أجمع أهل التاريخ على أن على بن أبى طالب قد شهد الغزوات كلها غير تبوك وجَرَت له مواقف شريفة بين يدى النبى فى مواطن الحرب.
غزوة بدر:
ففى غزوة بدر خرج على بن أبى طالب مع رسول الله وأبى لُبَابَة الأنصارىّْ ومعهم بَعيرٌ واحد يتناوبون الركوب عليه فقال على وأبو لبابة لرسول الله نحن نمشى عنك يا رسول الله, فقال صلي الله عليه وسلم: ما أنتما بأقوى منى ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما, فلما وصل المسلمون بدرا وأخذ الفريقان موقعهما برز ثلاثةٌ من فرسان قريش هم: عُتبَة بن ربيعه وأخوه شَيْبَه وابنه الوليد بن عتبه وطلبوا المبارزه فخرج لهم ثلاثة من شباب الأنصار فقال عُتبَه: من أنتم؟ فقالوا: نحن من الأنصار, فقال: لا حاجة لنا فيكم إنما أردنا بنى عَمِّنَا, فقال رسول الله : قُم يا حمزه قُم يا علىّْ قُم يا عُبَيده بن الحارث, فقاموا سِرَاعا وانطلقوا كالليوث الضَّارية والتقوا بفرسان الكُفر ليُورِدُوهم منازل حَتفِهم, فأما حمزه فمَالَ نحو عتبه وأذاقه من كأس الرَدَى وأما علىّْ فألتقى مع شَيْبَه وسقاه من نفس كأس أخيه وأما عبيده فاختلف مع الوليد ضربتين فأصاب كل واحد صاحبه فمال حمزة وعلى رضي الله عنه على الوليد فقتلاه وحملا عبيدة بن الحارث إلى معسكر المسلمين فأنزل الله فى هذين الفريقين المتبارزين قوله تعالى ﴿هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ١٩ يُصۡهَرُ بِهِۦ مَا فِي بُطُونِهِمۡ وَٱلۡجُلُودُ٢٠ وَلَهُم مَّقَٰمِعُ مِنۡ حَدِيدٖ٢١ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا مِنۡ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ٢٢﴾.
غزوة ُأُحُد:
وفى يوم ُأحُد دارت الدائرة على المسلمين وأُشِيعَ أن النبى قد قُتِل فأخذت الحَمِيَّةُ فى نَفْسِ على رضي الله عنه مأخذَها فذهب يبحث فى القتلى عن رسول الله فلم يَجِده فقال: والله ما كان رسول الله ليَفِر وما أراه فى القتلى ولكن أرى أن الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه فما فِىَّ خير من أن أُقَاتل حتى أُقتَل فكَسَر جَفْنَ سيفه ثم حَمَلَ على القوم فأفرَجَ له المسلمون فُرجَه فنظر فإذا رسول الله بينهم.
فلما انتهت غزوة أحد وانصرف كفار قريش من ميدان المعركة ورسول الله ما زال فيها أرسل على بن أبى طالب خلف المشركين ليتأكد من ذهبهم وقال له: أخرج فى آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وما يريدون فإن كانوا قد جَنَّبُوا الخَيْلَ وامتَطَوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة, والذى نفسى بيده لإن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأُنَاجِزَنَّهم, فخرج على رضي الله عنه فى آثارهم فرآهم قد جَنَّبُوا الخيل وامتَطَوا الإبل ووجَّهُوا إلى مكة, ثم أمر رسول الله على بن أبى طالب أن يأتيه بماء فأتاه بماء من جبل أحد فأراد رسول الله أن يشرب فوجد له ريحاً فَعَافَهْ وغسل به وجهه وهو يقول: اشتد غضب الله على من دَمَّاَ وجه رسول الله, ثم جاءت فاطمة بنت رسول الله وأخذت تغسل الدم عن أبيها وعلىٌّ يَسكُب عليها الماء فلما رأت فاطمة رضى الله عنها أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم.
غزوة الخندق:
وفى غزوة الخندق كان على رضي الله عنه مع النبى فانشغلوا بمدافعة المشركين حتى فاتتهم صلاة العصر فقال النبى: شَغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر, ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ثم صَلَّوا العصر بين صلاتى المغرب والعشاء.
بيعة الرضوان:
وكان على بن أبى طالب ممن نال شرف بيعة الرضوان مع الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة وأنزل الله فيهم ﴿۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا١٨﴾.
ولما تم الصُلح بن النبى وأهل مكة دعى النبى على لكتابة بُنود الصُلح فقال له رسول الله: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم, فقال سُهَيل بن عمرو كبير المفاوضين عن أهل مكة: أمَّا الرحمن فو الله ما أدرى ما هى ولكن اكتب بسمك اللهم, فقال النبى لعلىّْ: اكتب بسمك اللهم, ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سُهَيل بن عمرو, فقال سُهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صَددنَاك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله, فقال رسول الله :والله إنى لرسول الله وإن كَذَّبتُمُونى ثم قال رسول الله لعلىّْ: اُمْحُه, فقال على رضي الله عنه لسُهَيل هو والله رسول الله وإن رَغِمَ أَنْفُك, ولا والله لا امحوها, فقال رسول الله لعلىّْ: أَرِنى مكانَها فمحاها رسول الله بيده الشريفة.
غزوة خيبر:
وشهد على رضي الله عنه غزوة خيبر مع النبى وكان له فيها موقف مشهود غَبَطَه عليه كل من حضر ذلك اليوم فقد كان النبى يُعطى الراية كل يوم رجلاً من أبطال الصحابة على مدار عدة أيام حتى استعصى فتح بعض حصون خيبر عليهم, وفى ليلةٍ من ليالى هذه الغزوة العظيمة قال رسول الله لأصحابه: لأُعطِيَن الراية اليوم رجلاً يُحب الله ورسولَه ويحبه الله ورسولُه, لا يرجع حتى يُفتَحَ له فتمنى كثيرٌ من الصحابة أن يكون هو ذلك الرجل حتى أن عمر بن الخطاب قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ, فبات الناس ليلتهم يتناقشون فى هذه المَكْرُمَة, فلما أصبحوا غَدَوا على رسول الله وكلهم يرجوا أن يُعطَاها, فقال رسول الله أين على بن أبى طالب؟ فقيل يا رسول الله هو مريض يشتكى من عينيه فأرسلوا إليه فجاء به محمد بن مَسلَمة يقوده فبَصَق رسول الله فى عينيه ودعا له فبَرَأَ حتى كأن لم يكن به وَجَعْ فأعطاه الراية وقال له: اُنفُذ على رِسْلِكَ حتى تنزِل بساحتهم ثم اُدعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فو الله لأن يهدى الله بك رجلاً واحدا خير لك من حُمُرِ النَعَم.
تقدم على رضي الله عنه نحو حصون اليهود فبرز لهم (مَرْحَب) أحد أبطال اليهود وأفضل مقاتليهم على الإطلاق وطلب المبارزة وهو يرتجز ويقول:
قد عَلِمَت خَيبَرُ أنَّى مَرْحَبُ
شَاكِى السلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
اذا الحروب أقبلت تَلَّهَب
فالتقى الفارسان البطلان والتحما التحاماً شديدا وتناوشا تناوشاً رهيبا وكل من الفريقين يترقب ما سَتُسفِرُ عنه هذه المبارزه فما كان من علىّْ إلا أن ضرب رأس مَرحبٍ ففلقَه وقتل مَرحَبْ فكَبَّر المسلمون وانهزم اليهود وكان الفتح على يديه.
فتح مكه:
ولما عزم رسول الله على فتح مكة وقد سأل الله تعالى أن يُعَمِّىَ الأمر على أهلها حتى لا يكون بينهم قتال حدث أمر لم يكن بالحسبان فقد كتب حَاطِبُ بن أبى بَلتَعة كتاباً إلى قريش يخبرهم بخروج رسول الله ومَسِيره إليهم وأرسل الكتاب مع امرأه, فنزل الوحى على النبى يُخبره بِصُنع حاطب فأرسل النبى إلى على بن أبى طالب والزبير بن العوام وأبى مَرثَد وقال لهم: انطلقوا حتى تأتوا (روضة خَاَخْ) فإن بها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبى بلتعة إلى المشركين فأتونى بها, فانطلق الثلاثة على خيولهم حتى أدركوا المرأة حيث قال لهم النبى فقالوا لها: أين الكتاب الذى معك؟ قالت ما معى كتاب, فأناخوا بعيرها وبحثوا فى رَحْلِها فلم يجدوا شيئا, فقال الزبير وأبو مَرثَد ما نرى معها كتابا فقال لهما علىّْ: لقد علمتُما ما كذب رسول الله ثم حَلَفَ على وقال: والله لتُخرِجِّنَ الكتاب أو لأُجَرِدَنِك, عندها قالت لهم: تَنَحَّوا فأخرجته من بين ضفائر شَعرِها ودفعته إليهم فأتوا به إلى النبى فقال النبى لحَاطِب: ما حَمَلَك على ما صنعت فاعتذر حاطب وقبل النبى عُذرَه وقال: صَدَق, لا تقولوا إلا خيرا.
غزوة حُنَين:
وفى غزوة حُنَين حين انكشَف الناس وانهزموا بعد أن وقعوا فى الكَمين الذى نَصَبَه لهم أهل الطائف انحاز رسول الله ذات اليمين ثم قال: إلىَّ أيها الناس هَلُمُوا إلىّ أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله ولم يكن معه فى تلك اللحظات الحرجه سوى نَفَرٍ قليلٍ من الصحابة ومن أهل بيته منهم على بن أبى طالب فجالًدوا المشركين وقاوموا وتَجَّمَع حولهم المسلمون حتى كتب الله لهم النصر المبين.
وأثناء القتال كان أمام هوازن رجلٌ ضخم الجُثَه على جَمَلٍ أحمر وفى يده رايةٌ سوداء إذا أدرك بها من أمامه طعنه بها وإذا فاته أحد دفعها نحوه فطعنه من ظهره حتى أثْخَنَ فى الناس فرصَدَ له على بن أبى طالب ورجل من الأنصار كلاهما يريداه فجائاه من خلفه فضرب على رضي الله عنه عُرقُوب الجَمَل فوقع على مؤخرته فوَثَبَ الأنصارى على الرجل فضربه ضربة أطارت قدمه مع نصف ساقه فسقط الرجل يتَدَرَّجُ بدمائه واقتتل الناس حتى كانت الهزيمة على المشركين.
غزوة تبوك:
ولم يشهد على رضي الله عنه غزوة تبوك مع المسلمين والسبب فى ذلك أن رسول الله خَلَّفَه على أهله فى المدينة فقال علىّْ: يا رسول الله تُخلِّفُنى فى النساء والصبيان؟ فقال رسول الله أما ترضى أن تكون مِنِّى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدى.
مُبَاهَلة أهل نجران:
وقد كتب رسول الله كتاباً إلى أهل نجران يدعوهم فيه إلى الإسلام أو دفع الجزية أو الحرب فذُعِرَ أهل نجران من ذلك ذعراً شديدا وبعثوا إلى رسول الله وفداً منهم يتكون من ستين رجلا, فلما وصل الوفد إلى المدينة أخذوا يناقشون الرسول فى أمر عيسى عليه السلام ورسول الله يتلوا عليهم القرآن ويُفَنِّدُ باطلهم بالحُجَّه فلما غُلِبوا طلبوا من رسول الله أن يُبَاهِلَهُم فوافق رسول الله وأنزل الله تعالى فيهم ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ٦١﴾ فلما كان اليوم الموعود جاء النصارى بجموعهم وجاء النبى ومعه على بن أبى طالب والحسن والحسين وقال: اللهم هؤلاء أهلى فلما رآهم ( العَاقِب ) كبير النصارى قال لمن معه لا تُباهلوه فإنكم إن فعلتم إشتعل عليكم الوادى نارا فإن محمدً نبى مرسل وأنتم تعلمون أنه جاءكم للفصل فى أمر عيسى فتركوا المُبَاهلة وانصرفوا إلى بلادهم بعد أن وافقوا على دفع الجزية للمسلمين.
oghtm ugn fk Hfd 'hgf vqd hggi uki 3 lèn hggi îgçé RAn Xgn Xki ~çgè