هكذا علمتني الحياة الدرس الأول: الحياة في ظل العقيدة الإسلامية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"[آل عمران:102].. "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً"[النساء:1].. . "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً"[الأحزاب:70-71].
وأسأل الله أن يجمعنا وإياكم في هذه الحياة تحت ظل لا إله إلا الله، وأن يجعل آخر كلامنا فيها لا إله إلا الله، ثم يجمعنا في حياة أخرى أبدية في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. إنها الحياة في ظل العقيدة الإسلامية. إنها الحياة التي تجعلك متفاعلاً مع هذا الكون، تتدبر فيه وتتفكر. حياة على الهدى والنور، حياة الحبور والنعيم والسرور، من عاش تحت ظلها عاش في نور وعلى نور، ومات على نور، ولقي الله بنور، وعبر الصراط ومعه النور: "نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ"[النور:35].
علمتني الحياة في ظل العقيدة الإسلامية: أن توحيد الله هو محور الرسالات السماوية، ومحور حياة الإنسان الحق. فقيمة الإنسان تظهر عندما يجعل ربه محور حياته فيستعبد كل ذرة من ذرات جسده و كل حركة من حركاته وكل سكنة من سكناته ونفسه؛ لله رب العالمين. فصلاته لله ونسكه لله وحياته لله وموته لله، شعاره: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"[الأنعام:162-163]^. وبذلك تتفق وجهة الإنسان مع هذا الكون الذي يعيش فيه، فالكون -يا أيها الأحبة- كله مطيع لله جل وعلا، خاضع لسلطان الله، مسبح بحمد الله. فإذا تمرد هذا العبد أصبح شاذا في هذا الكون الهائل المتجه إلى الله وحده بالطاعة والخشوع والخضوع، فالكون كله في اتجاه وهو في اتجاه مضاد: "مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ"[الروم:44].
خلق الله سوانا كثير وكثير لا يعلمهم إلا خالقهم سبحانه وبحمده، وطاعتك -أيها العبد- لك ومعصيتك -أيها العبد- عليك ولن تضر الله شيئاً. في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله تعالى: يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.
يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه }.