبيل؟ قالوا: اللهم نعم، وأشياء عدَّدها[9].
7 - أن يُطهِّر لسانه من الفُحش والبذاءة ولو مازحًا:
روى الترمذي - وحسنه - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذيء))[10].
8 - ترك الجدال والمراء:
روى أبو داود - بسند حسن - عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيمُ ببيتٍ في رَبَضِ الجنة لمَن ترك المِراء وإن كان مُحقًّا، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقه))[11].
9 - عدم التعالي على الناس في الخطاب:
روى مسلم عن عِياض بن حِمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: ((وإن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخَرَ أحدٌ على أحد، ولا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ))[12].
[2] صحيح موقوفًا: رواه مسلم في المقدمة؛ روى البخاري في صحيحه (127) قال عليٌّ رضي الله عنه: حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله!
[3] رواه البخاري في كتاب العلم، باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه (91).
[4] متفق عليه: رواه البخاري (96)، ومسلم (241).
[5] متفق عليه: رواه البخاري (2654)، ومسلم (88).
[6] رواه مسلم (2581).
[7] رواه مسلم (2957).
[8] متفق عليه: رواه البخاري (6162)، ومسلم (3000).
[9] حسن: رواه الترمذي (3699)، وقال: حسن صحيح غريب.
[10] حسن: رواه الترمذي (1977)، وقال: حسن غريب.
[11] صحيح لغيره: رواه أبو داود (4800)، بسند حسن، وله شاهد عن أنس، رواه الترمذي (1993)، وحسنه.
[12] رواه مسلم (2865).
[13] بل يخاطبه بأحب الألقاب إليه؛ كقوله: يا أبا فلان، يا أستاذ، يا دكتور، يا شيخنا... إلخ.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
آداب النوم في الإسلام
1 - عدم النوم قبل العشاء والحديث بعدها:
ففي الصحيحين عن أبي برزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها[1].
2 - الوضوء قبل النوم:
ففي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيتَ مضجعك فتوضَّأ وُضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شِقِّك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوَّضت أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنتُ بكتابك الذي أنزلتَ، وبنبيِّك الذي أرسلتَ، فإن متَّ مِن ليلتك فأنتَ على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلَّم به))، قال: فرددتها على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلما بلغت: اللهم آمنتُ بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك قال: ((لا، ونبيك الذي أرسلت))[2].
روى أحمد - بسند حسن - عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما مِن مسلم يَبِيت على ذِكْرٍ طاهرًا، فيتعارَّ مِن الليل، فيسأل الله خيرًا من الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه))[3].
3 - نفض الفراش قبل النوم عليه، والاضطجاع على الجنب الأيمن:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أوى أحدُكم إلى فراشه، فليأخذ داخِلَة إزارِه، فلينفض بها فراشه، وليُسمِّ الله؛ فإنه لا يعلم ما خَلَفَه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقِّه الأيمن، وليقُلْ: سبحانك اللهم ربي، بك وضعتُ جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفِر لها، وإن أرسلتَها فاحفَظْها بما تحفَظُ به عبادَك الصالحين))[4].
4 - جمع الكفَّينِ وقراءة المُعوِّذات مع النَّفْث والمسح على الجسد ثلاثًا:
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفَّيه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهما ما استطاع مِن جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده؛ يفعل ذلك ثلاث مرات[5].
5 - قراءة آية الكرسي عند النوم:
روى البخاري - مُعلَّقًا - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكَّلني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعل يحثو من الطعام، فأخذتُه، وقلت: والله، لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني مُحتاجٌ وعليَّ عيالٌ ولي حاجة شديدة، قال: فخلَّيتُ عنه، فأصبحت، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرُك البارحة؟))، قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدة وعيالًا، فرحِمتُه، فخلَّيت سبيله، قال: ((أما إنه قد كذَبَك، وسيعود))، فعرَفتُ أنه سيعود؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدتُه، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دَعْنِي؛ فإني مُحتاجٌ وعليَّ عيال، لا أعود، فرحِمتُه فخلَّيت سبيلَه، فأصبحتُ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرُك؟))، قلت: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً وعيالًا فرحمته فخلَّيت سبيله، قال: ((أمَا إنه قد كذَبَك وسيعود))، فرصدتُه الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنَّك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات، أنك تزعم لا تعود ثم تعود، قال: دَعْنِي أُعلِّمْك كلمات ينفعُك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أَوَيتَ إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنَّك شيطان حتى تُصبِح، فخلَّيتُ سبيله، فأصبحتُ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعل أسيرك البارحة؟))، قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلِّمني كلمات ينفعني الله بها، فخلَّيت سبيله، قال: ((ما هي؟)) قلت: قال لي: إذا أَوَيت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تُصبِح - وكانوا أحرصَ شيء على الخير - فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أمَا إنه قد صدقك، وهو كذوب، تَعْلم مَن تُخاطِب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟)) قال: لا، قال: ((ذاك شيطان))[6].
6 - التسبيح والتحميد والتكبير عند النوم:
ففي الصحيحين عن عليٍّ أن فاطمة رضي الله عنها أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرَّحى، وبلغها أنه جاءه رقيقٌ، فلم تصادِفْه، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرَتْه عائشة، قال: فجاءنا، وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم، فقال: ((على مكانِكما))، فجاء فقعَد بيني وبينها، حتى وجدت بَرْدَ قدمَيْه على بطني، فقال: ((ألا أدلكما على خير مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما، أو أويتما إلى فراشكما، فسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبِّرا أربعًا وثلاثين؛ فهو خير لكما من خادمٍ))[7].
7 - إطفاء (البوتاجاز) ونحوه عند النوم:
ففي الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تترُكوا النارَ في بُيوتِكم حين تنامون))[8].
وفي الصحيحين أيضًا عن أبي موسى قال: احترق بيتٌ على أهله بالمدينة مِن الليل، فلما حُدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم، قال: ((إن هذه النار إنما هي عدوٌ لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم))[9].
8 - إغلاق الأبواب وتغطية الآنية عند النوم:
ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استجنح الليل - أو قال: جُنح الليل - فكفُّوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعةٌ من العِشاء فخلُّوهم، وأغلِق بابك واذكُرِ اسمَ الله، وأطفِئْ مصباحك واذكُر اسم الله، وأوكِ سِقاءك واذكُرِ اسم الله، وخمِّر إناءك واذكر اسم الله، ولو تعرُضُ عليه شيئًا))[10].
روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غطُّوا الإناء وأوكوا السقاء؛ فإن في السَّنة ليلةً ينزل فيها وباءٌ، لا يمر بإناء ليس عليه غطاءٌ، أو سقاء ليس عليه وكاءٌ، إلا نزل فيه مِن ذلك الوباء))[11].
9 - الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام:
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنبٌ غسَل فرجَه وتوضَّأ للصلاة[12].
وفي الصحيحين أيضًا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيرقُدُ أحدنا وهو جُنُب؟ قال: ((نعم، إذا توضَّأ أحدكم فليرقُد وهو جُنُبٌ))[13].
10 - عدم النوم على البطن:
روى الترمذي - بسند حسن - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا مضطجعًا على بطنه، فقال: ((إن هذه ضِجْعَة لا يحبُّها الله))[14].
11 - ذكر الله عند الاستيقاظ:
روى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تعارَّ[15] من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفِرْ لي، أو دعا - استُجِيب له، فإن توضَّأ وصلَّى قُبِلَت صلاته))[16].
[1] متفق عليه: رواه البخاري (568)، ومسلم (648).
[2] متفق عليه: رواه البخاري (247)، ومسلم (2710).
[3] حسن: رواه أحمد (22048 - 22049/ رسالة)، وأبو داود (542)، بإسنادين أحدهما حسن.
[4] متفق عليه: رواه البخاري (6320)، ومسلم (2714).
[5] رواه البخاري (5018)، والمقصود أن يجمع كفَّيه، ثم يقرأ، ثم ينفث، ثم يمسح؛ كما قال الحافظ العيني والطيبي.
[6] رواه البخاري معلقًا مجزومًا به، ووصله النسائي في عمل اليوم والليلة (959)، بسند صحيح.
رد: صحيح الآداب الاسلامية | الشيخ وحيد عبد السلام بالي
آداب الطعام في الإسلام
1 - التسمية في أول الطعام:
ففي الصحيحين عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: كنت غلامًا في حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيشُ في الصَّحْفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينِك، وكُلْ مما يَليك))، فما زالَتْ تلك طِعْمَتي بعدُ[1].
2 - فإذا نسي أن يُسمي في أول الأكل، فليَقُلْ: بسم الله أوله وآخره:
فقد روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أكل أحدُكم طعامًا، فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله، فليقل: بسم الله في أوله وآخره)). وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل طعامًا في ستة من أصحابه، فجاء أعرابيٌّ فأكله بلقمتينِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما إنه لو سَمَّى لكفاكم))[2].
3 - الأكل باليمين:
روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكل أحدُكم فليأكُلْ بيمينه، وإذا شرِب فليشرَب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشِماله، ويشرب بشماله))[3]. وروى عن إياس بن سَلَمة بن الأكوع أن أباه حدَّثه أن رجلًا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشِماله، فقال: ((كُلْ بيمينِك))، قال: لا أستطيع، قال: ((لا استطعتَ))، ما منعه إلا الكبرُ، قال: فما رفعها إلى فيه[4].
4 - الأكل من الجانب الذي يليه:
ففي الصحيحين عن عُمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: كنت غلامًا في حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصَّحْفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلامُ، سَمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك))، فما زالت تلك طِعْمَتي بعدُ[5].
5 - الأكل من جوانب القصعة أو الطبق:
روى أبو داود - بسند حسن - عن عبدالله بن بُسر رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعةٌ يقال لها الغرَّاء، يحملها أربعةُ رجالٍ، فلما أضحَوا وسجدوا الضحى، أُتِي بتلك القصعة، يعني وقد ثُرِد فيها، فالتفُّوا عليها، فلما كثُروا حثا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابيٌّ: ما هذه الجِلسة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جعلني عبدًا كريمًا، ولم يجعلني جبارًا عنيدًا))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُوا مِن حوالَيْها، ودَعُوا ذروتَها[6] يُبارَكْ[7] فيها))[8]. وروى الإمام أحمد - بسند صحيح - عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كُلُوا في القصعة مِن جوانبها، ولا تأكلوا من وسطِها؛ فإن البركةَ تنزِل في وسطِها))[9].
6 - عدم الأكل متكئًا:
روى البخاري في صحيحه عن أبي جحيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا آكلُ متكئًا))[10].
7 - ألا يعيب طعامًا:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه[11].
8 – ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفَسه:
فقد روى الترمذي وقال حسن صحيح عن مقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ[12]، بحسب ابن آدم أكلات يُقِمْن صلبه، فإن كان لا محالة فثُلُث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه))[13].
9 - عدم النفخ في الطعام والشراب:
روى الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب[14]. وروى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشُّرب، فقال رجلٌ: القذاة[15] أراها في الإناء، قال: «أهرِقْها[16]»، قال: فإني لا أُروَى مِن نَفَس واحد، قال: فأَبِنِ القَدَح[17] إذًا عن فيك[18] [19].
10 - عدم ترك اللقمة الساقطة:
روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان يحضُرُ أحدَكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليُمِط ما كان بها من أذًى، ثم ليأكُلْها، ولا يدَعْها للشيطان، فإذا فرغ فليَلْعَق أصابعه؛ فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة))[20].
11 - عدم القِران في التمر ونحوه إذا كان يأكل مع أحد إلا بإذنه:
ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرِنَ الرجل بين التمرتينِ جميعًا حتى يستأذن أصحابه[21].
12 – الحمد بعد الطعام:
♦ في سنن أبي داود - بسند صحيح - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال: ((الحمد لله الذي أطعم وسقى[22] وسوَّغه[23]، وجعل له مخرجًا))[24] [25].
♦ وروى البخاري في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: ((الحمد لله كثيرًا طيبًا[26] مباركًا[27] فيه، غير مَكْفيٍّ[28] ولا مُوَدَّع[29] ولا مُستغنًى عنه[30] ربُّنا))[31] [32].
♦ وروى الإمام أحمد - بسند حسن - عن عبدالرحمن بن جبير أنه حدَّثه رجلٌ خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم إذا قُرِّب إليه طعامه، يقول: ((بسم الله))، وإذا فرغ من طعامه، قال: ((اللهم أطعمتَ وأسقيتَ، وأغنيت وأقنيت[33]، وهديت وأحيَيْتَ، فلك الحمد على ما أعطيتَ))[34].
فالحمد بعد الطعام من أسباب رضا الله عن العبد، وقد روى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلةَ، فيحمَده عليها، ويشرب الشربة، فيحمَده عليها))[35].
[7] والبركة: النماء والزيادة ومحلها الوسط، فاللائق إبقاؤه إلى آخر الطعام؛ لبقاء البركة واستمرارها، ولا يحسن إفناؤه وإزالته.
[8] صحيح: رواه أبو داود (3773)، بسند حسن، وهو صحيح بشواهده.
[9] صحيح: رواه أحمد (2375)، بسند صحيح، وفيه عطاء بن السائب، وهو ثقة إلا أنه اختلط في آخر حياته، ولكن سفيان الثوري روى عنه قبل الاختلاط.
[10] رواه البخاري (5398)، فيكره أن يأكل متكئًا؛ لهذا الحديث.
واختلف في صفة الاتكاء:
فقيل: أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان.
وقيل: أن يميل على أحد شِقَّيِه.
وقيل: أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض.
قال الخطابي: هو المعتمد على الوطاء الذي تحته، قال: ومعنى الحديث: إني لا أقعد متكئًا على الوطاء عند الأكل، فعل مَن يستكثر من الطعام، فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد؛ فلذلك أقعد مستوفزًا.
قال ابن الأثير: إن مَن فسر الاتكاء بالميل على أحد الشِّقينِ، تأوله على مذهب الطب، بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلًا، ولا يسيغه هنيئًا، وربما تأذى به.
قلت: فعلى هذا، يجوز الأكل متربعًا من غير كراهة؛ لأنه لم يثبت نهي عنه، وليس هو من الاتكاء إلا إذا جلس على وسادة ونحوها، على تفسير الخطابي.
قد قعَد فلانٌ مُستوفِزًا؛ أي: قد قعَد على وَفْز من الأرض، والوَفْز: ألا يطمئن في قعوده، ويقال: قعد على أوفاز من الأرض.
قوله: «ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، كان إذا اشتهى شيئًا أكله، وإن كرهه تركه»، هذا من آداب الطعام المتأكدة، وعيبُ الطعام؛ كقوله: مالح قليل المِلْح، حامض، رقيق، غليظ، غير ناضج، ونحو ذلك، وأما حديث ترك أكل الضب، فليس هو من عيب الطعام، إنما هو إخبار بأن هذا الطعام الخاص لا أشتهيه.
[12] وقال طبيب العرب ابن كلدة: المعدة بيت الداء.
[13] صحيح: رواه الترمذي (2380) وقال: حسن صحيح.
[14] صحيح: رواه أحمد (2813) وقال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن عبدالكريم عن عكرمة عن ابن عباس به، وهذا سند صحيح.
[15] القَذاة: الوسخ.
[16] أهرقها: أرقها وصبها.
[17] أبِنِ القَدَح: أبعِدْه.
[18] عن فيك: عن فمك.
[19] حسن: رواه أبو داود (3722) والترمذي (1877) وقال: حسن صحيح.
[23] سوغه: سهَّل دخوله وجعل الجسم يقبله ولا يتضرر به.
[24] مخرجًا: أي من السبيلين؛ فيخرج منهما الضار وتبقى منافعه.
[25] صحيح: رواه أبو داود (3851) بسند صحيح.
[26] طيبًا: أي خالصًا من الرياء والسمعة.
[27] مباركًا: حمدًا ذا بركة دائمًا لا ينقطع؛ لأن نعمه لا تنقطع عنا، فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضًا، ولو نيةً واعتقادًا.
[28] غير مكفي: لا يكفيه أحدٌ رزق عباده؛ يعني أنه تعالى هو المطعم لعباده، والكافي لهم، فالضمير راجع إلى الله تعالى.
[29] ولا مودع: غير متروك.
[30] ولا مستغنى عنه: غير مطروح ولا معرض عنه، بل محتاج إليه.
[31] ربنا: بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو ربُّنا.
[32] رواه البخاري (5458).
[33] أقنيت: أرضيت.
[34] حسن: رواه أحمد (4 /562 /375) بسند حسن.
[35] رواه مسلم (5022).
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
آداب الشراب في الإسلام
1 - التسمية في أوله:
ففي الصحيحين عن عُمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: كُنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيشُ في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يَليك))، فما زالت تلك طِعْمَتي بعدُ»[1].
روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيتَ لكم، ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المَبِيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء))[2].
2 - الشرب جالسًا إلا لحاجة:
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائمًا[3].
ولكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شرِب وهو قائم؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم شرِب من زمزم، من دلوٍ منها وهو قائمٌ[4].
3 - الشرب باليمين:
فقد روى أبو داود - بسند حسن - عن حارثة بن وهب الخزاعي، قال: حدثتني حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شِمالَه لِما سوى ذلك[5].
4 - عدم التنفُّس في الإناء:
روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُتنفَّس في الإناء أو يُنفَخ فيه[6]. وفي الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شرِب أحدُكم، فلا يتنفَّس في الإناء[7])).. الحديث[8].
5 - الشرب على مرتين أو ثلاث:
ففي الصحيحين عن ثمامة بن عبدالله بن أنس، قال: قال: كان أنس رضي الله عنه يتنفَّس في الإناء[9] مرتين أو ثلاثًا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثًا[10].
روى الطبراني في الأوسط - وحسنه الحافظ في «الفتح» - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان «يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإناء إلى فيه سمَّى الله، فإذا أخَّره حمد الله، يفعل به ثلاث مرات»[11].
روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثًا، ويقول: ((إنه أروى وأبرأ وأمرأ))، قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثًا[12].
6 - عدم الشُّرب من فم السقاء:
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فمِ القِربة أو السِّقاء، وأن يمنع جارَه أن يغرزَ خشبه في داره[13].
7 - إذا شرب أعطى الإناءَ مَن على يمينه:
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنها حُلبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ داجن، وهي في دار أنس بن مالك، وشِيبَ لبنُها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم القَدَح فشرِب منه حتى إذا نزع القَدَح مِن فيه، وعلى يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابيٌّ، فقال عمر - وخاف أن يُعطيَه الأعرابي -: أعطِ أبا بكر يا رسول الله عندك، فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه، ثم قال: ((الأيمنَ فالأيمنَ))[14].
8 - عدم الشرب في آنية الذَّهَب والفِضَّة:
ففي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تلبَسوا الحرير ولا الدِّيباج، ولا تشرَبوا في آنية الذهب والفِضة، ولا تأكلوا في صِحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة))[15].
9 - ساقي القوم آخرهم شربًا:
روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ساقي القوم آخرُهم شربًا))[16].
10 - تغطية الآنية عند النوم:
ففي الصحيحين عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمِّروا الآنية، وأَوْكُوا الأسقية، وأَجِيفُوا الأبواب، واكفِتُوا صِبيانكم عند العِشاء؛ فإن للجن انتشارًا وخطفةً، وأطفِئوا المصابيح عند الرُّقاد؛ فإن الفُوَيْسِقة[17] ربما اجترَّتِ الفتيلة فأحرقَت أهل البيت))[18]. وروى البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استجنح الليل[19] - أو قال: جُنح الليل - فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من العِشاء فخلُّوهم، وأغلِقْ بابك، واذكُرِ اسم الله، وأطفِئ مصباحك، واذكرِ اسمَ الله، وأوكِ سقاءك[20]، واذكر اسم الله، وخمِّر إناءك[21]، واذكر اسم الله، ولو تعرُض عليه شيئًا))[22].
11 - الحمد في آخره:
روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليرضى عن العبدِ أن يأكل الأكلة فيحمَده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها))[23].
[1] متفق عليه: رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022).
[2] رواه مسلم (2018)، وذكر الطعام في هذين الحديثين يعمُّ الشراب بقياس الأولى.
[3] رواه مسلم (2025).
[4] متفق عليه: رواه البخاري (5617)، ومسلم (2027)؛ فجمع العلماء بين الحديثين بأنه شرب من زمزم قائمًا لحاجة الزحامِ، فقالوا: يكره الشرب قائمًا لغير حاجة، ويجوز لحاجة، وأن النهي للتنزيه.
[5] حسن: رواه أبو داود (32) بسند حسن، فإن أبا أيوب الإفريقي وعاصم بن أبي النجود، لا ينزل حديثهما عن الحسن.
رد: صحيح الآداب الاسلامية | الشيخ وحيد عبد السلام بالي
آداب السفر في الإسلام
1 - الاستخارة:
روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كما يعلِّمنا السورة من القرآن، يقول: ((إذا همَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أَقْدِر، تَعْلَم ولا أعلم، وأنت علَّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسِّره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عنِّي واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني)) قال: ((ويسمِّي حاجته))[1].
2 - الأفضل ألا يسافر وحده:
روى الترمذي - وحسَّنه - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَدِّه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب))[2].
3 - اختيار الرفيق الصالح في السفر:
روى الترمذي - وحسنه - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصاحِب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقيٌّ))[3].
4 - أن يستودع اللهَ أهلَه وجيرانه وأصحابه:
روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لرجل: انتظر حتى أودِّعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودِّعنا: ((أستودع اللهَ دينك وأمانتك وخواتيم عملِك)) [4].
5 - أن يدعو الله تعالى بدعاء السفر:
روى مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا ركِب راحلته كبَّر ثلاثًا، ثم قال: ((سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون))، ثم يقول: ((اللهم إني أسألك في سفري هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا السفر واطوِ لنا البعيد، اللهم أنت الصاحبُ في السفر والخليفة في الأهل))[5].
6 – خير الزاد التقوى:
روى الترمذي وقال: حسن غريب، وصحَّحه الألباني: عن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أريد سفرًا زودني فقال: ((زودك الله التقوى))، قال: زدني، قال: ((وغفر ذنبك))، قال: زدني، قال: ((ويسَّر لك الخير حيثما كُنت))[6].
7 - كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يخرج للسفر يوم الخميس:
روى البخاري عن كعب بن مالك رضي الله عنه كان يقول: لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفرٍ إلا يوم الخميس[7].
روى البخاري عن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحبُّ أن يخرج يوم الخميس[8].
8 - إذا كانوا جماعةً أن يؤمِّروا أحدهم:
روى أبو داود - وحسَّنه الألباني - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا خرج ثلاثة في سفرٍ، فليؤمِّروا أحدَهم))[9].
9 - التكبير إذا صعد علوًّا والتسبيح إذا نزل:
روى أبو داود - بسند حسن - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علَوا الثنايا كبَّروا، وإذا هبطوا سبَّحوا[10].
روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا أشرفنا على وادٍ هلَّلنا وكبَّرنا، ارتفعت أصواتنا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، اربَعُوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا، إنه معكم، إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جدُّه))[11].
10 – دعوة المسافر من الدعوات المستجابة:
روى الترمذي - وحسنه - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده))[12].
11 - إذا نزل بلدًا استعاذ بالله من شرها:
روى مسلم عن خَوْلة بنت حكيم السُّلَمية رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن نزل منزلًا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرَّه شيءٌ حتى يرتحل من منزله ذلك))[13].
12 - أن لا تسافر المرأة إلا مع محرم:
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي مَحْرَم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها مَحْرَم))، فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج، فقال: ((اخرُج معها))[14].
13 - أن يتعلم فقه السفر وما فيه مِن رُخَص في العبادات:
قَصر الصلاة:
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [النساء: 101].
المسح على الخفين:
روى مسلم في صحيحه عن شريح بن هانئ، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخُفَّينِ، فقالت: عليك بابنِ أبي طالب فسَلْه، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليَهن للمسافر، ويومًا وليلةً للمقيم[15].
الفطر في السفر:
وقال تعالى أيضًا: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185].
[1]رواه البخاري (1166).
[2]حسن: رواه الترمذي (1674) وحسنه.
[3]حسن: رواه أبو داود (4832)، والترمذي (2395)، وحسنه الألباني.
[4]حسن: رواه الترمذي (3443)، وقال: حسن صحيح غريب.
[5] رواه مسلم (1342).
[6]حسن: رواه الترمذي (3366)، وقال: حسن صحيح غريب، وحسنه ابن القطان في الوهم والإيهام (3 /615)، وصححه الألباني.
[7]صحيح: البخاري (2949).
[8]صحيح: البخاري (2950).
[9]حسن: رواه أبو داود (2608)، وحسَّنه النووي في الإيضاح في مناسك الحج (55).
[10] حسن: رواه أبو داود (2599)، وحسنه النووي في الرياض، وصححه الألباني.
[11]رواه البخاري (2992).
[12]حسن: رواه الترمذي (3448) وحسنه.
[13]صحيح: مسلم (4881).
[14]رواه البخاري (1862).
[15]صحيح: مسلم (414).
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2].
2 - صيام الاثنين والخميس:
روى الترمذي - وصحَّحه الألباني - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُعرَض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأُحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ))[1].
3 - قيام الليل:
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطَّر قدماه، فقالت عائشة: لِمَ تصنَعُ هذا يا رسول الله، وقد غفَر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: ((أفلا أُحِبُّ أن أكون عبدًا شكورًا!))، فلما كثُر لحمه صلَّى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ، ثم ركع[2].
4 - أذكار الصباح والمساء:
روى البخاري عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سيِّدُ الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتِك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت))، قال: ((ومَن قالها مِن النهار مُوقنًا بها فمات من يومه قبل أن يُمسِي، فهو من أهل الجنة، ومَن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يُصبِح، فهو من أهل الجنة))[3].
5 - صلاة الضحى:
روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقةٌ؛ فكل تسبيحةٍ صدقةٌ، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تَهْليلةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتانِ يركَعُهما من الضحى))[4].
6 - تطهير القلب عما يُغضِب الربَّ جل وعلا:
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظُرُ إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالكم))[5].
7 - أكل الحلال:
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجلَ يُطيل السفرَ أشعثَ أغبَرَ يمدُّ يدَيْه إلى السماء؛ يا ربِّ يا رب، ومطعمُه حرامٌ، ومشربه حرام، ومَلْبَسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك))[6].
وفي الصحيحين عن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبينهما مشبهاتٌ، لا يعلمها كثير من الناس، فمَن اتَّقى المشبهات استبرأ لدينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحِمَى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل مَلِك حِمًى، ألا إن حِمى الله في أرضه محارمُه، ألا وإن في الجسد مُضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسَدت فسَد الجسد كلُّه، ألا وهي القلب))[7].
رد: صحيح الآداب الاسلامية | الشيخ وحيد عبد السلام بالي
من آداب لبس النعال
1 - التيمُّن في لبس النعل:
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحبُّ التيمُّن في طهوره إذا تطهر، وفي ترجُّله إذا ترجَّل، وفي انتعاله إذا انتعل[1].
2 - البَدْء بالشمال عند الخلع:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا انتعل أحدكم، فليبدأ باليمين، وإذا نزَع، فليبدأ بالشمال، ليكن اليمنى أولهما تُنْعَل وآخرهما تُنْزَع))[2].
3 – الجلوس عند لبس النعل:
روى الإمام ابن ماجه - بسند صحيح - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل وهو قائمٌ[3].
قال الشيخ ابن عثيمين: هذا في نعل يحتاج إلى معالجة في إدخاله في الرجل؛ لأن الإنسان لو انتعل قائماً والنعل يحتاج إلى معالجة فربما يسقط إذا رفع رجله ليصلح النعل، أما النعال المعروفة الآن فلا بأس أن ينتعل الإنسان وهو قائم ولا يدخل ذلك في النهي؛ لأن نعالنا الموجودة يسهل خلعها ولبسها.
4 - عدم المشي في نعل واحدة:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يمشي أحدكم في نعل واحدة، ليُحْفِهما جميعًا، أو ليُنْعِلْهما جميعًا))[4].
وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشِمالِه، أو يمشي في نعلٍ واحدة، وأن يشتمل الصمَّاء، وأن يحتبِي في ثوب واحد كاشفًا عن فرجه[5].
وروى مسلم في صحيحه أيضًا عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انقطع شِسْع أحدكم أو مَن انقطع شِسْع نعله، فلا يمشِ في نعلٍ واحدة حتى يُصلِح شِسْعه، ولا يَمْشِ في خفٍّ واحدٍ، ولا يأكل بشِماله، ولا يحتبِي بالثوب الواحد، ولا يلتحفِ الصَّمَّاء))[6].
5 – المشي حافيًا بين المقابر:
لما جاء في سنن أبي داود - بسند حسن – من حديث بشير رضي الله عنه: ... فبينما هو يمشي إذا حانت منه نظرةٌ، فإذا برجل يمشي بين القبور عليه نعلانِ، فقال: ((يا صاحب السِّبتِيَّتينِ، ويحك، ألقِ سِبْتِيَّتَيْك))، فنظر، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه فرمى بهما[7].
قال الشيخ ابن باز: ورد ما يدل على كراهة ذلك، جاء في حديث لا بأس به أن النبي رأى رجلاً يمشي في المقابر بالنعلين فقال: "ألق سبتيتيك" يعني نعليك، فالمقصود أن النعلين في المقابر يكره المشي بهما إلا من حاجة، لأن الرسول أمر من يراه يمشي بنعليه أن يلقيهما... وقال: فالأولى والأفضل أن لا يمشي بالنعل في القبور إلا من حاجة كشدة برد الأرض، شدة حرارتها، أن يكون فيها شوك، أما إذا كانت سليمة فالأولى أن يمشي حافيًا هذا هو الأولى والأحوط.
6- المشي حافيًا أحيانًا:
روى أبو داود - بسند حسن - عن عبدالله بن بريدة رضي الله عنه أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر، فقدم عليه وهو يمدُّ ناقةً له، فقال: إني لم آتِك زائرًا، إنما أتيتُك لحديث بلَغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه علمٌ، فرآه شَعِثًا، فقال: ما لي أراك شَعثًا[8] وأنت أمير البلد؟! قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه[9]، ورآه حافيًا، فقال: مالي أراك حافيًا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتفي[10] أحيانًا[11][12].
[1] متفق عليه: رواه البخاري (168)، ومسلم (268) واللفظ له.
[2] متفق عليه: رواه البخاري (5856)، ومسلم (2097).
[3] صحيح: رواه ابن ماجه (3618) بسند صحيح، ورواه أبو داود (4135) عن جابر، بسند صحيح لو سلم من تدليس أبي الزبير، ورواه ابن ماجه (3619) عن ابن عمر بسند صحيح؛ قال السندي رحمه الله في تعليقه على ابن ماجه (3618): قوله: «قائمًا»؛ قيل: مخصوص بما إذا لحقه مشقَّة في لبسه قائمًا؛ كالخف والنعال المحتاجة إلى شد شراكها.
[4] متفق عليه: رواه البخاري (5855)، ومسلم (2097).
[5] رواه مسلم (2099).
[6] رواه مسلم (2099).
[7] حسن: رواه أبو داود (3230)، والنسائي (2048)، وابن ماجه (1568)، وأحمد (20784)، بسند حسن.
[8] شعثًا: متفرق الشعر، غير مترجل في شعرك ولا متمشِّط في لحيتك.
[9] كان ينهانا عن كثير من الإرفاه: التنعُّم، ومنه أخذت الرفاهية، وهي السَّعة والدَّعة والتنعُّم؛ وقد كرِه النبي صلى الله عليه وسلم الإفراطَ في التنعُّم مِن التدهين والترجيل على ما هو عادة الأعاجم وأمر بالقصد في جميع ذلك، وليس في معناه الطهارة والنظافة؛ فإن النظافة من الدين؛ قال الحافظ: القَيْد بالكثير في الحديث إشارةٌ إلى أن الوسط المعتدل من الإرفاه لا يُذَم، وبذلك يجمع بين الأخبار؛ انتهى.
[10] أن نحتفي: أن نمشي حفاة.
[11] أحيانًا: أي حينًا بعد حين، وهو أوسع معنًى من "غبًّا".
[12] حسن: رواه أبو داود (4160)، وأحمد (23969)، بسند حسن.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
آداب العطاس في الإسلام
1 - تشميت العاطس حقٌّ على المسلم:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حقُّ المسلم على المسلم خمسٌ: رد السلام، وعيادة المريض، واتِّباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس))[1].
وفي رواية لمسلم: ((حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ: إذا لقيته فسلِّم عليه، وإذا دعاك فأجِبْه، وإذا استنصَحك فانصَح له، وإذا عطس فحمِد الله تعالى فشمِّته، وإذا مرِض فعُدْه، وإذا مات فاتَّبِعه))[2].
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يُحب العُطاس، ويكرَه التثاؤب، فإذا عطس أحدُكم، وحمِد الله تعالى، كان حقًّا على كل مسلم سمِعه أن يقول له: يرحَمك الله، وأما التثاؤب، فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدُكم فليَرُدَّه ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحِك منه الشيطان))[3].
2 - أن يحمد العاطس ربه:
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطس أحدكم، فليقل: الحمد لله، وليقُلْ له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يَهدِيكم الله ويُصلِح بالكم[4]))[5].
3 - يجوز أن يقول العاطس: الحمد لله على كل حال:
روى أبو داود وغيره - بإسناد صحيح - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطس أحدكم، فليقل: الحمد لله على كل حال، وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، ويقول هو: يَهدِيكم الله ويُصلِح بالكم))[6].
4 – تشميت من يحمد الله:
ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، قال: عطس رجلانِ عند النبي صلى الله عليه وسلم، فشمَّت أحدهما ولم يشمِّت الآخر، فقال الذي لم يشمِّته: عطس فلان فشمَّته، وعطست فلم تشمِّتني، فقال: ((هذا حمِد الله تعالى، وإنك لم تحمَدِ الله تعالى))[7].
روى مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا عطس أحدكم فحمد الله تعالى، فشمِّتوه، فإن لم يحمد الله، فلا تشمِّتوه))[8].
5 - الاقتصار على الحمد بعد العطاس:
وروى الترمذي - وحسنه الألباني - عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلًا عطس إلى جنبه، فقال: الحمد لله، والسلام على رسول الله، فقال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هكذا علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: «الحمد لله على كل حال»[9].
6 - ويُستحب لكل مَن سمِعه أن يقول له: يرحمك الله، أو يرحمكم الله، أو رحمكم الله، ويُستحب للعاطس بعد ذلك أن يقول: يهديكم الله، ويُصلح بالكم، أو يغفر الله لنا ولكم:
روى مالك - بسند صحيح - عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: إذا عطس أحدكم، فقيل له: يرحمُك الله، يقول: يرحمنا الله وإياكم، ويغفر الله لنا ولكم[10].
7 – عند العطاس يضع يده أو ثوبه على فمه ويخفض صوته:
روى أبو داود والترمذي - وصححه - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس غطَّى وجهه بيدِه أو بثوبه، وغَضَّ بها صوته[11].
8 - إذا تكرر العُطاس من إنسان متتابعًا، فالسُّنة أن يشمِّته لكل مرة، إلى أن يبلغ ثلاث مرات:
روى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وعطس عنده رجلٌ، فقال له: ((يرحمك الله))، ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرجل مزكومٌ))؛ هذا لفظ رواية مسلم[12].
وفي رواية عند أبي داود والترمذي: فقالا: قال سلمة: عطس رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا شاهدٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يرحمك الله))، ثم عطس الثانية أو الثالثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يرحمك الله، هذا رجلٌ مزكومٌ))[13].
[1] متفق عليه: رواه البخاري (1240)، ومسلم (2162).
[2] رواه مسلم (2162).
[3] رواه البخاري (6223).
[4] قال العلماء: بالكم؛ أي: شأنكم.
[5] رواه البخاري (6224).
[6] صحيح: رواه أبو داود (5033)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (684).
[7] متفق عليه: رواه البخاري (6221)، ومسلم (2991).
[8] رواه مسلم (2992).
[9] حسن: رواه الترمذي (2738)، وحسنه الألباني.
[10] صحيح: رواه مالك في الموطأ (1800)، وهو موقوف على ابن عمر، وهو موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث.
[11] حسن صحيح: رواه أبو داود (5029)، والترمذي (2745)، وقال: حديث حسن صحيح.
[12] رواه مسلم (2993).
[13] حسن صحيح: رواه أبو داود (5037)، والترمذي (2743)، وقال: حديث حسن صحيح.