(وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا
(110) النساء)
نتوقف عند كلمة
(يجد)
فما الفرق بينها وبين قوله تعالى
(فإن الله غفور رحيم)
هذا اللسان العربي فيه تعبيرات وجمل تدل على معنى اضافي بمجرد ترتيب الكلمات.
يقول الشاعر:
يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل
فما الفرق بين لوجدتنا نحن الضيوف وبين نحن الضيوف؟
(لوجدتنا)
تعطي انطباعاً أن هذا الشاعر كريم يفرح بالضيف ويأنس به ويتمنى لو جاءه كل يوم وابراهيم u مثلاً كان لا يأكل إلا إاذ آكل معه ضيف .
فكلام الشاعر موجه للضيف يغريه بالقدوم لأنه يفرح بالضيافة وهو مستعد لها.
فالله تعالى يغري المذنبين والخطّائين مهما عظمت ذنوبهم وخطاياهم أن يعودوا اليه ويستغفروه لأن الله عز وجل أفرح بتوبة عبده من صاحب الراحلة كما جاء في الحديث المشهور.
ولهذا قال تعالى
(إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل)
وينزل سبحانه في الثلث الأخير من الليل وينادي هل من مستغفر فأغفر له؟
والله تعالى يهيب بكل المذنبين أن تفرّ إليه والعادة جرت في الدنيا أنك إذا عصيت ملكاً من ملوك الأرض فانت تفرّ منه لشدة بطشه أما ملك الملوك فيقول إذا عصيتني ففِرّ إليّ لأني أغفر لك ذنوبك جميعاً.
(تجد الله غفوراً رحيما)
إغراء للمذنبين بالتوبة
(وسارعوا الى مغفرة من ربكم)
ثم أراد أن يحدد هذه السرعة فقال انها سرعة المتسابقين
(وسابقوا الى مغفرة من ربكم).
هكذا كلمة
(يجد)
توحي بكل هذه المعاني وإن الله تعالى بهذا الكرم والجود يحب المغفرة كما علّمنا r في دعاء ليلة القدر :
أللهم إنك عفو قدير تحب العفو فاعفو عني.
وهو سبحانه يحب التوابين كالكريم الذي يحب الضيوف يأتون بيته.
وما شدة فرح الله تعالى بتوبة عبده الخطّاء يقول يا عبدي أنني أحب التوابين وأحب المستغفرين فإذا استغفرتني وتبت اليّ فسوف تجدني قد قبلت عذرك وفي الحديث
إن العبد ليعصيني ليذكرني على المعصية يستغفرني فأغفر له.