**ترك نعش ابنه الشهيد وراح يحدّق في الناس ..الذين لم يخسروا شيئا ..وأولادهم في البيوت ….وقال: أنا الذي خسرتُ أم هُم …!!.....................أنا أعيش معنى الحياة وهم يعيشون في جسمها ...لا تسكنهم الروح التي أحسّها ...ولا يشعرون بالنور الذي يعتريني وأنا أودّع ابني وأشيّعه الى السماء ……...فقد متّ في نور كما عشت وهم يموتون في الظلام ..كما عاشوا ……..وكنت إذا ساعدتُ أحدا ولحقني بسبب مروءتي الضرّ أو النكران : ينظرون اليّ هكذا يقولون ….: يعيش في الخيال …! ويقولون : …- ماذا ربح وكم كسب ……..!! وأنا أمشي وأقول : هؤلاء يقيسون على الدنيا هذه الدنيا ...بل تُقاس الدنيا على العليا ...ميزاننا في السماء وليس في الأرض …..!!....وها أنا أمشي بينهم ...دفعتُ كلّ شيء وهم لم يدفعوا شيئا ...وأعطوا أنفسهم كلّ شيء ….!!...ولكنّي أشعرُ أن أحدا ينظر الينا جميعا من طاقة السماء وسيدفع لي ولا يدفع لهم ……...ماذا يدفع الله لأنانيٍّ…..لم يُعطِ حياة الناس شيئا ……….سيقول له يكفيك ما أخذتَ …!!
.
ومشى في زحمة الناس وهو يقول : لقد كنت أعلم أنّي أقتربُ من الموت وأنّ الله هو أوّل ما سأرى …...فلم أحتفل مثلهم بالمادّة ..بل كانت نظرتي الى الحياة وكلّ ما ارى نظرة وداع طويلة ..من ساعة ولادتي الى يوم موتي ….فأعجبني فيها مااتّصل السماء ولم يعجبني كلّ ما اتصل بالأرض
.
.
**قال: قدر قرأتُ عن تضحياتهم حتى حرروا الأرض والإنسان الذي يسكنها ….فعاد الإنسان إلى ذلّه حين صار الإنسان يحكم الإنسان ..بظلمه واستقوائه …..
..هذه الأرض الطويلة حتى المحيط ...أخذها المخلصون من الظالمين ...ويوم غاب الإسلام الذي حرّر كلّ شيء وأعطى كلّ شيء …….رجع الظالم والسارق والمستكبر فأخذوا من الضعيف كلّ شيء ………….وما تزال الأرض هي تلك الأرض التي ما أخذها الإسلام إلّا ليقوم العدل ويعيش الضعيف .. ويأمن الخائف
..
لقد أكلوا الشوك وتقطّعت أقدامهم في الصحرا ء .. يجاهدون ليمتلىء المكان بالضوء ...وحين عمّ النور حياة الإنسان ..عاد الظلام وولدنا نحن في ذاك الظلام ...نتّبع الشهوات و نكره الكتاب والقيَم ……ونعبدُ السادة !!.
يضحكون فكأنهم يصرخون
**احسّ انّي اسكنُ جسما من رماد …فكلما عصفت الريح انظرُ إلى العالَم قبل ان تنثر الريح رمادي..كأني لن أراه مرّة أخرى بعد العاصفة
..وتهدأ العاصفة فأعود إلى الحياة بجدّ ونشاط …واتذكر أين وصلت احلامي . لأكمل طريقي ..فهل رأيتَ حياً لا يحلم ..فسأنسى انّي من رماد وانّ الريح ستعود كل يوم….من أجل أن أحلم
**لقد رأيت أناساً في مقاه ليلية يضحكون فكأنهم يصرخون …من كثرة ما يعاقرون من الشهوات ….فوضعتُ يدي على عينَيْ ابني كي لا يرى سقوط الإنسان : فلا يمكن أن نغرق في الشهوات حدّ الصراخ وفينا عقول تفكّر.