في البداية أخبركم أني أرفض الاستدلال بالأحاديث الضعيفة ؛
لأن الأحاديث الموضوعة والضعيفة كذبٌ على النبي صلى الله عليه وسلم
فإن كان هناك حديث ضعيف فيه فائدة ، فإني أكتبه دون أن أقول : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )
يعني نذكره كأنه حكمة سائرة بين الناس
ولدينا الآن حديثان صحيحان ونريد أن نستنبط منهما بعض الفوائد حول موضوعنا :
الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
دخل أبو بكر ، وعندي جاريتين من جواري الأنصار ، تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث
- وليستا بمغنيتين - فقال أبو بكر :
أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! - وذلك في يوم عيد -
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ، إن لكل قومٍ عيداً ، وهذا عيدنا .
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 952
شرح الصورة :
أبو بكر رضي الله عنه ذهب ليزور النبي صلى الله عليه وسلم في أيام منى ( وهي ثلاثة أيام عيد ، بعد يوم الأضحى )
فوجد مع عائشة رضي الله عنها طفلتين تغنيان وتضربان بالدف
وهما لا تجيدان الغناء ولا الضرب بالدف ؛ لأن هذه ليست عادتهما
فاستنكر أبو بكر رضي الله عنه ذلك وقال : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟!!
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتركهما
لماذا ؟؟؟ لأن هذه أيام عيد ، ولا يخفى على أحد أن أيام العيد ليست كغيرها من الأيام !!
فالعيد بهجة وفرحة ولابأس ببعض اللهو والحلويات والبالونات ..
الحديث الثاني :
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه
فلما انصرف جاءت جارية سوداء ( والجارية هي الطفلة الصغيرة )
فقالت : يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت نذرتِ فاضربي ، وإلا فلا ،
فجعلت تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ،
ثم دخل عثمان وهي تضرب ، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر ؛
إني كنت جالساً وهي تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ،
ثم دخل عثمان وهي تضرب ، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف !
الراوي: بريدة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3690
خلاصة حكم المحدث: صحيح
والحديث واضح لا يحتاج لشرح ؛
طفلة صغيرة نذرت أن تضرب بالدف وتغني للنبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد سالمًا من الغزوة ؛
كي تعبر عن سعادتها وفرحتها بعودته ...
وكما تعلمون أن النذر إن كان في معصية لا يوفى به
مثلًا لو قال رجل: نذرت ألا أزور عمي أبدًا ، فهذا نذرٌ باطل لا يجوز أن يفي به
لماذا ؟؟ لأنه معصية وحرام ( قطيعة رحم )
لكن النبي صلى الله عليه وسلم سمح للجارية أن تفي بنذرها (على كراهة)
فمعنى ذلك أن ما فعلته ليس معصية وإنما مكروه
طيب لماذا هو مكروه ؟؟
الإجابة في في قول النبي صلى الله عليه وسلم
( إن الشيطان ليخافُ منك يا عمر )
وكذلك الحديث الأول في قول أبي بكر رضي الله عنه :
( أمزامير الشيطان ؟؟ )
وهذا هو أصدق وأدق وصف للمعازف ( أنها مزامير تجلب الشياطين )
فمن ذا الذي يريد الشياطين في بيته !!!
ليت كل من يسمع المعازف يتخيل أن الشيطان بجانبه يهتز ويتمايل طربًا ، يقفز ويرقص فرحًا
يقهقه ويقول : مبيتنا عندكم الليلة – عشاؤنا عندكم الليلة !!!
شكرًا لأنكم دعوتمونا !!!
-------
العجيب أن البعض ظن أن المشكلة في كلمات الغناء
وظنوا أن الأناشيد لو كانت دينية أو حماسية فإنه لابأس أن يصحبها دف أو معازف !!!!
والحقيقة أن المشكلة ليست في الغناء ؛
فالغناء هو الشعر المرتل
والعرب كانوا ينشدون الشعر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
بل لقد أنشد عند النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي كعب بن زهير رضي الله عنه قصيدة ( بانت سعاد )
والقصيدة بدايتها غزلية
أيضًا لاحظوا قول عائشة رضي الله عنها : ( تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث )
فأغاني الجاريتين وطنية حماسية وليس فيها فحش أو لغو أو غزل حتى !!!!
ومع ذلك استنكر عليهما أبو بكر رضي الله عنه ...
فالمشكلة إذن في المعازف بجميع أنواعها ولا فرق بين الدف والزمارة والطبلة والبيانو
كلها مزامير الشيطان
كلها تجعل الشيطان يدخل بيتك ، يأكل ويشرب معك ، يلهيك عن ذكر الله ، يوسوس لك بفعل المعاصي ، يجعلك تسهو في الصلاة ، يكدر عليك حياتك ويجعلها سوداء كئيبة ، يوقع العداوة والبغضاء بينك وبين أسرتك ، ينام معك ويفزعك بالأحلام المخيفة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يوشك الأمم أن تداعى عليكم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : و من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، و لكنكم غثاء كغثاء السيل ، و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله و ما الوهن ؟ قال حب الدنيا و كراهية الموت
التعديل الأخير تم بواسطة السمراء أم شامة ; 30-10-2011 الساعة 06:09 PM
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يوشك الأمم أن تداعى عليكم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : و من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، و لكنكم غثاء كغثاء السيل ، و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله و ما الوهن ؟ قال حب الدنيا و كراهية الموت